1-وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة 190]
ولما صُدَّ صلى الله عليه وسلم عن البيت عام الحديبية وصالح الكفار على أن يعود العام القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام وتجهز لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش ويقاتلوهم وكره المسلمون قتالهم في الحرم والإحرام والشهر الحرام نزل (وقاتلوا في سبيل الله) أي لإعلاء دينه (الذين يقاتلونكم) الكفار (ولا تعتدوا) عليهم بالابتداء بالقتال (إن الله لا يحب المعتدين) المتجاوزين ما حد لهم ، وهذا منسوخ بآية براءة أوبقوله:
2-وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ [البقرة 191]
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم) وجدتموهم (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) أي من مكة وقد فعل بهم ذلك عام الفتح (والفتنة) الشرك منهم (أشد) أعظم (من القتل) لهم في الحرم أو الإحرام الذي استعظمتموه (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) أي في الحرم (حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم) فيه (فاقتلوهم) فيه ، وفي قراءة بلا ألف في الأفعال الثلاثة (كذلك) القتل والإخراج (جزاء الكافرين)
3-فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة 192]
(فإن انتهوا) عن الكفر وأسلموا (فإن الله غفور) لهم (رحيم) بهم
4-وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ [البقرة 193]
(وقاتلوهم حتى لا تكون) توجد (فتنة) شرك (ويكون الدين) العبادة (لله) وحده لا يعبد سواه (فإن انتهوا) عن الشرك فلا تعتدوا عليهم دل على هذا (فلا عدوان) اعتداء بقتل أو غيره (إلا على الظالمين) ومن انتهى فليس بظالم فلا عدوان عليه
5-الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة 194]
(الشهر الحرام) المحرم مقابل (بالشهر الحرام) فكما قاتلوكم فيه فاقتلوهم في مثله رد لاستعظام المسلمين ذلك (والحُرُمات) جمع حُرمة ما يجب احترامه (قصاص) أي يقتص بمثلها إذا انتكهت (فمن اعتدى عليكم) بالقتال في الحرم أو الإحرام أو الشهر الحرام (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) سمى مقابلته اعتداء لشبهها بالمقابل به في الصورة (واتقوا الله) في الانتصار وترك الاعتداء (واعلموا أن الله مع المتقين) بالعون والنصر
6-وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة 195]
(وأنفقوا في سبيل الله) طاعته بالجهاد وغيره (ولا تلقوا بأيديكم) أي أنفسكم والباء زائدة (إلى التهلكة) الهلاك بالإمساك عن النفقة في الجهاد أو تركه لأنه يقوي العدو عليكم (وأحسنوا) بالنفقة وغيرها (إن الله يحب المحسنين) أي يثيبهم
7-كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة 216]
(كتب) فرض (عليكم القتال) للكفار (وهو كره) مكروه (لكم) طبعا لمشقته (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) لميل النفس إلى الشهوات الموجبة ونفورها عن التكليفات الموجبة لسعادتها فلعل لكم في القتال وإن كرهتموه خيراً لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والأجر وفي تركه وإن أحببتموه شرا لأن فيه الذل والفقر وحرمان الأجر (والله يعلم) ما هو خير لكم (وأنتم لا تعلمون) ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به
8-يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة 217]
وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أول سراياه وعليها عبد الله بن جحش فقاتلوا المشركين وقتلوا ابن الحضرمي آخر يوم من جمادى الآخرة والتبس عليهم برجب فعيرهم الكفار باستحلاله فنزل: (يسألونك عن الشهر الحرام) المُحرَّم (قتال فيه) بدل اشتمال (قل) لهم (قتال فيه كبير) عظيم وزرا مبتدأ وخبر (وصد) مبتدأ منع للناس (عن سبيل الله) دينه (وكفر به) بالله (و) صد عن (المسجد الحرام) أي مكة (وإخراج أهله منه) وهم النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وخبر المبتدأ (أكبر) أعظم وزرا (عند الله) من القتال فيه (والفتنة) الشرك منكم (أكبر من القتل) لكم فيه (ولا يزالون) أي الكفار (يقاتلونكم) أيها المؤمنون (حتى) كي (يردوكم عن دينكم) إلى الكفر (إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت) بطلت (أعمالهم) الصالحة (في الدنيا والآخرة) فلا اعتداد بها ولا ثواب عليها والتقيد بالموت عليه يفيد أنه لو رجع إلى الإسلام لم يبطل عمله فيثاب عليه ولا يعيده كالحج مثلا وعليه الشافعي (وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)
9-إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة 218]
ولما ظن السرية أنهم إن سلموا من الإثم فلا يحصل لهم أجر نزل (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) فارقوا أوطانهم (وجاهدوا في سبيل الله) لإعلاء دينه (أولئك يرجون رحمة الله) ثوابه (والله غفور) للمؤمنين (رحيم) بهم
10-وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة 244]
(وقاتلوا في سبيل الله) أي لإعلاء دينه (واعلموا أن الله سميع) لأقوالكم (عليم) بأحوالكم فمجازيكم
11-أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [البقرة 246]
(ألم تر إلى الملأ) الجماعة (من بني إسرائيل من بعد) موت (موسى) أي إلى قصتهم وخبرهم (إذ قالوا لنبي لهم) هو شمويل (ابعث) أقم (لنا ملِكا نقاتل) معه (في سبيل الله) تنتظم به كلمتنا ونرجع إليه (قال) النبي لهم (هل عسيتم) بالفتح والكسر (إن كتب عليكم القتال أ) ن (لا تقاتلوا) خبر عسى والاستفهام لتقرير التوقيع بها (قالوا وما لنا أ) ن (لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) بسببهم وقتلهم وقد فعل بهم ذلك قوم جالوت أي لا مانع منه مع وجود مقتضيه ، قال تعالى: (فلما كتب عليهم القتال تولوا) عنه وجبنوا (إلا قليلا منهم) وهم الذين عبروا النهر مع طالوت كما سيأتي (والله عليم بالظالمين) فمجازيهم وسأل النبيُّ إرسالَ ملكٍ فأجابه إلى إرسال طالوت
12-وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة 247]
(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملِكاً قالوا أنى) كيف (يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه) لأنه ليس من سبط المملكة ولا النبوة وكان دباغا أو راعيا (ولم يؤت سعة من المال) يستعين بها على إقامة الملك (قال) النبي لهم (إن الله اصطفاه) اختاره للملك (عليكم وزاده بسطة) سعة (في العلم والجسم) وكان أعلم بني إسرائيل يومئذ وأجملهم وأتمهم خلقا (والله يؤتي ملكه من يشاء) إيتاءه لا اعتراض عليه (والله واسع) فضله (عليم) بمن هو أهل له
13-وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [البقرة 248]
(وقال لهم نبيهم) لما طلبوا منه آية على ملكه (إن آية مُلْكِه أن يأتيكم التابوت) الصندوق كان فيه صور الأنبياء أنزله الله على آدم واستمر إليهم فغلبهم العمالقة عليه وأخذوه وكانوا يستفتحون به على عدوهم ويقدمونه في القتال ويسكنون إليه كما قال تعالى (فيه سكينة) طمأنينة لقلوبكم (من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) وهي نعلا موسى وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم ورضاض من الألواح (تحمله الملائكة) حال من فاعل يأتيكم (إن في ذلك لآية لكم) على ملكه (إن كنتم مؤمنين) فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت فأقروا بملكه وتسارعوا إلى الجهاد فاختار من شبابهم سبعين ألفا
14-فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة 249]
