بسم الله الرحمن الرحيم
هناك فرق كبير في مستوى مهارات السباحة بحسب الهدف الممارس ان كان للمتعة او للمنافسة. ويتعدى ذلك الفرق الى حد الاختلاف بين المتنافسين انفسهم، فنجد ان سباحاً هو اسرع من السباح الثاني. ويعود ذلك الاختلاف بشكل رئيس الى طريقة تعامل هؤلاء السباحين مع السائل (الماء) الذي ينتقلون خلاله. ولأجل الاستفادة من قوانين الماء الديناميكية، يجب علينا اولاً فهم القوى التي تؤثر في السباح داخل الماء. حيث ان هناك اربع قوى تعمل مع او ضد جسم السباح، تلك القوى مشابهة للقوى التي تؤثر في الطائرة. ففي المستوى العمودي (الشاقولي)، فان وزن جسم السباح يجابه بقوة دفع الماء (قوة الطفو) العمودية، وبالرغم من ذلك فان للاشخاص قابلية طفو متغيرة. لذا يجب التغلب على قوة وزن الجسم والذي يتم من خلال حركات الذراعين و الرجلين التي تعمل على فعل الضغط للاسف لتجابه برد فعل يؤدي الى رفع جسم السباح الى سطح الماء. وفي المستوى الاقي هناك قوتان متعاكستان هما قوتا الدفع و الاعاقة.
اما قوة الاعاقة فتظهر على شكلين.. الاول هو اعاقة الضغط، وهو الشكل الذي ينتج من خلال الدوامات التي تنشأ خلف السباح و الناتجة عن وضع جسمه المائل نسبةً الى سطح الماء. والثاني هو اعاقة احتكاك الماء مع جلد الجسم. وبذلك فان انتقال السباح خلال الماء يؤدي الى حدوث اضطرابات ودوامات تؤدي الى زيادة اعاقة الضغط، لذا يجب الحصول على الوضع الافقي الممتد مع سطح الماء للتقليل قدر الامكان من تلك الاعاقة. في الجانب الاخر فان قوة الاعاقةالناتجة عن احتكاك الماء مع جلد الجسم تزداد مع الوضع الافقي الممتد وذلك لزيادة مساحة سطح الجسم المحتك، لكن تلك الاعاقة غير فاعلة بشكل كبير مقارنة مع قوة اعاقة الضغط، وبذا فان الوضع الافقي الممتد يقلل من المحصلة العامة للاعاقة.
حركة الذراعين :
بشكل عام تقدم حركة الذراعين الفاعلية الاكبر لدفع الجسم للامام داخل الماء. والفرق بين سباح وآخر هو كيفية استخدام تلك الحركة لزيادة قوة الدفع. وافضل السباحين هم الذين يؤدون حركة الذراعين المشابهة للمروحة وليس حركة السحب للخلف لدفع الماء كما يتصور البعض. حيث كان يعتقد ان الحركة المجذافية المستقيمة هي المؤثر الاساس في انتاج قوة الدفع، في حين ان الحقيقة العلمية اثبتت ان دفع كمية كبيرة من الماء لمسافة اقصر هي اكثر فاعلية من دفع كمية صغيرة من الماء لمسافة طويلة. وعلينا متابعة حركة الذراعين للسباحين والتي تظهر مجموعة من الحركات القوسية لدفع ما يسمى بـ(الاسطح الثابتة للماء) والتي تنتج المقاومة الاكبر بما يزيد من قوة رد فعل الماء لدفع الجسم الى الامام. ومن خلال متابعة الحركة المروحية للذراع و الكف داخل الماء يتبين لنا ان تلك الحركة هي التي تؤدي الى انتاج قوة الرفع والدفع في آن واحد، حيث ان المنطق العلمي الذي يقول ان فعل الدفع للاسفل يولد رد فعل للاعلى كما ذكر اعلاه، لا ينطبق تماماً على حركة ذراعي السباح في حين انها مشابهة لفاعلية مروحة الطائرة والتي تعمل على رفع الطائرة اضافة الى دفعها الى الامام خلال الهواء.
ضربات الرجلين :
ان الفاعلية الرئيسة لضربات الرجلين هي المحافظة على استقامة الجسم مع سطح الماء اضافة الى فاعلية ثانوية هي الدفع للامام. حيث ان السباح يستفيد بشكل قليل من ضربات الرجلين فيما يتعلق بقوة الدفع. وتكون نسبة الاستفادة تلك مختلفة اعتماداً على نوع السباحة فيما عدا سباحة الصدر التي تكون فاعلية الرجلين فيها كبيرة في انتاج قوة الدفع. ولزيادة الاستفادة من ضربات الرجلين يجب ابقاء القدمين داخل الماء اثناء الحركة. حيث ان انتقال القدمين من خارج الماء الى داخله يؤدي الى تكوين دوامات كبيرة بسبب دخول الهواء لحظة دخول القدمين مما يزيد من الاعاقة. لذلك فان الاختلاف في اداء تلك الضربات يؤخذ بعين الاعتبار عند المقارنة بين السباحين.
في سباحتي الزحف على البطن والظهر تكون احدى الذراعين عاملة داخل الماء في حين ان الذراع الثانية وفي لحظة من اللحظات تؤدي الحركة الرجوعية خارج الماء. ويؤدي ذلك التبادل في العمل الى حصول زاوية بين الجذع والرجلين مما يزيد من اعاقة الضغط. في حين ان الاستمرار بضربات الرجلين خلال التبادل بعمل الذراعين يؤدي الى المحافظة على الوضع الافقي الممتد للجسم مما يقلل من الاعاقة.
اما انواع ضربات الرجلين، فان هناك ثلاث انواع من الضربات في سباحة الزحف على البطن.. الضربة السداسية، الضربة الثنائية وضربة كوسوفر الثنائية (ذلك خلال حركة كاملة للذراع الواحدة). اما الضربة السداسية فهي المفضلة في المسافات القصيرة (سباقات السرعة)، حيث يعتقد انها مناسبة لرفع جسم السباح عالياً مع سطح الماء. في حين ان الضربة الثنائية هي المفضلة في المسافات الطويلة لانها تعمل على المحافظة على توازن جسم السباح افقياً وتقتصد في صرف الطاقة اثناء السباحة لمسافات طويلة. وهنا لا يمكن ان نجزم بأفضلية نوع على النوع الثاني بشكل قطعي.
اما في سباحة الفراشة فان ضربات الرجلين تعرف بـ(حركة الدولفين) لانها تشبه حركة ذيل الدولفن اثناء حركته. وتكون فاعليتها ايضاً موازنة جسم السباح من خلال التوقيت السليم مع حركة الذراعين، اضافة الى انتاج قوة الدفع. وحيث يعتقد الكثير انها حركة صعبة جداً، الا ان ادائها بالتوقيت المناسب يوضح انها حركة سهلة للغاية. وعند المقارنة بين ضربات الرجلين عند الانسان في سباحة الفراشة وحركة ذيل الدولفين، اثبتت البحوث التي اجريت على احد ابطال العالم في سباحة الفراشة واحد الدلافين ان الضرب للاسفل عند الانسان هو الاسرع من الرفع للاعلى، في حين ان الرفع للاعلى عند الدولفين هو الاسرع من الضرب للاسفل، واجمالاً فقد بين البحث تشابه كبير في شكل الحركة عند الاثنين.
من كل ما تقدم نجد ان الفرق بين سباح وآخر هو في كيفية التعامل مع القواعد والثوابت المؤثرة لديناميكية الموائع. وقد اثبتت الدراسات ان اسرع السباحين لا يفكرون في كيفية حركة ذراعيهم داخل الماء بقدر احساسهم وشعورهم بذلك الماء الذي ينتقلون خلاله. حيث ان مارك سبتس كان دائماً ما يذكر انه يؤدي حركة الذراعين بالسحب الى الخلف الاسفل بأتجاه منتصف الجسم، في حين ان استيعابه للحقائق المذكورة عن ديناميكية الموائع جعلته اعظم سباح في تاريخ السباحة