الجنس : العمر : 36 كوكب الأشباح التسجيل : 06/09/2011عدد المساهمات : 512
موضوع: ۞♥۞ تشريع الإسلام للتكافل الاجتماعي ۞♥۞ الأحد 27 نوفمبر 2011, 8:51 am
۞♥۞ تشريع الإسلام للتكافل الاجتماعي ۞♥۞
تشريع فريضة الزكاة
الزكاة هي حق مالي واجب في مال مخصوص، في زمن مخصوص، لطائفة مخصوصة٥٠، وهي من فروض الإسلام، ومن حقوق الفقراء ونحوهم في أموال الأغنياء، ليست على سبيل المنحة والمنة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُوم٢٤لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم المعارج:٢٤-٢٥.
ومن أهدافها وغاياتها طاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره، وتطهير المال مما دخله بغير حق بدون علمه، وتطهير نفس الغني من الشح والبخل والمغالاة في حب المال، وتطهير نفس الفقير من الحسد والتطلع إلى ما في أيدي الناس، فضلا عن إقامة المصالح العامة للمسلمين.
ولا شك أن الزكاة تحد من انتشار الجرائم المالية، لأنها توفر سيولة كريمة بين أيدي الفقراء والمحرومين فيرعوون عن جرائمهم واعتدائهم على أموال الآخرين وفي جميع هذا يصدق قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا التوبة:١٠٣.
والزكاة وسيلة مهمة من وسائل تقوية الروابط الاجتماعية تذهب الغل والطمع من نفوس الذين لا يملكون ما يكفيهم تجاه من يملكون ويتنعمون، وتحقق التوازن الاقتصادي النسبي حال صرف بعض أموال الأغنياء للفقراء.
وما اليد المعطية واليد الآخذة إلا يدان لكيان واحد، كلتاهما تعمل لخدمة ذلك الكيان، الذي وهو كيان الأمة المسلمة التي لا قيام لها ولا بقاء إلا بالتكافل والتعاطف، ولهذا أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على محاربة مانعي الزكاة الذين منعوا حق الله تعالى وشقوا وحدة الأمة٥١.
تشريع زكاة الفطر
وهي واجبة على كل مسلم، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، عنده قوت يوم العيد، وقد شرعت طهرة للصائم، وتلافياً لتصرف قد ينقص أجر صيامه، ففي الحديث الشريف: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين٥٢. كما شرعت سداً لحاجة المحتاجين ومعونة لهم، ليشاركوا بقية أفراد المجتمع بفرحة العيد بعيداً عن الحاجة والسؤال في هذا اليوم.
ويلاحظ أن هذه الوسيلة من التكافل الاجتماعي تلزم مئات الملايين من المسلمين الميسورين، ويستفيد منها مئات الملايين أيضا من المسلمين الفقراء والمحرومين، مهما كانت صعوبة الأوضاع الاقتصادية ، ولذلك فإن زكاة الفطر تغني الآخذين ولا تفقر المعطين.
تشريع النفقات الواجبة
فرض الإسلام لبعض الأقارب أنواعا من النفقات يجب دفعها إليهم طواعية، فإن امتنع أقرباؤهم الأغنياء عن دفعها، ألزموا بها جبراً، عن طريق القضاء، ونشير هنا إلى نوعي هذه النفقات الواجبة على النحو التالي: النوع الأول: النفقة على الزوجة، وهي واجبة بالاحتباس، لا بالفقر قال الله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف البقرة:٢٣٣. لأن الزوجة تفرغ أوقاتها في خدمة الزوج وتحبس نفسها لرعاية شؤون البيت والأطفال والأسرة٥٣. وهذا خلاف لما عليه الحال عند غير المسلمين، حيث يمتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته ويؤيده القانون في ذلك، وحيث يفرض على المرأة أن تعمل مثل الرجل لكسب قوتها، فتتهرب من الحمل والولادة ورعاية شؤون الأولاد والبيت، نتيجة لذلك، فتمزقت الأسرة وكثرت المشاكل الاجتماعية وقل النسل.
النوع الثاني: النفقة على الأقارب، وهي واجبة على الرجل الموسر لوالديه وأولاده وأقربائه المحتاجين، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا الإسراء:٣٢ وقوله لزوجة أبي سفيان: خذي- أي من مال زوجك - ما يكفيك وولدك بالمعروف٥٤". قال في المغني: "ويجبر الرجل على نفقة والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم٥٥". قال الله تعالى: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِك البقرة:٢٣٣. وعلى هذا يجب على القريب الموسر النفقة على أقربائه المحتاجين من أصوله وفروعه، وإخوته وأخواته، وأعمامه وأبنائهم، ونحو هؤلاء من الوارثين وأصحاب الفروض والعصبات، لا العمات والخالات اللواتي لهن أقرباء من ذوي الفروض ينفقون عليهن.
وهكذا نجد أن الإسلام نظم صورة تكاملية - ليس لها مثيل في النظم الأخرى- لتحقيق مزيد من التكافل الاجتماعي وتقوية الروابط بين أطراف المجتمع، لأن المجتمع في الحقيقة يتألف من مجموعات الأسر كلها٥٦.
تشريع الصدقات التطوعية
فرض الإسلام لبعض الأقارب أنواعا من النفقات يجب دفعها إليهم طواعية، فإن امتنع لم يقتصر الإسلام في تشريع ما يحقق التكافل الاجتماعي على الزكاة والنفقات الواجبة بل عضد ذلك بالدعوة إلى البذل الاختياري المفتوح دون حدود، وذلك من خلال ما يعرف بالصدقات التطوعية: النقدية والعينية التي يبذها المسلم للفقراء والمحتاجين ونحوهم، ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ البقرة:٢٧٤.
إنه لا ينبغي لأحد أن يحتقر الصدقة القليلة، لأن القليل يصير بمثله كثيرا فينقذ أسرة من جوع أو مرض أو عري، أو يمول مشروعا لأسرة محتاجة فيفتح لها طريق الغنى والاعتماد على النفس، ولهذا يقول النبي : "اتقوا النار ولو بشق تمرة٥٧".
هذا ويقسم العلماء الصدقات التطوعية إلى أقسام، منها ما يلي: النوع الأول: الصدقة النافلة المطلقة: ويجوز أن تكون نقدا أو عينا كطعام، أو كساء أو علاج أو أدوات، وهي لا ترتبط بزمان ولا مكان، وفيها يصدق قول النبي " إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم....٥٨".
النوع الثاني: الصدقة الجارية وهي الوقف، ومعناه تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة٥٩ أي: التنازل عن ملكية ذات المال لله سبحانه وتعالى لينتفع به الناس، وذلك كوقف المساجد ولوازمها والمكتبات والمستشفيات والبيوت والمزارع ومياه الشرب وغيرها٦٠، قال النبي : "إذا مات الإنان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له٦١" وقد بلغ المسلمون الذروة في الإقبال على الوقف الخيري العام والوقف على الذرية والأهل، فلا يوجد بلد إلا وفيه أوقاف كثيرة، مدارس ومساجد ومستشفيات أو غيرها رغبة من الواقفين في ثواب الله سبحنه وتعالى، وإعانة للناس على العيش قي رخاء وسعادة٦٢.
النوع الثالث: الوصايا وهي العطايا التي يتم التبرع بها بعد الموت٦٣ تصرف لأصحابها بعد وفاء الديون، مما لا يزيد على ثلث التركة، حتى يستدرك بها الإنسان ما قد يكون فاته من أعمال البر والخير، ثم يوزع الباقي بين الورثة، وهي تسهم في تقوية الروابط الاجتماعية وزيادة التآلف بين الناس، وفي الحديث الشريف أن النبي عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في مرض موته، قال سعد: قلت يارسول الله أوصي بمالي كله، قال: لا، قلت فالشطر، قال لا، قلت: الثلث، قال: فالثلث والثلث كثير٦٤".
النوع الرابع: العواري والمنائح والقروض الحسنة والأعطيات والهبات، وكلها من صور التكافل الاجتماعي وأعمال البر والإرفاق التي يقصد بها التيسير على الآخرين، طمعاً في ثواب الباري جل جلاله، يقول النبي في العواري والمنائح: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى، فليمسك أرضه٦٥".
وهكذا يتضح مدى حرص الإسلام على استكمال أسباب الروابط الاجتماعية من خلال تشريع معالم للتكافل الاجتماعي، على سبيل الوجوب، أو على سبيل الاستحباب، وهذا مما لم يعرف في أي تشريع أو نظام آخر.
الخلاصة
هناك العديد من التشريعات التي تتصل بالواجبات الاجتماعية والأخلاق الفاضلة وتعد في مجملها أسباباً لتقوية الروابط الاجتماعية، ومن هذه التشريعات: تشريع صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والجنازة.
عمل الإسلام على تقوية الروابط الاجتماعية بتشريع عدد من الواجبات الخاصة في دائرة الإنسان المحيطة به مباشرة، ومن أهم هذه التشريعات، فرض بر الوالدين قولاً وفعلاً، على كل ابن وابنة، وفرض بر الذي يلي الوالدين مرتبة كالإخوة والأعمام والعمات والأخوال والخالات وهكذا الأقرب فالأقرب، كما دعا الإسلام إلى إكرام الجار في سبيل زيادة التآلف الاجتماعي وأوجب له حقوقاً كثيرة.
لقد حرص الإسلام على أن يعيش الفرد حياته الاجتماعية العامة في وفاق وتآلف وتعاون مع الآخرين، وذلك من خلال تشريع حقوق ثابتة للمسلم على أخيه المسلم، لا يسعه التساهل فيها أو تركها، ومنها إفشاء السلام عليه ومصافحته إن أمكن ذلك، وتوقير الكبار والعطف على الصغار، كما شرع الإسلام العديد من الأسباب الأخرى التي تقوي الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإسلامي.
الأخلاق قسمان، أخلاق كريمة وأخلاق ذميمة، وقد جاءت الشريعة الإسلامية تدعو إلى تزكية النفوس وتطهيرها حتى تكون كريمة الأخلاق نبيلة السجايا، ومن بين الأخلاق التي دعا إليها الإسلام الصدق لأنه يهدي إلى البر، والصبر، والحياء والمراد به الخجل والاحتشام، والبشاشة وطلاقة الوجه، وهي من الصفات التي تدل على اعتدال في المزاج وسلامة في الصحة النفسية، والمداراة وهي التلطف بالإنسان للحد من ضرره، وهي من الدرء والدفع، وهي غير النفاق والمداهنة.
لم يترك الإسلام العاجزون الذين لا يستطيعون العمل، لمرض أو شيخوخة، أو لغير ذلك من الأسباب، بل شرع لهم العديد من التدابير الحاسمة في التكافل الاجتماعي لرعايتهم والنهوض بهم، وبعض هذه الوسائل هي تشريع فريضة الزكاة، وتشريع زكاة الفطر، وتشريع النفقات الواجبة، وتشريع الصدقات التطوعية.