الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في حكم إخراج تراب الحرم وحجارته إلى الحل، فذهب بعض الشافعية إلى التحريم، وذهب أكثرهم إلى الكراهة وهو قول الحنابلة، وقال بعض العلماء بالجواز وهو قول أبي حنيفة، والمنقول عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم كراهة ذلك، فالقول بالكراهة أرجح إن شاء الله.
قال في مرعاة المفاتيح: قال القاري: يحرم على الأصح عند الشافعية وأكثرهم على الكراهة نقل تراب الحرم وحجره إلى غيره ولو إلى حرم المدينة، كما يمنع نقل تراب حرم المدينة وحجره إلى غيره ولو إلى حرم مكة. انتهى.
وقال ابن جاسر في مفيد الأنام: قال الإمام أحمد: لا يخرج من تراب المدينة، كذلك قال ابن عمر وابن عباس. ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل. قال في المنتهى: وكره إخراج تراب الحرم وحجارته إلى الحل. انتهى.
وقال المحب الطبري في القرى: روي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيء. أخرجه الشافعي، وقال: قال غير واحد من أهل العلم: لا ينبغي أن يخرج شيء من الحرم إلى غيره، وقال أبو حنيفة: لا بأس، وعن عطاء أنه كان يكره أن يخرج تراب الحرم إلى الحل، أو يدخل تراب الحل إلى الحرم. أخرجه سعيد بن منصور. انتهى كلام المباركفوري رحمه الله.
وفي شرح المنتهى للبهوتي رحمه الله: وكره إخراج تراب الحرم وإخراج حجارته إلى الحل نصاً، قال -أي الإمام أحمد رحمه الله- لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل من الحل كذلك، قال ابن عمر وابن عباس: ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل، والخروج أشد كراهة. انتهى.
وفي شرح المهذب لأبي زكريا النووي رحمه الله: فحصل خلاف للأصحاب في أن إخراجهما مكروه أو حرام، قال المحاملي وغيره: فإن أخرجه فلا ضمان. قال الماوردي وغيره: وإذا أخرجه فعليه رده إلى الحرم، قال الشيخ أبو حامد في موضع آخر وهو آخر الحج من تعليقه: ذكر الشافعي هذه المسألة في الآمالي القديمة وعللها بأن الحرم بقعة تخالف سائر البقاع ولها شرف على غيرها بدليل اختصاص النسكين بها ووجوب الجزاء في صيدها فلا تفوت هذه الحرمة لترابها.
والله أعلم.