۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ساهر

عضو مبدع  عضو مبدع
ساهر


الجنس : ذكر
العمر : 35
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 213

❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂ Empty
مُساهمةموضوع: ❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂   ❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂ Icon_minitimeالجمعة 23 مارس 2012, 6:42 am

❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂ Bismillah_381~0

❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂


الشورى في الإسلام حق للأمة وواجب على الحاكم ، وهي نظام سياسي واجتماعي ، وحلقة وصل بين الحاكم ورجاله.

والشورى مبدأ أساسي من مبادئ الإسلام ، وليس هذا فحسب ، بل إن الإسلام جعلها من صفات المؤمنين الصالحين ، حتى إنها وردت في السياق القرآني الكريم بين ركنين عظيمين من أركان الدين هي الصلاة والزكاة ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ } [الشورى: 38].

وتُعرَّف الشورى بأنها طلب الرأي ممن هو أهل له ، أو هي استطلاع رأي الأمة أو من ينوب عنها في الأمور العامة المتعلقة بها ، وعليه فقد اتخذ المسلمون الشورى أصلاً وقاعدة من أصول الحكم وقواعده ، وعليها قام ترشيح العدول من المسلمين لمن يرونه أهلاً للقوَّة والإمامة لتولِّي أمرهم ؛ ومما يؤكِّد ذلك ويؤصِّله أن الرسول لم يترك نصًّا مكتوبًا ولم يستخلف أحدًا ليتولَّى إمامة المسلمين ، وإنما ترك الأمر شورى بينهم ، وقد روى أبو وائل قال: قيل لعلي بن أبي طالب : ألا تستخلف علينا ؟ قال : " ما استخلف رسول الله فأستخلف، ولكن إن يُرِدِ اللهُ بالناس خيرًا فسيجمعهم بعدي على خيرهم ، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم " .

الشورى لغة :

اسم للمشاورة ، وكلاهما مأخوذ من مادّة (ش ور) الّتي تدلّ على أخذ شيء من شيء [مقاييس اللغة (3/ 226)، قال ابن فارس ولهذه المادة معنى آخر هو إبداء شيء وإظهاره وعرضه مثل قولهم: شرت الدابّة شورا إذا عرضتها، والمكان الذي يعرض فيه الدواب هو المشوار ]، وقال بعض أهل اللّغة: من هذا الباب شاورت فلانا في أمري، وهو مشتقّ من شور العسل وكأنّ المستشير يأخذ الرّأي من غيره، يقال: شاوره في الأمر مشاورة. طلب منه المشورة. وأشار به: عرّفه. وأشار إليه وعليه بيده وبعينه وبحاجبه: أومأ. وأشار عليه بكذا: أمره وارتآه له، وبيّن له وجه المصلحة، ودلّه على الصّواب [لسان العرب (4/ 437)، ومختار الصحاح (350) ]. وفي المصباح: أشار في كذا (أي جعل التّعدية ب (في) لا بالباء. واستشرته راجعته لأرى رأيه، فأشار عليّ بكذا أي أراني ما عنده فيه من المصلحة فكانت إشارته حسنة. والاسم: المشورة. والشّورى: اسم من أشار عليه بكذا، بمعنى استخراج الرّأي. ومنه أهل المشورة ومجلس الشّورى، وهي مصدر بمعنى التّشاور. والمشورة: الشّورى، وكذا المشورة بضمّ الشّين، تقول: شاوره في الأمر واستشاره بمعنى. وفلان خيّر شيّر أي يصلح للمشاورة. وجمعه شوراء، والمشيرة: الإصبع السّبّابة [المصباح المنير للفيومي (350- 351) ] .

واصطلاحا :

استنباط المرء الرّأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات الأمور، ويكون ذلك في الأمور الجزئيّة الّتي يتردّد المرء فيها بين فعلها وتركها [الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب (294) ] .

قال تعالى : { فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } [آل عمران: 159] .

قال تعالى : { فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } [الشورى: 36- 39] .

فالشورى : القرار الملزم الصادر من الجماعة .

والشورى تعلق بكل ما يخص نظم الجماعة سواء المتعلقة بشئونها الاجتماعية أم السياسية أم التنظيمية أم المالية ، وليست الشورى خاصة بالشئون السياسية وحدها .

