مقدمة الفصل:
سيتم تقديم بحث نتطرق من خلاله إلى دراسة عامة لنوع من الشركات التي أصبح العالم بأسره يقيم لها ألف حساب ألا وهي الشركات المتعددة الجنسيات.
ومن الضروري أيضاً وقبل الدخول في تفاصيل البحث أن نعرف بأنها الشركات العالمية النشاط والتي تعتبر في كل معانيهاإحدى السمات الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد، فهي تؤثر بقوة في الاقتصاد العالمي من خلال أنشطتها المختلفة.
ويكفي الإشارة في هذا المجال إلى أن تلك الشركاتالعملاقة ذات الإمكانيات التمويلية الهائلة ، تلعب دور القائد في الثورة العلميةالتكنولوجية ، وبالتالي فهي تعمق الاتجاه نحو العالمية أو عولمةالاقتصاد.
المبحث الأول: الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول: مفهوم الشركات المتعددة الجنسيات وطبيعتها
الفرع الأول: مفهوم الشركة المتعددة الجنسيات
- مفهوم الشركات متعددةالجنسيات:
حتى لا تتعارض نشاطات ش.م.ج مع حق الدول و الشعوب في ثرواتها ومواردهاالطبيعية فإن الأمم المتحدة الأمريكية أنشأت لجنة معينة بهدف تعريف الشركات المتعددةالجنسيات وقد كانت الفقرة 1 من المشروع المدون تضم تعريف الشركات المتعددة الجنسياتعلى أنها مؤسسة تجارية:
أولا:
تضم شركات أو كيانات أخرى مؤسسة في أكثر من دولة وترتبط مع بعضها البعض بما يمكنها من تنسيق عملياتها بطرق عديدة.
ثانيا:
تعمل بموجبنظام لاتخاذ القرارات يسمح بوضع سياسات مترابطة إستراتيجية مشتركة من خلال مركز أوأكثر لاتخاذ القرارات تربط فيها الكيانات عن طريق الملكية أو غير ذلك بشكل يسمحلواحدة منها أو أكثر بممارسة تأثير ملحوظ على أنشطة الكيانات الأخرى وخصوصابالمشاركة في المعلومات الواردة و المسؤوليات مع الآخرين.
وعليه يمكننا القول: بأن ما يطلق عليه الشركات المتعددة الجنسياتهي بكل المعاني السابقة: شركة قومية تحتل مكانتها أساسا في اقتصاد ومجتمع الدولةالأم ويقصد هذا الحكم على كل من الملكية و الإدارة .فإدارة الشركات التابعة وإجمالمجموع الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه الأخيرة في يدها بكافة القراراتالأساسية وبمهمة التخطيط والحساب والرقابة وكذلك بملكية المشروعات الأجنبية كاملةفي الشركة الأم إذ أنها صاحبة الاستثمار التي تعمل من خلال شركاتها التابعة لهاوفي حالة المشروعات المشتركة أي التي تكون فيها ملكية رأس المال مقسومة بينالشركة الأم أو حكومات أخرى تقوم الشركة الأم بالسيطرة على العملية الإدارية والتخطيطية إلى درجة كبيرة وتطمئن إلى أن المشروع المشترك يندمج في إستراتيجيتهاالعالمية.
الفرع الثاني: مفهومها الاقتصادي وطبيعتها
- المفهوم الاقتصادي للشركات م.ج. وطبيعيتها:
إن المفهوم الاقتصادي لشركة متعددة الجنسيات سواء أن كانت خاصة أو عامة هو تميزها بموقعها الإستراتيجي العالمي في تسيير مواردها الاقتصادية و الفنية الخاصةبالإنتاج إذ تعمل في ظل شروط احتكار الأقلية للمشروعات وليست وفقا لشروط المنافسةالحرة.وهذه الشركات على الرغم من أنها تستثمر الجزء الكبير من مواردها في العديد منالدول وذلك بواسطة فروعها المتواجدة عبر الدول النامية إلى أنها تضل دائما مرتبطةبهذه الأخيرة و التي تسيطر على الغالبية العظمى من الأموال وتضل تابعة لها وهذاما أدى بالتحكم في رقابتها الموزعة بصفة نسبية حسب مصالح الشركة.
