أكثر من 165 مليون جهاز محمول يشغلها وقد تزيح أجهزة عرض الخرائط التقليدية
آلاف من رجال الاعمال الذين يتنقلون من مدينة، او دولة، لأخرى ويقطعون عشرات آلاف الكيلومترات لا يطيقون ان يضيعوا اتجاهاتهم عندما يكونون على الطرقات. وحالما تهبط بهم الطائرة فإنهم يتوجهون الى زبائنهم، باستئجار سيارة خاصة بهم.
وغالبية المهنيين من هذا النوع يعتمدون على اجهزة الملاحة المركبة في لوحات القيادة في السيارات، الا ان العديد منهم قرروا في الآونة الاخيرة التخلي عن هذه الاجهزة المخصصة للملاحة فقط، مفضلين عليها خدمات الخرائط المبيتة داخل اجهزة "بلاك بيري" المحمولة، اذ انها ملائمة اكثر للحصول على كل شيء، وهي مركبة ضمن جهاز واحد. وتؤمن شركات اميركية مثل "تيلي ناف" خدمات من هذا القبيل بكلفة قليلة تبلغ 10 دولارات شهرية فقط. وهي توفر صورا لمنعطف بعد منعطف على خريطة الشاشة مباشرة في الهواتف الجوالة و"بلاك بيري" مع جميع المعلومات الاخرى التي لها علاقة بالسفر عبر الشبكة اللاسلكية "تي" التي تملكها شركة "أيه تي أند تي". ومجموع رسوم الخدمة هذه تصل الى 240 دولارا بموجب عقد مدته سنتان. وهو مبلغ اقل من 350 دولارا تقريبا الذي ينبغي انفاقه لتسديد ثمن جهاز اساسي للملاحة يركب في السيارة. وهذه الخدمة تقلل من عدد الاجهزة الواجب استخدامها عادة للحصول على الخرائط والمعلومات.
* خدمات ملاحية
* ويؤدي ازدياد شعبية هذه الخدمات الى مزيد من التطويرات لها من قبل "تيلي ناف" ومقرها صنيفيل في ولاية كاليفورنيا وكذلك من قبل شركة اخرى هي "نيتوركس إن موشن" ومقرها مدينة سياتل. وهاتان هما الشركتان الرئيسيتان في اميركا الشمالية اللتان تقدمان الخدمات الملاحية عبر الهواتف الجوالة. كما ان هذه الخدمة تعزز موقع شركات الخدمات اللاسلكية بما فيها "أيه تي أند تي" و"فيريزون وايرليس" و"سبرينت نيكستيل" التي انفقت مليارات الدولارات لتأسيس الشبكات القادرة على تقديم خدمات المعلومات والبيانات المتطورة. ويقدر الباحثون في مؤسسة" آي سبلاي" انه جرى بيع نحو 1.1 مليار جهاز يدوي في العام الحالي، منها نحو 165 مليونا، اي بنسبة 15 في المئة، بمقدورها تشغيل خدمات ملاحية، وذلك مقارنة بـ110 ملايين هاتف جوال جاهزة للخدمات الملاحية بيعت في العام الماضي. الا ان زيادة شعبية الملاحة عن طريق الهواتف الجوالة ربما لا يمثل مكسبا لشركات مثل "غارمن" و"توم توم" التي حصدت المليارات من الدولارات من مبيع اجهزة الملاحة الشخصية البحته (PNDs) personal navigation devices والاجهزة الملاحية التي تركب على لوحات القيادة في السيارات.
وتقوم "نيتوركس إن موشن" بتقديم الخدمات الملاحية الى كل من "فيريزون وايرليس" التي هي ثمرة تعاون مشترك بين "فيريزون كوميونيكيشنس" (VZ) و"فودافون" (VOD). ويقول كبير المديرين التنفيذيين في "نيتوركس إن موشن" دوغ انتوني ان الامر استغرق 15 شهرا من التسويق للحصول على مليون واحد من المشتركين، وتجاوز الرقم عتبة المليوني مشترك تقريبا بعد مضي ثلاثة اشهر اخرى. واضافة الى "أيه تي أند تي" اكبر الشركات الاميركية للهاتف الجوال، فإن شركة "تيلي ناف" تقدم خدماتها ايضا الى "سبرينت" و"تي-موبايل" (DT) و"التيل" (AT). ويقول اتش. بي. جين كبير المديرين التنفيذيين في "تيلي ناف" ان العدد في قائمة مشتركيه يفوق المليونين.
* عائدات كبيرة ومثل هذه الارقام قد تعني عائدات شهرية عالية للشركات التي تقدم الخدمات اللاسلكية. ويقول ديفيد جيل المحلل في "تيليفيا" انه من اصل 200 مليون دولار التي سينفقها المستهلكون هذا العام على الخدمات اللاسلكية التي تعتمد على تحديد الامكنة والمواقع مثل تلك التي تساعد الاباء والامهات على تعقب اطفالهم سيجري انفاق 87 في المئة منها على الملاحة. وعندما تطرح الالعاب واصوات رنين الهاتف التي لا تولد اي ارباح متكررة بعد شرائها، تبقى الملاحة العنصر البارز في هذا الصعيد، كما ذكرت مجلة "بيزنيس ويك" الالكترونية..
وتقول "فيريزون وايرليس" ان عائدات المعلومات ارتفعت بنسبة 70 في المئة في الربع الثاني مقارنة بالعام السابق مساهمة بنحو 1.8 مليار دولار في مجموع العائدات اللاسلكية التي تبلغ 10.8 مليار دولار. وذكر ناطق بلسان "فيريزون" ان شركته لا تجزئ العائدات على صعيد المنتج، لكنها تصنف مبيعات الخدمات الملاحية "في زد نافيغيتور" على انها جيدة وممتازة. وذكرت "أيه تي أند تي" في يوليو الماضي ان مبيعات ارسال المعلومات والبيانات لاسلكيا نمت بنسبة 67 في المئة تقريبا، في حين ذكرت "سبرينت" ان عملياتها في حقل نقل المعلومات والبيانات نمت بنسبة 40 في المئة في الربع الاخير. ولم تعز "أيه تي أند تي" ولا "تي-موبايل" النمو الحاصل لكل منها الى الملاحة، لكن جيل يقول ان شعبية الخدمات الملاحية اظهرت نموا مفاجئا في الربعين الى الثلاثة ارباع الاخيرة.
* توقعات واعدة
* ويقول المحللون انه من المتوقع ظهور المزيد من الخدمات الملاحية في الاشهر المقبلة، "لانهم وجدوا فيها تطبيقا ثابتا ومستمرا" على حد قول جين من "تيلي ناف"، فالجميع قادر على تفهم المنتج لكون الملاحة حاجة اساسية، فحال تجربته يكونون مستعدين لتسديد ثمنه فورا. ومع ذلك فان اقناع المستخدمين لكي يقوموا بتجربة الملاحة التي اساسها الهاتف، ليس امرا سهلا، اذ يقول انتوني من "نيتوركس ان موشن" ان بعض الشركات وجدت ان نسبة 30 في المئة فقط من قاعدة مستخدميها يدركون انهم قادرون على تنزيل تطبيقات الى هاتفهم. "والذي نحتاجه هو جعل هذا التطبيق اكثر سهولة على الاكتشاف" على حد قوله. واضاف "ان هذا ما سيحدث خلال الاشهر القليلة المقبلة". واعلن انه لتمهيد الطريق سيجري تقديم المزيد من التجارب المجانية للمستخدمين، وعندما كان يحدث هذا فان نحو 30 في المئة من هؤلاء كانوا يحتفظون بالجهاز الذي يجربونه ويسددون ثمنه، اي ضعف نسبة ما كان يحصل بالنسبة الى التطبيقات الاخرى. ولكن ما أثر كل ذلك على "غارمن"؟ يجيب على ذلك ناطق بلسانها في مقر الشركة في اولنثي في ولاية كانساس في اميركا ان الشركة تقدم خدمتها الخاصة من الملاحة على الهواتف الجوالة، لكنه اضاف ان اغلبية المستهلكين يفضلون الشاشات الكبيرة الموجودة عادة في اجهزة PND، او جهاز مخصص لهذه الخدمة فقط مصمم ليبقى في السيارة. والاكيد ان "غارمن" و"توم توم" من هولندا والشركات الاخرى مثل "ماجيلان نيفيغيشن" ستحصد 6.7 مليار دولار من المبيعات في العام الحالي انطلاقا من 2.7 مليار في عام 2005. والمكاسب مثل هذه جعلت المستثمرين يعززون اسهم شركة "غارمن" لتصل الى 106.77 دولار قبل اسبوعين بعدما كانت 8.84 دولار قبل خمس سنوات. كما ارتفعت اسهم شركة "توم توم" قبل اسبوعين الى 52.25 يورو انطلاقا من 19 دولارا، وهو السعر الذي كانت عليه في مايو 2005.
ومع ذلك فان اسعار PND شرعت تنخفض كما اشار أرون هيوسك المحلل في "مورغان ستانلي" قبل ثلاثة اسابيع الذي قال انه يرى "خطورة محتملة" في مبيعات "غارمن" في الربع الثالث من العام الحالي على الرغم من انه لا يعتبر الملاحة التي تعتمد على الهواتف الجوالة مصدر تهديد. لكن مثل هذا الامر قد يتغير في الاشهر المقبلة اذا استمر رجال الاعمال في قراءة الخرائط على اجهزتهم الهاتفية بدلا من PND، والاجهزة الاخرى المركبة على لوحات القيادة في السيارات.