(فلما فصل) خرج (طالوت بالجنود) من بيت المقدس وكان الحر شديدا وطلبوا منه الماء (قال إن الله مبتليكم) مختبركم (بنهَر) ليظهر المطيع منكم والعاصي وهو بين الأردن وفلسطين (فمن شرب منه) أي من ماءه (فليس مني) أي من أتباعي (ومن لم يطعمه) يذقه (فإنه مني إلا من اغترف غُرفة) بالفتح والضم (بيده) فاكتفى بها ولم يزد عليها فإنه مني (فشربوا منه) فلما وافوه بكثرة (إلا قليلاً منهم) فاقتصروا على الغرفة روي أنها كفتهم لشربهم ودوابهم وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً (فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه) وهم الذين اقتصروا على الغرفة (قالوا) أي الذين شربوا (لا طاقة) قوة (لنا اليوم بجالوت وجنوده) أي بقتالهم وجبنوا ولم يجاوزوه (قال الذين يظنون) يوقنون (أنهم ملاقوا الله) بالبعث وهم الذين جاوزوه (كم) خبرية بمعنى كثير (من فئة) جماعة (قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) بإرادته (والله مع الصابرين) بالعون والنصر
15-وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة 250]
(ولما برزوا لجالوت وجنوده) أي ظهروا لقتالهم وتصافوا (قالوا ربنا أفرغ) أصبب (علينا صبرا وثبت أقدامنا) بتقوية قلوبنا على الجهاد (وانصرنا على القوم الكافرين)
16-فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة 251]
(فهزموهم) كسروهم (بإذن الله) بإرادته (وقتل داود) وكان في عسكر طالوت (جالوت وآتاه) أي داود (الله الملك) في بني إسرائيل (والحكمة) النبوة بعد موت شمويل وطالوت ولم يجتمعا لأحد قبله (وعلمه مما يشاء) كصنعة الدروع ومنطق الطير (ولولا دفع الله الناس بعضهم) بدل بعض من الناس (ببعض لفسدت الأرض) بغلبة المشركين وقتل المسلمين وتخريب المساجد (ولكن الله ذو فضل على العالمين) فدفع بعضهم ببعض
17-تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [البقرة 252]
(تلك) هذه الآيات (آيات الله نتلوها) نقصها (عليك) يا محمد (بالحق) بالصدق (وإنك لمن المرسلين) التأكيد بإن وغيرها رداً لقول الكفار له لست مرسلا
18-مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة 261]
(مثل) صفة نفقات (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله) أي طاعته (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) فكذلك نفقاتهم تضاعفت لسبعمائة ضعف (والله يضاعف) أكثر من ذلك (لمن يشاء والله واسع) فضله (عليم) بمن يستحق المضاعفة
19-قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [أل عمران 84]
(قل) لهم يا محمد (آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط) أولاده (وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم) بالتصديق والتكذيب (ونحن له مسلمون) مخلصون في العبادة. ونزل فيمن ارتد ولحق بالكفار:
20-كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [أل عمران 93]
ونزل لما قال اليهود إنك تزعم أنك على ملة إبراهيم وكان لا يأكل لحوم الإبل وألبانها: (كلُّ الطعام كان حِلاً) حلالاً (لبني إسرائيل إلا ما حرَّم إسرائيل) يعقوب (على نفسه) وهو الإبل لما حصل له عرق النسا بالفتح والقصر فنذر إن شفي لا يأكلها فحُرِّم عليه (من قبل أن تنزل التوراة) وذلك بعد إبراهيم ولم تكن على عهده حراما كما زعموا (قل) لهم (فأتوا بالتوراة فاتلوها) ليتبين صدق قولكم (إن كنتم صادقين) فيه فبهتوا ولم يأتوا بها قال تعالى:
21-وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [أل عمران 139]
(ولا تهنوا) تضعفوا عن قتال الكفار (ولا تحزنوا) على ما أصابكم بأحد (وأنتم الأعلون) بالغلبة عليهم (إن كنتم مؤمنين) حقاً وجوابه دل عليه مجموع ما قبله
22-أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [أل عمران 142]
(أم) بل أ (حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما) لم (يعلم الله الذين جاهدوا منكم) علم ظهور (ويعلم الصابرين) في الشدائد
23-وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [أل عمران 146]
