الجنس : العمر : 39 المدينة المنورة التسجيل : 13/10/2011عدد المساهمات : 55
موضوع: نقد قصيدة ( أبيت أنادم صوت الدجى ) الأحد 13 نوفمبر 2011, 9:18 pm
أبيت أنادم صوت الدجى و أسهر ليلي كئيبا حزين
و للدهر عين تفيض الدموع وقلب ينوح على الراحلين
إلى الله تسعى رفاة طوتها يد الدهر من بعد طول السنين
و هل كنت إلا فتى من رجال سقتهم يمين الردى بالمنون!!
فاضحوا أحاديث ذكر لقوم يساقون للموت في كل حين
نسير على الأرض نزرع فيها فيأتي لها غيرنا يحصدون
ونبني العمائر في كل صقع فنفنى و يسكنها الأبعدون
و لم يترك الموت منا سعيدا فكيف بربك ينجو الحزين
فعش أبد الدهر أمنا وحبا فلابد يأتيك سيف اليقين
فما ترك الدهر منا عظيما كريما و لم يبق منا مهين
فأين الأكابر من كل قوم وأين الأصاغر و الأرذلون؟!
و أين الجبابر من كل حزب وأين الهداة أما يسمعون ؟!
وأين جدود لنا أشرقت بنورهم الأرض للناظرين ؟!!
فسادوا وجادوا وكانوا بحق حماة الدين وأسدالعرين
توارت نجومهموا وانتهت و لم يبق إلا الربى والحزون
مضوا حيث تمضي الأمور جميعا و لله كل الورى راجعون
ولو كان شيئا على الأرض يبقى لكنت تمنيت أني أكون
و لكن قضاء الله أن لا مرد لما قد قضاه على العالمين
فإن كان غرك زهو الشباب ونسّاك للموت كثر البنين
فدونك قد مات شيخ الشيوخ ورب المعالي ، وحامي الحصون
نعيناك شيخ الهدى والتقى فأنت التقيّ النقي الأمين
نعيناك بالقلب و الروح جهرا و فاض لفقدك دمع العيون
انشكوا وهل تسمع اليوم شكوى انبكي و هل يسمع النائجون
فيالمصاب عظيم جسيم وخطب أثار بقلبي الشجون
أرى كل بيت به نائحات وفي كل قلب شجا من أنين
أمات الذي كان ركن البلاد إمام العباد بدينا ودين
ومن كان للضيف مأوى و مولى ومن كان ملحأ للخائقين
أحقا تموت وأنت الذي تجود بمالك للمعدمين
تنام العيون و تغفوا الجفون وأنت تبيت مع الساهرين
تناجي الإله بقلب رفيق عطوف صدوق رؤوف حنون
وتتلوا هدى الله في رقة بنطق فصيح و دمع سخين
تسير على الأرض سيرا دؤوبا وذكرك قدسار في العالمين
فيالهف نفسي على فقد شيخ تنزه بالحق عما يشين
حكيم أريب طليق المحيا لطيف عفيف بحزم ولين
سخي أبي كريم السجايا نرى بعد موتك جدي يهون
فمصحفك اليوم يبدي حدادا ومسجدك الآن يبدو حزين
وسجاد محرابه شاهد بأنك كنت من الساجدين
وذكرى أذانك في كل أذن تصفّي النفوس وتذكي الحنين
فوالله إن الأمانة ثكلى لفقدك تنتف شعر الجبين
تنوح وتبكي وتلطم خدا و تصرخ و الله مات الأمين
إذا ضمك اليوم قبر ولحد فمن للودائع و المودعين؟
ومن للأمانات بعدك حرز منيع قوي وحصن حصين
يقولون :ولى ،فقلنا :صدقتم و لكن إلى جنة الخالدين
فاذهب إلى حيث أعددت دهرا لنفسك في صحبة المتقين
كأني بك اليوم في روضة على سندس في مقام أمين
تناديك عذراء حورية و يكتب مثواك في الصالحين
نظرة عامة :
القصيدة من بحر ( المتقارب )، والروي هو حرف النون المقيد، وهناك بعض الأخطاء العروضية، والنحوية. وفي الإجمال القصيدة فيه طبع وليس فيها تكلف لا في الألفاظ ولا في الوزن؛ ويحتاج صاحبها إلى التمرس في المعاني ورفعتها؛ لأن معانيها متداولة.
