۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ◙¦¦❖¦¦◙ ولذكر الله أكبر ◙¦¦❖¦¦◙

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الكاسر

عضو مبدع  عضو مبدع
الكاسر


الجنس : ذكر
العمر : 32
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 212

◙¦¦❖¦¦◙ ولذكر الله أكبر ◙¦¦❖¦¦◙  Empty
مُساهمةموضوع: ◙¦¦❖¦¦◙ ولذكر الله أكبر ◙¦¦❖¦¦◙    ◙¦¦❖¦¦◙ ولذكر الله أكبر ◙¦¦❖¦¦◙  Icon_minitimeالسبت 11 فبراير 2012, 6:19 am



◙¦¦❖¦¦◙ ولذكر الله أكبر ◙¦¦❖¦¦◙


الحمدُ لله الواحِد الديّان، خصّنا بخيرِ الذكرِ القرآنِ.

أنت الذي يا ربِّ قُلْتَ حروفَه ووصَفتَه بالوعظ والتّبيان

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تغمُر الجوارحَ وتملأ الميزان، وأشهد أنّ نبيّنا وسيّدنا محمّدًا عبد الله ورسوله، وأفضلُ من ذَكر ربَّه سِيّان اللّسان والجنان، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه السبّاقين إلى أعالي الجنان، ومن اقتفى أثرهم بالتّقَى والإحسان، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فاتقوا الله أيّها المؤمنون، وألِظُّوا بالذكر قبل ريب المنون.

أيّها الإخوة الأحبّة في الله، أفضَل الذّكرِ ثوابًا وعائدةً وأكثره هدًى ونورًا وفائدة كلامُ ربِّ البرية، قال سبحانه مُعْلِيًا قدرَه وبرهانه: وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ [الأنبياء:50]، إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ [يس:60]، كيف وقد أنار القرآنُ ظلمات الدنيا بنورِه الوهّاج، وأيقظ القلوبَ العليلةَ للهدَى وأهاج؟! إنَّ له لحلاوةً، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أسفله لمغدِق، وإنّ أعلاه لمورِق، وإنّه ليعلو ولا يعلَى عليه.

وخيرُ جليسٍ لا يمَلّ حديثه وتردادُه يـزداد فيه تَجمّلاً

يناشِد فِي إرضـائه لحبيبِه وأجدِرْ به سُؤلاً إليه موصِّلا

أيّها المسلمون، في غمرةِ الحياةِ الماديّة واللّهاث وراءَ المُتَع الحسّيّة وما أسفَرَت عنه من شيُوع أحوال القلَقِ والاكتئاب والأوصاب والملَل والاضطراب، وفي خِضَمّ ما مُنِيت به الأمّة من أحداثٍ ومتغيِّرات شغَلت الناس بالمتابعاتِ والتحليلات، انبَثَق عن ذلك كلِّه التغرُّب عن الحياةِ الهانئة المطمئنّة، علاوةً على ما قذفت به الحضارةُ المزعومة والمدنيّة الزائفة من سمومٍ أضرَم نارَها قنوات وشبكاتٌ تحلِق الدين، فثُبتَ لا تسمَعُ لسلطانِ الروح إلاّ نبأةً لا تكاد تُبين، ولا ترَى لها إلا قبسًا خافِتًا لا يطفِئ شبمًا جِدُّ مكين، وهل كان بِدعًا بعد ذلك أن صوَّحت القلوبُ بعد الإشراق وأجدَبت بعد النداوة والإيراق، فانطمس نورها، وبهَت وهَجها، وانقطع عن الذكر المشِعِّ لهَجُها؟! نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ [الحسر:19].

ولا غَروَ أن يُضافَ لكلِّ أسًى مقعِد هذا الداء الدويُّ، داء الغفلةِ والنسيان الذي أسَّن ينابيعَ الروح الصّافية، وخلخل أطنابَها الراسية، إلى رُكام مآسينَا الضارية، مما تحتاج معه الألسِنة إلى ما يرطِّبها والأفئدةُ إلى ما يطَمئِنها، ولعلَّه ـ يا رعاكم الله ـ سرَى إلى لطيف علمكم وشريفِ فَهمكم ما إليه قصَد ويمَّم محِبُّكم.

