الجنس : العمر : 40 المدينة المنورة التسجيل : 30/09/2011عدد المساهمات : 151
موضوع: ж الغاية من القانون ж السبت 29 أكتوبر 2011, 6:00 am
ж الغاية من القانون ж
ان أهم الاشكاليات التي تواجه القانون وتضعه تحت مرصد النقد هو عدم وضوح الغاية الأساسية لوضعها،عدم الوضوح هذا هو الذي ادى إلى استغلال القانون استغلالا سيئا افقده مصداقيته في كثير من الأحيان.فتارة لا يتوانى أرباب المصالح الخاصة عن استخدام القانون وصياغته حسب ما تهدف إليه منافعهم،وأخرى تستخدمه السلطات المستبدة لتبرير شرعيتها المطعون فيها وقمع الحريات.ومن جهة ثالثة يطغى نفس القانون ويخرج عن غايته عندما يصر البيروقراطيين على تطبيقه حرفيا ولو خالف روح القانون.
لذلك فان وضوح الغاية من القانون ومعرفة أبعادها يسلب الفرصة من الذين يمتلكون النفوذ والقوة في ترجمة القانون حسب منافعهم الذاتية.
ومن هنا فان الإمام الشيرازي يرى ضرورة وجود مبادئ أساسية ثابتة تحكم النظام الاجتماعي العام وتشكل الغطاء الذي تتحرك في إطاره كافة الأبعاد الحياتية ومن ضمنها القانون والسياسة والاقتصاد.
أحد هذه المبادئ الأساسية التي ترسم غاية القانون وتؤطر حركته هو الحرية التي وهبها الله إلى الانسان وفطرها عليه لتكون منهجا معرفيا وسلوكيا للوصول إلى الطاعة اليقينية والتكامل الإنساني.
ومن يقرا كتب الإمام الشيرازي يرى ان الحرية تمثل ركنا أساسيا في صياغة نظرياته حيث(ان من أساسيات رؤية الإمام الشيرازي هو أولوية الحرية الفكرية ليس من باب الترتيب الإجرائي والحقوقي وإنما من زاوية الأهمية الذاتية لمصاديق الحرية.
هنا يتخذ الإمام الشيرازي رأيا يكاد ان يبدع فيه فيرى ان القوانين الاجتماعية هي التي يجب ان تتأطر بالحرية.
ان القوانين ليست هي الحاكمة على الحرية بل الحرية هي الحاكمة على القوانين.فالإمام الشيرازي يرى من اللازم: ان تنطلق القوتان التأطيرية التشريعية والتنفيذية من الحرية الإنسانية).
وعلى هذا فان الحرية هي الغاية الأساسية التي يجب ان ينطلق القانون وفقها،فإذا لم يستطع القانون ان يضمن الحريات للمجتمع أو يحافظ عليها أو قام بمصادرتها فانه تنتفي ضرورته وجوهريته التي قام عليها.
ويرى الفيلسوف الألماني كانت : ان القانون هو مجموع الشروط التي بها حرية الواحد يمكن ان تتحد مع حرية الآخر وفقا لقانون كلي للحرية.ويضيف قائلا: يكون عادلا كل فعل يمكن أو قاعدته تمكن حرية كل شخص من ان تتعايش مع حرية كل شخص وفقا لقانون كلي.
ان الإشكالية المعقدة التي جعلت القانون الوضعي في موضع الشك في قدرته على تحقيق الغاية هو انه جعل الحرية في المرتبة الثانية وقدم المصالح والمنافع الآنية التي تخدم واضعيهأما الغاية الحقيقية للقانون فهي تحقيق مصالح معينة هذه المصالح هي الغاية التي من اجلها أقام القانون هذا النظام الاجتماعي).
فالقانون الوضعي وضع بالدرجة الأولى لتحقيق مصالح وغايات نفعية تخدم قوى النفوذ التي تصوغ القانون،لذلك فان الحرية عندهم هي حرية نفعية عرضية وليست اصل مبدئي لذلك نرى ان الدول الغربية التي اعتمدت على الاستعمار في تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية تطبق الحرية في بلادها لكنها تقمعها في البلاد المستعمرة.
ومع ان(نظام الحرية الشخصية في المجتمع الديمقراطي لا يتضمن الحرية للمواطنين فحسب بل لجميع السكان فان للدولة السلطة لطرد أي أجنبي مقيم على أراضيها أو ان تعيده إلى وطنه عن طريق التسليم،وليس هناك توضيح للخطر الكامن في جعل الحريات الشخصية الأساسية خاضعة لاعتبارات الصالح العام الغامض).
ان القانون السليم الذي يحقق الغايات من وجوده هو القانون الذي يستطيع عند تطبيقه ان يحافظ على الحريات وينظمها بشكل تتوازن فيه حريات الأفراد مع عدم الإضرار بالآخرين أو سلب حرياتهم،وحينئذ وكما يقول الإمام الشيرازي لابد(ان يكون القانون متوسطا بين إعطاء الحاجة بقدر وسلب الحرية بقدر فمن الواضح ان كل قانون يسلب بقدره من حرية الانسان ولذلك يجب ان يلاحظ في وضع القانون-الأهم والمهم-وتقدير كل جانب من الجانبين سواء بالنسبة إلى حرية الانسان ملحوظا فيها حرية الآخرين أو بالنسبة إلى حرية الانسان ملحوظا فيها الصالح لنفس الانسان).
وهنا يمكن القول ان الإمام الشيرازي يرى ذلك الرأي الذي يعبر عن الفكر الإسلامي الأصيل ان وظيفة القانون هو فقط إيجاد التوازن بين الحريات الاجتماعية فيقول سماحتهلاحق للقانون التدخل في شؤون الناس الا بالقدر المقرر في الشريعة الإسلامية وإلا كان خلاف قاعدة تسلط الناس على أموالهم وأنفسهم).
وفي قراءتنا لكتاب الفقه القانون نرى ان سماحته يعتقد في أولوية الحرية وأصالتهاان الإنسان يتطلب الحرية في كل شيء واقر الإسلام له بذلك باستثناء ما فيه إضرار نفسه وإضرار الآخرين..كذلك يتطلب الحرية في عقيدته وشريعته ولذا اقر له الإسلام ذلك فقرر له الانتخابات حيث قال سبحانه:{وامرهم شورى بينهم} وفوض إليه اختيار مرجع التقليد والقاضي وإمام الجماعة.
وقد أشار القران إلى إمضاء هذه الحرية العقيدية والتشريعية في الإسلام حيث قال سبحانه:{لا إكراه في الدين}،{كل امرء بما كسب رهين}،{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}،{ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة}).