(وكأين) كم (من نبي قاتل) وفي قراءة {قتل} والفاعل ضميره (معه) خبر مبتدؤه (رِبِّيُون كثير) جموع كثيرة (فما وهنوا) جبنوا (لما أصابهم في سبيل الله) من الجراد وقتل أنبيائهم وأصحابهم (وما ضعفوا) عن الجهاد (وما استكانوا) خضعوا لعدوهم كما فعلتم حين قيل قتل النبي (والله يحب الصابرين) على البلاء أي يثيبهم
24-ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [أل عمران 154]
(ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً) أمناً (نعاساً) بدل (يغشى) بالياء والتاء (طائفةً منكم) وهم المؤمنون فكانوا يميدون تحت الحجف وتسقط السيوف منهم (وطائفةٌ قد أهمتهم أنفسهم) أي حملتهم على الهم فلا رغبة لهم إلا نجاتها دون النبي وأصحابه فلم يناموا وهم المنافقون (يظنون بالله) ظناً (غير) الظن (الحق ظن) أي كظن (الجاهلية) حيث اعتقدوا أن النبي قتل أو لا ينصر (يقولون هل) ما (لنا من الأمر) أي النصر الذي وعدناه (من) زائدة (شيء قل) لهم (إن الأمر كله) بالنصب توكيداً والرفع مبتدأ وخبره (لله) أي القضاء له يفعل ما يشاء (يخفون في أنفسهم ما لا يبدون) يظهرون (لك يقولون) بيان لما قبله (لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا) أي لو كان الاختيار إلينا لم نخرج فلم نقتل لكن أخرجنا كرها (قل) لهم (لوكنتم في بيوتكم) وفيكم من كتب الله عليه القتل (لبرز) خرج (الذين كتب) قضي (عليهم القتل) منكم (الى مضاجعهم) مصارعهم فيقتلوا ولم ينجهم قعودهم لأن قضاءه تعالى كائن لا محالة (و) فعل ما فعل بأحد (ليبتلي) يختبر (الله ما في صدوركم) قلوبكم من الإخلاص والنفاق (وليمحص) يميز (ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) بما في القلوب لا يخفى عليه شيء وإنما يبتلي ليظهر للناس
25-إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [أل عمران 155]
(إن الذين تولوا منكم) عن القتال (يوم التقى الجمعان) جمع المسلمين وجمع الكفار بأحد وهم المسلمون إلا اثنى عشر رجلاً (إنما استزلهم) أزلهم (الشيطان) بوسوسته (ببعض ما كسبوا) من الذنوب وهو مخالفة أمر النبي (ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور) للمؤمنين (حليم) لا يعجل على العصاة
26-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [أل عمران 156]
(يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا) أي المنافقين (وقالوا لإخوانهم) أي في شأنهم (إذا ضربوا) سافروا (في الأرض) فماتوا (أو كانوا غُزَّىً) جمع غاز ، فقتلوا (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) أي لا تقولوا كقولهم (ليجعل الله ذلك) القول في عاقبة أمرهم (حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت) فلا يمنع عن الموت قعود (والله بما تعملون) بالتاء والياء (بصير) فيجازيكم به
27-وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [أل عمران 157]
(ولئن) لام قسم (قتلتم في سبيل الله) أي الجهاد (أو مُتم) بضم الميم وكسرها من مات يموت أتاكم الموت فيه (لمغفرة) كائنة (من الله) لذنوبكم (ورحمة) منه لكم على ذلك واللام ومدخولها جواب القسم وهي موضع الفعل مبتدأ خبره (خير مما تجمعون) من الدنيا بالتاء والياء
28-وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ [أل عمران 158]
(ولئن) لام قسم (مُتم) بالوجهين (أو قتلتم) في الجهاد وغيره (لإلى الله) لا إلى غيره (تحشرون) في الآخرة فيجازيكم
29-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [أل عمران 200]
(يا أيها الذين آمنوا اصبروا) على الطاعات والمصائب وعن المعاصي (وصابروا) الكفار فلا يكونوا أشد صبرا منكم (ورابطوا) أقيموا على الجهاد (واتقوا الله) في جميع أحوالكم (لعلكم تفلحون) تفوزون بالجنة وتنجون من النار
30-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً [النساء 71]
(يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) من عدوكم ، أي احترزوا منه وتيقظوا له (فانفروا) انهضوا إلى قتاله (ثبات) متفرقين سرية بعد أخرى (أو انفروا جميعا) مجتمعين
31-وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً [النساء 72]
(وإن منكم لمن ليبطئن) ليتأخرن عن القتال كعبد الله بن أبي المنافق وأصحابه وجعله منهم من حيث الظاهر واللام في الفعل للقسم (فإن أصابتكم مصيبة) كقتل وهزيمة (قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا) حاضراً فأصاب
32-وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً [النساء 73]
(ولئن) لام قسم (أصابكم فضل من الله) كفتح وغنيمة (ليقولَّن) نادماً (كأن) مخففة واسمها محذوف أي كأنه (لم تكن) بالياء والتاء (بينكم وبينه مودة) معرفة وصداقة وهذا راجع إلى قوله قد أنعم الله علي اعترض به بين القول ومقوله وهو (يا) للتنبيه (ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) آخذ حظا وافرا من الغنيمة
33-فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء 74]
قال تعالى: (فليقاتل في سبيل الله) لإعلاء دينه (الذين يشرون) يبيعون (الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل) يستشهد (أو يغلب) يظفر بعدوه (فسوف نؤتيه أجرا عظيما) ثوابا جزيلا
34-وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً [النساء 75]
(وما لكم لا تقاتلون) استفهام توبيخ ، أي لا مانع لكم من القتال (في سبيل الله و) في تخليص (المستضعفين من الرجال والنساء والولدان) الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم ، قال ابن عباس رضي الله عنه: كنت أنا وأمي منهم. (الذين يقولون) داعين يا (ربنا أخرجنا من هذه القرية) مكة (الظالم أهلها) بالكفر (واجعل لنا من لدنك) من عندك (وليا) يتولى أمورنا (واجعل لنا من لدنك نصيرا) يمنعنا منهم ، وقد استجاب الله دعاءهم فيسر لبعضهم الخروج وبقي بعضهم إلى أن فتحت مكة وولَّى صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد فأنصف مظلومهم من ظالمهم
35-الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء 76]
(الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) الشيطان (فقاتلوا أولياء الشيطان) أنصار دينه تغلبوهم لقوتكم بالله (إن كيد الشيطان) بالمؤمنين (كان ضعيفا) واهيا لا يقاوم كيد الله بالكافرين
36-أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء 77]
(ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) عن قتال الكفار لما طلبوه بمكة لأذى الكفار لهم وهم جماعة من الصحابة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب) فرض (عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون) يخافون (الناس) الكفار أي عذابهم بالقتل (كخشية) هم عذاب (الله أو أشد خشية) من خشيتهم له ، ونصب أشد على الحال وجواب (لما) دل عليه إذا وما بعدها أي فاجأتهم الخشية (وقالوا) جزعا من الموت (ربنا لم كتبت علينا القتال لولا) هلا (أخرتنا إلى أجل قريب قل) لهم (متاع الدنيا) ما يتمتع به فيها أو الاستمتاع بها (قليل) آيل إلى الفناء (والآخرة) أي الجنة (خير لمن اتقى) عقاب الله بترك معصيته (ولا تظلمون) بالتاء والياء ، تنقصون من أعمالكم (فتيلا) قدر قشرة النواة فجاهدوا
37-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة 35]
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) خافوا عقابه بأن تطيعوه (وابتغوا) اطلبوا (إليه الوسيلة) ما يقربكم إليه من طاعته (وجاهدوا في سبيله) لإعلاء دينه (لعلكم تفلحون) تفوزون
38-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة 54]
