الجنس : العمر : 49 أعماق البحار التسجيل : 18/10/2011عدد المساهمات : 60
موضوع: ₪ ّ السفن .. مبادئ العــوم وأسباب الغرق ₪ الخميس 17 نوفمبر 2011, 7:11 pm
السفن ..مبادئ العــوم وأسباب الغرق - Ships Float Principles
تعتبر تصاميم السفن والطائرات من أكثر الابتكارات الصناعية تعقيدًا حتى الآن ، فهي تشكل وحدة آلية ديناميكية متكاملة ذاتياً طافية في الماء أو في الهواء ، تمتلك وتؤمن جميع متطلبات حركتها وسلامتها ، فتنتج طاقتها اللازمة وإضاءتها الكهربائية بنفسها. وتحمل وقودها الخاص بها بالإضافة إلى جميع إمداداتها ولفترات تعد كبيرة نسبياً . كما أنها تستطيع أن تصنع مياهها الصحية بنفسها من البحر وأن تتخلص أو من فضلاتها بنفسها.
مبـــــدأ طفـــــو السفــــينة
يتم تصميم السفن بشكل هندسي خاص ومميز ، بحيث إذا ما حدث وأن مالت إلى أحد الجوانب بفعل القوى الجانبية للتيارات البحرية والأمواج فإنها تعود لتتزن في وضعها الرأسي مرة أخرى ، نتيجة تشكل عزوم إرجاع داخلية يتم ظهورها ذاتيا حسب تصميم توزع الأحمال والبعد البياني فيما بين محصلة مراكز الثقل ومركز الطفو . من المسلم به أنه عند غمر جسم فى سائل فإنه يزيح كمية من السائل ليحل محله، ويكون بالتالي حجم الجزء المغمورمن الجسم يساوي حجم الجزء المزاح من السائل ، وحينئذ يعادل وزن السائل المزاح مقدار القوة التى يرفع بها السائل الجسم ( قوة أرخميدس )، والعامل الأساسي المؤثر هنا هو الوزن الحجمي ( أو الكتلة الحجمية ) للجسم المغمور ، الذي يحدد كمية أو حجم السائل المزاح فإذا كان وزن الجسم أقل من وزن الماء المزاح فإن الجسم يطفو وإذا كان العكس أى أن وزن الجسم أكبر من وزن الماء المزاح فإن الجسم يغوص. وهذا ما يسمى بقاعدة أرخميدس وهو ما ينطبق على طفو السفن فوق الماء ، وللأسباب السابقة فإن السفن تصنع بنماذج مختلفة لكن بمبدأ واحد وهو مبدأ الطفو والذي يحتم على مصممي السفن تخفيف وزن السفينة قدر الإمكان من خلال تجويف وتفريغ القلب وبالتالي تقل الكتلة الحجمية لبدن السفينة وتزداد مساحة السطح الملامس للسائل (الماء) ،وذلك كي يؤدى غمر جزء يسير منها إلى إزاحة قدر كبير من الماء وبالتالى يبذل الماء قوة ( دافعة أرخميدس ) أكبر لرفع السفينة التى لابد أن يقل وزنها عن وزن الماء الذى يزيحه الجزء المغمور منها.
كثيرة هي حوادث الغرق التي تحدث للسفن، وكثيرة هي الأسباب التي قد تكون وراء حوادث الغرق تلك ومن أهمها:
*غياب عوامل الأمان والسلامة وتتطلب معايير السلامة أن تكون للسفن رؤوس حصينة وجدران ذات حجيرات مانعة لتسرب المياه وأجهزة لمقاومة الحرائق وقوارب نجاةٍ كافية، وذلك بالإضافة إلى سترات النجاة (ثياب من فلين للحماية من الغرق) وأجهزة أخرى لإنقاذ الحياة. وتتضمن أحكام أخرى توفير تدريبات منتظمة على مكافحة الحرائق وعلى سبل للإنقاذ. وبالإضافة إلى ذلك، يتعيّن على السفن أن تتبع القواعد العالمية للطرق. وتتناول هذه القواعد نقاطًا مثل، أسس سير السفن في أعالي البحار، وتشمل الأنوار التي يمكن إرسالها من السفن، والإشارات التي يجب أن تطلقها السفن أثناء الضباب وفي أوقات الخطر.وتتطلب الأحكام أيضاً تزويد السفن بخطوط مطلية على جوانبها لتبيِّن العمق المناسب للشحن الآمن في مختلف أوقات السنة وفي مختلف المياه وتسمى تلك الخطوط علامات( بلمسول) ، وتتطور عوامل الأمان مع التطور التكنولوجي وتصدر بشكل دائم نشرات حديثة لمتطلبات الأمان المتفق عليها حسب المنظمات العالمية المعنية بأمور السلامة والأمان في البحار والمحيطات .
*الاصطــــــــــدام بالطبع إذا اصطدمت سفينة بسفينة أخرى أو حتى قارب وأحدث ذلك أضرار كبيرة في بدن كل منهما فقد يؤدي ذلك للغرق.
*الإرهاب أو القرصنــــــــة حدوث عمل إرهابي أو قرصنة مع ما يترتب عليه ذلك من تدمير لمكونات أساسية في السفينة قد يتسبب في غرقها. السفينة كول التابعة للبحرية الأمريكية تعرضت لهجوم قبالة ساحل اليمن عام 2000 ، كما تعرضت سفن أمريكية للهجوم قبال ساحل العقبة الأردني العام الماضي, وقد يحدث هذا لسفينة ركاب. وفي نوفمبر تشرين الثاني العام الماضي هاجم قراصنة على متن عدد من القوارب السريعة مسلحين بقذائف "آر بي جي" المضادة للدروع سفينة ركاب سياحية قبالة ساحل الصومال، وهو ما يبرز خطر القرصنة.
تصبح كالحصان الذي يقفز لأعلى من فترة لأخرى ، وبهذا تصبح السفينة غير مستقرة وسرعان ما يمكن أن تجنح السفينة على أحد جانبيها وتغرق خلال وقت قصير جدا. وتعرف هذه الظاهرة باسم" تأثير السطح الحر" وقد كان هذا السبب الرئيسي في غرق العبارة "فري انتربرايز" قبالة ساحل مدينة زيبروغ عام 1987 بعد أن بدأت إبحارها وأبوابها الخارجية مفتوحة ، وكان هذا أيضا السبب في غرق السفينة الأستونية "أستونيا" في بحر البلطيق عام 1994 وهو ما تسبب في مقتل أكثر من 850 شخصا.
*تغيير مواصفات السفينة ( الهيكل )
تسبب التعديلات التي يتم إدخالها على هيكل السفينة الأصلي خطورة كبيرة حتى ولو كانت طفيفة ، فقد تضيف الى معادلات التصميم عوامل غير محسوبة، والقوانين الطبيعية ( الفيزيائية ) لا تحتمل أدنى خطأ في حسابات كهذه ، فقد تغير التعديلات من الأبعاد الوظيفية و قيم الثوابت وعوامل الأمان التصميمية والتي يقوم على أساسها التصميم الديناميكي الأمثل ومن ثم عملية التصنيع والتجميع لأجزاء البدن . فعندما يتم زيادة ارتفاع السفينة مثلاً بغية إدخال المزيد من الطبقات الخاصة بغرف الركاب مثلا، قد يتسبب ذلك في زيادة مقاومة الرياح لسير السفينة ولاسيما في الليل ، وهذا ما لاحظه المحققون في العبارة أستونيا حيث كان طابقان قد أضيفا إلى هيكلها الأصلي في الثمانينينات.
