صحافة الأطفال (مقدّمة)
تعرّف صحافة الأطفال: بأنّها الصحافة المكتوبة (المحرّرة) خصيصاً للأطفال،
وفق مراحلهم العمرية المختلفة. يكتب موضوعاتها الكبار ويحرّرونها، وقد
يشترك الأطفال في كتابة بعض الزوايا والموضوعات الصغيرة.. ومع ذلك، تظلّ
صحيفة الأطفال ـ بوجه عام ـ من إنتاج الكبار، أي أنّها موجّهة من الكبار
إلى الصغار، بقصد تحقيق أهداف تربوية خاصة.
ويقال إنّ أول صحيفة عامة للأطفال، ظهرت في فرنسا ما بين عامي (1747 و1791)
باسم "صديق الأطفال" وأنشأها أديب لم يفصح عن اسمه. وقد تميّزت كتاباته
بالسهولة والرشاقة، نقل من خلالها إلى الأطفال الفرنسيين، قصص الأطفال في
البلدان الأخرى. وبذلك استطاعت هذه الصحيفة أن تسدّ فراغاً كبيراً في ميول
الأطفال، وأن تشبع رغبتهم في القراءة المسلية والممتعة، حيث يمارسونها
بحريتهم، وبعيداً عن المواعظ المدرسية والنصائح الأخلاقية التعليمية، وكانت
بالتالي بعثاً لحركة الكتابة للأطفال.
لكنّ أكثر الذين يتحدّثون عن نشأة صحافة الأطفال، يقولون: إنّ أول صحيفة
للأطفال في العالم، ظهرت في فرنسا عام 1830. وبعد فترة تزيد عن نصف قرن،
أصدر (بوليتزر) في الولايات المتحدة الأمريكية، ملحقاً لجريدته (العالم)
خاصاً بالأطفال، وذلك في نيويورك، وفي شباط من عام 1896. وضمّ الملحق
رسوماً لمغامرات طفل في شوارع نيويورك. واعتبر صدور هذا الملحق آنذاك،
نوعاً جديداً من الصحافة.
وفي عام 1915، أصدرت السيدة (بري) أول مجلّة للأطفال في إنكلترا باسم "روضة
المدرسة" وكانت أول مجلّة يقرؤها الأطفال ليجدوا فيها إمتاعاً غير موجود
في التلقين المدرسي. ومع تغيّر النظرة إلى الطفل والطفولة، أصبحت صحافة
الأطفال أداة من أدوات تثقيف الطفولة وتكوينها، علمياً ومعرفياً وسلوكياً،
أي تنشئتها تربوياً.
أمّا في العالم العربي، فيقال: إنّ أول صحيفة صدرت للأطفال باللغة العربية،
كانت في القاهرة عام 1870، وكانت من إنتاج الأطفال (التلاميذ) الأدبي،
الشعري والقصصي. وفي عام 1893، أصدر الزعيم الوطني المصري صحيفة للأطفال
باسم "المدرسة" تقدّم الموضوعات الأدبية والعلمية والوطنية. وبعد ثلاثة
عقود من ذلك، وفي العام 1923 على وجه التحديد، أصدرت (دار اللطائف) في
القاهرة، مجلّة "الأولاد" المصوّرة، حاولت أن تتميّز بها بالطابع العربي
المصري، الشرقي.
ومع بداية القرن العشرين، انتشرت مجلاّت الأطفال على نطاق واسع في العالم،
وفي بعض الدول العربية كمصر ولبنان، بينما لم تصدر مجلاّت للأطفال في كثير
من الدول العربية الأخرى، إلاّ بعد الستينات من القرن العشرين، ومنها سورية
التي صدرت فيها مجلّة "أسامة" عن وزارة الثقافة في عام 1969، وبعدها مجلّة
"الطلائع" في عام 1983. إضافة إلى تخصيص صفحة للطفولة في كلّ من صحيفتي
(الثورة وتشرين).
2ـ خصائص صحافة الأطفال:
تتميّز صحافة الأطفال بخصائص عدّة، تميزها من غيرها من أنواع الصحافة
الأخرى، التي توجّه إلى الشرائح الاجتماعية المختلفة، وذلك بالنظر إلى
طبيعة الجمهور الذي توجّه إليه صحافة الأطفال، وطبيعة هذه الصحافة
وأهدافها. وفيما يلي عرضاً موجزاً لأبرز هذه الخصائص.