معاشرَ المسلمين، وايم الله إنّه لن تصلحَ القلوب ولن تستنيرَ الدروب وتَنجابَ الحُلَك والكروب ونَبرأَ ممّا مسَّنا من قسوةٍ ولغوب إلاّ بدوامِ ذكرِ وتعظيمِ وتمجيدِ وتسبيحِ علاّم الغيوب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب:41]، وَاذْكُرُوا اللَّّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة:10]، وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ [آل عمران:41].

والآياتُ الحاثّة على الذكر الدالّةُ على فضائله ومنافعِه وفوائده في الدنيا والآخرة غيرُ خافيةٍ على أولي النهى والألباب، وكذلك الأحاديث الشريفةُ عن النبيِّ الأواب عليه الصلاة والسلام، يقول فيما صحَّ عنه: ((مَثَل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكُره مثَل الحيِّ والميت))[1].

الله أكبر، ذِكر الله هو الروحُ والحياة، ونسيانُه هو الفناء والممات، عن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه أنّ رجلاً قال: يا رسولَ الله، إنَّ شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبَّث به، قال: ((لا يزالُ لسان رطبًا من ذكرِ الله)). لا إله إلا الله. أخرجه الترمذيّ والحاكم بسندٍ صحيح[2].

ومِن شدَّة أنسِه ولهَجِه بالله عز وجل كان يذكر ربَّه في كلِّ طرفة عين وخَفقَة قلب وعلى جميع أحواله وفي كلِّ أحيانه، بفؤادٍ واجِف ودمعٍ واكِف، أليس هو القائلَ بأبي هو وأمّي : ((ألا أنبِّئكم بخيرِ أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والورق وخيرٍ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقهم ويضربوا أعناقهم؟!)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكر الله)). لا إله إلا الله. خرّجه أحمد والترمذيّ والحاكم بسند صحيح[3]. فيا لله، لقد فاقَت منزلةُ الذِّكر منزلةَ الجهادِ في سبيل الله.

إخوةَ الإيمان، ذِكر الله دومًا بمبانيهِ ومراميه وتدبُّر ألفاظه ومعانيه حادِي الأرواح إلى بلادِ الأفراح، وهو العِزّ الذي لا يُنال بسلطانٍ ولا مال، والتوفيقُ المبلِّغ ذُرَى الكمال والأنس والجلال.

وكُفَّ عن العَورَى لسـانك وليكن دوامًا بذكرِ الله يا صاحِبي نَدي

ومُـدَّ إليـه كفّ فقرك ضارعًـا بقلبٍ منيب وادعُ تُعطَ وتَسعدِ

وقد طرّز الإمام ابن القيم رحمه الله فضلَ الذكر وحالَ الذاكرين بقوله: "وهي منزلةُ القوم التي متى فارَقها صارت الأجساد لها قبورًا، وعمارةُ ديارهم التي إذا تعطَّلت عنها صارت بُورًا، به يستدفِعون الآفات ويستكشِفون الكرُبات، إذا أظلَّهم البلاء فإليه ملجؤُهم، وإذا نزَلَت بهم النوازلُ فإليه مفزَعُهم، فهو رياضُ جنّتهم التي فيها يتقلَّبون، وهو جِلاء القلوب وصِقالُها ودواؤُها إذا غشِيَها اعتلالها"[4].

إخوةَ العقيدة، وفي البِشَر عن خيرِ البَشَر يقول الله عزّ وجلّ في الحديثِ القدسيّ: ((أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معَه حين يذكرني، فإن ذكَرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرني في ملإ ذَكَرته في مَلإ خيرٍ منهم)). لا إله إلا الله. أخرجه الشيخان[5]. وأكرِم بعبدٍ يكون ربُّ العالمين في ثنائِه وذكره. فلا إلهَ إلا الله، والله أكبر، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت:45].