ومن جهة أخرى فإن حق الفرد فى الشورى نابع من حريته وحقوقه الإنسانية التى يستمدها من فطرته الآدمية ، ومن شريعة الله تعالى .

والمشورة والاستشارة : هى تبادل الرأى فى غير إلزام . ويدخل فى المشورة والاستشارة : النصيحة ، والفتوى ، والاستشارة العلمية والقانونية .

وقد تستعمل الشورى بهذا المعنى الأخير أيضا ، فيكون لها معنيان أحدهما خاص عرفى يستعمل أساسا فى المجال السياسى . والآخر واسع وعام يستعمل فى كافة المجالات .

الشورى ملزمة ، أما المشورة والاستشارة فهى اختيارية .

تمتاز الشورى فى الإسلام بالشمول حيث لا يقتصر ذلك على حق الأفراد فى المشاركة فى القرار الملزم الصادر عن الجماعة ، بل تتجاوز ذلك إلى المشورة الاختيارية واستشارة أهل الخبرة .

وللشورى في الإسلام خصائص وحدود منها:

* أنها جزء من الدين، وطاعة لله، وقدوة صالحة يؤمر بها الأنبياء قبل غيرهم؛ حتى لا يتعاظم عليها من يدَّعون النزاهة والأهلية والفقه، فليس بعد الأنبياء في الصلاح والعصمة أحد. فالشورى هي السبيل إلى الرأي الجماعي الذي فيه خير الفرد والمجتمع. قال (: (إن أمتي لا تجتمع على ضلالة) [ابن ماجه].

* أن الشورى يجب أن تتم في إطار الشريعة، وأن تقوم على أخوة المسلمين وتراحمهم، وعلى أنهم أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي عليها نشر الإيمان بالله على أساس التطابق الكريم بين الغاية والوسيلة.

* أن الشورى عبادة وبحث عن الحق والصواب، ووسيلة للكشف عن المواهب والقدرات، واختبار لمعادن الرجال، وجمع للقلوب وتأليف بينها على العلم والخير والإيمان، وتربية للأمة، وبناء لقواها الفكرية، وتنسيق لجهودها، وإفادة من كل عناصرها، وإغلاق لأبواب الشرور والفتن والأحقاد.

* أن الشورى توحيد للجهود وربط لجميع مستويات الأمة برباط من نور؛ لما فيه قوتها وتماسكها، وعزة الإسلام ورفعة رايته. قال الحسن: ما تشاور قوم إلا هُدُوا لأرشد أمرهم.

ومع الاتفاق حول هذه الخصائص والحدود فقد ترك الإسلام للمسلمين حرية تطبيق الشورى؛ وذلك وفق ظروفهم وخصائص حياتهم، ولكن شرط عليهم أن يتم ذلك التطبيق في إطار المنهج الذي وضعه الله لهم وطبقه رسوله الكريم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين.

عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: أتاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «إنّي سأعرض عليك أمرا، فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتّى تشاوري أبويك». فقلت: وما هذا الأمر؟. قالت: فتلا عليّ ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ) [الأحزاب: 28- 29]. قالت عائشة: فقلت: وفي أيّ ذلك تأمرني أشاور أبويّ، بل أريد اللّه ورسوله والدّار الآخرة. قالت: فسرّ بذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأعجبه، وقال سأعرض على صواحبك ما عرضت عليك، قالت: فقلت له: فلا تخبرهنّ بالّذي اخترت، فلم يفعل، وكان يقول لهنّ كما قال لعائشة، ثمّ يقول: قد اختارت عائشة اللّه ورسوله والدّار الآخرة، قالت عائشة: قد خيّرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلم نر ذلك طلاقا. [أحمد (6/ 185) واللفظ له. وأصله عند البخاري- الفتح 8 (4686). ومسلم (1478) ] .

أهمية الشورى

تعتبر الشورى أصلاً من الأصول الأولى للنظام السياسي الإسلامي، بل امتدَّت لتشمل كل أمور المسلمين؛ وتأسيسًا على ذلك فإن الدولة الإسلامية تكون قد سبقت النظم الديمقراطية الحديثة في ضرورة موافقة الجماعة على اختيار مَنْ يقوم بولاية أمورها ورعاية مصالحها وتدبير شئونها؛ ممَّا يؤكِّد قيمة وفاعلية الإجماع عند المسلمين .

