₪♥₪ النشاط الشمسي Solar Activity ₪♥₪
لقد خلق الله تعالي هذا الكون و أتقن و أبدع في صنعه وجعل جميع محتوياته من نجوم ومجرات ومجموعات نجمية و مجرية … الخ تسير وفق قوانين إلهية تعجز عنها أحدث ما توصلت إليه العقول البشرية من علم، وما ذلك إلا لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
تعتبر مجموعتنا الشمسية بشمسها وكواكبها التسعة مثال فريد على قدرة الخالق جلا وعلا في تسيير هذه الكواكب في مدارات محددة ومفصلة حول الشمس بحيث لا يتعدى أي منها على الأخر ولا يصطدم به حيث جعل الشمس هي التي تتحكم بجاذبيتها الفريدة في حركة هذه الكواكب والتأثير عليها. قال تعالى ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)
كوكب الأرض الذي نعيش علية هو الكوكب الثالث بعداً عن الشمس فلو كانت الأرض في محل كوكب عطارد أقرب الكواكب إلى الشمس لعملت حرارة الشمس الشديدة على تدمير كل مافية من حياة , إضافة إلى ذلك أن الأرض لو كانت أبعد مما هي عليه فإنها ستتجمد ولن يكون هناك حياة عليها, هذا بالإضافة إلى أن الشمس هي المصدر الوحيد للضوء والحرارة التي نستفيد منها وتحافظ على حياتنا.
نظراً للدور الكبير والفعال الذي تلعبه الشمس في التأثير على الأرض وبالتالي على حياتنا فيها فإن أي تغير ولو طفيف في الشمس سيكون له تأثير على الأرض حسب قوة وشدة هذا التغيير أو الحدث.
ظاهرة النشاط الشمسي وهي الفترة التي تزداد فيها البقع الشمسية بكمية كبيرة تعتبر أحد واهم الظواهر الشمسية التي لها تأثير على الأرض.
· النشاط الشمسي
يعتبر العالم الإغريقي ثيوفراتستوس Theophrastus أول من لاحظ البقع الشمسية واستطاع من ذلك استنتاج أن للشمس نشاط وأنها غير مستقرة حيث كان ذلك في عام 325 قبل الميلاد. وبعد أن تطور المنظار الفلكي عن طريق جاليليو 1906 م اكتشف أن البقع الشمسية عبارة عن مناطق سوداء في المنتصف (الظل) محاطة بطبقة أقل سواداً تسمى منطقة شبه الظل, وبعد ذلك وخلال 300 عام من الرصد المستمر للبقع الشمسية اتضح أن البقع الشمسية عبارة مناطق باردة مقارنةً بما حولها من السطح الشمسي , وهي عبارة عن مناطق ذات مجالات مغناطيسية عالية تعتبر منشأ للانفجارات الشمسية العنيفة, كذلك اتضح أن العدد المتوسط للبقع الشمسية يقل ويزيد بين 10-12 سنة سميت بدورة الـ11 سنة للبقع الشمسية ففي. خلال إحدى عشر سنة تخضع الشمس للعديد من النشاطات الشمسية حيث يزيد فيها عدد البقع الشمسيةSun Spot بكمية ملحوظة بالإضافة إلى العديد من الظواهر المصاحبة لها كالانفجارات الشمسية والمقذوفات الشمسية والتي جميعها لها تأثيرات مباشرة او غير مباشرة على الأرض حيث تسمي هذة الفترة بفترة او قمة النشاط الشمسي Solar Maximum .
بعد ذلك تتُبع فترة النشاط الشمسي بفترة زمنية- أيضا 11 سنة- يقل فيها عدد البقع الشمسية وكذلك الظواهر المصاحبة لها تسمى بفترة الهدوء الشمسي Solar Minimum حيث تشكل مجموعة هاتان الدورتان ما يعرف بالدرة الشمسية Solar cycle شكل(1).
شكل(1) عدد البقع الشمسية المرصودة خلال 300 عام حيث يوضح لنا الشكل أن هناك زيادة ونقصان في عدد البقع الشمسية و ذلك كل 11 سنة لكلاً منهما مكوناً 22 دورة شمسية.
