الجنس : العمر : 41 المدينة المنورة التسجيل : 30/09/2011عدد المساهمات : 239
موضوع: ►•◄ الواقــع الافتراضــي - واقع غير ملمـوس ►•◄ الخميس 17 نوفمبر 2011, 2:59 am
►•◄ الواقــع الافتراضــي - واقع غير ملمـوس ►•◄
الواقع الافتراضي : Virtual Reality يمكن تعريفه بشكل مبسط بأنه تجسيد ( تخيلي بوسائل تكنولوجية متطورة ) للواقع الحقيقي ، لكنه ليس حقيقيا، بحيث يعطينا إمكانيات لا نهائية للضوء والامتداد والصوت والإحساس والرؤيا واضطراب المشاعر كما لواننا في الواقع الفيزيائي الطبيعي.
من أكثر التعاريف شيوعًا للواقع الافتراضي هو المحاكاة الرسومية للواقع الفيزيائي (الطبيعي) عبر بيئة صورية بالغة التعقيد، ذات أبعاد فراغية ، تقوم تطبيقاته على خلق بيئات ثلاثية الأبعاد باستخدام الرسومات الكمبيوترية وأجهزة المحاكاة simulation، يتم إنشاؤها بوساطة الحاسوب، ويمكن استثمارها في التجوال داخل البيئة الافتراضية، حيث يتفاعل المستخدم مع مفرداتها وتفاصيلها الدقيقة، كما يفعل في حياته اليومية عند تفاعله الحي مع مفردات الحياة الحقيقية ، وبحيث تهيّئ للفرد القدرة على استشعارها بحواسه المختلفة والتفاعل معها وتغيير معطياتها، فيتعزز الإحساس بالإندماج في تلك البيئة.
وتختلف درجات الانغماس في الواقع المفترض (الشعور بأنك محاط به ومندمج فيه). فمنها ما لا يتيح كثيراً من التفاعل مثل الأفلام ثلاثية الأبعاد حيث تلعب نظارات الأبعاد الثلاثية دوراً في استقطاب صور مختلفة لكل عين فيبدو المشهد ذا صور قريبة وأخرى بعيدة، والانغماس في المشهد يكون أكثر ما يكون على شاشات قاعات عرض الأفلام المعروفة بـ " أي ماكس " IMAX الكبيرة جداً والتي تشغل كل مجال رؤيتك.
وعلى مستوى الإدراك الحسي البصري الذي ينطوي عليه الكائن البشري فإنه ـ أي الإنسان ـ يكون أكثر استجابة وراحة وطواعية للصور المرئية ثلاثية الأبعاد كوسط للتعامل الذي يحاكي مفردات الحياة اليومية، مقارنة بتلك التي يراها ذات البعد الواحد أو البعدين. إن تعامل الإنسان مع البيئة الرسومية ثلاثية الأبعاد يجعله أكثر ألفة وتناغمًا واقتناعًا مع الكائنات الرسومية التي يتعامل معها، وهذا ما توفره تقنيات الواقع الافتراضي التي تتيح للمرء إمكانية عالية من التفاعل والولوج في البيئة التي يريد ومن أي منظور يشاء (أمامي، جانبي، خلفي...إلخ)، فضلاً عن قدرة المستخدم على الانغماس حسيًا بشكل كامل في داخل الكائن الرسومي المفترض ومعاينته بدقة وعمق.
إن المثير والمدهش في هذه التقنية أنها ليست مجرد معدات ذات إمكانات وآليات عالية الدقة والتعقيد والتقنية، بل هي وسط Media من علاقات واتصالات توحي للفرد المستخدم لها بأنه يعيش ويشارك في عالم الحاسوب الرسومي كواقع يومي يستطيع تلمسه، أو واقع يستطيع أن ينشئه بالشكل الذي يريد.
إن هذه التقنية تقوم على مزج بين الخيال والواقع من خلال خلق بيئات صناعية حية تخيلية قادرة على أن تمثل الواقع الحقيقي وتهيئ للفرد القدري على التفاعل معها ، وتستخدم هذه التقنية في مجالات شتى كالطب والهندسة والعمارة والتدريب العسكري والقضاء والتعليم ، فهي لا تقتصر على مجال بعينه لكنها تفيد جميع الميادين خاصة الميادين التي تحتاج إلى تدريب قبلي .
ويلعب البعد الثالث أو التجسيم دوراً رئيسياً في تقنية الواقع الافتراضي حيث تتحول المخرجات إلى نماذج شبيهة بالواقع ويصبح المتعامل معها مندمج تماماً كأنما هو مغموس في بيئة الواقع ذاته . وفي هذه التقنية تشترك فيها حواس الإنسان كي يمر بخبرة تشبه الواقع بدرجة كبيرة لكنها ليست حقيقية يتم خلالها توصيل بعض الملحقات بالحاسب الآلي تمكن الفرد من رؤية البرنامج بصورة مجسمة ذات أبعاد ثلاثة ، ويرتدي الفرد خلالها قفازات وغطاء للرأس تمكنه من اللمس والشعور والرؤية والسمع ، والبرنامج يدور بالتفاعل مع الخبرة المطروحة والتحكم فيها وكأنه الواقع تماماً ، وفي مجال التعليم تستخدم هذه التقنية فمثلاً قد يسافر الطالب من خلال الواقع الافتراضي عبر الماضي أو المستقبل لمشاهدة صفحات التاريخ والتعامل مع أشخاص شكلوا تاريخ البشرية أو ساهموا في نهضتها .
والجدير بالذكر أن تطبيقات الواقع الافتراضي تجاوزت الألعاب الكمبيوترية وأصبحت واقعاً حياً الآن في مجالات التعليم والتدريب والهندسة والعمارة والأمن والطب والترفيه وغير ذلك من المجالات. فهي تفتح عوالم جديدة لطموح الإنسان تتيح له أن يطل على عالم مُفتَرَض ليطلق فيه عنان أفكاره، وأن يوسّع مداركه، وأن يمر بخبرات قد يكون من الصعب أو من المستحيل اكتسابها في الواقع الموضوعي، وأن يحقق أهدافاً طالما راودتْ مخيّلته.ولن يمضي وقت طويل قبل أن يصبح عسيرا فصل هذا الواقع التخيلي والوهمي عن الواقع الحقيقي في حياتنا اليومية.