!~¤§¦ تزيين الشيطان: الاغترار بستر الله وتوالي نعمه ¦§¤~!
من أخطر عوائق التوبة تزيين الشيطان عندما تقول لإمرأة إنّك متبرّجة لم لا ترتدين الخمار.. تقول لك إنها ظروف إنّ زوجي لا يرضى وأبي لا يرضى.. وهذا هو البحث عن المبرر.. وإذا سألت حليق اللحية: لم تحلقها..؟ يقول: طاعة الأب.. وبرّ الوالدين فرض.. مبررات.. إنه الهوى.. أو ما يسمى بالمنطق التبريري وهو أكبر مرض يواجه شباب الصحوة..
تزيين الشيطان:{ أفمن زيّن له سوء عمله فرءاه حسنا} [فاطر:8] نجد هذا يطيل ثوبه ويقول إنه لا يطيله بسبب الكبر.. وإذا كانت الموضة تأمر بأن يكون رداء الرجل حتى الركبة لاتبعها الجميع ويتناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما يقول إسبال الثوب، إسبال في النار.. فههنا تخرج علينا المبررات.. هذا هو تزيين الشيطان..
والعلاج الدافع لهذا السبب: طلب العلم، واتهام النفس.
: الاغترار بستر الله وتوالي نعمه.
فإذا أذنب العبد الذنب وستره الله.. فيظن أن الستر إنما كان بحسن تخطيطه.. ولم يفكر أن القضية ليست بحسن التخطيط وإنما القضية بستر الحلم عليه..
وعلاج هذا الخوف من العقوبة بهتك الستر المسبل عليك.. والعلم بأن الإمهال استدراج قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحبّ وهو مقيم على معاصيه فاعلم إنما ذلك منه إستدراج" أخرجه الامام أحمد (16860) في مسند الشاميين، وقال الشيخ الألباني رحمه الله إسناده جيد "مشكاة المصابيح" (5201).
وقال تعالى:{ فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون* وأملي لهم، إنّ كيدي متين} [القلم:44-45]. لله المثل الأعلى لكننا سنطرح هنا مثالا.. بموظف دخل في مرة ووجد نقودا في درج المكتب الخاص للمدير فأخذها.. فأخذ الشك المدير فيه فماذا يعمل؟
إنه في مرة أخرى يضع نقودا في نفس الدرج.. ويتغافل حتى يضع الموظف يده في الدرج لأخذ النقود فعندها يمسكه ويقول إنه ما فصله من عمله في المرة الأولى إلا لعدم التأكد..
إنّ هذا مثال الاستدراج ولله المثل الأعلى.. فتجد الشاب قد فعل كذا وكذا وستره الله.. ويطلب من الله الرزق فيعطيه.. وقد قلنا من قبل وحذرنا.. فإياك أن تظن أن إجابة الله لدعائك كرامة.. فقد يعطي الله العبد ما يطلب وهو يكرهه ليكون فيه هلاكه..
أليس الله قد أجاب إبليس دعوته وهو أبغض خلقه إليه.. عندما قال له إبليس:{ قال ربّ فأنظرني الى يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين} [الحجر: 36-37].
فأنت تطلب الرزق.. والزوجة الجميلة.. الطيبة.. والوظيفة المريحة.. فيعطيك وعندها تظن أن الله يحبك.. ألا ترى معاصيك ومخازيك.. ألا تتدبر قول الله تعالى:{ فأإنما نملي لهم ليزدادوا إثما} [آل عمران: 178].
واستمع لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إنّ الله يعطي الدنيا لمن يحبّ ومن لا يحبّ".
فانظر الى الدنيا لقد أعطاها الله للكفرة والفاسقين أيعني ذلك أنه يحبهم.. أبدا.. فخف من الله قدر قربه منك.. وارجوه قدر قربه منك.. ولا يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون.
من عوائق التوبة: تعلق الذنب بأحكام يخشى العاصي منها بعد التوبة:
فإن الشاب قد يزني.. وهو قد سمع ان من زنى يزنى به ولو في جدار بيته فيقول.. إذان لم أتوب.. فإذا سمع قول الله {الزاني لاينكح إلا زانية } [النور:3] فيقول إذن لن أتزوج فإنّ من أتزوجها لا بد وأن تكون زانية ونسي قول الله سبحانه وتعالى:{ ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام:164] المقصود أن القلب قد يتعلق بأحكام.. فقد يظن أنه لو تاب سيرجم ويقام عليه الحد فيقول دعني مع الذنوب إذن.. من سرق مالا يؤمر بعد التوبة أن يرد المظالم..
فإذا لم يستطع قال لك دعني فلا فائدة ولكن لا يجب الاستسلام لتلبيس إبليس الذي يصنع من الذنب خندقا يحاصرك فيه فلا تخرج من الذنب أبدا فيقول هل ستتوب.. إنّك لن تستطيع.. إنّك لا تصلح للتوبة.. ولا بدّ أن ننسى قول الله تعالى:{ إنّ الله يغفر الذنوب جميعا} [الزمر:53] وأنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده وقد قال سبحانه وتعالى { ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} [الحجر: 56] فلا تقنطوا من رحمة الله والتوبة تجب ما قبلها.. قال ربنا { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر:53].
من عوائق التوبة: الابتلاءات التي تقع على التائب بعد التوبة:
يقول ربنا تبارك وتعالى:{ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت 2-3] لا بد هنا من العلم بأنك عندما تتوب سيعاديك أهلك.. ستجد نفسك بعد ان كنت حليقا.. ترتدي أحد الموضات.. متعطرا يتهافت عليك الناس في الوظائف.. وعندما تبت الى الله ورجعت اليه فأعفيت لحيتك ولبست القميص الأبيض والعمامة تبحث عن عمل فلا تجد.. فعندها يجب أن تتذكر قول الله تعالى عندما يقول:{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير إطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه وخسر الدنيا والآخرة} [الحج:11]. ستجد العداء من زملائك في العمل المدير مثلا قد تنافقه عندما شعرت أن النفاق هو العملة الرابحة أما الآن فإذا دخلت قلت السلام عليكم.. يقول اللهم اكفنا شرّ هذا النهار.. وهكذا النفاق الاجتماعي وعلى ذلك فقس..
المقصود ستجد العداء من المدير والزملاء.. الأهل والأقارب.. الزوجة والأصدقاء.. الجيران.. عداء من جميع الجبهات.. قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: ليتني أكون معك يوم يخرجك قومك فقال له مرتاعا:" أومخرجيّ هم"؟ قال: نهم.. لم يأت رجل قط بما جئت إلا عودي. أخرجه البخاري (4) كتاب بدء الوحي، ومسلم (160) كتاب الايمان.
هذا هو محمد الصادق الأمين.. اما عن قوم صالح فقد قالوا:{ ياصالح قد كنت فينا مرجوّا من قبل هذا} [هود:62].. كنا نحبك.. ماذا جرى لك لترافق المتطرفين.. أجننت.. فحين يرى العداء يفاجأ بأن الدنيا قد اشتعلت من حوله فيعود من حيث أتى.. ولكن اعلم قول الله تعالى:{ ولينصرنّ الله من ينصره} [الحج:40]. هذه سنّة الله التكوينية أن يكون العداء في البداية ثم يكون ظهور الحق، قال الامام الشافعي:" لا تمكين حتى تبتلى" الكل سيعلم أنك على حق.. واعلم إنك إما ستكون شهادة حق للاسلام وإما أن تكون شهادة زور ضد الاسلام حين تعود لتلك الشرور والمعاصي..
قلنا مرارا وتكرارا إنّ إنتصار المسلمين يوم حوصروا في الشعب ثلاث سنين لم يكن أقل من انتصارهم في غزوة بدر لأن المشركين حين رأوا الثبات قالوا إن المسلمين على حق.. وكذلك فعندما يرون منك الثبات سيقولون إنّ الملتزمين على حق.. فإياك أن ترجع، واستعن بالله واثبت.
العائق الأخير: العصرة التي تصيب قلب التائب:
يقول ابن القيّم في كتاب " طريق الهجرتين" ص 340 دار الحديث، ها هنا دقيقة قلّ من من يتفطن لها إلا فقيه في هذا الشأن.. رحم الله ابن القيّم ورضي عنه.. قال وهي أن كل تائب لا بد له في أول توبته من عصرة وضغطة في قلبه.. من همّ أو غم.. من ضيق أو حزن.. يجب أن تشعر بهذه العصرة عندما تتوب.. الخوف من أن تكون قد ضللت الطريق.. فأنت لا تعرف جوانب الطريق.. لا تدري أوله ولا تعلم الى أين يفضي بك آخره.. ويقول ابن القيّم: ولو لم يكن إلا تألمه بفراق محبوبه.. فقد كانت الذنوب محبوباته.. أنيسته في وحشته.. فعندما يتوب سوف يفقد هذا الأنيس.. سوف يفقد أشياء كان يحبها.. سيتألم لفراق عيوبه التي لازمته ردحا من الزمان.. فينضغط قلبه وينعصر لذلك ويضيق صدره.. فأكثر الخلق يتوبون ثم ينكثون على أعقابهم ويعودوا الى المعاصي لأجل هذه المحبة للمعاصي.. والعالم الموفق يعلم أن الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة أقوى وأشد كانت الفرحة واللذة أكمل وأتم..
إنّ هذه العصرة دليل على حياة قلبك وقوة استعداده.. لو كان قلبك ميتا واستعدادك ضعيفا لما انعصر.. واعلم أن الشيطان لص الإيمان.. واللص إنما يقصد المكان المعمور.. بمعنى أن يحاول سرقة الايمان من القلب المعمور بالإيمان.. إنه لا يذهب الى المقهى أو الى الملهى.. فمن يجلس هناك ليس في قلبه ما يسرق.. إنما يقصد المكان المعمور من اجل السرقة..
لما قيل لإبن عباس إنّ اليهود يقولون نحن لا نوسوس في الصلاة.. قال: سبحان الله كيف يوسوس الشيطان لشيطان.. هم الشياطين.. والشيطان لص الإيمان.. والشيطان إنما يقصد المكان المعمور أما المكان الخرب فلا يرجو أن يظفر منه بشيء.. فإذا قويت المعارضات الشيطانية.. قويت العصرة.. فيوسوس لمن لبست النقاب.. ما الذي دفعك لهذه الفعلة الشنعاء.. أما انتظرت حتى تتزوجين.. ويوسوس لمن التزم وأعفى اللحية أما كنت انتظرت قليلا قبل الالتزام حتى كونت مستقبلك من السرقة.. المقصود أن هذه العصرة وسوسة الشيطان إذا دخل الشيطان ليوسوس دل على أن في قلبك من الخير ما يشتد حرص الشيطان على نزعه منه..
إنّ قوة المعارض والمضاد تدل على قوة معارضته وضده..
الإنسان القوي إما أن يكون رأسا في الخير أو رأسا في الشر.
إنّ النفوس الأبية القوية إذا كانت خيرة صارت رأسا في الخير وإن كانت شريرة صارت رأسا في الشر ولما كانت رأسا في الشر حرص الشيطان على ألا تبقى في الخير فتحصل قوة مجاذبة بينك وبين الشيطان.
فإنه بحسب موافقته لهذا العارض وصبره عليه يثمر له ذلك من اليقين والثبات والعزم ما يوجب زيادة انشراحه وطمأنينته دليل على حرص الشيطان عليك..