[•◊•] الجماعة Community [•◊•]

الجماعة Community

الجماعة

تتصف الجماعات الإنسانية بأنها تقوم على عنصرين أساسيين: هما الأفراد المكونون لها، والعلاقات التي تنظم الروابط بينهم، وفي الوقت الذي تشترك فيه الجماعات الإنسانية باجتماع الأفراد المكونين لها، فإن العلاقات التي تنظم الروابط بينهم تكسب الجماعة هويتها وشخصيتها، وتميزها من غيرها من الجماعات.

الجماعة community: على الرغم من استخدام كلمة «جماعة» في كتابات أفلاطون وأرسطو، غير أن دراسة الجماعات لم تتخذ مساراً علمياً إلا في بداية القرن العشرين، حين نظر الباحثون إلى الجماعة على أنها وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة من الأفراد (ثلاثة أشخاص فأكثر) تربطهم علاقات اجتماعية متنوعة، ويحدث بينهم تفاعل اجتماعي متبادل، فيؤثر بعضهم في بعضهم الآخر، كما يعتمد كل منهم على غيره. وتتميز الجماعة بجملة المعايير والمعتقدات والقيم والدوافع والعادات التي تؤثر في سلوك الأفراد، وغالباً مصير مشترك ومصالح واحدة أو متقاربة يتحركون دائماً لتحقيقها وفق معايير الجماعة وقيمها بهدف إشباع حاجاتهم ورغباتهم وسعياً لتحقيق أهداف الجماعة ذاتها. وتسهم وحدة اللغة في توفير شروط التفاعل الاجتماعي الذي يُميز الجماعة الإنسانية عن غيرها من الجماعات الأخرى.

المجتمع Society: توصف العلاقات التي تنظم الروابط بين أفراد المجتمع بأنها أكثر تعقيداً، وأشد تنوعاً. ويؤلف المجتمع جماعات إنسانية عديدة ومتداخلة في وظائفها بالنسبة إلى كل فرد من الأفراد، الأمر الذي يظهره تعدد الأدوار لكل فرد، الذي قد يكون رب أسرة ومدير مؤسسة وعضواً في النقابة وغير ذلك من الأدوار. كما توصف الجماعات في التنظيم الاجتماعي الواحد بأنها ذات أهداف متباينة وأغراض متنوعة، تتوافق أحياناً وتتعارض أحياناً أخرى.

الجمعية أو الاتحاد Association: تنظيم يجمع شخصين على الأقل أو أكثر بطريقة تجعل لكل منهم إسهاماً عملياً ودوراً محدداً لتحقيق غاية محددة. وغالباً ما يأتي هذا التنظيم على شكل عقد صريح أو مضمر تتضح فيه الأدوار المنوطة بكل فرد، وتشكل الأساس لانتمائه إلى هذا التنظيم.

أشكال الجماعات وخصائصها

يصنف الباحثون الجماعات الإنسانية وفق معايير عديدة، تبعاً للعوامل المؤثرة فيها تارة، وتبعاً للوظائف المنوطة بها فيما يتعلق بالفرد تارة أخرى. ويمكن التمييز بين أنواع عدَّة منها:

- الجماعات التلقائية الطبيعية Spontaneous Groups: وهي جماعات تتكون طبيعياً أو تلقائياً بسبب نزوع الفرد وميله الطبيعي للتجمع مع أفراد آخرين وحاجته للاستقرار والأمن، كانضمامه إلى أبناء جنسه عندما يشعر بخطر يهدد حياته، أو انضمامه إلى مجموعات قريبة منه يمكن أن تحميه من تلك المخاطر، وتأتي في هذا النوع تجمعات الحشد الذي يتشكل دون ترتيب مسبق، حيث يتواجد الأفراد إثر حادث طارئ يتطلب تضافرهم وتراص بعضهم إلى بعضهم الآخر.

- الجماعات المنظمة Organized: هي أيضاً على أنواع، نذكر منها:

أ- الجماعات الدينية: يُستعمل تعبير الجماعات الدينية بمعنيين، أولهما يدل على الجماعات المتميزة بعقائدها الدينية والتشريعية التي تأخذ بها، وتدين بمبادئها، ويدل الثاني على الجماعات المتميزة بانتماءاتها الطائفية ضمن الدين الواحد أو العقيدة الواحدة. وغالباً ما يتشابه أبناء الدين الواحد أو الطائفة الواحدة في مجموعة من التقاليد والقيم والمعايير المحددة لأنماط السلوك الاجتماعي.

ب- الجماعات الصناعية: جماعة مميزة تتضح مع تطور الموقع الذي تشغله الصناعة في الإنتاج والبنى الاقتصادية.

ج- الجماعات التعاونية: مؤسسة جماعية يتساوى فيها الأعضاء في الحقوق والواجبات، ويضعون العمل ورأس المال من أجل تلبية حاجاتهم دون أن يتعلق ذلك بآلية السوق والبحث عن المنفعة أيضاً.

د- الجماعات الخيرية: مؤسسة مميزة بإسهامها، إما بأعمالها أو بمنحها المالية، في تحسين شروط حياة الناس.

هـ- الجماعات الضاغطة: تنظيمات مهنية مثل النقابات، تمثل مصالح طبقة معينة تملك ما تهدد به الحكومة: كالإضراب العام أو تدعو أعضاءها إلى مواقف حازمة تؤثر في بقاء الحكومة في الحكم، ومن ثم تعمل لها الحكومات حساباً خاصاً بغية تحقيق مطالبها.