أهل الحل والعقد

لكن من هُمْ أهل الشورى ؟ أو أهل الاختيار؟ أو كما قال عنهم فقهاء المسلمين ومؤرخوهم: أهل الحل والعقد.

هناك اتفاق بأن الشورى في الإسلام منوطة بفئة من المسلمين يُطلق عليهم أهل الشورى (الحلِّ والعقد) ، وقد تحدَّث الفقهاء عن ضرورة توافر بعض الشروط فيهم ؛ وهي : العدالة ، والعلم ، والرأي ، والحكمة. ومن ثَمَّ يمكن إجمالهم في " العلماء والرُّؤساء ووجوه النَّاس الَّذين يتيسَّر اجتماعهم" .

لذلك كانت الشورى من الأمور الضرورية الملحة التي يفرضها الإسلام على ولاة الأمور، ويمكن القول : إنها من أهم المظاهر الحضارية التي أسهم المسلمون في إيجادها وإرسائها في المجتمع الإسلامي ، وتأثر بها الآخرون ، خاصة في أوربا منذ القرن الثالث عشر الميلادي ، ولذلك كانت الشورى نوعًا من التعبير عن الإرادة الإلهية ؛ استنادًا إلى ما يقوله الرسول : " إِنَّ أُمَّتِي لاَ تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلاَلَةٍ " .

ويهمنا أن نلاحظ أن الخليفة في الإسلام لا يمكن أن يُعطي لنفسه حق التعبير عن الإرادة الإلهية ، أي أنه لا يملك أن يُصدر تشريعًا ؛ لأن سلطة التشريع لجماعة المسلمين أو مجموع الأمة ، وهذا بالطبع في حالة غياب نصٍّ صريح قطعي الدلالة من القرآن والسنة.

عن الزّبير- رضي اللّه عنه- أنّه خاصم رجلا من الأنصار، قد شهد بدرا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في شراج من الحرّة كانا يسقيان به كلاهما، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للزّبير: «اسق يا زبير ثمّ أرسل إلى جارك». فغضب الأنصاريّ، فقال: يا رسول اللّه! أن كان ابن عمّتك؟. فتلوّن وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال: اسق، ثمّ احبس حتّى يبلغ الجدر. فاستوعى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حينئذ حقّه للزّبير. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل ذلك أشار على الزّبير برأي سعة له وللأنصاريّ، فلمّا أحفظ الأنصاريّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم استوعى للزّبير حقّه في صريح الحكم، قال عروة. قال الزّبير: واللّه ما أحسب هذه الآية نزلت إلّا في ذلك ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) [النساء: الآية 65].[ البخاري- الفتح 5 (2708) ] .

عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «البكر تستأمر، والثّيّب تشاور»، قيل: يا رسول اللّه! إنّ البكر تستحي. قال: «سكوتها رضاها». [أحمد (2/ 329) وقال الشيخ أحمد شاكر (12/ 102) برقم (7131): إسناده صحيح. وأصله في الصحيحين ] .

عن صهيب- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى همس شيئا لا نفهمه، ولا يحدّثنا به، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «فطنتم لي». قال قائل: نعم، قال: «فإنّي قد ذكرت نبيّا من الأنبياء أعطى جنودا من قومه، فقال: من يكافيء؟ هؤلاء، أو من يقوم لهؤلاء- أو كلمة شبيهة بهذه- (شكّ سليمان)- قال: فأوحى اللّه إليه اختر لقومك بين إحدى ثلاث: إمّا أن أسلّط عليهم عدوّا من غيرهم، أو الجوع، أو الموت، قال: فاستشار قومه في ذلك فقالوا: أنت نبيّ اللّه نكل ذلك إليك، فخر لنا، قال: فقام إلى صلاته، قال: وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصّلاة، قال: فصلّى، قال: أمّا عدوّ من غيرهم فلا، أو الجوع فلا، ولكن الموت، قال: فسلّط عليهم الموت ثلاثة أيّام فمات منهم سبعون ألفا، فهمسي الّذي ترون أنّي أقول: اللّهمّ يا ربّ بك أقاتل، وبك أصاول ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه» [الترمذي (3340) وقال عنه: حديث حسن غريب. وأحمد (4/ 333) واللفظ له، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم] .

عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «المستشار مؤتمن» [الترمذي (2823، 2824)، وأبو داود (5128)، وقال محقق جامع الأصول: (11/ 562) حديث حسن، وصححه الألباني، صحيح أبي داود (3/ 965) ] .

عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تقوّل عليّ ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النّار، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشده فقد خانه، ومن أفتى بفتيا غير ثبت فإنّما إثمه على من أفتاه» [أحمد (1/ 876) وقال أحمد شاكر صحيح] .

عن معاوية بن جاهمة- رضي اللّه عنهما-: أنّ جاهمة جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : يا رسول اللّه ، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك. فقال : « هل لك من أمّ » ؟ قال : نعم. قال : « فالزمها، فإنّ الجنّة عند رجلها » [النسائي رقم 197 (6/ 11) واللفظ له وأخرجه أحمد في المسند (3/ 429)، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ] .

عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: استشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الأسارى أبا بكر، فقال: قومك وعشيرتك فخلّ سبيلهم. فاستشار عمر، فقال : اقتلهم ، قال : ففداهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ-: { ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ- إلى قوله فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً } [الأنفال: 67- 69] قال فلقي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عمر، قال : « كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء » [الحاكم (2/ 329) وصححه ووافقه الذهبي. وقد أخرج مسلم نحوه ] .

عن أنس- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شاور، حين بلغه إقبال أبي سفيان. قال: فتكلّم أبو بكر، فأعرض عنه. ثمّ تكلّم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد بن معاذ، فقال: إيّانا تريد؟ يا رسول اللّه! والّذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها. ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا. قال: فندب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس. فانطلقوا حتّى نزلوا بدرا. ووردت عليهم روايا قريش. وفيهم غلام أسود لبني الحجّاج. فأخذوه. فكان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه؟ فيقول: ما لي علم بأبي سفيان. ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة ابن خلف. فإذا قال ذلك ضربوه فقال: نعم. أنا أخبركم. هذا أبو سفيان. فإذا تركوه فسألوه فقال: مالي بأبي سفيان علم. ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف في النّاس. فإذا قال هذا أيضا ضربوه. ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائم يصلّي. فلمّا رأى ذلك انصرف. قال: «والّذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوه إذا كذبكم». قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هذا مصرع فلان» قال: ويضع يده على الأرض، هاهنا وهاهنا. قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم . [مسلم (1779) ] .

عن عائشة- رضي اللّه عنها- حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، قالت : ودعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد- رضي اللّه عنهما- حين استلبث الوحي يسألهما، وهو يستشيرهما في فراق أهله ، فأمّا أسامة ، فأشار بالّذي يعلم من براءة أهله، وأمّا عليّ فقال: لم يضيّق اللّه عليك، والنّساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك. فقال : « هل رأيت من شيء يريبك ؟ » قالت : ما رأيت أمرا أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ تنام عن عجين أهلها فتأتي الدّاجن فتأكله. فقام على المنبر فقال : « يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي ، واللّه ما علمت على أهلي إلّا خيرا » وذكر براءة عائشة، وقال أبو أسامة عن هشام وعنها قالت: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطب النّاس فحمد اللّه وأثنى عليه وقال : « ما تشيرون عليّ في قوم يسبّون أهلي ما علمت عليهم من سوء قطّ » وعن عروة قال : لمّا أخبرت عائشة بالأمر، قالت : يا رسول اللّه! أتأذن لي أن أنطلق إلى أهلي؟ فأذن لها، وأرسل معها الغلام. وقال رجل من الأنصار: سبحانك ما يكون لنا أن نتكلّم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم . [البخاري- الفتح 13 (7369، 7370) واللفظ له، ومسلم (2770) نحوه ] .

مجال الشورى : هو الأمور التي لم ينزِل فيها وحي من الله، ولم ترِدْ فيها سنَّة من رسول الله، أمَّا ما نزل فيه وحيٌ من الله أو وردتْ فيه سنَّة من رسول الله، فلا مَجالَ للشُّورى فيه؛ إذ إنَّه لا يقبل التَّغْيير.

♦ كيفية الشورى : لم يحدِّد الإسلام طريقةً معيَّنة للشُّورى، وإنَّما تركها للأمَّة تكيِّفُها مع ظروفِها وتطوُّراتِها.