وهنا يمكنناالقول بأننا أمام شركات عظمى ذات انتشار عالمي واسع مما جعل أحد الكتاب يقول: "الشركة متعددة الجنسيات هي مشروع وطني، يملك ويراقب العديد من الفروع الموزعة فيالعديد من الدول. هذه الشركات التي تعد وراء العديد من المشروعات الكبرى تقومبالنشاط في المجال الصناعي، وهذه الملاحظة تبعث إلى القول بأن ظاهرة تعدد الجنسياتترتبط بالطبيعة الاحتكارية لاقتصاد الدولة التي تتبعها هذه الشركات"
ويظهر علىهذه ش.م.ج ذات طابع احتكاري واستغلالي، طابع السيطرة على عرض سلعة أو خدمة في السوقوهو لا يتحقق إلا في حالة سيطرة عدد قليل من أصحاب رؤوس الأموال على غالبية الإنتاجمما يترتب عنه التحكم في أثمان السلع و الخدمات، وعملية الاحتكار ليست مقصورة علىالأسواق العالمية فحسب بل إنها تكون أيضا للسوق المحلية" كصناعة التبغ فيالجزائر" وقد يمتد إلى نطاق أوسع ليشمل الأسواق العالمية " كاحتكار الدولة للتجارةالخارجية" وقد يصبح الاحتكار نتيجة حتمية ويتجلى ذلك في مجال الخدمات التي تمثلمنفعة عامة " كالكهرباء، مياه
الشرب" فتخضع عادة إلى إشراف الدولةللاستغلال.
-الطابع الموحد للشركات متعددة الجنسيات:
فكرة الإستراتيجية الموحدة تفرض وجود شركة أم تسهر علىوضع خطة وبرنامج تسير عليه كل الوحدات الموزعة في العالم حتى تكون لها السيطرة ومنهنا تتحقق خطتها الشاملة وهذه الخطة الموحدة المتمثلة في الإدارة الأم تسمىالجهاز الإداري أي القيادة العليا وبالتالي مركز قرار واحد يقوم بإصدارالأوامر والقرارات، وكذلك تكون على صلة بينها وبين الشركة الأم وبين الشركاتالتابعة لها ، وتفرض عليها طريقة تسيير ملزمة حتى تتحقق سياستها الشاملة ، و الشركةالأم تعين لها حدود وتفرض عليها أن تكون سياستها مستقلة مع السياسة العامةويتوقف النجاح إلى حد كبير على التوفيق الحاذق و الفعال بينالمطلبين:
أولهــا:وحدة إصدار القرار في مواجهة الكلالمكون للشركة و المبادرات وخاصة المبادرات اللامركزية ، المحلية الصادرة عن فروعالشركة الأم .
ثانيها:ترجمة القانون بفكرةالتسلط و السيطرة و الرقابة ويقصد بذلك العلاقة الفعلية أو القانونية بين الطرفينوذلك عندما تأثر و تحدد القرارات الصادرة من إحداها على
مسلك الطرقالأخرى.
- الطـابع التعددي للشركات متعددة الجنسيات:هناك طابعمزدوج تعددي يميز الشركة متعددة الجنسيات فهي مكونة من عدة شركات، تتمتع بالخاصيةالقانونية المستقلة ويتم تشكيلها وفقا لقوانين وطنية متعددة وعلى هذا النحو فإنهاتتمتع بالجنسيات المختلفة.
