جلسة لقرع الطبول تفتح باباً إلى العالم الآخر
كنت أقيم في مدينة صغيرة في المملكة المتحدة وهي مدينة تصبح فيها الحياة شبه معدومة بعد الساعة السابعة مساءً ولذلك حرصت على أن أقوم ببعض النشاطات التي تملأ الفراغ وتحقق بعض المتعة. ومن هذه النشاطات التي كنت أقوم بها العزف على الطبول الأفريقية كل يوم أربعاء حيث نبدأ العزف من الساعة السابعة إلى التاسعة. عادة ما يكون العزف جماعياً حيث تصف الطبول على شكل دائري وتشعل الشموع والبخور في المنتصف وتطفأ الأنوار الكهربائية ويبدأ الجميع بالعزف، كلاً بحسب دوره ، كان هذا النشاط هو الأروع في البداية، فهو يأخذني إلى قلب أفريقية وسحرها القبلي، ولكن نظرتي تغيرت بعد هذه الحادثة:
- في أحد الأيام من شهر نوفمبر 2009 قررت المشرفة على الدروس أن تزيد مدة العزف لمدة ساعة أي من التاسعة وحتى العاشرة وأن تكون فترة عزف متقدم قررت البقاء وفعلاً كان العزف أصعب ولكننا وجدنا طريقنا جميعاً إلى أن نتقن المعزوفة وبدأ الإيقاع يظهر ويزداد قوة وسط الظلام وعلى أضواء الشموع. وبعد نصف ساعة من العزف المتواصل وغير المنقطع بدأت أسمع صوتاً غريبة، في بادئ الأمر حسبت أن الصوت صادر من الخارج فنظرت من النافذة لأتأكد ولكن لم أجد شيئاً ثم تابعت العزف ولكن الصوت استمر بل ازداد قوة ووضوحاً وهو صوت خربشة وصراخ خافت ، عندها حسبت أن الصوت يصدر من السقف من ورائي فنظرت للأعلى فلم أجد شيئاً، وتطلعت إلى زميلتي التي تعزف بجانبي فوجدت أنها تحدق إلى الخلف وهي تتابع العزف، ولما ازدادت قوة الصوت بدا كأنه أصوات وحشية غاضبة. ثم توقفت لبرهة و قرأت سورة من القرآن واستعذت بالله ظناً مني أنني أهلوس وبعد خمسة دقائق انتهت الجلسة وبدأنا بحزم أغراضنا وتوضيب المكان ولم أخجل من أن أسأل صديقتي:"هل سمعت شيئاً غريبا ً؟" ، فردت بأنها سمعت فعلاً صوتاً غريباً وتعتقد بأن "أحدهم" دخل علينا من الباب ثم توجه ليقف وراءها مع أنها تجد شيئاً عندما نظرت وراءها! ، وأثناء حديثنا سمعتنا فتاة أخرى فقالت:"هل تتحدثون عن أصوات غريبة ؟ "، فقلنا :"نعم" ، فردت :"الحمد لله!! حسبت أنني أصبت بالخرف..فقد سمعت أيضاً أصوات أطفال تبكي !".
- إذاً لم أكن الوحيد ! ، هرعت إلى مشرفة الجلسة والتي كانت تقف في الخارج وأخبرتها عما جرى، فإذا بها تطير من الفرح وهي تقول : "وأخيراً..."، فقلت لها مستغرباً عدم قلقلها:"مالذي يفرحك في ذلك ؟؟"، فقالت أن هذه الظاهرة قد تكون أحد الأرواح المقدسة والتي جاءت لتشاركنا جلستنا رغم أن ذلك نادر الحدوث وأنني أحد المحظوظين القلائل الذين عاشوا تلك التجربة ، فقلت لها:"أن هذا أمر مخيف لأنه إن كانت هنالك أية روح فعلاً فهي غاضبة لأن كل من سمعها سمع بكاء أوغضباً ، وبما أنني مسلم فأتحصن بقراءة المعوذات من القرآن الكريم"، شعرت أنها انزعجت من قولي، وهكذا عدت إلى المنزل وأنا أقرأ القرآن وأفكر بغرابة ما جرى.
البحث في الظاهرة
لدى وصولي إلى المنزل قمت بالبحث الشاق والطويل في مواقع الانترنت، وأخيراً وصلت إلى صفحة تتكلم عن قرع الطبول في حلقات في أمريكا الشمالية حيث أن السكان الأصليين وبعد عدة ساعات من العزف كانوا يسمعون حيوانات تعوي وتصرخ رغم عدم وجود أي منها حولهم. كما أن للبعض تجاربه الشخصية فمنهم من رأى مخلوقات ومنهم من سمع أصوات عديدة.
تفسيرات متنوعة
عزى معظم معارفي من المسلمين هذه الظاهرة إلى الجن حتى أن بعضهم إتهم مشرفة الجلسة باستغلال تواجدنا لإقامة جلسة لإستحضار الأرواح على الرغم من أن الإسلام لم يحرم قرع الطبول وبصراحة لم أقتنع كثيراً بذلك التفسير أما الذين أعرفهم من الملحدين الغربيين أو من غير المسلمين فيعتقدون بأننا قمنا في تلك الليلة بفتح الباب بيننا وبين العالم الآخر المواز لنا. في حين أن معارفي من العلمانيين قالوا أن هذه ظاهرة علمية مردها ارتداد أمواج الصوت وتراكبها وهو التفسير الأكثر قرباً من الناحية المنطقية.
نصيحة
كتجربة شخصية أنصح الجميع بعدم مزاولة أية نشاط قبل أن يتأكد من منظمي هذا النشاط ، ماهو الغاية منه ؟! وما هي مفرداته؟! أما أنا فقد عدت إلى هذا النشاط ولكنني لم أعد أرتاد الدروس المتقدمة، ,وأخيراً أنا إنسان علماني ومؤمن بالله وأحاول دائماً تجنب التفسيرات االمستندة على الأرواح وعالم الخيال ولكني أقسم ثلاثاُ بحقيقة ما ذكر آنفاَ حيث لن أنسى ما حصل معي أبداً.