(يا أيها الذين آمنوا من يرتدد) بالفك والإدغام ، يرجع (منكم عن دينه) إلى الكفر إخبار بما علم الله وقوعه وقد ارتد جماعة بعد موت النبي صلى الله عليه (فسوف يأتي الله) بدلهم (بقوم يحبهم ويحبونه) قال صلى الله عليه وسلم: "هم قوم هذا وأشار إلى أبي موسى الأشعري" رواه الحاكم في صحيحه (أذلة) عاطفين (على المؤمنين أعزة) أشداء (على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) فيه كما يخاف المنافقون لوم الكفار (ذلك) المذكور من الأوصاف (فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع) كثير الفضل (عليم) بمن هو أهله
39-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ [الأنفال 15]
(يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً) أي مجتمعين كأنهم لكثرتهم يزحفون (فلا تولوهم الأدبار) منهزمين
40-وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال 16]
(ومن يولهم يومئذ) أي يوم لقائهم (دبره إلا متحرفا) منعطفا (لقتال) بأن يريهم الفرة مكيدة وهو يريد الكرة (أو متحيزاً) منضماً (إلى فئةٍ) جماعةٍ من المسلمين يستنجد بها (فقد باء) رجع (بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) المرجع هي وهذا مخصوص بما إذا لم يزد الكفار على الضعف
41-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال 20]
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا) تعرضوا (عنه) بمخالفة أمره (وأنتم تسمعون) القرآن والمواعظ
42-وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ [الأنفال 21]
(ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) سماع تدبر واتعاظ وهم المنافقون أو المشركون
43-إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ [الأنفال 22]
(إن شر الدواب عند الله الصم) عن سماع الحق (البكم) عن النطق به (الذين لا يعقلون)
44-وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ [الأنفال 23]
(ولو علم الله فيهم خيراً) صلاحاً بسماع الحق (لأسمعهم) سماع تفهم (ولو أسمعهم) فرضا وقد علم أن لا خير فيهم (لتولوا) عنه (وهم معرضون) عن قبوله عناداً وجحوداً
45-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال 24]
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول) بالطاعة (إذا دعاكم لما يحييكم) من أمر الدين لأنه سبب الحياة الأبدية (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) فلا يستطيع أن يؤمن أو يكفر إلا بإرادته (وأنه إليه تحشرون) فيجازيكم بأعمالكم
46-وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال 25]
(واتقوا فتنة) إن أصابتكم (لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) بل تعمهم وغيرهم واتقاؤها بإنكار موجبها من المنكر (واعلموا أن الله شديد العقاب) لمن خالفه
47-وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال 26]
(واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض) أرض مكة (تخافون أن يتخطفكم الناس) يأخذكم الكفار بسرعة (فآواكم) إلى المدينة (وأيدكم) قواكم (بنصره) يوم بدر بالملائكة (ورزقكم من الطيبات) الغنائم (لعلكم تشكرون) نعمه
48-وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال 39]
(وقاتلوهم حتى لا تكون) توجد (فتنة) شرك (ويكون الدين كله لله) وحده ولا يعبد غيره (فإن انتهوا) عن الكفر (فإن الله بما يعملون بصير) فيجازيهم به
49-وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الأنفال 40]
(وإن تولوا) عن الإيمان (فاعلموا أن الله مولاكم) ناصركم ومتولي أموركم (نعم المولى) هو (ونعم النصير) أي الناصر لكم
50-وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال 46]
(وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا) تختلفوا فيما بينكم (فتفشلوا) تجبنوا (وتذهب ريحكم) قوتكم ودولتكم (واصبروا إن الله مع الصابرين) بالنصر والعون