- الجماعة المرجعية Referential: هي جماعة يرجع إليها الفرد في تقويم سلوكه الاجتماعي، ويسعى لربط نفسه بها، ويخضع لضبطها الاجتماعي ومعاييرها، وهي تختلف فيما يتعلق بالفرد باختلاف عمره، ومواقع عمله وسكنه، وهي تضم مجموعة الأشخاص الذين يحيطون بالفرد في مدة زمنية محددة، ويؤثرون في سلوكه وقيمه بمعايير التفاضل الاجتماعي السائدة بينهم.

- الجماعة الأولية Primary: تجمع بين أفرادها أواصر الصداقة والحب والمعرفة الشخصية، وتربطهم ببعضهم علاقات مباشرة وثيقة، وغالباً ما يعيش أفراد الجماعة مع بعضهم بعضاً، ويتفاعلون ويستجيبون مباشرةً لبعضهم، مثل أفراد الأسرة الواحدة.

- الجماعة الثانوية Secondary: هي جماعات كبيرة إلى حد ما لا يتوافر بين أعضائها الاتصال الشخصي، ويقل فيها الشعور بالتعاطف بين الأفراد، ويغلب على علاقات أعضائها الطابع غير الشخصي، ومثلها أبناء الحي الواحد أو المدينة الصغيرة أو القرية المحدودة.

- الجماعة الرسمية Formal: هي جماعة تتكون في المنظمات الرسمية لتحقيق أهداف معينة ترتبط بمصلحة تلك المنظمة، ويتم إنشاؤها بقرار من سلطة رسمية أو قانون، وفيها يحدد دور الفرد وفقاً لطبيعة وظيفته، كما يبدو فيها تقسيم العمل بوضوح.

- الجماعات غير الرسمية Informal: هي جماعة تتكون داخل المنظمة الاجتماعية تلقائياً نتيجة لتواجد الأفراد في مكان واحد مدةً طويلة، وهي تجمع أفراداً معينين في ترابط اجتماعي وعلاقات إنسانية من أجل إرضاء حاجاتهم المختلفة، كالجماعة المبنية على أساس القرابة أو الدين أو الجنسية أو العرق ضمن مؤسسات تتنوع فيها مكوناتها.

- الجمهور Public: يُستخدم تعبير الجمهور بمعنيين، عام وخاص، أما المعنى العام فيُستخدم للدلالة على مجموعة الأفراد الذين ينتمون إلى جنس واحد، ويحتلون مساحة أو فضاء محدد في وقت من الأوقات. إن دراسة الجماهير من بعض المقاييس وتطور هذه المقاييس مثلاً: أبنيتها العامة هي التي تكون ما يُسمى بالسكان أو حركة الشعوب. وأدى العلماء الديمغرافيون دوراً كبيراً في دراسة الجماهير إحصائياً. ويُطلق مفهوم الجمهور بالمعنى الخاص على شريحة اجتماعية محددة تجمعها صفة أو مجموعة صفات، كأن يُقال جماهير العمال وجماهير الفلاحين وجماهير الطلبة، وقد يُستخدم للدلالة على الطبقة الاجتماعية المؤلفة من العمال والمحرومين من الملكية.

خصائص الجماعات الإنسانية

تتصف الجماعات الإنسانية بجملة من الخصائص التي تميزها من الحشد الذي يوصف بأنه تجمع عددي لمجموعة من الأشخاص بثلاث صفات أساسية، هي تنوع المكونات وتدرج الكفاءات والتكامل في العلاقات. فكل جماعة لابد أن تضم مجموعة من الأفراد الذين يتماثلون في صفة واحدة على الأقل، ولكنهم يختلفون في مجموعة أخرى من الصفات، فإذا وحّد الجنس بين مجموعة الإناث أو الذكور، فلاشك أن العمر أو التعليم أو مكان الإقامة سيفرق بينهم. ومن الصعوبة أن تشترك الجماعة الواحدة في صفتين بوقت واحد إلا إذا كانت هذه الجماعة انتقائية، ويتم اختيار أفرادها اختياراً، فالتنوع صفة أساسية من صفات أيَّ جماعة، ويصعب ظهور جماعة متجانسة كلياً.

ويقتضي التنوع التدرج في الكفاءات والقدرات، فإذا كان العمر الزمني عاملاً من عوامل توحيد الجماعة، فإن مستويات التعليم قد تكون عامل تفريق عندما يزداد مستوى تعليم بعض أفراد الجماعة، وينخفض مستوى تعليم بعض أفرادها الآخرين، وإذا لم يكن التدرج واضحاً في التعليم، فلابد أن يظهر في مستويات المعيشة أو مستوى الثقافة أو مستوى الذكاء أو مستوى الإدراك.

وفي الوقت الذي يؤدي فيه الوعي الاجتماعي بين الأفراد إلى تعميق أواصر التعاون بين أفراد الجماعة وتعزيز صلات التكامل، يمكن أن يؤدي ضعف الوعي إلى تبعثر الجماعة وانقسامها إلى جماعات عدة بحسب التنوعات القائمة فيها، مما يجعل الوعي الاجتماعي عاملاً أساسياً من عوامل توحيد الجماعة وارتباط أعضائها مع بعضهم بعضاً.

ويعد التحليل الاجتماعي لخصائص الجماعة ضرورة أساسية لصياغة أسس التعامل معها، وغالباً ما يلجأ السياسيون والعاملون في علم الاجتماع السياسي إلى تحليل بنية الجماعة لمعرفة أسس التحكم بها، بغية تعزيز وحدتها وتماسكها، أو العمل على تجزئتها وإضعاف تماسكها والسيطرة عليها.

» ۩۩ صلاة الجماعة واهميتها ۩۩
» |»☼«| الجماعة الضاغطة Pressure group |»☼«|