ҖҖ الإبل في دواوين العرب ҖҖ
مـن الأمثـــال :
واستشهد كمال الدين الدميري بأمثال عربية عن البعير والجَمَل في الجزء الأول من كتابه نحو قولهم فيها : " أخف حلماً من بعير " . وقالوا : " هما كركبتي بعير " إشارة إلى الاستواء . كما قالوا " هُما كفرسي رِهان " . والمثل لهرم بن قطية الفزاري . وقالوا : " كالحادي وليس له بعير " يضرب للمتشبع بما لم يعط وأحسن من هذا وأوجز قوله r : " المُتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زُور " . وقال بعض المُعمرين :
أصبحتُ لا أحمل السـلاح ولا
أملكُ رأس البعيــر إذ نَفَــرا
والذئبُ أخشـاه إنْ مررتُ بـه
وحدي وأخشـى الرياحَ والمَطـرا
مـن بعـد ما قـوة أُصيبُ بهـا
أصبحتُ شيخـاً أعالجُ الكِبَـرا
أو قولهم : " الجمل من جوفه يجتر " ، يضرب لمن يأكل من كسبه أو ينتفع بشيءٍ يعود عيه منه ضرر . وقالوا وقع القوم في سلي جَمَل ، يضرب لمن بلغ في الشدّة منتهى غاياتها كما قالوا بلغ السكن العظم وذلك أنّ الجمل لا يكون له سلي فأرادوا أنّهم وقعوا في أمرٍ صعب والسلي الجلدَة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نُزعت عن وجه الفصيل ساعة ما يولد وإلاّ قتلته وهذا كقولهم أعزُ من الأبلق العقوق . وقالوا الثمر في البئر وعلى ظهر الجمل ، وأصله أنّ مُنادياً كان في الجاهلية يقف على أطم (صخرة ) من آطام المدينة حين يدرك الثمر ينادي بذلك أي من سقي ماء البئر على ظهر الجمل بالسانية وجد عاقبة سقيه في ثمره وهذا قريب من قولهم : عند الصباح يُحمد القوم السرى ، وقريب من قول الشاعر :
إذا أنتَ لم تــزرع وأبصـرت حاصِـداً
ندمت على التفريط في زمـن الـزرعِ
أو قـول الآخــر :
تســألني أم الوليـد جَمَــلاً
يمشـي رويـداً ويكـون أولا
وختم الدميري قوله عن البِكر بالحديث : جاءت هوازن على بكرة أبيها ، وقالوا جاءوا على بكرة أبيهم يصفونهم بالقلّة أي جاءوا بحيث تحملهم بكرة أبيهم قلتُ وأصلة : أن قوماً قتلوا وحملوا على بكرة أبيهم فقيل فيهم ذلك فصار مثلاً لقوم جاءوا مجتمعين . وقال أبو عبيدة : معناهُ ، جاءوا بعضهم في اثر بعض كدوران البَكرة على نسق واحد وقال قوم أراد بالبكرة الطريقة أراد أنهم جاءوا على طريقة أبيهم أي يقتفون أثره وقيل هو ذمٌ ووصفٌ بالقلة والذلّة أي يكفيهم للركوب بكرة واحدة ، وحكمه وخواصه وتعبيره كالإبل .
البكر الفتـى من الإبـل :
كذلك عرّج الدميري في كتابه ليحدثنا عن أنواع وتسميات الإبل التي عرفها العرب فقال : البِكر : الفتى من الإبل ، والأنثى بكرة والجمع بكار مثل فرخ وفراخ وقد يجمع في القلّة على أبكُر قال أبو عبيدة : البِكر من الإبل بمنزلة الفتى من الناس ، والبركة بمنزلة الفتاة ، والقلوص بمنزلة الجارية ، والبعير بمنزلة الإنسان ، والجمل بمنزلة الرجل ، والناقة بمنزلة المرأة . روي مسلم عن أبي رافع أنّ النبي r استلف من رجل بِكراً فلما جاءت ابل الصدقة أمرني أن أقضي الرجل بِكراً فقلت لم أجد في الإبل إلاّ جَمَلاً خياراً رُباعياً فقال r : أعطِه فإن خياركم أحسنكم قضاءً " . وري العرباض بن سارية رشي الله عنه قال بعتُ من رسول الله r بِكراً فجئتُ أتقاضاهُ فقلتُ : يا رسول الله أقضني ثمن بكري قال : نعم ثم قضاني فأحسن قضائي ثم جاءه أعرابيّ فقال : يا رسول الله أقضني بكرى فقضاهُ بعيراً مسناً فقال : يا رسول الله هذا أفضل من بِكري فقال r : هو لك إن خيّرَ القوم خيرهم قضاء " . وعن ابن عبّاس رشي الله عنهما قال : حجّ رسول الله r فلما أتى وادي عسفان قال : يا أبّا بكرٍ أيّ وادٍ هذا قال وادي عسفان قال رسول الله r : " لقد مرّ بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم على بكرات لهم حُمر خطمهم الليف وأزرهم العباء وأرديتهم النِمار يحجون البيت العتيق " .
الأعــرابي والنـاقـة :
ومن الحكايات الأخرى لكمال الدين الدميري مارواه عن أبي هريرة رضي الله عنه بأن أعرابياً أهدى لرسول الله r ناقة فعّـوضه منها سـت بكرات فتسخطها فبلغ ذلك النبي r فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أنّ فلاناً أهدى إلىَّ ناقة فعوّضته منها ست بكرات فظل ساخطاً لقد هممتُ أن لا أقبل هدية إلاّ من قرشيّ أو أنصاريّ أو ثقفيّ أو دوسيّ " . وفي حديث علي رضي الله عنه صدقني سن بكره وهو مثل تضربه العرب للصادق في خبره ويقوله الإنسان على نفسه وإن كان ضاراً لهُ . وأصلُه أنّ رجُلاً ساوم رجلاً في بكر يشتريه فسأل صاحبه عن سنِه فأخبره بالحق فقال المشتري صدقني سن بكره. وعن مولى لعثمان قال بينما أنا مع عثمان بن عفان رضي الله عنه في يوم صائف إذ رأى رجُلاً يسوق بكرين وعلى الأرض مثل الفراش من الحرَّ فقال ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح فدنا الرجل فقال : انظر فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقلت هذا أمير المؤمنين فقام عثمان بن عفان رضي الله عنه فأخرج رأسه من الباب فآذاهُ نفخ السموم فأعاد رأسه حتى إذا حاذاهُ قال : ما أخرجك في هذه الساعة قال : بكرتن من ابل الصدقة تخلفا وقد مضى بإبل الصدقة فأردتُ أن ألحقهما بالحِمَى خشية أن يضيعا فيسألني الله عنهما فقال عثمان : هلُّم إلى الماء والظل فقال : عُد إلى ظِلِكَ فقال : عندنا مِن يكفيك فقال : عُد إلى ظِلِكَ ثم مضى فقال عثمان : مَن أحبَّ أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا ( يقصد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) .
الجَمَـل والبكــر :
خصص صاحب حياة الحيوان الكبرى للجَمَل نصيباً وافراً من الحديث عنه بقوله : الجَمَل الذَكَر من الإبل قال الفرّاء هو زوج الناقة ، وقال ابن مسعود لما سُئِل عن الجَمَل كأنه استجهل مَن سألهُ عمّا يعرفه الناس جميعاً. وجمعُ الجَمَل جِمال وأجمال وجمائل وجمالات قال الله تعالى : " كـأنه جَمالات صُفر " . قال أكثر المفسرين هي جمعُ جِمال على تصحيح البناء كرجال ورجالات. وقال ابن عباس : الجِمالات قطع النحاس العِظام وإنما يُسمى البعير جَمَلاً إذا أربـع .
وختم الدميري حديثه عن البكر بالحديث : جاءت هوازن على بكرة أبيها ، وقالوا جاءوا على بكرة أبيهم يصفونهم بالقلّة أي جاءوا بحيث تحملهم بكرة أبيهم قلتُ وأصله : أنّ قوماً قتلوا وحملوا على بكرة أبيهم فقيل فيهم ذلك فصار مثلاً لقوم جاءوا مجتمعين . وقال أبو عبيدة معناهُ ، جاءوا بعضهم في اثر بعض كدوران البَكرة على نسق واحد وقال قوم أراد بالبكرة الطريقة أراد أنهم جاءوا على طريقة أبيهم أي يقتفون أثره وقيل هو ذمٌّ ووصفٌ بالقلّة والذلة أي يكفيهم للركوب بكرة واحدة ، وحكمه وخواصه وتعبيره كالإبل .
وقرأ بن عبّاس ومجاهد الجمل بضم الجيم وتشديد الميم ( الجُمّل ) وفسر بحبل السفينة الغليظ وسم الخياط هو بخش الإبرة أي ثقبها وقد ألغّز فيها الشاعر فقـال :
سَعَتْ ذات سم في قميصي فغادرت
به أثراً والله يشفي من السُّمِ
كسَت قيصرا ثوب الجُمّال وتُبعـاً
وكِسرى وعادت وهي عـارية الجسـمِ
مـن الكُنـــى :
وذكر الدميري عدداً من كُنى الجَمَل في صفحات كتابه حياة الحيوان الكبرى فكُنية الجَمَل أبو أيوب وأبو صفوان وفي حديث أو زرع زوجي لحم جَمَل غث على رأس جبل وعر ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنّ النبيّ r أهدى عام الحديبية في هداياه جَمَلاً كان لأبي جهل بن هِشام في أنفه بُـرّة (حبة قمح ) من فضة يغيظ بذلك المشركين . وعن العرباض بن سارية قال : " وعظنا رسول الله r موعظة ذرقت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله هذه موعظة مُودَّع فما تعهد إلينا فقال r : قد تركتم على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالِك ومَن يَعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم مِن سُنتي وسُنّة الخلفاء الراشدين من بعدي عُضُّوا عليها بالنواخذ وإيّاكم ومُحدثات الأمور فإنّ كلّ مُحدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وعليكم بالطاعة وإن كان عبداً حبشيّاً فإنما المؤمنُ كالجَمَلِ الأنف حيثما قُيَّدَ انقـاد والأنف الجَمَل المخزوم الأنف الذي لا يمتنع على قائدِه " ، وقيل الأنف الذلول. وعن أبي هريرة أنّه r قال : " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجَمَل وليضع يديه ثم ركبتيه " . وعن جابر بن عبيد الله رضي الله عنه أنّه كان مع النبيّ r على جَمَل فأعيا فنخسه النبيّ r ودعا له وقال : أركب فركب ، فكان أمام القوم قال فقال لي النبيّ r كيف ترى بعيرك فقلت قد أصابته بركتك قال أفتبيعنيه فاستحييت ولم يكن لي ناضح غيره فقلت نعم فما زال r يريدني ويقول والله يغفر لك حتى بعته بأوقية من ذهب على أنّ لي ركوبه حتى أبلغ المدينة فلما بلغتها قال r لبلال أعطه الثمن وزده ثم ردّ r عليّ الجَمَل .