أصل كلمة يخت yacht هولندي، وتكتب jacht وتعني قديماً الصيد، وكانت اليخوت الألمانية تتصف بالخفة والسرعة، وتستخدم في سلاح البحرية الألماني بهدف حماية المياه الإقليمية. وقد استخدم ملك بريطانيا تشارلز الثاني Charles II أحد هذه المراكب للعودة من هولندا إلى بريطانيا عام 1660، وأطلق عليه اسم «ماري»Mary، وكانت اليخوت تصنع حتى عام 1950 من مادة الخشب، أما الكبيرة منها فكانت تصنع من المعدن، في حين تصنع اليوم من أنواع كثيرة من المواد أهمها الفيبر غلاس fiberglass، ومع هذا لازال الخشب الأكثر استخداماً في صناعة اليخوت التقليدية غالية الثمن التي يقتنيها الأغنياء هذه الأيام نوعاً من التقليد أو لإظهار الغنى.
وبعد الألمان بدأ الإنكليز بتصنيع اليخوت؛ إذ كان اليخت الهولندي ـ الذي قدم عليه تشارلز عام 1660ـ البداية، ثم قام الملك تشارلز Charles وأخوه جيمس James ببناء يخت ثان عام 2661؛ وذلك بهدف المراهنة على مئة جنيه في حال نجاحهما بقطع المسافة به بين غرينتش Greenwich وغرايڤزِند Gravesend والعودة، ثم أضحت اليخوت موضة للنبلاء والأثرياء.
وتختلف اليخوت بمواصفاتها من حيث الحجم والقوة والسرعة، وهي نوعان:
ـ الأول يخوت الأشرعة (الشراعية).
ـ الثاني يخوت المحركات الانفجارية.
وهي تختلف عموماً عن المراكب العادية والبخارية بجمالها ورفاهيتها؛ لذا كانت حكراً على طبقة الأغنياء فقط. وتتنوع يخوت المحركات من حيث المواصفات، وهي أساساً سفن مدفوعة بمحركات احتراق بخارية، ومن ثم أصبحت محركات نفاثة فزادت سرعتها، وأصبحت تستخدم في السباقات، وهي تشبه قوارب الدفع المستخدمة في العمليات العسكرية. وتختلف اليخوت المدفوعة بالمحركات النفاثة باختلاف محركها، وهي ثلاثة أنواع وفقاً لطبيعة المحرك ومكان تركيبه وأسلوبه وعمله:
ـ النوع الأول يركب فيه المحرك من الداخل ويسمى powerplant.
ـ النوع الثاني يركب فيه المحرك من الخارج، ويكون على مؤخرة اليخت، ويكون مزوداً في هذه الحالة بناقل سرعة.
ـ النوع الثالث يركب فيه المحرك من الداخل والخارج، ويكون محرك الاحتراق الداخلي هنا مكوناً من مكثف للتبريد ومروحة دفع خارجية.
وكانت المحركات النفاثة قد أضيفت إلى المحركات البخارية أول مرّة في بداية القرن الثامن عشر في مدينة برمنغهام Birmingham بوساطة المهندس جيمس واط James Watt؛ لكن المحركات التي تعمل بالوقود لم تعرف إلا في أوائل القرن التاسع عشر حينما لاحظ فريدريك وليم إمكانية دمج ميزات النوعين من المحركات بغية الوصول إلى أول زورق سريع في بريطانيا وفي أكسفورد تحديداً حيث كانت الولادة الأولى لأول قارب سرعة من هذا النوع.
وليخوت السرعة مواصفات وأشكال خاصة؛ فشكلها المجوف يوفر لليخت وسادة هوائية تحت القارب مما يجعله يلامس الماء فقط لبضعة سنتمترات في أثناء انطلاقه، ويقلل من مقاومة الماء، ويزيد من سرعته. ويبلغ طول اليخت ستة أمتار، وعرضه مترين، ويبلغ وزن يخت السرعة 390كغ إضافة إلى وزن المحرك الذي يصل إلى 180كغ.
سباقات اليخوت
يخوت تدور حول جزيرة في أحد سباقات اليخوت
بدأت سباقات اليخوت في أواسط القرن الثامن عشر على نهر التايمز Thames في لندن، وكان للدوق تامبرلاند الفضل في إطلاق هذه السباقات وتنظيمها، وكان ذلك عام 1775، وعندما تسلّم جورج الخامس الحكم عام 1820 زاد الاهتمام بسباقات اليخوت، وأصبحت تدعى «سباقات الإبحار الملكي»، وأسس «نادي يخوت نهر التِمز»، ثم أصبح اسمه عام 1830 «نادي اليخوت الملكي»، وطلب جورج الخامس من كل أعضاء النادي امتلاك يخوت يكون وزنها على الأقل 20 طناً، وكانت الرهانات على السباقات مزدهرة.
ويعدّ الألمان في شمالي أمريكا أول من قام بصناعة اليخوت هناك، وكان ذلك في نيويورك في القرن السابع عشر، وأسس أول ناد لليخوت في أمريكا في مدينة نيويورك عام 1844، وفي عام 1893 تم تأسيس «نادي ديترويت»؛ لكن السيطرة الإنكليزية على رياضة اليخوت كانت الأكثر وضوحاً. وكان الإبحار في البداية بغاية المتعة قبل أن يصبح سباقاً أو مسابقة.
وعندما صار الإبحار رياضة تنافسية بدأ بأنواع مختلفة من اليخوت بحيث تقام معظم هذه السباقات حول علامات طافية في المياه القريبة من السواحل، في حين يقام بعضها الآخر لمسافات طويلة بعيداً عن الشواطئ، وبعضها يقام في المحيطات، وعليه يمكن تصنيف أبرز أنواع سباقات اليخوت في ثلاثة أنواع هي:
لقطة من أحد سباقات سيدني ـ هاربر
1ـ سباقات المرافئ والعوامات، وتقام في المياه الإقليمية قرب السواحل، وهي سباقات قصيرة المسافات على الغالب، ويراوح وقتها من دقائق إلى ساعات وفقاً لنوع السباق، وتكون المراكب هنا صغيرة الحجم نسبياً. ويتكون السباق من مجموعة أشواط، ويفوز في نهايته القارب ذو الأداء الأفضل بمجمل الأشواط. وأشهر هذه الأنواع من السباقات هو «سباق كأس أمريكا» America’s Cup، وهذا النوع من السباقات ينتشر في كل أنحاء العالم، ومن أهمها «سباقات برمودا»، وهي سلسلة من السباقات السنوية، وتتألف من دورات عدة في حلبة مثلثية الشكل محددة بعدد من العوامات، وقد يكون السباق للفّة واحدة أو لعدّة لفّات أو وفقاً لزمن محدد تحتسب في آخره المسافات المقطوعة لكل يخت.
2ـ سباقات اليخوت في البحار البعيدة عن الشاطئ، وتقام في المناطق البعيدة في المحيطات، وتستمر أياماً عدة، وبعضها يكون للدوران حول العالم. وأشهر هذه الأنواع من السباقات «سباق عابر المحيط الهادئ» Pacific Yacht Race، وكان أول سباق من هذا النوع هو سباق «عبر الأطلسي»، وقام به وليم ألبرت William Albert عام 1891، أما أول سباق من هذا النوع فقد أقيم بإشراف الاتحاد الدولي لليخوت، وكان ذلك عام 1960.
3ـ سباقات القوارب السريعة، وتتم عبر المحيطات، وتعدّ من أشهر سباقات قوارب السرعة وأكبرها. ويتم فيها احتساب النقاط لكل مرحلة على حدة، ويفوز من يحرز نقاطاً أكثر. ويُستخدم في هذا النوع من السباقات محركات هي الأقوى بين كل محركات السباقات الأخرى مما يجعلها سباقات خاصة بالنخبة من البحارة. على الرغم من وجود رعاة وممولين للفرق في هذه السباقات؛ فإن هذه الرياضة لاتزال نخبوية لذوي الإمكانات المالية العالية، وهي تجمع بين التمويل الشخصي وتمويل الشركات.
وهناك سباقات أخرى مهمة أبرزها:
لقطة من أحد سباقات برمودا
سباق سيدني ـ هاربر Sydney to Harbor yacht race.
سباق برمودا The Bermuda Race.
سباق عابر الأطلسي Rolex Transatlantic Challenge.
سباق كأس غرب مارينا West Marina Cup.
ولسباقات اليخوت تصنيفات وأنواع كثيرة؛ بعضها معترف به دولياً، وله ألقاب عالمية، ويحصل الفائزون بها على بطولات العالم، وبعضها إقليمي يقام في مناطق محددة من العالم، ولكل منها أنظمته وقوانينه الخاصة وصولاً إلى المحلية الخالصة التي لا تمارس إلا في دول بعينها.
وتحكم سباقات اليخوت تصنيفات وفقاً لمواصفات المحركات والسرعات التي تراوح بين 150ـ220كم/سا. ويعدّ سباق «بطولة العالم للزوارق الفئة الأولى» الأشهر في العالم، وهي تشبه إلى حد كبير سباقات «الفورمولا 1» Formula One من حيث القواعد والأنظمة المطبقة حيث يتكون السباق من عدة لفات مدة 45 دقيقة متواصلة، ويفوز بالسباق من يصل أولاً أو يقطع مسافة أطول. وتنتشر هذه السباقات في جميع أنحاء العالم على مدار العام، ويفوز بنهاية السباقات من فاز بأكبر عدد منها تماماً كسباقات السيارات. وقد ظهرت هذه السباقات رسمياً عام 1981، وازدادت أهميتها في العالم حتى بلغت ذروتها عام 2006 حين شارك 12 فريقاً على مدى عام كامل في مناطق مختلفة من العالم لنيل لقب البطولة. ويُؤخذ على هذا النوع من السباقات خطورتها التي تسببت في وفاة عدد من البحارة، وذلك لأن المكان المحدد للربان في ركن اليخت المكشوف لا يعدّ آمناً أو قادراً على حمايته عند وقوع الحوادث مما دعا المهتمين والفنيين إلى البحث عن سبل تكفل سلامة البحارة إلى أن توصل المصمم البريطاني كريس هودغر Chris Hodger إلى تصميم حجرة أمان من مواد مركّبة، وجعل ركن الربان داخل المركب ضمن «كبسولة» تنفصل عن جسم المركبة عند وقوع الحادث؛ مما خفف من إصابات البحارة إلى درجة كبيرة. وفي عام 1930 قام البريطاني ديف برغس Dav Burgess بتصميم غطاء لركن الربان مغلق تماماً بغية حمايته من قوة الماء في الهبوط العنيف والمفاجئ في أثناء الانطلاق والطيران، كما أضيفت في العام نفسه وسادة الهواء لركن الربان تفتح عند حدوث الاصطدام مما خفف أيضاً من إصابات البحارة.
رخصة الربان
لا يسمح لأيّ ربان بقيادة المراكب والمشاركة في السباقات ما لم يكن قد حصل على إجازة تتيح له ذلك بعد نجاحه بالاختبارات الطبية الصارمة واختبارات معرفة الطقس وآليات عمل اليخوت، وذلك عبر امتحانات معقدة وصعبة.
اليخوت والألعاب الأولمبية
كانت رياضة اليخوت في كل الدورات الأولمبية منذ العام 1900 عدا دورة عام 1904، وكانت اليخوت المعتمدة هنا هي اليخوت صغيرة الحجم، وكانت السباقات تقام لقوارب من أحجام مختلفة الأشكال والأوزان. وبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت أحجام اليخوت ومواصفاتها أكثر دقة، فقلّت الفوارق، وأصبح عدد أنواع اليخوت المستخدمة في المسابقات الأولمبية خمسة؛ لكل منها سباقه الخاص به.