الجنس : العمر : 58 المدينة المنورة التسجيل : 12/03/2012عدد المساهمات : 34
موضوع: ]|«•. .•»|[ أحوال الناس أمام الفتن ]|«•. .•»|[ الثلاثاء 13 مارس 2012, 4:54 pm
]|«•. .•»|[ أحوال الناس أمام الفتن ]|«•. .•»|[
إن من سنن الله تعالى في خلقه ابتلاءهم وامتحانهم ؛ حتى يتبين الصادق في إيمانه ، الصابر على بلائه ، من ضده وهو الكاذب أو الضعيف في إيمانه , الجازع عند بلائه.
ومن أعظم الابتلاءات الابتلاء بالفتن التي تنزل بالعباد في دينهم، وتعصف بهم ، فتنشر بينهم الأهواء المضلة ، والدعوات الباطلة ، والدعايات المبهرجة ، والأقوال الملبسة ، مما يوقع بعض الناس في شراكها ، ويُشربونها ويكونون من دعاتها ؛ فيَضِلُّون ويُضِلُّون على علم من بعضهم كما قال تعالى : ﴿ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ﴾ و بجهل من آخرين كما قال تعالى : ﴿ قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً ، الذين ضل سعيهم في الحياة لدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ﴾.
اننا نعيش هذه الايام في فتن عظيمَة تنوَّعت أسبابُها، واختلفت مقاصدُها، وتعدّدت مصادِرها. فتنٌ في الدّين والدنيا في العقيدَة، والاخلاق فتنة النسّاء و الأولاد والمال فتنة الشبهات والشهوات فتنٌ تحسنَ القبيح، وتقبحَ الحسَن، تزخرِف الباطلَ وتروِّج له، وتحاوِل مَحوَ الحقّ وإبعادَ الناسِ عنه، ديدنُها الهدْم والتخريبُ، والنهب والتحريش . فتنٌ تعاظمَ اليومَ خطَرها، وتطايَر شررها، وتزايَد ضررُها. فتنٌ نالت من الدين كله نالت من فروعه، ومن أركانِه وأصولِه . فتنٌ تُسبِّب الشكَّ عند بعضِ المسلمين، في ثوابتِ دينهم، ومسلمات شريعتِهم، وتُسبِّب الحيرةَ لكثيرين، والانحرافَ لآخرين .
وقال سبحانه : ﴿ ونبلونكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ﴾ وقال نبيه صلى الله عليه وسلم : (( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )) أخرجه الترمذي وابن ماجه.
فما المراد بالفتن في اللغة والاصطلاح ؟ وما المعاني التي ترد لها ؟
الفتن في اللغة: جمع فتنة، وهي بمعنى الابتلاء والاختبار والامتحان من قولك: فتنت الذهب بالنار إذا أذبته وصهرته ليتبين جيده من رديئه.
وأما في الاصطلاح: فالفتنة ما يعرض للعباد من بلايا ومحن في أمور دينهم أو دنياهم فتظهر سرائرهم وتنكشف حقائقهم.
وقد ورد لفظ الفتنة في كتاب الله تعالى لمعان كثيرة أشهرها ما يلي: -
1 - الاختبار والامتحان كما في قوله تعالى: ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون﴾.
2 - الشرك كما في قوله تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾وقوله: ﴿والفتنة أكبر من القتل﴾
3 - العذاب كما في قوله تعالى: ﴿ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا﴾ قوله: ﴿ذوقوا فتنتكم﴾.
4 - التعذيب والإحراق بالنار خاصة كما في قوله تعالى: ﴿إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق﴾.
5 - القتل والهلاك كما في قوله تعالى: ﴿فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا﴾.
6 - الصد عن الصراط المستقيم في قوله تعالى: ﴿وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك﴾ ومنه قوله: ﴿واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك﴾.
7 - الحيـرة والضـلال كمـا فـي قوله تعالى: ﴿ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً﴾.
8 - العذر والعلة كما في قوله تعالى: ﴿ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين﴾ أي معذرتهم.
الناس أمام الفتن
من المعلوم أن الناس يتفاوتون في علمهم، وإدراكهم، وتقواهم، وما منحهم الله من توفيق وهداية، كما أن الفتن كثيرة متنوعة، لذا فإن الناس يتفاوتون في مقاماتهم، وأحوالهم، مع الفتن ويمكن أن يقسموا إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: العالم؛ والمراد به من وفقه الله فعلم الفتن من خلال نصوص الوحي المطهر، وحذِر منها، وحذَّر فنجا وسلم، وعلى هذا جاء حديث حذيفة رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
القسم الثاني: المتعرض لها، الساعي إليها، وهذا وقود فتنة، قد ضل وأضل، وقد جاء في الحديث (تكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه) رواه البخاري. أي من تعرض لها التهمته وأهلكته. وفي الحديث الآخر ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً...)) الحديث وفيه.... ((وأي قلب أشر بها نكت فيه نكتة سوداء)) متفق عليه. ومِن هؤلاء مَن أخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة حين قال: دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.
القسم الثالث: الجاهل بهذه الفتن، فهذا إن سلم من التعرض لها، والدعاة إليها، وإلا فإنه على خطر عظيم؛ إذ لا منعة له ولا عصمة، فيسهل قيادة ودعوته، والاستحواذ عليه، والله المستعان، وعلى مثله ينطبق قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين﴾.