تأخذ الشورى في الإسلام برأْي الأغلبية ، بل إنَّها تحترم هذا الرَّأْي احترامًا شديدًا، وخير دليل على ذلك ما فعله الرَّسول- صلَّى الله عليه وسلَّم- في غزْوة أحُد، حين نزل على رأي الأغلبيَّة.
♦ تخلو الشُّورى الإسلاميَّة من مساوئ النُّظُم الديمقراطيَّة ، فهي لا تعرِف الحزبيَّة التي يمقُتُها الإسلام.
♦ الشُّورى الإسلاميَّة تجنِّب الأمَّة نزعات الاستِبْداد الفرْدي عند الحاكم ، كما أنَّها تقي المجتمع من آراء الشذَّاذ.

عن ميمون بن مهران ، قال : كان أبو بكر الصّدّيق إذا ورد عليه أمر نظر في كتاب اللّه ، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم ، وإن علمه من سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى به ، وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السّنّة ، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم.[ فتح الباري: (13/ 354) ] .

قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- الرّجال ثلاثة : رجل ترد عليه الأمور، فيسدّدها برأيه ، ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرّأي ، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشدا ، ولا يطيع مرشدا.[ أدب الدنيا والدين (260) ] .

قال عليّ- رضي اللّه عنه-: نعم المؤازرة المشاورة ، وبئس الاستعداد الاستبداد.[ أدب الدنيا والدين (260) ] .

عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّ عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- خرج إلى الشّام حتّى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد- أبو عبيدة ابن الجرّاح وأصحابه- فأخبروه أنّ الوباء قد وقع بأرض الشّام. قال ابن عبّاس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأوّلين، فدعاهم، فاستشارهم ، وأخبرهم أنّ الوباء قد وقع في الشّام، فاختلفوا : فقال بعضهم : قد خرجنا لأمر، ولا نرى أن نرجع عنه. وقال بعضهم: معك بقيّة النّاس وأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء. فقال : ارتفعوا عنّي. ثمّ قال : ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم. فقال: ارتفعوا عنّي.ثمّ قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالنّاس ولا تقدمهم على هذا الوباء. فنادى عمر في النّاس: إنّي مصبّح على ظهر، فأصبحوا عليه. فقال أبو عبيدة بن الجرّاح: أفرارا من قدر اللّه؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفرّ من قدر اللّه إلى قدر اللّه. أرأيت إن كانت لك إبل هبطت واديا له عدوتان: إحداهما خصيبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر اللّه، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر اللّه؟ قال: فجاء عبد الرّحمن بن عوف- وكان متغيّبا في بعض حاجته- فقال: إنّ عندي في هذا علما، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. قال: فحمد اللّه عمر، ثمّ انصرف.[ البخاري- الفتح 10 (5729) واللفظ له، ومسلم (2219). ورد هذا الأثر شرحا لحديث «إذا سمعتم به بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا ...» الحديث ] .

عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة ، فنزل على ابن أخيه الحرّ بن قيس ، وكان من النّفر الّذين يدنيهم عمر، وكان القرّآء أصحاب مجالس عمر، ومشاورته كهولا كانوا أو شبّانا. فقال عيينة لابن أخيه : يابن أخي لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عبّاس: فاستأذن الحرّ لعيينة، فأذن له عمر، فلمّا دخل عليه، قال: هيه يابن الخطّاب فو اللّه ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتّى همّ به، فقال له الحرّ: يا أمير المؤمنين، إنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف: 199] وإنّ هذا من الجاهلين. واللّه ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقّافا عند كتاب اللّه.[ البخاري- الفتح 8 (4642) ] .

عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كنت أقرأ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرّحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطّاب في آخر حجّة حجّها، إذ رجع إليّ عبد الرّحمن، فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر، لقد بايعت فلانا، فو اللّه ما كانت بيعة أبي بكر إلّا فلتة فتمّت، فغضب عمر ... الحديث وفيه: ثمّ قال: إنّه بلغني أنّ قائلا منكم يقول: واللّه لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترّنّ امرؤ أن يقول: إنّما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت، ألا إنّها قد كانت كذلك، ولكنّ اللّه وقى شرّها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الّذي بايعه تغرّة أن يقتلا ... الحديث.[ البخاري- الفتح 12 (6830) ] .