2/1ـ تثقيف الأطفال وتعليمهم: تعدّ صحافة الأطفال
من المؤثّرات الثقافية التي تؤدّي دوراً مهمّاً في تثقيف الأطفال، وتشكيل
شخصياتهم، لأنها تسهم في توجيههم وإعلامهم وتعليمهم وإقناعهم، وتنمية
أذواقهم، وتكوين مجموعة من القيم والعادات لديهم، وبالتالي إشباع حاجاتهم
وتنمية ميولهم نحو القراءة، وإثراء لغتهم.
2/2ـ الاعتماد على الفنّ البصري: تعتمد صحافة
الأطفال على الكلمة المطبوعة والصورة واللون، في تعبيرها عن الأفكار
والحقائق، أي أنّها تجمع بين اللغة اللفظية المكتوبة وبينما يسمّى باللغة
غير اللفظية (اللغة البصرية). وتكمن أهميّة ذلك في أن الطفل ذاته (بصري
أولاً) أي أنّه يفكّر بواسطة الصورة البصرية قبل كل شيء.
2/3ـ الثراء والتنوّع: إنّ جاذبية صحافة الأطفال
وتنوّع موضوعاتها، يجعلها تشبع رغبات فئات الأطفال كلّها، وميولهم
وأذواقهم، لما تحتويه من معلومات وقصص (عادية ومسلسلة وترفيهية) وموضوعات
علمية وثقافية، وأبواب للهوايات، وغيرها من مصادر التنوّع التي تثري ثقافة
الطفل وتشبع حاجاته المعرفية المختلفة.
2/4ـ التشويق والجاذبية: وذلك نتيجة اختيار
الموضوعات التي تجذب الأطفال، والحكايات التي تشدّ انتباههم، وتتواصل مع
الطفل وتحقق رغباته، بما تحويه من صور ورسوم، وغلاف ملوّن. ويدخل في ذلك،
تعدّد الألوان الصاخبة، ولا سيّما إبراز اللونين: (الأحمر والأصفر)، مع
الألوان الأخرى، إلى جانب الكلمات القليلة، ممّا يجعلها زاهية ومشوّقة.
2/5ـ التواصل مع القارئ (الطفل): إنّ قارئ صحافة
الأطفال، لا تجذبه المعرفة فحسب، بل هو كائن ينمو ويتطوّر ويسعى للتواصل مع
صحيفته أو مجلّته لأنّها توفّر له ما يساعد هذا النمو (التطوّر).
ولذلك، تسعى صحافة الأطفال لإقامة علاقات التواصل مع الأطفال، ومدّ خطوط
الاتصال الدائمة والمستمرّة مع قرائها، سواء عن طريق الهدايا أو المسابقات،
أو فتح أبواب الكتابة لذوي المواهب منهم (الأطفال يكتبون).
2/6ـ الشخصيات المحبّبة للأطفال: تتميّز صحافة
الأطفال بوجود شخصيات يرتبط بها الطفل، ويتعامل معها كأصدقاء له وكمثل أعلى
(قدوة). ولذلك تأخذ مجلاّت الأطفال أسماء محبّبة للأطفال، مثل: (سندباد،
ماجد، سامر، سمير، سوبرمان، ميكي.. وغيرها).
3ـ فنون صحافة الأطفال:
إنّ صحافة الأطفال ذات خصوصية ثقافية وتربوية، تنطلق من طبيعة الجمهور الذي
تتوجّه إليه وتخاطبه، جمهور الأطفال الذين يختلفون في ميزاتهم وحاجاتهم،
من مرحلة نمائية (عمرية) إلى مرحلة أخرى. ولذلك، ثمّة ظروف خاصة ومعطيات
تفرض على صحافة الأطفال، أسلوباً في مخاطبة الأطفال.
ومن أبرز أنواع صحافة الأطفال (المجلات والجرائد). ولكن ثمّة صحف أخرى
كثيرة، منها ما يختص بمرحلة من مراحل الطفولة، ومنها ذات طابع فني تعنى
بشؤون الأفلام والمسرح والسينما وغيرها من الفنون التي تهمّ الأطفال..