*الأخطــــاء البشريــــــة تتضمن قائمة الاحتمالات لمشاكل غرق السفن على الدوام وجود الأخطاء البشرية. وعادة ما يفحص المحققون في غرق السفن إن كانت الأبواب قد أغلقت بإحكام وإذا كانت بقية المهام الروتينية قد أنجزت على نحو ما يرام أم لا. وكثيرا ما يكون لخبرة القبطان والطاقم البحري الدور الأساسي في انقاذ السفينة من الغرق ، كما يبحث المحققون إن كانت خزانات المياه الخاصة بحفظ التوازن في وضع سليم أم لا ، فوزن الماء في تلك الخزانات يساعد في محافظة السفينة على مركز ثقل ثابت رغم حركة الأمواج، وبالتالي يحافظ على ثباتها ، إما إذا كانت خزانات حفظ التوازن خالية أو تحوي كمية قليلة من الماء فإن ذلك يسبب خللا في مركز ثقل السفينة مع تحركها وتأثير الأمواج مما يقلص بشكل كبير من استقرارها ويعرضها للغرق.
*تحرك الشحنـــــة أو الحمولـــــــة إذا تحركت بعض الأشياء الموجودة في داخل بدن السفينة فجأة خلال الرحلة، كأن تكون سيارة مثلا فإنها قد تسبب نظريا حدوث ثقب في بدن السفينة، وهذا قد يتسبب في غرقها. والعبارة المصرية التي غرقت مؤخرا كانت تحمل 220 سيارة عدا عن الركاب الـ1400 ، وحركة الشحنة تبقى ضمن قائمة الاحتمالات المساعدة على الغرق ، فقديسبب انزياح في مركز التوازن العام الأمر الذي يسبب ميلا بسيطاً في البداية وإهماله يؤدي الى زيادة زاوية الميل بسبب الوزن الشحنة المزاح مما يهدد بخطر انقلاب السفينة الى أحد الجوانب .
*الحرائـــــــــــــــــق وفي حالة حدوث حريق دون أن يتمكن طاقم السفينة أو ركابها من السيطرة عليه، قد يتسبب ذلك في غرقها. بعض الناجين من العبارة المصرية تحدثوا عن حدوث حريق قبل غرق العبــــارة السلام 98 ، والذي قد يكون سبباً حقيقيا في غرقها إذا ما أهمل من قبل طاقم السلامة .
*نقـــــاط الضعــف التصميميـــــة قد يكون تصميم السفينة نفسها ذو نموذج خاص يحتاج الى أدوات أمان إضافية واحتياطات قد تكون غير كافية لضمان السلامة ، فبعض السفن من نوع "in- out" بمعنى أن السيارات تدخل من إحد طرفي العبارة وتخرج من الطرف الآخر ، على عكس السفن العادية حيث يجري رفع شحنات البضائع إلى متنها عبر رافعات. ولتسهيل دخول السيارات إلى العبارات من النوع سابق الذكر عادة ما تكون لها أبواب خارجية كبيرة قرب مستوى المياه في مقدمة ومؤخرة السفينة، وهذا قد يحمل معه خطر التسبب بفيضان المياه داخل السفينة إن لم يتم إغلاق الأبواب الخارجية بإحكام ، وقد تكون المقدمة وغالبا بشكل جزء مستقل عن البدن ، ويركب مع البدن بطرق تثبيت متعددة (مفاصل ) ، وبالتالي يزيد الجو السيء والأمواج المتلاطمة في عرض البحر من خطورة فتح هذه الأبواب أومجرد انزياح بسيط في للمقدمة قد يسبب خلل في الاتزان ، وحتى لو كانت كمية المياه التي قد تدخل عبر تلك البوابات صغيرة إلا أنها تسبب تأرجح السفينة من جانب لآخر ويجعل السفينة تتراقص نحو المقدمة والمؤخرة بسبب الثقل المائي الزائد المتحرك داخلها.
أمثلــــــة واقعيـــــة وبالرغم من الاحتياطات الدائمة والتي قد يراها البعض وسائل كاملة في الأمان والسلامة ، إلا أن قوى الطبيعة لا تلبث أن تخبئ لنا الكثير من المفاجآت والأحداث التي تذهل العقول دون أن تقدم لنا أبسط الأسباب ، وكثيرة هي الأمثلة ونذكر مثلا إحدى أهم حوادث الغرق في ذاكرة التاريخ - السفينة المذهلة - التايتنك -التي غرقت عام 1912 م في المحيط بين سواحل نيويورك وكندا في رحلتها الى ميناء نيويورك ، حيث كثرت قصص التكهنات والأسباب والحقيقة بقيت غامضة طيلة أكثر من خمسين عاما ، والنتيجة النهائية للدراسات والأبحاث لأسباب الغرق لم تؤكد أن جبل الجليد سبب الشق أو الشرخ في البدن ، وإنما السبب الحقيقي يكمن في حدوث تغيرات ميكروية في معدن مادة بدن السفينة، الذي أدى الى الهبوط المفاجئ في جساءة المادة ومرونتها ( الممطوطية ) وذلك نتيجة محاولة تغيير مسار السفينة الفجائي من قيمة الصفر إلى أقصى قيمة لوضع الدفة مما نتج عنه إجهادات عصر فجائية للبدن وهبوط مفاجئ للجساءة والمتانة لمادة البدن نتج عنها حدوث شرخ بسطح السفينة بدأ الانتشار بسرعة الصوت في المادة مما أدي إلى إنشطار السفينة إلى جزئين، ترافق مع أصوات تشبه صوت الارتطام . وباختصار يمكن القول أن المعدن الذي تم تصميم البدن منه لم يكن مناسباً أبدا لهكذا سفينة عملاقة .
وبقدر ما كان مصنعو التيتانيك مغرورين بأنفسهم ومعجبين بما أنجزو من ابداع ، كان هنالك من هم أكثر غرورا وانبهارا حيث كانت طائرتهم تحلق على ارتفاعات شاهقة محطمة أسطورة جدار الصوت الذي لم يسبقهم أحد على اختراقه ، فقد تكون الكونكورد التي بدأت العمل سنة ( 1967 م ) تجاوزت التايتانيك شهرة ، إلا أن كل منهما له طابعه الفني والابداعي الخاص والمميز ، والعنصر الوحيد المشترك بينهما هو المأساة ، فبعد أكثر من 38 عاما من الخدمة المتفانية في العمل اختصرت أوقات البشر الى النصف تقريبا ، حدثت الكارثة من حيث لايتوقعها أحد فقد هوت الطائرة بعد إقلاعها بلحظات من مطار شارل ديغول في باريس سنة(2000 م ) لتنهي مسيرتها النظيفة وتضع حدا حازما لحياتها ليتم استبعادها فيما بعد الى متاحف التاريخ . تكمن المشكلة هنا أيضاً بأن المواد المصنع منها بدن الطائرة كانت تعاني تشققات ميكروية بالغة الدقة أدت الى الكارثة ، وذلك نتيجة السرعات العالية التي تطير بها الكونكورد التي تتجاوز احيانا ضعفي سرعة الصوت (تصل الى 2200 كم / سا ) . فلم يكن معدن الطائرة قادرا دائما على تحمل الضغوط والحرارة العالية نتيجة احتكاك الهواء بسرعات عالية، على الرغم من التصميم الديناميكي المميز لبدن الطائرة ، مما أدى لظهور أجهادات داخلية سببت تلك الشقوق البنيوية الدقيقة .
وبقدر ما يحرص المصممون والمصنعون والممولون على استخدام كافة وسائل الحماية والامان والتسلح بكافة أشكال العلم والتكنولوجيا تتكرر تلك المآسي المريعة، والتي تصدم عقول العلماء أحيانا وتقنعهم أحيانا أخرى إذا أرادت أن تعطيهم بعض أسبابها ، ولكنهم ( العلماء) لايقفون- بالرغم من ذهولهم- مكتوفي الأيدي بل يسعون جاهدين لاكتشاف معوقات اكتشافاتهم وإبداعاتهم ففي النهاية عليهم أن يعترفوا دائما بالحق الذي يقول أنه ما أوتينا من العلم إلا قليلا .