إلا أن هذه المجموعة من الشركات تعد غير واضحة فيالنظم القانونية ، حيث نجد أنالعلاقات بين هذه الشركات تقوم على تنظيم العلاقات بين أعضاء المجموعة على أساسالقانون العام للشركات الذي يكيف وفقا للظروف ،هذا من جهة ، من جهة أخرى فإن توزيعأعضاء المجموعة بين الدول المختلفة عبر العالم يمكن النظر إليه بوصفه أحد المشاكلالتقليدية للقانون ولا سيما القانون الدولي الخاص الذي تسري قواعده بشأن العلاقاتالقائمة بين الشركات المنتمية إلى أنظمة قانونية مختلفة ، هذه الشركات تنشأ وفقالقانون الوطني ، وبالتالي تكتسب جنسيات مختلفة وبالنظر إلى أن الشركة متعددةالجنسية لها أنشطة متعددة في كل المجالات من أبسط إنتاج صناعي إلى صناعة الصواريخالعابرة للقارات ، فإنها تمثل بواسطة فروعها المختلفة في أكثر من إقليم وطني. وعلاوة على الشخصية القانونية لكل من الشركات الفرعية فإن تلك الأخيرة تحتفظ دائمابنوع من الذاتية و الجزئية المتمثلة في الاحتفاظ بوحدات مرتبطة فيما بينها، رغمتمييزها ولكن تتخطى الشركة نفسها حدود الدولة الواحدة.
المطلب الثاني:سمات وخصائص الشركات المتعددة الجنسيات
الفرع الأول: سمات الشركات المتعددة الجنسيات
دورها الكبير: فأصبحت تسمى أيضا الشركات متعددة القومية ليست متعددة الجنسيات إذ أن لها جنسية واحدة هي جنسية الوطن الأم إلا أنهاكالشركات متعددة الجنسيات تعمل على نطاق عالمي في تحول الرأسمالية العالمية منالرأس مالية القومية إلي رأسمالية ما وراء الحدود القومية،في زمن العولمة،هذهالشركات تلعب دورا أساسيا في هذا التحول حيث غدت المنظمة المركزية للأنشطةالاقتصادية في الاقتصاد العالمي .
حجمـها الكبير: لقد تطور حجم وعددالشركات متعددة الجنسيات خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين حيث لميتجاوز عددها أوائل السبعينات بضعة آلاف شركة وقارب عددها أواخر التسعينات ما يزيدعن 60 ألف شركة تنفق هذه الشركات مبالغ طائلة في أعمال البحث و التطوير العلميللمنتجات ودراسات التمويل و التسويق و تتوزع أنشطتها في مصانع متعددة منتشرة في عدةأقطار.
الفرع الثاني: خصائص الشركات المتعددة الجنسيات
1-ضخامة الحجم: تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، وحجم إنفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها . ولكن أهم مقياس متبع للتعبير عن خاصية الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف.
2-ازدياد درجة تنوع الأنشطة: تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى إن الشركات المتعددة الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى.
3-الانتشار الجغرافي – الأسواق-: من الميز التي تتميز بها الشركات المتعددة الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خارج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات.
4-القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم: إن هذه الخاصية ناتجة عنكون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي. على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي (انجلترا-ألمانيا-فرنسا-سويسرا-اليابان)، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية -:المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات- ارتفاع العائد على الاستثمارات- تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته- توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات- الطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي .
5-إقامة التحالفات الإستراتيجية: وهي تعتبر من الخصائص الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها من أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية إن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات.إن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحالف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير لما يحتاجه من تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة ، للشركات متعددة الجنسيات.
6-المزايا الاحتكارية: تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، وترجع هذه الخاصية إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات ، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم، ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له باحتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة . وهذا الوضع يتيح للشركات المتعددة الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها . وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي.
7-تعبئة المدخرات العالمية: إن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية :
أ- طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالميةالهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها .
ب- تعتمد الشركات متعددة الجنسيات، عند الإقدام على عمليات كبرى على الاقتراض من البنوك المتعددة الجنسيات وبمعدلات عالية .
جـ- تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
د- إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن للتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها.
وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية .
8-تعبئة الكفاءات: تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة.
9-التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية: يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل . يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعددة الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك لاقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية.
المطلب الثالث:تأثير ش.م.ج على الاقتصاد العالمي الجديد
1-التأكيد على صفة العالمية: من الطبيعي ، أن الشركات المتعددة الجنسيات قد قامت بدور رئيسي في تعميق مفهوم العالمية والذي يتمثل بصفة أساسية في تطوير إطار أعمال منظم عابر القوميات يؤدي إلى عولمة الاقتصاد ، بما في ذلك الدفع نحو توحيد وتنافس أسواق السلع والخدمات وأسواق رأس المال وأسواق التكنولوجيا والخدمات الحديثة ، ويدعم بنية أساسية هائلة للاتصالات والمواصلات والمعلومات والإعلام والفنون والثقافة. أن الشركات متعددة الجنسيات حولت العالم إلى كيان موحد إلى حد بعيد من حيث كثافة الاتصالات والمعاملات فيه ، وبالتالي من خلال هذه الشركات بدأت تنتشر العالمية أو العولمة على كافة المستويات الإنتاجية والتمويلية والتكنولوجية والتسويقية والإدارية .
2-التأثير على النظام النقدي الدولي: وهو يتبين من الحجم الضخم من الأصول السائلة والاحتياطات الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعددة الجنسيات و مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الشركات على السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي . أن الأصول الضخمة المقومة بالعملات المختلفة للدول التي تعمل بها الشركات المتعددة الجنسيات ، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة إمكانيات هذه الشركات في التأثير على النظام النقدي العالمي. فإذا أرادت هذه الشركات ، وبقرار يتخذ من جانب المسؤولين عن إدارة الشركات المتعددة الجنسيات بتحويل بعض الأصول من دولة لأخرى من شأنه أن يؤدي إلى التعجيل بأزمة نقدية عالمية .
3-التأثير على التجارة العالمية: من المعروف وكنتيجة لاستحواذ الشركات المتعددة الجنسيات على نسبة كبيرة من حجم التجارة وحركة المبيعات الدولية فإنها تؤثر بلا شك على منظومة وهيكل التجارة الدولية من خلال ما تمتلكه من قدرات تكنولوجية عالية وإمكانيات وموارد قد تؤدي إلى إكساب الكثير من الدول بعض المزايا التنافسية في الكثير من الصناعات.
4-التأثير على توجهات الاستثمار الدولي: إن الشركات المتعددة الجنسيات تنفذ الجزء الأكبر من الاستثمارات الدولية سنويا. ويلاحظ في هذا المجال أن الخريطة الاستثمارية للاستثمار الدولي تتأثر بتوجهات النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسيات حيث لوحظ أن من أهم سمات أو خصائص تلك الشركات هي تلك الخاصية المتعلقة بالتركز الاستثماري ، فقد لاحظنا أن هذه الشركات تتركز استثماراتها في الدول المتقدمة بل وفي عدد محدود من الدول المتقدمة ، حيث تستحوذ هذه الدول على 85% من النشاط الاستثماري لتلك الشركات و من ناحية أخرى تحصل الدول النامية على نسبة 15% فقط من النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسيات .
5-تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي: إن تفاعل تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على التجارة العالمية وتوجهات الاستثمار الدولي ، قد أدى إلى تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي وأصبحت قرارات الإنتاج والاستثمار تتخذ من منظور عالمي وفقاً لاعتبارات اقتصادية فيما يتعلق بالتكلفة والعائد.
6-التأثير على نقل التكنولوجيا وإحداث الثورة التكنولوجية: تقوم الشركات المتعددة الجنسيات بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية فالعالم يعيش اليوم الثورة الصناعية الثالثة ، والتي نطلق عليها الثورة العلمية في المعلومات والاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا العالية. و لهذا السبب فان التحدي المطروح أمام البلدان النامية، هو ضرورة تنمية قدراتها على خلق آليات للتعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات . أن نقل التكنولوجيا من خلال الشركات المتعددة الجنسيات يتأثر بتوجهات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تقوم به تلك الشركات عبر مناطق العالم المختلفة.