ومجلاّت ذات طابع علمي.. كما توجد مجلاّت خاصة للمعوقين (العميان أو الصم
أو البكم).
يعتقد الكثيرون أن صحافة الأطفال تعتمد بشكل أساسي على موضوعات التسلية
والألغاز والأقوال الضاحكة والمسابقات، وهذا اعتقاد خاطئ لأنّه لا يستند
إلى أسس صحيحة. فصحافة الأطفال تستوعب ألواناً وصفية/ علمية وأدبية، كما
أنّ للطفولة ميزاتها وخصائصها التي لا يمكن للموضوعات المسلية والمضحكة
فحسب أن تلبيها.
إنّ مسؤولية صحافة الأطفال، إضافة إلى كونها وسيلة اتصال جماهيري، هي توسيع
دائرة معارف الطفل فيما يتعلّق بنواحي الحياة وألوانها المختلفة. فكلّ طفل
يحمل في أعماله روحاً شاعرية مرهفة، يستطيع من خلالها أن يرسم صوراً لكلّ
شيء حوله، سواء كان هذا الشيء كائناً جماداً/ ساكناً، أو كائناً حيّاً
متحرّكاً. ومن واجب صحافة الأطفال مساعدة الطفل في الحصول على الانطباعات
الجيّدة والمؤثّرة، في شخصيّته الحالية والمستقبلية، وذلك من خلال
الموضوعات المختلفة، ولا سيّما تلك التي تأتي بقوالب قصصية أو إخبارية أو
مقالية أو تحقيقات صحفية.
3/1ـ القصّة: إنّ الارتباط بين قراءة الأدب بشكل
عام، وقراءة القصة بشكل خاص، وبين نواحي النمو والحياة، يجعل القراءة تحتلّ
مركزاً هاماً في تفكير الكثيرين من المهتمين بتربية الطفل. فقد أظهرت
نتائج بحثية في هذا المجال، أنّ الأطفال الذين يقرأون قراءة ذاتية ـ في
مستواهم الخاص ـ بقطع النظر عن الصف الذي يدرسون فيه، يحقّقون قدراً من
النمو أكبر ممّا هو عند أقرانهم، الذين لا يقرأون كثيراً، أو الذين يقرأون
ضمن مجموعات لا تراعى فيها الفروق الفردية.
فعن طريق القراءة الذاتية/ الذكية، يستطيع الطفل أن يحقّق الاستقلال
التدريجي عن الكبار، ويعزّز ثقته بنفسه وبقدرته القرائية، حيث يتّخذها
وسيلة لتكوين ميول جديدة للحصول على معرفة جديدة. ومن هذا المنطلق، يدعو
القائمين على صحافة الأطفال، تقديم مجلّة للطفل يجد فيها متعة القراءة،
وفائدة ما يقرأ. أي أن يضع الكتّاب ما يريدون تقديمه في صحافة الأطفال في
الوعاء المناسب. ولعل الوعاء المناسب، أو الأنسب، الذي يصل إلى الطفل بصورة
محبّبة، ويثير اهتمامه هو القصّة.
ويمكن أن تقسم القصص التي تقدّم في صحافة الأطفال إلى: قصص المغامرات
والقصص البوليسية، وقصص الخيال العلمي والرجل الخارق، والقصص التاريخية
والحكايات التراثية/ الشعبية، وقصص الأحلام التي تدور حول التفوّق
والمستقبل الأفضل. وقد تقدّم القصة كاملة في عدد واحد من المجلّة أو في
أعداد متتالية، وعلى شكل مسلسل، يحتوي كلّ عدد على جزء أو فصل (مشهد) من
القصّة.
ومن هنا تستطيع القصّة المبسّطة التي تنشر في صحافة الأطفال، أن تؤدّي
دوراً هاماً في إيقاظ الوعي الثقافي والرغبة في زيادة الممارسات القرائية.
ولذلك عمدت بعض الصحف (المجلاّت) الخاصة بالأطفال، إلى تقديم الموضوعات
بأسلوب قصصي، عن الأبطال في سن الطفولة، والذين يقومون ببعض المغامرات
البطولية والتفوّق، سواء على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد الدراسي أو
على الصعيد الوطني.
3/2ـ التحقيق الصحفي: ثمّة تساؤلات كثيرة يطرحها
الأطفال حول كثير من الأمور الحياتية، الخاصة والعامة، لأنّهم لا يستطيعون
الوصول إليها وسبر أبعادها. ويأتي التحقيق الصحفي هنا، ليكون عاملاً هامّاً
في الإجابة عن العديد من هذه التساؤلات. وهنا تكمن صعوبة التحقيق الصحفي
المقدّم للأطفال، ووظيفته.
والصعوبة في التحقيق الصحفي للأطفال، تكمن في كيفيّة تقديم الجواب
(الأجوبة) للأطفال بلغة مشوّقة وبأسلوب سهل، وبطريقة مقبولة ومقنعة، عن
الأسرار والحقائق والمفهومات والقضايا الاجتماعية والأخلاقية.. وغيرها بحيث
يستطيعون من خلالها استجلاء الكثير ممّا يدور في آذانهم، ويزدادون إحاطة
بالبيئة والعالم. وهذا ما يتطلّب أن يكون التحقيق الصحفي الموجّه إلى
الأطفال، لوحة فنيّة/ بانورامية، تفسّر الوقائع والأحداث، بأسبابها
وأبعادها والمشاركين في صنعها.
ومن ميزات التحقيق الصحفي الجيّد، في صحافة الأطفال، قدرته على أن يقدّم
التفسيرات المناسبة لقدرات الأطفال، النفسية والعقلية والعاطفية
والاجتماعية، ولا سيّما أنّ هذا التحقيق، يتعامل عادة، مع المشكلات
والوقائع الحيّة (الواقعية). وقد يستعين التحقيق ببعض الصور التوضيحية، لكي
تكون المشاهد والحقائق المرافقة لها، والمحمولة بين طيّات التحقيق، أكثر
جاذبية وواقعية وإقناعاً.
ولئن تعدّدت أنواع التحقيق الصحفي المقدّم في صحافة الأطفال، لتشمل
التحقيقات التفسيرية والإرشادية والتعليمية والترفيهية، فإن القالب
(الوعاء) الأكثر ملاءمة لوضعها على صفحات المجلّة أو الجريدة، هو القصّة،
وتقديمه بالأسلوب القصصي.
3/3ـ الحديث الصحفي: إنّ الأحاديث الصحفية مع
الشخصيّات المحبّبة للأطفال، حول القضايا والأمور التي تتعلق بهم أو التي
تهمّ الأطفال، تستطيع أن تقدّم مادة ممتعة للأطفال، وتدفعهم إلى التمثّل
بهذه الشخصيات، وتجعلها قدوة لها. ولذلك تحرص صحف الأطفال على إجراء
الأحاديث الصحفية مع الشخصيات الناجحة اجتماعياً ودراسياً ومهنياً، لكي
تكون عوامل تحفيز للأطفال، وتعزيزاً للمواقف والسلوكات الحياتية المرغوبة.
والحديث الصحفي، ليس مجرّد أسئلة وأجوبة فحسب، وإنّما هو عملية حوار درامي
تفاعلي، تنكشف من خلاله الأفكار والانطباعات، ويكون بطلاه اثنان: المحرّر
الذي يجري الحوار، والشخصيّة التي يجري الحوار معها. وكلّما كان التواصل
بنّاء كان الحوار ناجحاً، واستطاع أن يقدّم للطفل القارئ صورة صادقة عن
موضوع الحديث بشكله ومضمونه.
ولذلك، يمتاز الحديث الصحفي الجيّد والجاذب، بحيويته وواقعيته، ويتمثّل ذلك
في عرض أفكار معيّنة وتوليد أفكار جديدة، وغربلة الحديث عن النصائح
والإرشادات المباشرة والمنفّرة، والتي تتنافى مع طبيعة الطفولة المرهفة،
وبالتالي تصوير الشخصيّة المُقابلَة تصويراً إيجابياً معبّراً، بحيث يشعر
الطفل وهو يقرأ الحديث في المجلّة أو الجريدة، وكأنّه مع هذه الشخصيّة
وجهاً لوجه. وهذا من صفات الحديث الصحفي القادر على التأثير في جماهير
الأطفال، وتحقيق الأهداف المتوخاة منه.
3/4ـ المقالة الصحفيّة: إنّ المقال الصحفي
المقدّم للأطفال، لا يرتبط بقالب تعبيري محدّد، ولا يلتزم شكلاً أدبياً
معيّناً.. وأبرز ما يميّز هذا المقال، أنّه يخاطب الطفل مخاطبة الصديق
للصديق، حيث ينقل له الفكرة أو الرأي أو المعلومة بسرعة رشيقة وهدوء لطيف،
وكأنّ ثمّة علاقة حميمية تربط بين الكاتب والطفل، مهّدت للكاتب أن يتحدّث
إلى الطفل حديثاً ودّياً مباشراً.
وللمقال الصحفي الموجّه للأطفال أنواع متعدّدة، منها مقالات الاعتراف التي
تتضمّن خواطر أو طرائف أو حوادث تهمّ الأطفال، أو مقالات نقدية
(كاريكاتيرية) تجسّد آراء أو مفهومات معيّنة، وتتمتّع بقوة الجاذبية
وبالسرعة والسخرية. وهذا ما يجعلها مقبولة لدى الأطفال، كمادة إعلامية/
ترفيهية وتثقيفية. وهناك المقال العلمي الذي يستمد مادته من العلوم العامة
المختلفة، ويجد الأطفال فيه الأفكار والحقائق والبراهين، التي تزيد من
معارفهم وخبراتهم.
وثمّة مقالات أدبية تعالج الأنواع المختلفة من أدب الأطفال، وتسهم في تنمية
خيال الطفل وقوّة الإبداع لديه. كما تعوّده طرائق التفكير العقلاني، وتغرس
في نفسه مشاعر الخير والنبل، وتعزّز القيم الاجتماعية والأخلاقية الأصيلة،
إضافة إلى إغناء ثروته اللغوية، وإثارة روح التذوّق الأدبي، ولا سيّما في
توظيف القصة والشعر.
3/5ـ الصور والرسوم: ليست الصور والرسوم من
العناصر الإخراجية فحسب، في صحافة الأطفال، وإنّما هي مادة صحفية أساسية
حيّة وذات قيمة كبيرة /إعلامية وثقافية وجمالية/. وقد تتفوّق في تأثيراتها
على المادة المكتوبة، في بعض الأحيان، ولذلك لم يقتصر استخدامها على
الناحية الجمالية فحسب، بل يتعدّاها إلى النواحي التعبيرية والتوضيحية
والتشويقية.
إنّ الرسوم الجميلة الملوّنة التي ترافق موضوعات صحافة الأطفال، وتزيّن
صفحاتها، تربّي الذوق الفني عند الطفل وتلفت نظره إلى مواطن الجمال فيها.
كما تعين خياله على الانطلاق الرحب، وتشكّل لديه صوراً ذهنية عن المواقف
والأفكار والقيم المعالجة في المواد الصحفية.
وتعتمد الرسوم والصور في صحافة الأطفال، على عناصر التشويق والإثارة
البصرية من جهة، وعلى قدرة الطفل العقلية من جهة أخرى، إضافة إلى المستوى
الثقافي للطفل، لأنّ فهم معاني الرسم ودلالاته (الفنيّة والفكرية) يرتبط
إلى حدّ بعيد، بثقافة الطفل الذي يتعامل مع هذه اللغة الفنيّة، شأنه في ذلك
شأن اللغة اللفظية، من حيث الفهم والاستيعاب والتوظيف الجيّد.
وتأسيساً على ما سبق عرضه، يمكن القول: إنّ أية قضية تهمّ الأطفال، أو
موضوع يثير اهتماماتهم، يصلح لأن يكون مادة في صحافة الأطفال، وبالشكل الذي
يناسب تقديمه. والمخرج الصحفي /الفنان/ هو الذي يحوّل المادة الأولية، إلى
مادة مطبوعة نابضة بالحيوية والجاذبية، من خلال توزيعها في وحدات متناسقة
على الصفحات البيضاء، ليجعل منها في نهاية المطاف، لوحة فنيّة متكاملة
بعناصرها الإعلامية والثقافية والتربوية، تتناسب مع قدرات الطفل في استخدام
بصره وبصيرته، فتيسّر له متعة القراءة وتنمّي قابليته على التذوّق الجمالي
والأدبي.