والتي تفيد التوقعات و النماذج الرياضية الموضوعة لدراسة النشاط الشمسي ان ذروة النشاط الشمسي للدورة الحالية و هي الدورة 23 سيكون في ابريل عام 2001. شكل(2) .
شكل(2) الدورة الحالية(23) للبقع الشمسية توضح عدد البقع الشمسية المرصودة والمتوقعة
مراحل تطور دورة النشاط الشمسي
في السنوات الأولى من النشاط الشمسي نجد أن حجم البقع الشمسية يكون صغيراً ويكثر تواجدها في مناطق خطوط العرض العلوية و السفلية للشمس و التي غالباً ما تكون بين 20درجة- 40 درجة . عندما تتقدم سنين دورة النشاط الشمسي نحو القمة يزداد حجم البقع الشمسية في الكبر إلى عدة أضعاف عن فترات الهدوء الشمسي شكل(3).
شكل(3) صورة للشمس التقطت بمعهد الفلك و الجيوفيزياء بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم و التقنية يوم السبت 29 مارس 2001م الساعة 12:27 ظهراً بتوقيت المملكة حيث تظهر البقعة الشمسية للمنطقة AR 3939 التي بلغ حجمها حوالي 13 مرة من حجم الأرض.
وتتجه في الاقتراب من خط الاستواء الشمسي. وبعد ذلك ينتهي النشاط الشمسي وتتجه الدورة الشمسية إلى فترة الهدوء و التي يقل فيها عدد البقع الشمسية وتبدو قريبة من منطقة خط الاستواء الشمسي. حيث يوجد هناك تداخل بين بداية الدورة الجديدة والتي تتشكل فيها البقع في المناطق العليا وبين البقع من الدورة الشمسية القديمة.
يعتبر العالم ماندر Mander 1904 م أول من لاحظ هذا التوجه للبقع الشمسية عند رسم العلاقة البيانية بين عدد البقع الشمسية كدالة في خطوط العرض الشمسية مع الزمن خلال عدة دورات اتضح أن التوجه العام للدورة الشمسية هي عبارة عن شكل بياني عرف فيما بعد بشكل الفراشة Butterfly Diagram , شكل(4)
شكل(4) شكل الفراشة للبقع الشمسية في الدورة الأخيرة وبداية الدورة الحالية. كدالة في خطوط العرض الشمسية العلوية و السفلية EQ يمثل خط الاستواء الشمسي.
ولا زالت أسباب هذا التوجه غير معروفة حيث لازالت الأبحاث الشمسية قائمة في هذا المجال لإعطاء التفسير المنطقي لهذا الظاهرة.
· الظواهر الشمسية الأخرى خلال النشاط الشمسي
بالإضافة إلى ازدياد عدد البقع الشمسية على سطح الشمس فإنه يوجد العديد من التغيرات الشمسية و الظواهر المصاحبة لها في فترة النشاط الشمسي, و فيما يلي نذكر بعض من هذه الظواهر.
1- التاْججات الشمسية Solar Flares : و تعرف أيضا بالانفجارات الشمسية شكل (5).
في خلال فترة النشاط الشمسي يزداد عدد الانفجارات الشمسية والتي تقع في المناطق القريبة من مناطق البقع الشمسية حيث تحدث هذه الانفجارات نتيجة تغير مفاجئي في المجال المغناطيسي لمناطق البقع الشمسية ونتيجةً لهذه الانفجارات فإن شدة الإشعاع السيني الشمسيSolar X-Ray flux تزداد بكمية مفاجئة وملحوظة وتستمر لفترة من الزمن شكل(6) .
شكل(6) صورة في نطاق الأشعة السينية للشمس , توضح الانفجار الشمسي وفي الإطار توضيح لتفاصيل الانفجار
ومن المعروف لدي المهتمين في هذا المجال أن الانفجارات الشمسية غالباً ما يتم دراستها عن طريق صور الأشعة السينية الملتقطة للشمس شكل (7) . تصاحب الانفجارات الشمسية أيضا زيادة في شدة الإشعاع الراديؤي المنطلق من الشمس وذلك في ترددات مختلفة, فيما يعرف باسم المستعرات الراديوية Radio Burs.
شكل(7) توضيح لازدياد كثافة الأشعة السينية المنطلقة في أطوال موجية مختلفة لحظة حدوث الانفجار الشمسي في 29-3-2001 م و التي رصدت عن طريق القمر الصناعي GOES
2- المقذوفات الكتلية من طبقة الكرونا الشمسية Coronal Mass Ejection :
في بعض الأحيان وخلال فترة النشاط الشمسي تقوم الطبقة الخارجية للشمس و التي تعرف باسم الكرونا الشمسية Solar Corona بقذف كميات كبيرة من الجسيمات و الكتل المشحونة ,التي في غالبتها تتكون من البروتونات . بسر عات عالية إلى الفضاء الخارجي. حيث كان يعتقد ولفترة قريبة أن مقذوفات طبقة الكرونا هذه ما هي إلا إحدى مقذوفات الانفجارات الشمسية, و لكن الدراسات المستفيضة و المبنية على نتائج و بيانات الأقمار الصناعية أفادت بان بعض و ليس كل الجسيمات المشحونة المنطلقة من الشمس هي من الانفجارات الشمسية وان البعض الأخر هو من طبقة الكرونا نفسها .
شكل : يوضح كثافة البروتونات المنطلقة من الشمس في طاقات مختلفة(عالية – متوسطة , منخفضة ) لحظة الانفجار في 29-3-2001 م والتي رصدت عن طريق القمر الصناعي GOES
3- الرياح الشمسية Solar Wind : ينبثق من الشمس وبصفة مستمرة في كل ثانية حوالي مليون طن من الجسيمات المشحونة و التي في غالبيتها مكونة من بروتونات تسير بسرعة حوالي 400 كلم في الثانية تسمى بالرياح الشمسية. تقل كثافته الرياح الشمسية وفي نفس الوقت تزيد سرعتها كلما ابتعدت عن الشمس حيت تصل كثافتها إلى حوالي عشرة جزيئات لكل سنتيمتر مكعب عندما تصل إلى الأرض. تحمل الرياح الشمسية معها في رحلتها من خارج الشمس جزء من المجالات المغناطيسية الشمسية Frozen In Magnetic Field و التي تعمل دوماً علي التاثير على المناطق التي بين الشمس والكواكب و كذلك على مجالاتها المغناطيسية
في فترة النشاط الشمسي و بالذات عند حدوث انفجار شمسي نجد أن كثافة وسرعة الرياح الشمسية تزداد بنسبة عالية حيث تصل سرعتها إلى حوالي 800 كلم في الثانية . و نتيجة لذلك فان المجال المغناطيسي البين كوكبيInterplanetary Magnetic Field , ستزيد شدته الأمر الذي يودي إلى تكون العديد من الموجات الصدمية Shock Wave ( مثل الموجة التي تحدثها في الهواء الطائرات التي تسير بسرعة أعلى من سرعة الصوت ) و التي تصل إلى الأرض على هيئة عاصفة جيومغناطيسية Geomagnetic Storm حيث تتسبب هذه العاصفة في بعض التأثيرات على الغلاف المغناطيسي الأرضي وعلى المنطقة المحيطة بالأرض كما سنري لاحقاً.
4- تناقص شدة الأشعة الكونية Cosmic Ryas Decreases : الأشعة الكونية هي عبارة عن جسيما ت مشحونة ذات طاقات عالية جداً تتكون في غالبيتها من البروتونات , تصل إلى الأرض وما حوله بالإضافة إلى انتشارها في جميع أرجاء الكون من مصادر كونية غير معروفة. في فترة النشاط الشمسي وخصوصاً في فترات الانفجارات الشمسية وتزايد شدة المجالات المغناطيسية التي لها القدرة على حرف و تغيير اتجاه الجسيمات المشحونة, فإننا نجد أن الأشعة الكونية ذات الطاقات المنخفضة منها تتأثر و تتناقض شدتها فيما يعرف بظاهرة تناقض فوبش Fobush decrease. شكل (9).
شكل(9) تناقص شدة الأشعة الكونية بعد يومين( 31-3-2001م) من الانفجار الشمسي الذي حدث في 29-3-2001 م . من مرصد الأشعة الكونية في موسكو.
بالإضافة إلى ما سبق فهناك بعض الظواهر البسيطة التي تحدث خلال فترة النشاط الشمسي و التي من أهمها ما يعرف بظاهرة اختفاء السحب الداكنة Disappearance of filaments.
وقد عملت الكثير من معاهد أبحاث الفضاء والمعاهد الفلكية المتخصصة لدراسة الشمس وأولها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA على وضع العديد من الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية مثل القمر الصناعي GOES والقمر ACE وكذلك القمر الصناغي الياباني SOHO وذلك بغرض رصد الشمس والمنطقة التي بين الأرض والشمس ودراسة التأ ثيرات الشمسية عليها ومن ثم إعداد التقارير والصور اليومية المتعلقة بذلك بحيث يسهل للباحثين إمكانية الحصول على المعلومات المطلوبة في دراساتهم وأبحاثهم , حيث يوجد هناك العديد من المواقع على شبكة الإنترنت مهتمة بهذا الخصوص
هذا بالإضافة إلى العديد من المعامل والمراصد الأرضية التي خصصت في الغالب لدراسة الشمس و في المملكة العربية السعودية يوجد بعض العديد من هذه المراصد حيث يعتبر المرصد الشمسي في قسم الفلك بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أحد أهم هذه المراصد و أكثرها تجهيزاً.
· التغيرات الأرضية في فترة النشاط الشمسي
يعتبر الإشعاع الشمسي والجسيمات المشحونة المنبعثة من الشمس ذات تأثير خطير ومميت لسكان الأرض لولا وجود الغلاف الجوي الأرضي والغلاف المغناطيسي الأرضي وهذا من فضل الله علينا .
فالغلاف الجوي يعمل على منع الإشعاعات الشمسية الخطيرة كالأشعة السينية X-Ray والأشعة الفوق البنفسجيةultraviolet من الوصول إلى الأرض وذلك عن طريق امتصاص هذه الأشعة بواسطة الجزئيات الموجودة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي شكل (10) .
شكل(10) صورة توضيحية للغلاف الجوي الأرضي وطبقاته وارتفاعاتها النسبية.
أما الغلاف المغناطيسي الأرضي شكل (11) فهو خط الدفاع الأول للأرض والحامي بعد الله تعالي من الجسيمات المشحونة والتي تصل إلى الأرض كجزء من الرياح الشمسية والأشعة الكونية حيث يعمل المجال المغناطيسي الأرضي على تغيير مسار هذه الجسيمات عن الأرض.
ومع ذلك لا زال هناك بعض التأثيرات للنشاط الشمسي على الأرض حسب شدة النشاط وقوته ولكن بكمية بسيطة وعلى سبيل المثال سنذكر بعض من هذه التأثيرات .
شكل(11) صورة توضيحية للغلاف المغناطيسي الأرضي وطريقة التفافه حول الأرض بشكل منتظم في حالة إهمال التأثيرات الشمسية ( قارن مع صورة الغلاف نتيجة تأثير الرياح الشمسية).
1. التأثير على خطوط الطاقة الأرضية Geomagenatially Induced Current
عندما تصدم الرياح الشمسية الناتجة من الانفجار الشمسي وكذلك العاصفة الجيومغناطيسية Geomagnetic Storm بالأرض فإن المجال المغناطيسي للأرض سيتغير بعض الشيء خلال هذا الاصطدام ( انظر صورة الغلاف) ونتيجة لذلك فإن التيارات الكهربائية المتولدة في طبقات الغلاف الجوي العليا( يحدث ذلك في الغالب في المناطق ذات خطوط العرض العالية كبعض الدول الاسكندنافية ) تنتج مجالاً مغناطيسياً يتحد مع المجال المغناطيسي الأرضي الموجود في باطن الأرض مسبباً بعض التغير في شدته , وبالتالي تكون نتيجة التغير هذة في المجال المغناطيسي الأرضي لها خاصية توليد تيار كهربائي في أي موصل موجود تحت الأرض والذي بدوره ينتج تيار كهربائي بمعدل 10 فولت لكل ميل وهي ما يعادل10000 فولت في 1000ميل .
في عام 1957م وصل فرق الجهد إلى حوالي 3000 فولت في خطوط الكهرباء الموصلة بين ايرلندا ونيوفاوند لاند ,كما حدث وان انقطعت خطوط الكهرباء في 1989م عن مقاطعة كيبك الكندية بأكملها بسبب العاصفة الجيومغناطيسية الناتجة من الانفجار الشمسي .