►〖〗◄ من المذاهب الأدبية ( الكلاسيكية ) ►〖〗◄
الكلاسيكية ( الأتباعية ) ( مدرسة المحافظين )
عندما نسمع كلمة كلاسيك أو كلاسيكية فأن أول ما يتبادر إلى الذهن القديم .. والكلاسيكية في معناها اللغوي كلمة مشتقة من الكلمة اللاتينية كلاسيس ( classis ) التي كانت تفيد أصلا ( وحدة في الأسطول ) ثم أصبحت تفيد ( وحدة مدرسية ) أي فصلا مدرسيا .
وتكاد تنحصر أصول الكلاسيكية والواقع أن كلمة كلاسيكية جرت على السنة مؤرخي الأدب والفن اكثر مما جرت كلمة ( الاتباعية ) التي أريد لها أن تكون مقابلا للكلمة الأجنبية في الأدب التمثيلي وهو الأدب الذي أنحصر إلية جهد الكلاسيكيين وتميزوا به .
وهذا المذهب يتميز بخصائص فنية وإنسانية مجردة .. فالكلاسيكية من الناحية الفنية تحرص على جودة الصياغة اللغوية وفصاحة التعبير في غير تكلف ولا زخرفة لفظية ( أن ما يدرك إدراكا تاما ما يمكن العبارة عنة في وضوح ) .
هنا ندرك أن هذا المذهب يهدف إلى التعبير الفصيح الجيد عن المعاني الواضحة المحددة . . فقد كان من الطبيعي أن يكون اعتمادها الأول على العقل الواعي المتزن الذي يكبح الغرائز والعواطف ويسيطر عليها بادراك خفاياها وعملها الدفين .. ومن هنا كان من الطبيعي أن تتجه الكلاسيكية نحوا الأدب الموضوعي وهذا النوع من الأدب يتمثل خاصة في المسرحية أو القصة .
أصول الكلاسيكية :
هذا النوع من الأدب يتمثل خاصة في المسرحية أو القصة .
وقد عدد الدكتور / رجاء جابر .. الأصول أو القواعد الأساسية لهذا المذهب على النحو التالي :
1. محاكاة الأقدمين .. في مواجهة الأدباء الإيطاليين والأسبان الذين تركوا العنان لأخيلتهم فانساقوا لحميا عبقريتهم وفاضوا ( غالبا في التصنع والغموض والاضطراب وأكد منظرو الكلاسيكية ضرورة القواعد الصارمة بقولهم لا يوجد الهام خصب بدون نظام يتبع وبدون حرفة يتعرف على أسرارها ) وهذه القواعد كان على أدباء القرن السابع عشر والسادس عشر أن يتلمسوها .
2. الإخلاص للطبيعة.. هكذا يحتفظ العقل بتفوقه على سلطة القدماء .. والعقل نفسه وهو من الأصول الكبرى أيضا في هذا المذهب يجب أن يضبط نفسه أولا على الطبيعة .. ( وألان يجب إلا تترك الطبيعة خطوة خطوة واحدة ) من كلام لانفونتين .. ويردد بوالو نفس الصدى في ( فن الشعر ) قائلا .. ( لتكن الطبيعة دراستك الوحيدة ) وهذه هي النصيحة التي أعطاها أرسطو وهوراس وهي ت}كد ( الشعر مثل الرسم ) .. ولننظر ماقالة لابرويير .. أنت تريد .. يا أسيس .. أن تقول الجو بارد , لماذا لا تقول الجو بارد ؟ .. وهو يتفق في ذلك مع روسويه الذي يحدد في إحدى عظاته الأولي زينتين للفصاحة وهما البساطة والحقيقة .. على أن الحقيقة العارية تماما لا تكفي إذا لم توقظ المتعة الجمالية .. ( وبالفرشاة الدقيقة يصنع الفن الجميل من أقبح الأشياء شيئا محبوبا ) ( بوالو .. فن الشعر ) .
3.الموهبة والعقل..
4. مشابهة الحقيقة واللياقة.. يقوم الفن الكلاسيكي على احتذاء الأقدمين والرجوع إلى الطبيعة .. إلى جمال مثالي مطلق مستقل عن العصور والأجناس وهذا الفن الذي هو اجتماعي قبل كل شيء يهدف أولا إلى جلب المتعة ( يجب أن يكون متفقا أيضا مع ذوق الجمهور الذي يتوجه إلية .. فمبدأ مشابهة الحقيقة يعني مطابقة الفعل والشخصيات والأخلاق في العمل الأدبي لفكرة معينة عن الإنسان .
في الواقع أن الكلاسيكيين يتجنبون الإفراط والشذوذ في الخير كما في الشر ويطالبون ( إن الفن يجب أن يكون مفيدا ) أي أن طلب الإمتاع في الأدب يجب ألا يكون معاديا للفضيلة كما قال الدكتور / رجاء جابر .
نستخلص من هذا استبعاد المناظر الدامية من المسرح الكلاسيكي وأفعال العنف كالقتل والقتال باعتبارها مؤذية للمشاعر الرقيقة المرهفة .. ومن هنا فان أبطال المسرح الكلاسيكي هم محبون قبل كل شيء وبعد الحب تأتى دوافع أخرى تحدد سلوكهم كالولاء والطموح
يقول لافونتين في مقدمة كتابة ( المرآة ) : إن غرضي الأساسي هو إمتاع القارئ , ولكي اصل إلى ذلك فأنني أضع في اعتباري ذوق العصر . انتهى .
نفهم من هذا أن لكل عصر أسسه ومقاييسه الكمالية أي أن لكل عصر قواعده ويعني هذا مطابقة الفعل والشخصيات والأخلاق في العمل الأدبي لفكرة معينة عن الإنسان كما يتصوره أصحاب الذوق في عصرة .
هناك عدد كبير من الشعراء العرب الذين يعدون من أتباع المذهب / الكلاسيكي منهم الشعراء / محمود سامي البارودي , محمود صفوت الساعاتي , عائشة التيمورية , وعبد الله فكري , أحمد شوقي , وحافظ إبراهيم وغيرهم مما لا يتسع المجال لذكره .
نماذج
البارودي :
ألا حي من أسماء رسم المنازل .. وان هي لم ترجع بيانا لسائل
خلاء تعفتها الرواسم والتقت .. وعليها أهاضيب الغيوم الحوافل
فلأيا عرفت الدار بعد ترسم .. أراني بها ما كان بالأمس شاغلي
الساعاتي :
قال مادحا الخديوي سعيد :
ملأت قلوب العرب رعبا فما دروا .. بعثت لهم بالكتب أم بالكتائب
تركتهم في أمرهم بين صادق .. وآخر في تيه من الظن كاذب
تسير لهم في بحر جيش عرمرم .. يفيض بموج الحتف من كل جانب
هذه الأمثلة تبين لنا أن المذهب الكلاسيكي هو اتجاه أدبي محافظ يعتد بالجانب العقلي ويتقيد أدباؤه بالتقاليد الفنية التي أرساها الأقدمون وبالنسبة للشعراء العرب فهم يسمون بشعراء ( الأحياء والبعث ) ( دكتور / محمد صالح الشنطي ) ويسعون من خلال هذا المذهب إلى تنقية الشعر العربي من السطحية والابتذال والعودة به إلى الأصالة ( الشعر الجاهلي والعباسي ) .
وحتى لا ننجر للإسهاب ونخوض في غمار هذا المذهب فأننا نتوقف هنا لأختم بالقول ..
أن ما ذكرناه ما هو إلا تحديد لملامح هذا المذهب الواضح في معانية وتعابيرة ..