عندما يكون الحديث عن الدعاء ،من الجميل أن نستحضر قصص الأنبياء ،والصالحين ،وتفاعلهم مع الدعاء ،فرغم قربهم من خالقهم ،لم يفتروا عن الدعاء ،وتحقق لهم المأمول لننظر في سورة آل عمران مثلا قال تعالى (إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحًۭا وَءَالَ إِبْرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمْرَٰنَ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿33﴾ ذُرِّيَّةًۢ بَعْضُهَا مِنۢ بَعْضٍۢ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿34﴾ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَٰنَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًۭا فَتَقَبَّلْ مِنِّىٓ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴿35﴾ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّىٓ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ ٱلرَّجِيمِ ﴿36﴾ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍۢ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًۭا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًۭا ۖ قَالَ يَـٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿37﴾
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةًۭ طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌۭ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًۢا بِكَلِمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًۭا وَحَصُورًۭا وَنَبِيًّۭا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ
إنهم هنا دعوا الله ،مستحضرين أنه السميع العليم ولك أن تلحظ اسم السميع في كل دعاء من ماسبق ،فعلى المسلم عند دعاءه ،يدرك ويستحضر أن الله هو السميع العليم ،ومادام يدعو السميع العليم فليوقن بالإجابة ،كذلك تلحظ لفظ المحراب هنا ،والمحراب له علاقته الوثيقة بالصلاة ،والصلاة دعاء ،وفيها السجود ،الذي بين صلى الله عليه وسلم أنه غاية القرب ،وأدعى للإستجابة ،وفي الدعاء كذلك لنا أن نفرق بين المناداة ،والمناجاة ،خصوصا إذا عرفنا أنه جاء في تفسير قوله تعالى ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلّهُمْ يَرْشُدُونَ) [سورة: البقرة - الأية: 186]
( عني ) : أي : عن قربي وبعدي إذ ليس السؤال عن ذاته تعالى (فإني قريب) أي : فقل لهم ذلك بأن تخبر عن القرب بأي طريق كان والقرب حقيقة في القرب المكاني المنزه عنه تعالى، ولكن السؤال ألأتكون المناداة بمعنى الإلحاح في الدعاء ‘خصوصا إذا استحضرنا دعاء الرسل عليهم السلام ،ودعاء يونس في بطن الحوت .
ونوحاإذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه و أهله من الكرب
العظيم× ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا انهم كانوا قوم
سوء فأغرقناهم اجمعين×
و أيوب اذ نادى ربه اني مسني الضر و انت ارحم الراحمين×
فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه اءهله ومثلهممعهم
رحمة من عندنا وذكرى للعابدين×
وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في
الظلمات اءن لا اله الا اءنت سبحانك إني كنت من
الظالمين×فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي
المؤمنين× وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير
الوارثين×فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم
كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا
لنا خاشعين)((4)). إذن التفاعل فعل الدعاء ،واستحضار الإجابة ،وكانها حقيقة ماثلة ،وإذا لم تأت الإستجابة فقد إدخر لنا الأجر ،أو دفع السوء .