نظرة تفصيلية :
1) البيت الرابع، الشطر الثاني : « سقتهم يمين الردى بالمنون ».
الباء هنا لا مكان لها؛ لأنّ أصل الكلام (سَقَتْ يمينُ الردى القومَ المنونَ)، وأما الباء فتدخل على المتعلِّق كقولنا : «سقيتُ العدوَّ المنيةَ بسيفي». فـ(المنون) ليست وسيلةً بل هي الغاية في البيت؛ وإنما السلاح وسيلة إلى هذه الغاية فجاز دخول الباء على الوسيلة ولم يجز دخولها على الغاية.
2) البيت الخامس، الشطر الأول : « فاضحوا أحاديث ذكر لقوم».
3) البيت الخامس الشطر الثاني : « يساقون للموت في كل حين ».
معنى غير جيد؛ لأن هذا دليل على ضعفهم؛ لأنهم (يساقون) فكأنهم مستضعفون. ولو قيل ( يأتيهم الموت ) لكان ألطف.
4) البيت السادس، الشطر الأول (نسير على الأرض نزرع فيها = فيأتي لها غيرنا يحصدون )
ليس هناك جامع بين (نسير)، و (نزرع). والسير خلاف الزرع؛ لأن ( السير ) يقتضي التنقل، و ( الزرع ) يقتضي الثبات.
5) البيت السابع، الشطر الأول : « ونبني العمائر في كل صقع ».
لفظة (العمائر) من الألفاظ الدارجة؛ وهي في العربية (البناء).
6) البيت الثامن : (ولم يترك الموت منا سعيدا = فكيف بربك ينجو الحزين )
لا وجه للتعجب من نجاة الحزين؛ لأنّ الحزن يقتضي الخوف من عدم النجاة، وعكسه السعادة حيث تقتضي غالبًا عدم الخوف من عدم النجاة.
7) البيت الرابع عشر، الشطر الأول : « فسادوا وجادوا وكانوا بحق ».
لفظة (بحق) دخيلة، وليست من العربية.
البيت الخامس عشر، الشطر الأول:
( توارت نجومهموا وانتهت = و لم يبق إلا الربى والحزون )
يستحسن أنْ تُكتب ( نجومهموا) هكذا (نجومهمُ) لأنّ الواو ليست واو الجماعة بل ناشئة من إشباع حركة الميم.
9) البيت السابع عشر، الشطر الأول : « ولو كان شيئا على الأرض يبقى ».
( شيئا ) صوابها ( شيء )؛ لأنّها اسم (كان).
10) البيت الثامن عشر، الشطر الأول : (ولكن قضاء الله أن لا مرد )
الشطر مكسور.
11) البيت التاسع عشر :
( فإن كان غرك زهو الشباب = ونسّاك للموت كثر البنين )
اللام في (للموت) لا صحة لها، والفعل ( نسى ) بالتشديد لم أقف عليه، والمعروف هو ( أنسى ). وعلى هذا فالصواب أن يقال : ( وأنساك كثر البنين الموت )؛ لكنه غير مستقيم وزنًا.
12) البيت الثالث والعشرين، الشطر الأول : « انشكوا ».
الصواب ( أنشكو ) لأن الواو ليست واو الجماعة، بل هي لام الفعل.
13) البيت السابع والعشرين :
( وسجاد محرابه شاهد = بأنك كنت من الساجدين )
ليس هذا من مواضع الالتفات؛ حيث الانتقال من الغيبة إلى الخطاب غير وارد هنا.
14) البيت التاسع والثلاثين، الشطر الثاني « لفقدك تنتف شعر الجبين »
الجبين لا شَعَرَ فيها، وليس من عادات الثكالى نتف الجبين، بل لطم الخدود وشق الجيوب.
15) يقولون :ولى ،فقلنا :صدقتم = و لكن إلى جنة الخالدين