عن المسور بن مخرمة- رضي اللّه عنه-: أنّ الرّهط الّذين ولّاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، فقال لهم عبد الرّحمن: لست بالّذي أنافسكم على هذا الأمر، ولكنّكم إن شئتم اخترت لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرّحمن، فلمّا ولوا عبد الرّحمن أمرهم فمال النّاس على عبد الرّحمن حتّى إذا كانت اللّيلة الّتي أصبحنا منها، فبايعنا عثمان- قال المسور- طرقني عبد الرّحمن بعد هجع من اللّيل، فضرب الباب حتّى استيقظت، فقال: أراك نائما، فو اللّه ما اكتحلت هذه الثّلاث بكثير نوم. انطلق فادع الزّبير وسعدا، فدعوتهما له، فشاورهما، ثمّ دعاني فقال: ادع لي عليّا، فدعوته، فناجاه حتّى ابهارّ اللّيل. ثمّ قام عليّ من عنده، وهو على طمع، وقد كان عبد الرّحمن يخشى من عليّ شيئا. ثمّ قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه حتّى فرّق بينهم المؤذّن بالصّبح. فلمّا صلّى للنّاس الصّبح واجتمع أولئك الرّهط عند المنبر، فأرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد- وكانوا وافوا تلك الحجّة مع عمر- فلمّا اجتمعوا تشهّد عبد الرّحمن، ثمّ قال: أمّا بعد يا عليّ إنّي قد نظرت في أمر النّاس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنّ على نفسك سبيلا. فقال: أبايعك على سنّة اللّه وسنّة رسوله والخليفتين من بعده: فبايعه عبد الرّحمن وبايعه النّاس: المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون. [البخاري- الفتح 13 (7207) ] .

عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه-: أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جلد في الخمر بالجريد والنّعال، ثمّ جلد أبو بكر أربعين. فلمّا كان عمر، ودنا الناس من الرّيف والقرى، قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرّحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخفّ الحدود. قال: فجلد عمر ثمانين. [مسلم (1706) واللفظ له، والبخاري- الفتح 12 (6779) نحوه ] .

قال عمر بن عبد العزيز: إنّ المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة، لا يضلّ معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم. [أدب الدنيا والدين: 260] .

عن الحسن- رحمه اللّه- قال: واللّه، ما استشار قوم قطّ إلّا هدوا لأفضل ما بحضرتهم، ثمّ تلا (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ) [الشورى: 38]. [فضل اللّه الصمد في شرح الأدب المفرد: (258) ] .

قال ابن عطيّة: والشّورى من قواعد الشّريعة وعزائم الأحكام من لا يستشير أهل العلم والدّين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه وقد مدح اللّه المؤمنين بقوله: (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) [الشورى: 38] قال أعرابيّ: ما غبنت قطّ حتّى يغبن قومي. قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا أفعل شيئا حتّى أشاورهم.

وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلّق بالحرب، ووجوه النّاس فيما يتعلّق بالمصالح، ووجوه الكتّاب والوزراء والعمّال فيما يتعلّق بمصالح البلاد وعمارتها. وكان يقال: ما ندم من استشار، وكان يقال من أعجب برأيه ضلّ.[ تفسير القرطبى (2/ 159) ] .

عن الحسن البصريّ والضّحّاك قالا: ما أمر اللّه تعالى نبيّه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم وإنّما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل ولتقتدي به أمّته من بعده وفي قراءة ابن عبّاس: * وشاورهم في بعض الأمر. [تفسير القرطبى (2/ 159-161) ] .

قال بشّار بن برد:

إذا بلغ الرّأي المشورة فاستعن *** برأي نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشّورى عليك غضاضة *** فإنّ الخوافي قوّة للقوادم
[أدب الدنيا والدين (263) ] .

وقال آخر: « خليليّ ليس الرّأي في صدر واحد *** أشيرا عليّ بالّذي تريان
[أدب الدنيا والدين (263) ] .

قال الشّاعر:

شاور صديقك في الخفيّ المشكل *** واقبل نصيحة ناصح متفضّل
فاللّه قد أوصى بذاك نبيّه *** في قوله شاورهم وتوكّل
[تفسير القرطبى (2/ 159) ] .

قال الشّاعر:

وإن باب أمر عليك التوى *** فشاور لبيبا ولا تعصه
[تفسير القرطبى (2/ 161) ] .

قال الشّافعيّ- رحمه اللّه-: إنّما يؤمر الحاكم بالمشورة لكون المشير ينبّهه على ما يغفل عنه، ويدلّه على ما لا يستحضره من الدّليل لا ليقلّد المشير فيما يقوله، فإنّ اللّه لم يجعل هذا لأحد بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. [فتح الباري: 13/، 354] .

قال الماورديّ : اعلم أنّ من الحزم لكلّ ذي لبّ، ألّا يبرم أمرا ولا يمضي عزما إلّا بمشورة ذي الرّأي النّاصح، ومطالعة ذي العقل لرّاجح. [أدب الدنيا والدين: (260) ] .

قال القرطبيّ : وصفة المستشار في أمور الدّنيا أن يكون عاقلا مجرّبا وادّا في المستشير. [تفسير القرطبى (2/ 159) ] .

قال ابن العربيّ : الشّورى ألفة للجماعة ومسبار للعقول وسبب إلى الصّواب، وما تشاور قوم إلّا هدوا . [تفسير القرطبى (16/ 25) ] .

قال القرطبيّ : والشّورى مبنيّة على اختلاف الآراء، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف، وينظر أقربها قولا إلى الكتاب والسّنّة إن أمكنه فإذا أرشده اللّه- تعالى- إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكّلا عليه، إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب. [تفسير القرطبى (2/ 162) ] .

قال رشيد رضا في تفسير قوله تعالى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) وشاورهم في الأمر العام الذي هو سياسة الأمة في الحرب والسلم والخوف والأمن وغير ذلك من مصالحهم الدنيوية ، أي دم على المشاورة وواظب عليها كما فعلت قبل الحرب غزوة أحد وإن أخطأوا الرأي فيها ، فإن الخير كل الخير في تربيتهم على المشاورة دون العمل برأي الرئيس وإن كان صواباً لما في ذلك من النفع لهم في مستقبل حكومتهم إن أقاموا هذا الركن العظيم ، فإن الجمهور أبعد عن الخطأ من الفرد في الأكثر ، والخطر على الأمة في تفويض أمرها إلى الرجل الواحد أشد وأكبر ) [المنار 4/199] .

يقول سيد قطب : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) بهذا النص الجازم يقرر الإسلام هذا المبدأ في نظام الحكم وهو نص قاطع لم يدع للأمة الإسلامية شكاً في أن الشورى مبدأ أساسي لا يقوم نظام الإسلام على أساس سواه . لقد كان من حق القيادة النبوية أن تنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة (معركة أحد) أمام ما أحدثته من انقسام في أوج الظروف ولكن الإسلام كان ينشئ أمة ويربيها ويعدها لقيادة البشرية وكان الله سبحانه وتعالى يعلم أن خير وسيلة لتربية

الأمم وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربى بالشورى ، وأن تدرب على حمل التبعة ولو كان وجود القيادة الرشيدة يمنع الشورى لكان وجود محمد -صلى الله عليه وسلم- ومعه الوحي كافياً لحرمان الجماعة المسلمة يومها من حق الشورى ولكنه لم يبلغ هذا الحق [في ظلال القرآن 1/52] .

يقول الطرطوشي : إذا قيل : كيف يشاورهم وهو نبيهم وإمامهم وواجب عليهم مشاورته . قلنا هذا أدَبٌ أدَّبَ اللهُ تعالى نبيه عليه السلام به ؛ ومن أقبح ما يوصف به الرجال ملوكاً كانوا أو سوقه الاستبداد بالرأي وترك المشورة. [سراج الملوك ص 94] .

قال الرازي في تفسيره : إنما أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك ليقتدي به غيره في المشاورة ، ولأنه إذا شاورهم اجتهد كل واحد منهم في تحصيل أصلح الوجوه فيها ، وتطابق الأرواح الطاهرة على الشيء الواحد مما يعين على حصوله ، وهذا هو السر عند الاجتماع في الصلوات ، وهو السر في أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد . [مفاتيح الغيب 3/120] .

يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسيره : فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره ، منها : أن المشاورة . من العبادات المتقرب بها إلى الله ومنها : ما تنتجه الاستشارة من الرأي المصيب ، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله .[ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/445 ] .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
❂❀❂ الشورى في الإسلام ❂❀❂
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: