البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: ミ◙ミ الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها ミ◙ミ الثلاثاء 24 يناير 2012, 9:49 pm | |
|
ミ◙ミ الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها ミ◙ミ
الشبهة الأولى :
من الشبهات التي ادعاها بعض غلاة المستشرقين من قديم ، وأقام بناءها على وهم فاسد هي أن الحديث بقي مائتي سنة غير مكتوب ، ثم بعد هذه المدة الطويلة قرر المحدثون جمع الحديث وقد ردد عدد من المستشرقين هذه الشبهة منهم جولد زيهر وشبرنجر ، ودوزي ، فقد عقد " جولد زيهر " فصلاً خاصاً حول تدوين الحديث في كتابه " دراسات إسلامية " وشكك في صحة وجود صحف كثيرة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، ورأى " شبرنجر " في كتابه " الحديث عند العرب " أن الشروع في التدوين وقع في القرن الهجري الثاني ، وأن السنة انتقلت بطريق المشافهة فقط ، أما " دوزي " فهو ينكر نسبة هذه " التركة المجهولة " - بزعمه - من الأحاديث إلى الرسول صلى الله عليه و سلم . وقد أراد المستشرقون من وراء هذه المزاعم إضعاف الثقة باستظهار السنة وحفظها في الصدور ، والتشكيك في صحة الحديث واتهامه بالاختلاق والوضع على ألسنة المدونين ، وأنهم لم يجمعوا من الأحاديث إلا ما يوافق أهواءهم ، وصاروا يأخذون عمن سمعوا الأحاديث ، فصار هؤلاء يقول الواحد منهم : سمعت فلاناً يقول سمعت فلاناً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبما أن الفتنة أدت إلى ظهور الانقسامات والفرق السياسية ، فقد قامت بعض الفرق بوضع أحاديث مزورة حتى تثبت أنها على الحق ، وقد قام علماء السنة بدراسة أقسام الحديث ونوعوه إلى أقسام كثيرة جداً ، وعلى هذا يصعب الحكم بأن هذا الحديث صحيح ، أو هذا الحديث موضوع .
ويمكن الرد هذه الشبهة من عدة وجوه :
1- أن تدوين الحديث قد بدأ منذ العهد الأول في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشمل قسماً كبيراً من الحديث ، وما يجده المطالع للكتب المؤلفة في رواة الحديث من نصوص تاريخية مبثوثة في تراجم هؤلاء الرواة ، تثبت كتابتهم للحديث بصورة واسعة جداً ، تدل على انتشار التدوين وكثرته البالغة .
2 - أن تصنيف الحديث على الأبواب في المصنفات والجوامع مرحلة متطورة متقدمة جداً في كتابة الحديث ، وقد تم ذلك قبل سنة 200 للهجرة بكثير ، فتم في أوائل القرن الثاني ، بين سنة 120 ـ 130 هـ ، بدليل الواقع الذي بين لنا ذلك ، فهناك جملة من هذه الكتب مات مصنفوها في منتصف المائة الثانية ، مثل جامع معمر بن راشد(154) ، وجامع سفيان الثوري(161) ، وهشام بن حسان(148) ، وابن جريج (150) ، وغيرها كثير .
3 - أن علماء الحديث وضعوا شروطاً لقبول الحديث ، تكفل نقله عبر الأجيال بأمانة وضبط ، حتى يُؤدَّى كما سُمِع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهناك شروط اشترطوها في الراوي تضمن فيه غاية الصدق والعدالة والأمانة ،مع الإدراك التام لتصرفاته وتحمل المسئولية ، كما أنها تضمن فيه قوة الحفظ والضبط بصدره أو بكتابه أو بهما معاً ، مما يمكنه من استحضار الحديث وأدائه كما سمعه ، ويتضح ذلك من الشروط التي اشترطها المحدثون للصحيح والحسن والتي تكفل ثقة الرواة ، ثم سلامة تناقل الحديث بين حلقات الإسناد ، وسلامته من القوادح الظاهرة والخفية ، ودقة تطبيق المحدثين لهذه الشروط والقواعد في الحكم على الحديث بالضعف لمجرد فقد دليل على صحته ، من غير أن ينتظروا قيام دليل مضاد له .
4 - أن علماء الحديث لم يكتفوا بهذا ، بل وضعوا شروطاً في الرواية المكتوبة لم يتنبه لها أولئك المتطفلون ، فقد اشترط المحدثون في الرواية المكتوبة شروط الحديث الصحيح ، ولذلك نجد على مخطوطات الحديث تسلسل سند الكتاب من راوٍ إلى آخر حتى يبلغ مؤلفه ، ونجد عليها إثبات السماعات ، وخط المؤلف أو الشيخ المسمَع الذي يروي النسخة عن نسخة المؤلف أو عن فرعها ، فكان منهج المحدثين بذلك أقوى وأحكم وأعظم حيطة من أي منهج في تمحيص الروايات والمستندات المكتوبة .
5 - أن البحث عن الإسناد لم ينتظر مائتي سنة كما وقع في كلام الزاعم ، بل فتش الصحابة عن الإسناد منذ العهد الأول حين وقعت الفتنة سنة 35 هجرية لصيانة الحديث من الدس ، وضرب المسلمون للعالم المثل الفريد في التفتيش عن الأسانيد ، حيث رحلوا إلى شتى الآفاق بحثاً عنها واختباراً لرواة الحديث ، حتى اعتبرت الرحلة شرطاً أساسياً لتكوين المحدث .
6 - أن المحدثين لم يغفلوا عما اقترفه الوضاعون وأهل البدع والمذاهب السياسية من الاختلاق في الحديث ، بل بادروا لمحاربة ذلك باتباع الوسائل العلمية الكافلة لصيانة السنة ، فوضعوا القيود والضوابط لرواية المبتدع وبيان أسباب الوضع وعلامات الحديث الموضوع .
7 - أن هذا التنوع الكثير للحديث ليس بسبب أحواله من حيث القبول أو الرد فقط ، بل إنه يتناول إضافة إلى ذلك أبحاث رواته وأسانيده ومتونه ، وهو دليل على عمق نظر المحدثين ودقة بحثهم ، فإن مما يستدل به على دقة العلم وإحكام أهله له تقاسيمه وتنويعاته ، بل لا يُعد علماً ما ليس فيه تقسيم أقسام وتنويع أنواع ؟!!. فظهر بذلك تهافت هذه الشبهة وبعدها عن الموضوعية والمنهجية .
الشبهة الثانية :
من الشبهات التي رددها أذناب المستشرقين قولهم : " لو كانت السنة ضرورية لحفظها الله كما حفظ القرآن في قوله تعالى :{ إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون } ، ولأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابتها كما أمر بكتابة القرآن " . وقولهم في الحديث الذي يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم : - ( ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه ) ، : " لو كان هذا الحديث صحيحاً لما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة السنة ، ولأمر بتدوينها كما دون القرآن ، ولا يمكن أن يدع نصف ما أوحي إليه بين الناس بغير كتابة ، ولا يكون حينئذ قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة كاملة إلى أهلها ، ولماذا ترك الصحابة نصف الوحي ولم يدونوه ، فبإهمالهم له يصبحون جميعاً من الآثمين " (6) .
الرد على هذه الشبهة و تفيدها :
إن الله عز وجل كما أراد لهذه الشريعة البقاء والحفظ ، أراد سبحانه أيضاً ألا يكلف عباده من حفظها إلا بما يطيقون ولا يلحقهم فيه مشقة شديدة ، فمن المعلوم أن العرب كانوا أمة أمية ، وكان يندر فيهم الكتبة ، وكانت أدوات الكتابة عزيزة ونادرة ، حتى إن القرآن كان يكتب على جريد النخل والعظام والجلود ، وقد عاش النبي - صلى الله عليه وسلم -بين أصحابه بعد البعثة ثلاثًا وعشرين سنة ، ولهذا كان التكليف بكتابة الحديث كله أمرا ًفي غاية الصعوبة والمشقة ، لأنه يشمل جميع أقواله وأفعاله وأحواله وتقريراته - صلى الله عليه وسلم - ولِما يحتاجه هذا العمل من تفرغ عدد كبير من الصحابة له ، مع الأخذ في الاعتبار أن الصحابة كانوا محتاجين إلى السعي في مصالحهم ومعايشهم ، وأنهم لم يكونوا جميعا يحسنون الكتابة ، بل كان الكاتبون منهم أفراداً قلائل ، فكان تركيز هؤلاء الكتبة من الصحابة على كتابة القرآن دون غيره حتى يؤدوه لمن بعدهم تامًا مضبوطًا لا يُنْقص منه حرف . ومن أجل ذلك اقتصر التكليف على كتابة ما ينزل من القرآن شيئاً فشيئاً حتى جمع القرآن كله في الصحف . وكان الخوف من حدوث اللبس عند عامة المسلمين فيختلط القرآن بغيره - وخصوصاً في تلك الفترة المبكرة التي لم يكتمل فيها نزول الوحي - أحد الأسباب المهمة التي منعت من كتابة السنة . ثم إنه لم يحصل لحفاظ السنة في عهد الصحابة ما حصل لحفاظ القرآن ، فقد استحرَّ القتل بحفاظ القرآن من الصحابة ، أما السنة فإن الصحابة الذي رووا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا كثر ، ولم يحصل أن استحر القتل فيهم قبل تلقي التابعين عنهم . ومن الأسباب أيضاً أن السنة كانت متشعبة الوقائع والأحداث فلا يمكن جمعها كلها بيقين ، ولو جمع الصحابة ما أمكنهم فلربما كان ذلك سبباً في رد من بعدهم ما فاتهم منها ظناً منهم أن ما جمع هو كل السنة . ثم إن جمعها في الكتب قبل استحكام أمر القرآن كان عرضة لأن يُقبِل الناس على تلك الكتب ، ويدعوا القرآن ، فلذلك رأوا أن يكتفوا بنشرها عن طريق الرواية ، وبعض الكتابات الخاصة . أضف إلى ذلك أن القرآن يختلف عن السنة من حيث أنه متعبد بتلاوته ، معجز في نظمه ولا تجوز روايته بالمعنى ، بل لا بد من الحفاظ على لفظه المنزل ، فلو ترك للحوافظ فقط لما أمن أن يزاد فيه حرف أو ينقص منه ، أو تبدل كلمة بأخرى ، بينما السنة المقصود منها المعنى دون اللفظ ، ولذا لم يتعبد الله الخلق بتلاوتها ، ولم يتحداهم بنظمها ، وتجوز روايتها بالمعنى ، وفي روايتها بالمعنى تيسير على الأمة وتخفيف عنها في تحملها وآدائها . وقد بلَّغ - صلى الله عليه وسلم - الدين كله وشهد الله له بهذا البلاغ فقال سبحانه : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } (7) ، ووجود السنة بين الأمة جنباً إلى جنب مع القرآن الكريم فيه أبلغ دلالة على تبليغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - إياها لأمته وبالتالي لم يضع نصف ما أوحاه الله إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما زعم الزاعمون - ، بل الجميع يعلم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتمتعون بحوافظ قوية ، وقلوب واعية ، وذكاء مفرط ، مما أعانهم على حفظ السنة وتبليغها كما سمعوها ، مستجيبين في ذلك لحث نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لهم في الحديث الذي رواه الترمذي و غيره بقوله ( نضر الله امرءاً سمع مني مقالة فحفظها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع). فتم ما أراده النبي - صلى الله عليه وسلم - من حفظ السنة وتبليغها ، ويكون بذلك - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ دين الله عز وجل كاملاً ولم ينقص منه شيئاً .
| |
|
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: ミ◙ミ الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها ミ◙ミ الثلاثاء 24 يناير 2012, 9:51 pm | |
| | |
|
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: ミ◙ミ الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها ミ◙ミ الثلاثاء 24 يناير 2012, 9:52 pm | |
| الشبهة السابعة :
إن حَمَلَةَ السنة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا جنودا للسلاطين والملوك في العصر الأموي والعباسي فكانوا يضعون لهم من الأحاديث ما يوافق رغباتهم ويثبت ملكهم.
الرد على هذه الشبهة : ولقد أجاب الدكتور مصطفى السباعي على هذا الزعم الباطل في كتابه مكانة السنة في التشريع الإسلامي فقال: "إن أعداء الإسلام من غلاة الشيعة والمستشرقين ودعاة الإلحاد لم يصلوا ولن يصلوا إلى مدى السمو الذي يتصف به رواة السنة من الترفع عن الكذب حتى في حياتهم العادية بل ولن يصل أعداء الإسلام إلى مبلغ الخوف الذي استقر في نفوسهم بجنب الله خشية ورهبة، ولا مدى استنكارهم لجريمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال منهم من قال بكفر من يفعل ذلك وقَتْلِهِ وعدم قبول توبته إن أعداء الإسلام معذورون إذ لم يفهموا عن علمائنا هذه الخصائص لأنه لا يوجد لها ظل في نفوسهم ولا فيمن حولهم، ومن اعتاد الكذب ظن في الناس أنهم أكذب منه واللص يظن الناس لصوصا مثله وإلا فمن الذي يقول في قوم جاهروا بالإنكار على بعض ولاتهم لأنهم خالفوا بعض أحكام السنة وتعرض بعضهم للضرب والإهانة والتنكيل في سبيل الجهر بكلمة الحق من يقول: إن هؤلاء استباحوا لأنفسهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضيفوا إلى سنته أحكاما لم يقلها".ا هـ نعم إن قوما لم يحابوا في حكمهم على الرجال أحدا لا أبا ولا ابنا ولا أخا ولا صديقا ولا شيخا إن ذلك لَعُنوَانُ صدق ديانتهم ونزاهتهم وأمانتهم وعنوان إجلال الحفاظ للسنة النبوية الشريفة وأنها عندهم أغلى من الآباء والأجداد والأولاد والأحفاد فكانوا مضرب المثل في الصدق والتقوى والأمانة. وهاك أمثلةً على نزاهتهم في حكمهم على الرجال : 1- المُجَرِّحُونَ لآبائهم: الإمام علي بن المديني سئل عن أبيه فقال: "سلوا عنه غيري" فأعادوا المسألة، فأطرق ثم رفع رأسه فقال: "هُوَ الدِّينُ، إِنَّهُ ضَعِيفٌ". 2- المجرحون لأبنائهم: الإمام أبو داود السجستاني "صاحب السنن" قال: "ابني عبد الله كذاب". ونحوه قول الذهبي في ولده أبي هريرة: "إنه حفظ القرآن، ثم تشاغل عنه حتى نسيه". 3- المجرحون لإخوانهم: زيد بن أبي أنيسة قال: "لا تأخذوا عن أخي يحيى المذكور بالكذب". 4- المجرحون لأصهارهم وأختانهم: شعبة بن الحجاج قال: "لو حابيت أحدا لحابيت هشام بن حسان كان خَتَنِي، ولم يكن يحفظ". 5- المجرحون لبعض أقاربهم: أبو عروبة الحراني: "قال الذهبي في ترجمة الحسين بن أبي السري العسقلاني: "قال أبو عروبة: هو خال أمي، وهو كذاب". 6- ومن الذين لم يحابوا مشايخهم: روى الإمام ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن مهدي قال: "اختلفوا يوما عند شعبة، فقالوا: اجعل بيننا وبينك حكما فقال: قد رضيت بالأحول يعني: يحيى بن سعيد القطان، فما برحنا حتى جاء يحيى فتحاكموا إليه فقضى على شعبة وهو شيخه ومنه تعلم وبه تخرج، فقال له شعبة: ومن يطيق نقدك - أو من له مثل نقدك - يا أحول؟! قال ابن أبي حاتم: هذه غاية المنزلة ليحيى بن سعيد القطان إذ اختاره شيخه شعبة من بين أهل العلم، ثم بلغ من عدالته بنفسه وصلابته في دينه أن قضى على شعبة شيخه ومعلمه". وبلغ من نزاهة أئمة الحديث أنهم كانوا لا يقبلون شفاعة إخوانهم للسكوت عمن يرون جرحه وكيف يرتضون تلك الواسطة وهم الذين طعنوا في أبنائهم وآبائهم وإخوانهم لما رأوا منهم ما يستوجب القدح. أما عن موقف الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الإسلام من ملوكهم وأمرائهم فالنماذج المشرفة الدالة على ذلك كثيرة فمنها على سبيل المثال لا الحصر موقف أبي سعيد الخدري من مروان والي المدينة، وموقـف ابن عمر من الحجاج وموقف الإمام الزهري مع هشـام بن عبد الملك الأموي وغيرهم الكثير و الكثير .
الشبهة الثامنة :
وهذه الشبهة هي إختلاف المحدثين في التوثيق والتضعيف . لقد اعتبر الطاعنون اختلاف علماء الحديث في توثيق الرجال وتضعيفهم مطعنا في منهجهم، ويلزم من ذلك أن يوثقوا من لا يستحق التوثيق، ويضعفوا من لا يستحق التضعيف، وينتج عنه تصحيح أحاديث لم تبلغ درجة الصحة، ولذلك حكموا على كثير من الأحاديث بالصحة وهي ليست كذلك.
الرد على هذه الشبهة : ما وضعه علماء الحديث من قواعد وأصول ثابتة لتوثيق الرواة وتضعيفهم ينفي ما قالوا، ولم ينطلقوا رحمهم الله في تعديل الرواة وتجريحهم من هوى، وإنما كانوا يفعلون ذلك حسبة لله وتدينا، ولذلك كثر قولهم: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم". ولقد قام علم عظيم وضعت له القواعد وأسست له الأسس، وجعل مقياسا دقيقا ضبطت به أحوال الرواة من حيث التوثيق والتضعيف، ذلك "علم الجرح والتعديل" الذي لا نظير له عند أمة من الأمم. والذي يطالع كتب علوم الحديث يقف مبهورا أمام هذا العلم فائقِ الدقة، البالغ الإحكام، الذي لا يمكن أن يكون وضع صدفة أو جاء عفوا، وإنما بذلت فيه جهود، وتعبت فيه أجسام، وسهرت فيه أعين حتى بلغ إلى قمة الحسن ومنتهى الجودة. ونتناول من هذا العلم ثلاثة أسئلة يتضح من خلالها فساد هذا الزعم وبطلانه. أولا: من هو الراوي الذي يقبل حديثه؟. ثانيا: كيف يوثق؟. ثالثا: إذا تعارض فيه توثيق وتضعيف، ما العمل إذا؟ وما الذي أدى إلى ذلك؟. والجواب على هذه الأسئلة: أولا: لقد نص علماء الحديث على صفات معينة متى توفرت تلك الصفات في شخص معين قبلت روايته واحتج بحديثه. قال ابن الصلاح - رحمه الله: "وأجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه. وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا، سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة، متيقظا غير مغفل، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه. وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني". فهذا هو الثقة الذي تقبل روايته وهو الذي جمع بين شرطي العدالة والضبط. ثانيا: يوثق الراوي إذا ثبتت عدالته بالاستفاضة، أو باشتهاره بين أهل العلم بالثناء والخير، أو بتعديل عالم أو أكثر، وثبت ضبطه بموافقة روايته للثقات المتقنين في الغالب. ويقبل تعديل الراوي ولو لم يذكر سببه وذلك لكثرة أسباب التعديل ومشقة ذكرها. وأما جرحه فلا يقبل إلا إذا بين سببه؛ لأن الجرح يحصل بأمر واحد، ولا مشقة في ذكره، إضافة إلى اختلاف الناس في أسبابه. ثالثا: إذا تعارض جرح وتعديل في راو معين قدم الجرح إذا كان مفسرا ولو زاد عدد المعدلين، وعلى ذلك جمهور العلماء؛ لأن مع الجارح زيادة علم خفيت عن المعدل، فالمعدل يخبر عن ظاهر حال الراوي، والمجروح يخبر عن أمر باطن، وهذا شرط مهم؛ فإنهم لم يقبلوا الجرح إذا تعارض مع التعديل إلا إذا كان مفسرا، وهذا ما استقر عليه الاصطلاح. يقول الدكتور نور الدين عتر: "لكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها في تقديم الجرح، فقد وجدناهم يقدمون التعديل على الجرح في مواطن كثيرة، ويمكننا أن نقول: إن القاعدة مقيدة بالشروط الآتية: 1ـ أن يكون الجرح مفسرا، مستوفيا لسائر الشروط. 2ـ ألا يكون الجارح متعصبا على المجروح أو متعنتا في جرحه. 3ـ أن يبين المعدل أن الجرح مدفوع عن الراوي، ويثبت ذلك بالدليل الصحيح. وهذا يدل على أن اختلاف ملحظ النقاد يؤدي إلى اختلافهم في الجرح والتعديل، لذلك قال الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال: "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة". وهذا؛ لأن الثقة إذا ضعف يكون ذلك بالنظر لسبب غير قادح، والضعيف إذا وثق يكون توثيقه من الأخذ بمجرد الظاهر. وقال الحافظ ابن حجر: "والجرح مقدم على التعديل، وأطلق ذلك جماعة ولكن محله إن صدر مبينا من عارف بأسبابه؛ لأنه إن كان غير مفسر لم يقدم فيمن ثبتت عدالته، وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضا، فإن خلا المجروح عن تعديل قُبل الجرح فيه مجملا غير مبين السبب إذا صدر من عارف على المختار؛ لأنه إذا لم يكن فيه تعديل فهو في حيز المجهول، وإعمال قول المجروح أولى من إهماله". كما أنه يجب أن يراعى عند الاختلاف حال المعدل والمجرح؛ لأن ذلك من القرائن التي يرجح بها عند الاختلاف في التوثيق والتضعيف. قال الإمام الذهبي مبينا أقسام المتكلمين في الرجال من حيث التعنت والتوسط والاعتدال في الجرح والتعديل: 1ـ قسم منهم متعنت في الجرح، متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، ويلين بذلك حديثه، وهذا إذا وثق شخصا فعض على قوله بنواجذك، وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه، فإن وافقه، ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق، فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا الذي قالوا فيه: لا يقبل تجريحه إلا مفسرا، يعني لا يكفي أن يقول فيه ابن معين مثلا: هو ضعيف، ولم يوضح سبب ضعفه، وغيره قد وثقه، فمثل هذا يتوقف في تصحيح حديثه، وهو إلى الحسن أقرب. وابن معين وأبو حاتم والجوزجاني متعنتون. 2ـ وقسم في مقابلة هؤلاء، كأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي بكر البيهقي: متساهلون. 3ـ وقسم كالبخاري، وأحمد بن حنبل، وأبي زرعة، وابن عدي: معتدلون منصفون. وبعد فعلماء الحديث لم ينطلقوا في توثيقهم وتجريحهم، وتصحيحهم وتضعيفهم من خواء وتخبط، وإنما انطلقوا من قواعد متينة وأرض صلبة، في أحكامهم؛ ولذلك برزت هذه الأحكام إلى الوجود في منتهى الدقة، متفقة فيما بينها، متحدة لا شذوذ فيها، منسجمة لا تباين يعتريها، ويعجز كل دعي أن ينقد ما أصلوه بنقد علمي لا مطعن فيه، وبحكم لا قادح فيه. وهذه شهادة أحد المستشرقين أنفسهم ينقلها الدكتور نورالدين عتر في هذه المسألة وهو (ليوبولد فايس) قال: "إننا نتخطى نطاق هذا الكتاب إذا نحن أسهبنا في الكلام على وجه التفصيل في الأسلوب الدقيق الذي كان المحدثون الأوائل يستعملونه للتثبت من صحة كل حديث، ويكفي من أجل ما نحن هنا بصدده أن نقول: إنه نشأ من ذلك علم تام الفروع، غايته الوحيدة البحث في معاني أحاديث الرسول، وشكلها، وطريقة روايتها. ولقد استطاع هذا العلم في الناحية التاريخية أن يوجد سلسلة متماسكة لتراجم مفصلة لجميع الأشخاص الذين ذكروا عن أنهم رواة أو محدثون، إن تراجم هؤلاء الرجال والنساء قد خضعت لبحث دقيق من كل ناحية، ولم يعد منهم في الثقات إلا أولئك الذين كانت حياتهم وطريقة روايتهم للحديث تتفق تماما مع القواعد التي وضعها المحدثون، تلك القواعد التي تعتبر على أشد ما يمكن أن يكون من الدقة. فإذا اعترض أحد اليوم من أجل ذلك على صحة حديث بعينه أو على الحديث جملة، فإن عليه هو وحده أن يثبت ذلك".
| |
|
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: ミ◙ミ الشبهات المثارة حول السنة النبوية و تفنيدها ミ◙ミ الثلاثاء 24 يناير 2012, 9:53 pm | |
|
الشبهة التاسعة :
ومن شبهاتهم أيضآ أن نقد المحدثين إقتصر على نقد الإسناد ولم يشمل نقد المتون يقول غاستون ويت: "وقد درس رجال الحديث السنة بإتقان إلا أن تلك الدراسة كانت موجهة إلى السند ومعرفة الرجال والتقائهم وسماع بعضهم من بعض" ثم قال: "لقد نقل لنا الرواة حديث الرسول مشافهة ثم جَمَعَهُ الحُفَّاظ ودوَّنُوه إلا أن هؤلاء لم ينقدوا المتن لذلك لسنا متأكدين من أن الحديث قد وصلنا كما هو عن رسول الله من غير أن يضيف إليه الرواة شيئا عن حسن نية في أثناء روايتهم الحديث".
الرد على هذه الشبهة: لقد اهتم علماء الحديث اهتماما بالغا بدراسة متن الحديث واستوفوا تلك الدراسة وبذلوا قصارى جهدهم في العناية به بحيث لا يوجد مزيد على ما قدموه. ولقد كان الهدف الذي يسعون إليه من دراسة الإسناد ونقده وهو تمييز صحيح الحديث من ضعيفة وحماية السنة من العبث والكيد كان ذلك مرتبطا ارتباطا وثيقا بنقد المتن، وقد بينا أن توثيق الراوي لا يتم إلا بثبوت عدالته وضبطه، وهذا الأخير إنما يعرف بمقارنة مرويات الراوي مع مرويات الثقات الآخرين. ومن الثابت الذي لا جدال فيه عند المحدثين أن صحة إسناد الحديث لا تعني بالضرورة صحة الحديث لأن من شروط الصحيح ألا يكون شاذا ولا معللا والشذوذ والعلة يكونان في السند كما يكونان في المتن فقد يصح إسناد حديث ما ويكون في متنه علة قادحة تقدح في صحته وهكذا الشذوذ ولذا لم تكن دراستهم قاصرة على الأسانيد وإنما بحثوا في علل المتون وشذوذها وجمعت أبحاثهم هذه في علل المتون والأسانيد في مصنفاتهم من كتب العلل وهي كثيرة. ومن أجل ذلك نشأت علوم لا تكتفي بدراسة الإسناد بل تعني بدراسة الإسناد والمتن جميعا فمن ذلك: الحديث المقلوب، والمضطرب، والمدرج، والمعلل، والمصحف، والموضوع، وزيادة الثقة. كما أنشئت علوم تتعلق بدراسة المتن خاصة من ذلك غريب الحديث، أسباب وروده، ناسخه ومنسوخة، مشكله، ومحكمه. وفي هذا بذل المحدثون جهدا لا نظير له ولا مثيل ومن جهودهم في دراسة المتن ما وضعوه من علامات وضوابط يعرف بها وضع الحديث من غير رجوع إلى سنده من ذلك: 1ـ ركاكة اللفظ في المروي: فيدرك من له إلمام باللغة ومعرفتها أن ذلك لا يمكن أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم إذا صرح الراوي بأنه لفظه وإلا فمدار الركة على المعنى وإن لم ينضم إليها ركاكة اللفظ. 2ـ مخالفة الحديث لنص القرآن أو السنة المتواترة: فما يخالف القرآن كحديث: "مقدار الدنيا وإنها ... آلاف سنة" فهو مخالف لقوله تعالى: (يَسأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرسَاهَا قُل إِنَّمَا عِلمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَت فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ لَا تَأتِيكُم إِلَّا بَغتَةً يَسأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنهَا قُل إِنَّمَا عِلمُهَا عِندَ اللَّهِ) (34) . وما يخالف السنة كأحاديث مدح من اسمه محمد أو أحمد، وأن كل من يسمى بهذه الأسماء لا يدخل النار؛ والنار لا يجار منها بالأسماء والألقاب وإنما بالإيمان والعمل الصالح 3ـ ما اشتمل على مجازفات وإفراط في الثواب العظيم على الأمر الصغير، أو وعيد عظيم على فعل يسير: كحديث: من قال: لا إله إلا الله، خلق الله من تلك الكلمة طائرا له يقول الدكتور صبحي الصالح صاحب كتاب علوم الحديث و مصطلحه مؤكدا عدم تفرقة المحدثين بين السند والمتن في حكمهم على الحديث: "على أننا لا نرتكب الحماقة التي لا يزال المستشرقون، وتلامذتهم المخدوعون بعلمهم" الغزير" يرتكبونها كلما عرضوا للحديث النبوي، إذ يفصلون بين السند والمتن مثلما يفصل بين خصمين لا يلتقيان أو ضرتين لا تجتمعان، فمقاييس المحدثين في السند لا تفصل عن مقاييسهم في المتن إلا على سبيل التوضيح والتبويب والتقسيم، وإلا فالغالب على السند الصحيح أن ينتهي بالمتن الصحيح، والغالب على المتن المعقول المنطقي الذي لا يخالف الحس أن يرد عن طريق صحيح". فعلماء الحديث - رحمهم الله - درسوا متن الحديث دراسة وافية يعرف قدرها من نظر إلى مؤلفات القوم وما تركوه من ميراث عظيم سارت على ضوئه الأجيال، واعترف بذلك المنصفون، فلا عبرة بما قاله غاستون ويت، ولا بما قاله كل حاقد يريد شرا بديننا القويم فنحن المسلمون بحمد الله نثق في علمائنا الأجلاء ونقدر لهم جهودهم، ونشكر لهم ما بذلوه من جهود في خدمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ونشهد لهم بذلك وبسلامة منهجهم واستقامته ولا نلتفت إلى طعن الطاعن أو قول مبغض فيهم أبدا بل نكشف قوله ونرد كيده ونمحو أثره وصدق الله إذ يقول: (بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيلُ مِمَّا تَصِفُونَ) .
الشبهة العاشرة :
يقول المستشرق " ماكدونالد " وغيره من المستشرقين : "إن الأحاديث لا تنبني عليها الحقائق التاريخية، وإنها سجل مضطرب كثير الأغلاط التاريخية مما يدل على الوضع في الحديث .
الرد على هذه الشبهة : الذي يطالع دواوين السنة وخاصة "الصحيحين" يجد حشدا ضخما من الأحاديث النبوية التي تشير إلى وقائع وأحداث تاريخية ماضية كقصص الأنبياء والأمم السابقة وبدء الخلق كما أن هنالك كثيرا من الأحاديث التي تدل على أمور تحدث في المستقبل كأحاديث الفتن وغيرها وكثير من هذه الأحاديث صحيح وثابت تلقته الأمة بالقبول وصدقت بما جاء فيه وآمنت بكل ذلك لأن الذي نطق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عز وجل فيه: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى) (35) . وقد اعتمد علماء الأمة على تلك الأحاديث في بيان الحقائق التاريخية وإثباتها بل تعتبر عندهم من أقوى الأدلة بعد القرآن الكريم ولذلك ملئت بها كتب السير والتاريخ وحكموها في كثير من أخبار أهل الكتاب فقبلوا منها ما أيدته الأحاديث النبوية وردوا منها ما خالفته وتوقفوا فيما لم يرد شاهد من القرآن أو السنة عليه قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ) قال: "أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه". وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستندون في ذكر الحقائق التاريخية وتصويبها على ما جاء في كتاب الله وما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري بسنده إلى سعيد بن جبير قال: قُلتُ لِابنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوفًا البَكَالِيَّ يَزعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيسَ بِمُوسَى بَنِي إِسرَائِيلَ إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، فَقَال:َ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ! حَدَّثَنَا أُبَيُّ بنُ كَعبٍ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ( قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيهِ إِذ لَم يَرُدَّ العِلمَ إِلَيهِ، فَأَوحَى اللَّهُ إِلَيهِ: أَنَّ عَبدًا مِن عِبَادِي بِمَجمَعِ البَحرَينِ هُوَ أَعلَمُ مِنكَ...) . فقد استدل ابن عباس رضي الله عنهما على صدق الخبر وحقيقته بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وكذب بذلك نَوفًا، وتلك حقيقة تاريخية دل عليها الحديث. بل أكثر من ذلك فقد كانوا يلجئون إلى الأحاديث في فض النزاع إذا اختلفوا في حقيقة تاريخية كما يلجئون إليها في الأحكام. روى البخاري بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بنُ قَيسِ بنِ حِصنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بنُ كَعبٍ فَدَعَاهُ ابنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ؛ هَل سَمِعتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَذكُرُ شَأنَهُ؟ قَالَ: نَعَم سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (( بَينَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ ...) .
إذن نعلم يقينا بعد دحض هذه الشبهات التي أوردناها للمستشرقين و من شايعهم أنهم فشلوا فشلا ذريعا في جميع مطاعنهم التي وجهوها للسنة النبوية والتي وجهوها أيضا للمنهج النقدي للمحدثين وظهر عوار هؤلاء المستشرقين واختلال منهجهم العلمي في البحث .
| |
|
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| |