حتى ينجح الحوار بين الزوجين
إن نجاح الحوار والمحادثة بين الزوجين والنجاح في الاستفادة من أوقات الفراغ والنجاح في مواجهة المشكلات التي تعكر صفوهما يحتاج إلى شيئين مهمين:
1- تحديد الهدف الجوهري من التواصل بين الزوجين:
أن يكون الهدف الأساسي الذي يكون حاضرا في كل شكل من أشكال التواصل هو تقوية العلاقة بين عقلين وروحين وقلبين ووضعيتين ومصلحتين ورؤيتين للحياة عامة ومستقبل الأسرة خاصة وحين تتحسن العلاقة بين الزوجين فإن هذا يعني تحسن المناخ العام للأسرة، ويعني تفهمًا أفضل لرغبات وحاجات كل منهما لصاحبه وهذا يؤدي إلى بناء جو جيد من الثقة المتبادلة، وحين يتوفر هذا الجو فإن كثيرًا من المشكلات يتبخر من تلقاء نفسه وما يتبقى يكون حله سهلا أو يمكن تحمله ومعايشته، إن عدم إدراك كثير من الزوجات والأزواج لهذا المعنى جعل حوارهما وتحادثهما وجلوسهما عبارة عن مناسبة للمنابذة والشكوى والتأفف والملاحاة، وبعد ذلك يندم كل واحد منهما على فتح فمه وقلبه للآخر.
الزوج مرة أخرى مسئول على نحو أساسي عن تقوية العلاقة بزوجته فهي تنتظر منه لفتات رعايته وحنانه أضعاف ما ينتظر منها كما تتوقع منه أن يفهمها دائمًا بطريقة أفضل، وسواء أكان ذلك منها منطقيًّا أو غير منطقي فإن عليه أن يحقق تلك التوقعات ما وجد إلى ذلك سبيلا.
2- هندسة الحوار والعمل على إخراجه بالشكل المطلوب:
فهذه ترتب في نقاط:
الاتفاق على وقت الحوار والمحادثة:
بمعنى ألا يرغم أي واحد من الزوجين شريكه على الجلوس، فالقاعدة الذهبية في العلاقات (الجذب وليس الإكراه) فالمحادثة الممتعة والمفيدة هي التي تتم بناء على تجاذب الطرفين أو جذب أحدهما للآخر وليست التي تتم بسبب الضغط والإكراه.
إذا جلس الزوجان للحوار في قضية من القضايا أو لمعالجة مشكلة فإن من المهم أن يمنحا أنفسهما الوقت الكافي لذلك.
العلاقة بين الزوجين بالغة التعقيد:
فهي عميقة وحميمة وتلقائية وسهلة كما أنها في الوقت نفسه هشة ومركبة وسطحية وحساسة وتقوم على عدد من التوازنات الخفية، ولهذا فإنها تحتاج إلى إدارة ورعاية خاصة وهي عمومًا في حاجة إلى الخلق الكريم أكثر من حاجتها إلى العقل النير والعلم الغزير.
الزوجان هما أقرب شخصين لبعضهما في العالم:
ومع ذلك فلا بد من ترك مساحة لممارسة الخصوصية على كل الأصعدة ودون استثناء، الزوجة لا تريد أن يتحدث زوجها عن الخلاف بين أمها وأبيها، الزوج لا يحب أن يجلس على المائدة يوميًّا، الزوجة لا تحب الأكلة الفلانية..... كل هذا خصوصيات وينبغي احترامها.
إن الحوار هو علاقة إنسانية:
أي هو تأثير الناس في الناس ولهذا فينبغي أن يتوقع الزوجان من وراء الحوار أن يحدث تغير في آرائهما ومواقفهما ولا يصح النظر إلى ذلك على أنه نوع من الهزيمة أو عدم النضج في الرأي، ورحم الله الإمام الشافعي حين كان يقول: " ما ناظرت أحدًا إلا أحببت أن يظهر الله الحق على لسانه "، وحين يفوز أحد الزوجين في حوار فإن عليه أن يلطف من مرارة ذلك على صاحبه: "قد غابت هذه النقطة عن بالي"، " كنت أظن أن الأمر كذا ثم تبين خطؤه".... لأن المهم هو تدعيم العلاقة بين الزوجين قبل أي شيء آخر.
إن من رعاية العلاقة بين الزوجين:
البعد كل البعد عن كل ما يشعر الطرف الآخر بالدونية أو الإهانة مثال: "هذا زوج يقول لزوجته: لو لم أتزوجك كنت الآن عانسًا في بيت أهلك"، ومثال آخر: "امرأة تقول لزوجها: أهلي وافقوا عليك شفقة على حالك وإلا فهناك ألف رجل يتمنى كل واحد منهم لو ظفر بي"، إن هذا يدمر الحياة الزوجية ويجعلها هيكلا خاليًا من المعنى.
إذًا فإن تعلّم "الحوار" وممارسته في الحياة الزوجية والأسرية من أهم العوامل التي تحقق الانسجام والتفاهم الزوجي والاستقرار الأسري.
وباختصار ليست المرأة وحدها المسئولة عن فتح الحوار وموضوعاته وإدارته وتحري متعة الزوج وتسليته بل إنها مسئولية الزوجين معا، فلا يتأتى الحوار الهادئ بينهما ما لم يكن هناك تفاعل ومسايرة في الحوار بين الطرفين، ولكن بحكم تكوين المرأة وعاطفيتها وحنانها فمن المفترض فيها احتواء المشكلات والتنازل بعض الأحيان من أجل استمرار الحياة السعيدة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.