أيّها الفضلاء الذاكرون، المحافظةُ على الأذكار غِراس دارِ الأبرار، وهل يفرِّط في غراسِ الجنّة إلاّ مفلِس في عداد الأغرار؟! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ [المنافقون:9].

نعم، حينَما يتَّصل الذكرُ بالقلب ويستقرّ في السّوَيداء ويمتزِج بالتوبة والإنابةِ والاستغفار في كلّ الآناء يُضحِي مَددًا لطُهرَةِ النّفسِ وهَنائها، وشُؤبوبًا دَفّاقا لزَكاءِ الرّوح وصفائها، ومِسبَارًا لنورِها ونقائها. فلا يُعْوِزُكَ ساعتَئذٍ أن تدرِكَ نورَ البصيرة يتألَّق على فِعال الذاكر في أيِّ سبيلٍ وأي اتِّجاه، مداركه بعبَقِ الذكر قد شفَّت، والملائِكُ الكرام به قد حَفَّت، قد تُوِّج بإشراقٍ مِن نور الله فكُسِيَ جمالاً، وقلبُه أُفعِم بحبِّ الله فسقِيَ جلالاً وطمأنينةً تنخُرُ اللّفظَ والمبنى إلى سمُوِّ المعنى وزكاءِ المغنى، الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ [الرعد:28]. لا إله إلا الله. تطمئِنّ إن أصابَتها السّراء والضراء، وتسكن ولا تجزَع إن مسَّتها محنةُ الفِتنة والابتلاء، وإن خبَت فيها جذوةُ التّزكية والتصفية ركَنت إلى حِمى الذِّكر والتذكُّر، تستروِحُ السّكينةَ، وتَستَندِي الطّمَأنينةَ، فيقودُها ذلك إلى وَعدٍ ريَّانٍ لا يخلَف: طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [الرعد:29]، وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35].

وأكثِرْ ذكرَهُ في الأرض دأبًا لِتُذْكَرَ في السماء إذا ذَكَرْتَا

ونادِ إذا سَجدتَ له اعتِرافًا بِما ناداه ذو النّون بن متَّي

لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنا من الظالمين، يقول معاذ بن جبل رضي الله عنه: (ما مِن شيءٍ أنجَى مِن عذاب الله من ذكرِ الله)[6]، كيف والدّعاءُ المنبَجِسُ مِن يَنبوع الثناء على الله وتعظيمه وتمجيدِه ما هو إلاّ تقريرٌ لحقيقة الخضوع والانعطاف وصِدقِ الطاعة والازدِلاف لمن يعلَم السّرَّ وما هو خافٍ.

وليتَ شعري أيّها الخِيَرة، ما فِئةٌ مُرتكسة منتَكِسة بِفِيِّها عفرُ البَرَى، هتَكت بجنوحِها عن منهَج الاعتدال حجابَ الحقّ هتكًا، وفتكت جَهلاً كُبّارًا برَواءِ الدّين فتكًا، وسفَكت في رابِعة النهار مُهجَةَ المسلمين سَفكًا، وأُخرَى صَريعةُ الفَضائيّات، مُدمِنة العبَِّ مِن الشّبَكات والتِّقانات، في عفَنٍ فنيِّ وعبَث مَرذولٍ أَخلاقيٍّ، فأنَّى تخالِط هؤلاء وأولئك حلاوةُ الذّكر؟! وأنَّى تنتَفِع بعظيم فوائِدِه ونُبلِ فرائدِه وجَليل مقاصِدِه؟!

أيّها المؤمنون، هَل مَقَلت أبصارُكم أبهى وأكمَل وأطهَر وأنبَل من سِيرةِ المسلِم الذاكرِ القانِتِ؟! القرآنُ العظيمُ أَنيسُهُ، وذِكر الله تعالى جليسُه، قد رقَّ طبعُه، ولانَت عريكتُه، ونَعِم المؤمنون باستقامَتِه وهُداه، وسلِم المسلمون مِن شرِّه وأذاه. هنيئًا لمن كان ذلك مَيسَمَه هنيئًا، ويا بشرَى لمن أوتِيَ لسانًا رطبًا مَريئًا، ليِّنًا بالذكر، مُفعَمًا بالشّكر، هشًّا بالثناء على الله، سَحًّا برجاء الله، رطبًا بالتسبيحِ والاستغفار، طَفِقًا بالتفكُّر والاعتبار.

ألا إنّه بمثلِ هؤلاء يستَنزَل النّصر، ويَحلّ الظَّفر، وتنجو الأمّة مِن هزائمها وانتكاسَاتها، وتسلَم الشعوب من وَهدَتها وارتكاساتها، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45].

أورَدَ الإمام الذهبيّ رحمه الله في السّيَر أنَّ قتيبةَ بن مسلم سأل في إحدَى معاركه عن الإمامِ العابد محمّد بن واسع، وقد حمِيَ الوطيس، فقيل: هو في مصلاَّه رافعًا سبّابتَه يذكُر اللهَ عزّ وجلّ، فقال: والله لأصبعُ محمّد بن واسع أحبّ إليّ من ألفِ شابٍّ طرِير وألفِ سيفٍ شهير[7]. الله أكبر، تأمَّلوا ـ رحمكم الله ـ أثَرَ الذكر والذاكرين في انتشالِ الأمة من مآزِقها وانتصاراتها على أعدائها.

معاشرَ المؤمنين، ذلكم شذًى من شأنِ الذّكر وأسرارِه، وتلكم شذرَةٌ من فضائله وآثاره، إن جرَى على لسانِ المؤمن وقلبِه كان جنّتَه من دنياه وغايةَ أُنسه بربِّه ومنتهاه، ويا بُشراه بذلك يا بُشراه.

ومِن عجبٍ ـ يا عباد الله ـ أن ترَى في المسلِمين فئامًا نُهْبَةً لمقاريضِ الغفلة، قد ضربَ عليهم النسيان بظلمتِه وخَدَرِهِ، وألقت عليهم الغفلةُ بكَلكَلها وسُجُفها والضّيعةُ بأقفالها وحُجُبها، فاستعجَم منهم اللسان، وأظلم الجنَان، سادِرين في حُلَك الغواية والعماية، ترى منهم من يقضِي سحابةَ يومِه وليله في الهذَرِ واللّغو والغيبةِ والنميمة والولوغ في أعراضِ المسلمين، ولا يدور له ذكرُ الرحمن على بالٍ، وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36].

ومِنهم من يقضي الساعاتِ في اللّهو والباطل، ويعجز عن ذكرِ كلماتٍ على اللسان خفيفات، وفي الميزانِ ثقيلات، وإلى الرحمنِ حَبِيباتٌ، يحصدُ بهنّ وافِرَ الحسنات: سبحان الله وبحمده سبحانَ الله العظيم. أقوامٌ أفئِدتُهم لم تذُق لذّةَ المناجاة والخشوع، ومحاجِرُهم تكلّست عن ذرفِ الدّموع، بعضُهم في اللّغوِ والسّهو سَحْبَانُ وائِل، وعند الأذكارِ والدّعاء أَعيى من باقِل، فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:22].

ويلٌ ثمّ ويل للذين جفَّت قلوبهم عن مناجاةِ الله ونصَّت، وعن ذكرِ الله ناءت وتفصَّت، قلوبٌ ربداءُ قاسِية، وألسِنَة صَدِئة عاصية، يقول : ((لا تكثِروا الكلامَ بغير ذِكر الله، فإنَّ كثرةَ الكلام بغيرِ ذِكر الله قسوةٌ للقلب، وإنّ أبعدَ الناس من الله القلبُ القاسي)) أخرجه الترمذي[8].

فهل بعد ذلك ـ يا عبادَ الله ـ من مبدِّدٍ لعَبَراته ومردِّدٍ لحسراته وأنّاته وزفراته على تفريطِه في جَنب الله ولذيذ مناجاته؟! يقول العلاّمة ابن القيم رحمه الله: "إنَّ الغافل بينَه وبين الله وَحشة لا تزول إلاّ بذكر الله"[9]. لا إله إلا الله.

أمّةَ الذّكر الحكيم، وثمَّةَ ملحظٌ مهم لا نعدُوه في هذا التذكير، ألا هوَ ما استحدَثَه أقوامٌ مِن أذكارٍ وأوراد مبتَدَعة صَرَفتهم عن المأثورِ الصّحيح عن النبيّ سيّدِ الخلق وحُجّة الله على عباده، وقد أتَوا بها في حمًّى مِنَ الضّجيج وألوانٍ مِن العجيج وصِفات نابيةٍ كلَّ النبوِّ عنِ الوَقار، فضلاً عن مخالَفَتها للكتابِ والسنّةِ وصحيحِ الآثار، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ويُستحَبّ لمن ذكر الله عزّ وجلّ خفضُ الصوتِ بالذكر؛ لقولِه تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [الأعراف:205]. أما ما يفعلُه بعضهم ـ والكلامُ لشيخ الإسلام ـ في ذكرِهِم المبتَدَع من الزعيقِ والصّياح والتمايل فليس من هديِ النبوّة في شيء" انتهى كلامه رحمه الله.

ألا فَلترْفُوا ـ أيّها المسلمون ـ خروقَ الغفلة والنسيان وهجرِ تلاوة القرآن، ولتتواصَوا بذِكر الواحد الديان والشّوقِ إلى مناجاتِه في كلّ مكانٍ وآن؛ تفلِحوا وتسعَدوا وتُوَفّقوا وتنصَروا.

جَعلني الله وإيّاكم من الذّاكرين الشاكرين، وأنقذَنا جميعًا من رَقداتِ الغافلين، وهدانا صراطَه المستقيم، وأجارنا بمنِّه وكرمه من العذابِ الأليم، إنه جواد كريم.

أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائِرِ المسلمين من كلّ ذنب فاستغفروه، إنّه كان للأوّابين غفورًا.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه البخاري في الدعوات (6407) واللفظ له، ومسلم في صلاة المسافرين (779) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

[2] سنن الترمذي: كتاب الدعوات (3375)، مستدرك الحاكم (1822)، وأخرجه أيضا أحمد (4/188، 190)، وابن ماجه في الأدب (3793)، والطبراني في الأوسط (1441، 2268)، وأبو نعيم في الحلية (9/51)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وصححه ابن حبان (814)، وهو في صحيح سنن الترمذي (2687).

[3] مسند أحمد (5/195)، سنن الترمذي: كتاب الدعوات (3377)، مستدرك الحاكم (1/496) عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وأخرجه أيضا ابن ماجه في الأدب (3790)، قال الهيثمي في المجمع (10/73): "رواه أحمد وإسناده حسن"، وحسنه الألباني في تعليقه على الكلم الطيب (1).

[4] مدارج السالكين (2/423) بتصرف يسير.

[5] صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ (7405)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب: الحث على ذكر الله تعالى (2675) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] رواه مالك في النداء للصلاة (490)، والترمذي في الدعوات (3377)، وابن ماجه في الأدب (3790)، وفي إسناده انقطاع. وروي مرفوعا.

[7] سير أعلام النبلاء (6/121).

[8] سنن الترمذي: كتاب الزهد (2411) عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه أيضا البيهقي في الشعب (4/245)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة (920).

[9] الوابل الصيب (ص63).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
◙¦¦❖¦¦◙ ولذكر الله أكبر ◙¦¦❖¦¦◙
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ‏ ~♦¦¦❖¦¦ ولذكر الله أكبر ¦¦❖¦¦♦~
» ::۩:: الله أكبر ::۩::
»  ~*¤ô§ô¤*~ ورضوان من الله أكبر ~*¤ô§ô¤*~
» {❦۩❦} عظم شأن لفظة : (الله أكبر) {❦۩❦}
» ▒◄ حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ►▒

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ كنوز الدعاء والذكر والرقية الشرعية ۩-
انتقل الى: