۩۩ مركز لأخلاقيات الطب..يحتضر! ۩۩
أ.د. جمال الجارالله
لعل الكثيرين لايعلمون أن هناك مركزاً لأخلاقيات الطب موجوداً أصلاً فضلاً على أن يكونوا على علم بأنه يتهاوى أو يحتضر.
أنشئ هذا المركز تابعاً لمركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض،وحمل طموحات كثيرة لمن أنشأه وأشرف عليه،ووضعت آمال كبيرة على نجاحه ونشاطه واحتوائه لكثير من قضايا أخلاقيات الطب والعلوم البيولوجية.
وكان من أهداف المركز مايأتي:
- تصميم برامج للدراسات العليا في مجال أخلاقيات الطب والعلوم البيولوجية.
- تسجيل المشاريع البحثية.
- تنظيم منتديات لمناقشة قضايا أخلاقيات الطب.
- مساعدة الممارسين في المجال الطبي المهتمين بأخلاقيات الطب وتدارس قضايا الأخلاقيات الطبية معهم.
- إفشاء الفهم والمعرفة لحقوق المرضى من وجهة نظر إسلامية.
- حماية الأطباء والعاملين في المجال الصحي والبحوث الطبية الحيوية من الوقوع في ممارسات غير أخلاقية تتنافى مع أخلاقيات الطب.
هذه بعض أهداف المركز.
وقد قام المركز آنذاك باختيار مجلس استشاري شرفت بأن أكون أحد أعضائه مع كوكبة من الأطباء والعلماء والباحثين المهتمين بأخلاقيات الطب.
كما اتخذ أسلوباً ناجعاً في بداية الأمر بالانفتاح على جهات لها علاقة بتأطير أخلاقيات الطب. كما كانت له صلات وثيقة بمراكز أكاديمية خارج المملكة لدعم برامج الدراسات العليا وكان على وشك البدء في تنفيذ بعض هذه البرامج.
لقد كان المركز آنذاك منتدى للمهتمين بأخلاقيات الطب، أحدثت حراكاً جيداً ضمن برنامج منظم لمناقشة جملة من الموضوعات كان من أهمها عقد ندوات متخصصة في الموضوعات التالية:
- تخفيض عدد الأجنة والقضايا الشرعية والأخلاقية المتعلقة بها.
- الأخطاء الطبية.
- التشخيص الجيبني.
كما عقدت ندوة علمية بالتعاون مع مجمع الفقه الطبي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
أما البرامج الأكاديمية التي كان يطمح المشرفون على المركز في استحداثها، وقد بدؤوا فعلاً ببعض الخطوات العملية بصددها فقد كانت كالآتي:
- دبلوم عال في أخلاقيات الطب من منظور إسلامي بالتعاون مع جامعة أكسفورد في بريطانيا.
- ماجستير في أخلاقيات الطب بالتعاون مع جامعة فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
- دكتوراة في أخلاقيات الطب من منظور إسلامي بالتعاون مع مركز أخلاقيات الطب بجامعة سانت لويس بأمريكا.
وهذان البرنامجان (الماجستير والدكتوراة) بالتعاون مع معهد دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية بجامعة درم في بريطانيا.
وأخيراً قام المركز بتنفيذ بعض الأبحاث المتعلقة بالحج بالتعاون مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، كما كان للمركز طموح لإجراء بحوث أخرى.
ومن الجدير ذكره هنا أن المركز قد تفرد بالتفكير بدراسة المشكلات المتعلقة بالمرأة في القطاع الصحي بتشكيل لجنة نسائية لدراستها لوضع الحلول لها.
هكذا كانت الخطة،وهكذا كان الحزم،وهكذا كانت الطموحات، وكما تلاحظون فقد كانت طموحات كبيرة تحتاج إلى جهد ووقت وإمكانات وقدرات فائقة على التنسيق والإدارة والمتابعة. كما أنها تحتاج إلى فريق عمل متفرغ للقيام بمهام المركز، إضافة إلى التسهيلات الإدارية والمالية، فما الذي حدث بعد ذلك؟
لقد خفت صوت المركز فلم نعد نسمع حتى الهمس، ولم يعد له أي وجود يذكر في واقعنا، وكادت الآمال أن تضيع، وأجزم أن كل من كانت له صلة فيه سواء من أعضاء المجلس الاستشاري (وقد حدثني بعضهم عن ذلك)أو العاملين فيه أو حتى الذين كانوا ينتظرون مزيداً من أنشطته، أجزم أن كل هؤلاء أصابهم الإحباط.
لقد تأخرت في الكتابة عن هذا المركز الطموح لأنني كنت أرى أنه بذرة مهمة في تاريخ أخلاقيات الطب في المملكة بل ربما في كل منطقتنا العربية والإسلامية، فحسب علمي لايوجد أي مركز مماثل في أي بلد عربي أو إسلامي بمثل هذه المواصفات وهذا الطموح، ولازال لدي أمل في قيامه من كبوته.
ولاأريد هنا أن أضع توصيات محددة بشأن الكيفية التي يمكن أن يعاد للمركز اعتباره من خلالها. فالمسئولون في المستشفى التخصصي أكثر قدرة على تشخيص الداء ووصف الدواء،إلا أن أدعو إلى مزيد من الانفتاح على الآخرين.
ومن هنا أدعو المسئولين في المستشفى التخصصي ليضعوا أيديهم مع الآخرين لتعود للمركز حيويته ونشاطه. وهناك سبل كثيرة يمكن التفكير فيها ودراستها وتفعيلها.
والله من وراء القصد.