إلى من تنشُد السعادة الزوجية
من منا لا تريد السعادة؟ أو على الأقل حاولت البحث عنها... هناك من حصل عليها نوعا ما... وهناك من وجدها مؤقتة... وهناك من لا يزال يبحث عنها.
السعادة الدائمة أمر يكاد أن يكون مستحيلا، ولكن أن نحرص على إيجادها في حياتنا بصفة دائمة بتصرفاتنا وتعاملنا مع المواقف التي تعرض لنا، وعدم ترك هموم ومنغصات الحياة تسيطر علينا قد يعزز من إيجادها -السعادة- في حياتنا، وإذا كانت السعادة شيئا نستطيع أن نوجده بأنفسنا فسيكون ذلك سهلا باتباعكِ لهذه الخطوات بإذن الله فأرعي لها اهتمامكِ:
* اقتنعي بنفسك... اقتنعي بما تفعلين:
باختصار إذا لم تقتنعي بنفسك فلا تلومي زوجك إذا لم يقتنع بك وبما تفعلين، يعني: انشدي الاقتناع، وثابري على تعزيزه بالرضا ليقتنع بقناعاتك.
ثقي أنك إذا اقتنعت بنفسك وبما تفعلين ستتجاوبين مع النتائج بصدرٍ رحب سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومن ثم ستجدين من حولك مقتنعا بك وبما تقومين به، ليس كل العلماء نالوا حظهم من القبول، فهناك من كانت لهم أفكار غير مقبولة لكنهم كانوا مقتنعين بما فعلوا وأنجزوا، وأصروا على النجاح بطريقتهم ومع ذلك لم ينس التاريخ ذكر أسمائهم، سواء استفاد الناس من أفكارهم وعلومهم أم لا.
* أعلني حبك بقدر ما تستطيعين وفي كل وقت بصراحة:
لماذا لا نُشعر مَن حولنا بمدى أهميتهم في حياتنا؟ صحيح الأمر ليس هينا خصوصا على من لم يتعود عليه، لكن لا بد أن نتعود السلوك الصحيح .. لا بد أن نعي أن هذه النقطة مهمة جدا لإضفاء السعادة على من حولنا، بادري بإعلان حبك لمن حولك، لا تحتقري الأمر وتعتبريه تفاهة، إذا أعلنت حبك نجحتِ في دعم الوئام بين القلوب ونجحت في إكرام ذاتك وإسعاد غيرك.
* قدمي قدر ما تستطيعين ... ولا تندمي على خير قدمتيه أبدا:
قدمي كل ما تستطيعين، لا تتأخري ولا تندمي ولا تقولي لنفسك: لن أستعجل، فربما يكون أجلك أسرع، أو أجل من تحبين أقرب فتندمين على ما لم تقدميه لهم، ) لا تحقرن من المعروف شيئا ( بل اجتهدي في الإسراع ولا تندمي على خيرٍ قدمتيه، استمري في العطاء سيثمر ذلك حقا إن لم يكن في الدنيا فأنت بحاجة ماسة لرصيد قوي في الآخرة، وإياك أن تستصعبي الأمر، فأنت تنشدين سعادة تنبع من الداخل، وهذا لا يبدو سهلا فهو يحتاج إلى الجهد ويستلزم الصبر.
* أحسني النية وأخلصيها لله ... بل جدديها كلما احتاج الأمر:
ربط الإخلاص في النية مع ما نفعله سيكون له الوقع الأكبر في نجاح كل ما ترنو إليه نفوسنا، قد لا ننجح في بعض الخطوات ... فهل فكرنا في السبب؟! قد تكون النية لها دور كبير في ذلك، أرأيت كوب الماء إذا قدمتيه لزوجك وجعلت معه نية الأجر من الله عن طريق خدمته! أتعلمين ما ستتركين في نفسه من أثر؟ هو ما سيعود إليك من سعادةٍ داخلية وشعور بالرضا، أرأيت لو قابلتيه بابتسامة في وجهه وأنت تقصدين وجه الله ونيل صدقة بذلك، فأنت تتركين أثرا رائعا في نفسه، وهذه الآثار لن تتركيها في نفسه فحسب بل ستتعدى إلى نفسك وستنطبع في ذاكرتك لتجعلك تنعمين بسعادة مصدرها رضا الله، ثم الآخرين وبنية صادقة.
* شاركيه أفراحه وأتراحه:
لا بد وأن نكون جربنا الأفراح (أسأل الله أن يديمها على طاعته ورضاه) فما شعورك حينما يشاركك الآخرون فرحتك ويباركون لك، شعورٌ جميل حقا مشاركة الناس أفراحهم وزوجك من باب أولى، فهو شعورٌ جميل يضفي على الروح سعادة لا تضاهى ولن يناله إلا من قدم الإخلاص في النية، ثم الجهد في مواصلة السعي وراء سعادة الزوج بإدخال السرور إلى نفسه، كم لهذا الأمر من أثرٍ طيبٍ في النفس، شاركيه أحزانه وابعثي في نفسه الأمل والصبر والثبات حتى وإن كنت لا تستطيعين حاولي واجتهدي، فالله معك طالما تريدين رضا الله بإرضاء زوجك وإسعاده.
* أظهري روح المبادرة .. ولا تعتمدي على ردة الفعل:
إظهار مبادرتك يحتم على من حولك قبولك، والرد عليك؛ لأنك تسعين وراء السعادة الداخلية فاجتهدي في ذلك.
* لماذا القلق والتفكير في الغد؟!
لا داعي لأن نجعل أنفسنا فريسة للهواجس والآلام من أمور لم تقع، بل نفكر في أنها ستقع، لا داعي لأن نضع أنفسنا في قوقعة بأن هناك شيئا سيئا سيحدث ... لماذا هذا التشاؤم؟ لا داعي للقلق بشأن الغد ... إنه أمر مرهق، لا داعي لأن نفكر بأن كل مصيبة قد نتعرض لها قد تكون آخر المطاف في حياتنا، سنتعرض حتما للفرح، والحزن، والسقم، والعافية، فهل ستنهار حياتنا مع كل موقف لا يوافق رغباتنا، هذه دورة الحياة فأنت أمام خيارين: إما الصبر والاحتساب والرقي لأعلى، أو الجزع والسخط والهبوط لأسفل، كلاهما لن يغير مجرى الحدث ولكن قد يغيران مجرى حياتك، فأيهما ستختارين؟
حتى تسعد المرأة وتسعد زوجها لا بد أن تكون امرأة صالحة، وإن أشرف نساء العالمين في أمة الإسلام أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وينبغي علينا أن ننظر بما أمرهم الله –سبحانه- لنعرف أكمل دور للمرأة تقوم به حتى تكون امرأة صالحة سعيدة في حياتها مرضية لزوجها:
• أن تكون زوجة لرجلٍ صالح.
• لا تكثر عليه سؤال النفقة والتزيد من الدنيا.
• تحفظ نفسها من الوقوع في الفواحش ومنها: فاحشة الزنا، والنشوز على زوجها.
• أن تطيع ربها وتطيع بعلها وتعمل صالحا.
• أن تتقي الله في مخاطبة غير المحرم، وإذا اقتضى الأمر فلا تخضع بالقول، بل تقول قولا معروفا.
• أن تقر في بيتها فلا تخرج إلا لحاجة.
• ألا تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، بل تلتزم حجابها الساتر لها البعيد عن الزينة، وتتجنب الاختلاط بالرجال.
• أن تطيع الله ورسوله، وهو ملاك ذلك كله، وتتذكر ما يتلى في بيتها من آيات الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم.
* وأخيرا:
لا توجد حياة زوجية دون تقصير أو خلافات، وهذا أمر طبيعي، لكن الأمر غير الطبيعي أن يتطور الخلاف، وليس هناك شيء يطور الخلاف ويضخمه ويعرض الأساس للخطر مثل خروجه خارج المنزل، وخاصة إلى الأهل، فعلى المرأة عند وجود أي خلاف أن لا تبيت ليلتها إلا وقد فَضَّت هذا الخلاف، لعل في الحديث التالي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحل الأمثل والأجمل لذلك؛ فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ) ونساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العئود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها، وتقول: لا أذوق غمضا حتى ترضى (.
فمجيء الزوجة إلى زوجها والجلوس بجانبه ووضع يدها في يده وقولها له: لن أنام حتى ترضى، لهو من أفضل الأسباب لتهدئة النفوس وتصفيتها، وإزالة ما يصيب الحياة الزوجية من كدر، وليكن الاحتكام دائما إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.