حسن الخلق ثالث حق للمرأة على زوجها
ثالث الحقوق على الزوج هو أن يكون حسن الخلق معها ، وهذا ما ينطبق عليه قول الله تعالى (وعاشروهن بالمعروف)
المعاشرة بالمعروف هي التي يتجلى فيها حسن الخلق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله" وقال "خيركم خيركم وأنا خيركم لأهلي"
كان عليه الصلاة والسلام أفضل الناس عشرة مع نسائه ، كان يطيب خواطرهن ، كان يستمع إلى حكاياتهن ، حكت له عائشة رضي الله عنها حكاية اثنتا عشرة امرأة وحديثهن عن أزواجهن واستمع إلى ذلك الحديث الطويل الذي رواه الإمام البخاري مفصلاً ومعروف باسم حديث أبي زرع ، وقال لها "كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك" لأن أبا زرع في النهاية طلق امرأته ، كان يطيب خواطر نسائه ، يمازحهن ، حتى أنه في مرة من المرات خرج هو وعائشة كل منهما يريد أن يخرج قبل الآخر فتزاحما عند الباب ، من باب الممازحة والمفاكهة ، وتسابقا مرتين ، مرة سبقته في أول حياتها وكانت خفيفة صغيرة السن ، ومرة سبقها رغم كبر سنه عليه الصلاة والسلام ، وقال لا ممازحاً "هذه بتلك" يعني تعادل ، هذا النبي صلى الله عليه وسلم ، سيد الخلق ، ورسول العالمين ، رسول رب العالمين ، يسابق زوجته خلف الجيش ، يركضان معاً من يسبق الآخر ، هذا هو اللطف وحسن الخلق الذي كان يتجلى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي سيرته مع نسائه ، وحينما أرسلت إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بصحفة فيها طعام إلى النبي في ليلة عائشة ، صنعت طعام جيد فقالت أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة عائشة ، فغارت عائشة ومسكت بالصحفة التي عند الخادم ورمتها في الأرض فانكسرت وانكسر ما فيها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "غارت أمكم ، غارت أمكم" وأمسك هو بالصحفة ، ظل يجمعها ويضع فيها الطعام ثم أرسل إلى الزوجة الأخرى بصحفة جديدة بدل الصحفة المكسورة ، هكذا كان يعامل نساءه صلى الله عليه وسلم ، وكان يشركهن في أمور الأمة حينما نزل عليه جبريل ورجع يرجف فؤاده وقال لخديجة "زملوني زملوني" وحكى لها ما جرى له فقالت له والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسو المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر ، وكانت سنده في دعوته من أول يوم ، وحينما صالح صلح الحديبية وأمر الصحابة أن يتحللوا من إحرامهم بعد الصلح ، أمرهم ثلاث مرات أن يحلقوا وينحروا ولكنهم لم يفعلوا شيئاً ، عز عليهم أن يذهبوا معتمرين ثم يتحللوا ويرجعوا بلا عمرة ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة يشكو إليها ما فعله الصحابة فقالت له يا رسول الله ، أشارت عليه برأي أن يخرج من بيته فلا يكلم أحداً فينحر بدنه ويأمر حالقه فيحلق شعره ولا يكلم أحداً ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ففعل ما أوصت به أم سلمة فما كاد الناس يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحر ويحلق حتى خرجوا كلهم يحلقون وينحرون ، هكذا كان يشرك نساءه معه في هموم الأمة ، بعض الناس ينظر إلى المرأة كأنها قطعة متاع في البيت لا يكلمها ولا يشاورها وبعض الناس قالوا شاوروهن وخالفوهن ، وزعموا أن ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، صح عكسه كما رأينا ، والله تعالى يقول في فطام الأولاد وفي الآية أمرهم الله أن يتشاورا بالمعروف ، ويتراضيا ، الأب والأم ، إذا كانت الأم مطلقة فلا ينبغي أن تكايد زوجها وتفطم الولد قبل أوانه ، ولا ينبغي للرجل أن يكايدها لأن هذا ضرر على الولد (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده) فهذا ما يجب على الزوج مع زوجته ، أن يلاطفها ويحسن عشرتها ولا يكفي هذا بل يحتمل أذاها ، يتحمل الأذى منها ويصبر عليها ربما كانت بعض الزوجات شديدة الانفعال والغيرة ، تتصرف بسرعة فلا ينبغي أن يكون هذا سبباً للانفصال عنها ، الله تعالى يقول (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) ، لعل المرأة التي تكرهها هذه يرزقك الله منها ذرية صالحة وأولاداً نابغين ، لعلها هي التي تكون عوناً لك عند الشيخوخة وعندما يهيض جناحك وعندما يهن عظمك وعندما تبلغ من الكبر عتياً ، لعلها هي التي تمرضك وتقف إلى جنبك حين يبتعد عنك الأقربون من هنا وهناك ، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً