ما هو الإفلاس؟
الإفلاس هو إجراء قانوني يجب استخدامه كملجأ أخير لحل المشاكل المالية، بعد أن تكون قد بحثت عن خيارات أخرى.
الإفلاس في اللغة هو انعدام الفلوس والانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر ، أما الإفلاس بالمعني القانوني فهو إعلان قانوني صادر من محكمة مختصة مفاده أن شخصا ما قد أصبح عاجزاً تماماً عن سداد ديونه
التعريف :
1 - الإفلاس مصدر أفلس ، وهو لازمٌ ، يقال : أفلس الرّجل إذا صار ذا فلوسٍ بعد أن كان ذا ذهبٍ وفضّةٍ ، أو صار إلى حالٍ ليس له فلوسٌ . والفلس اسم المصدر ، بمعنى الإفلاس . والإفلاس في الاصطلاح : أن يكون الدّين الّذي على الرّجل أكثر من ماله ، وسواءٌ أكان غير ذي مالٍ أصلاً ، أم كان له مالٌ إلاّ أنّه أقلّ من دينه . قال ابن قدامة : وإنّما سمّي من غلب دينه ماله مفلساً وإن كان له مالٌ ، لأنّ ماله مستحقّ الصّرف في جهة دينه ، فكأنّه معدومٌ .
الألفاظ ذات الصّلة :
أ - التّفليس :
2 - التّفليس هو : مصدر فلّست الرّجل ، إذا نسبته إلى الإفلاس .
واصطلاحاً : جعل الحاكم المدين مفلساً بمنعه من التّصرّف في ماله . وهذا ما صرّح به الحنفيّة والشّافعيّة عندما عرّفوا التّفليس بالمعنى الأخصّ . والعلاقة بين التّفليس والإفلاس : أنّ الإفلاس أثر التّفليس في الجملة . وجرى المالكيّة على أنّ التّفليس يطلق على ما قبل الحجر بعد قيام الغرماء على المدين ، قالوا : ويقال حينئذٍ : إنّه تفليسٌ بالمعنى الأعمّ ، ويطلق على ما بعد الحجر عليه بحكم الحاكم ، ويكون حينئذٍ تفليساً بالمعنى الأخصّ .
ب - الإعسار :
3 - الإعسار في اللّغة : مصدر أعسر ، وهو ضدّ اليسار . والعسر : اسم مصدرٍ ، وهو الضّيق والشّدّة والصّعوبة .
وفي الاصطلاح : عدم القدرة على النّفقة بمالٍ ولا كسبٍ . فبين الإعسار والإفلاس عمومٌ وخصوصٌ مطلقٌ ، فكلّ مفلسٍ معسرٌ ، ولا عكس .
ج - الحجر :
4 - الحجر لغةً : المنع مطلقاً ، وشرعاً : منع نفاذ تصرّفٍ قوليٍّ . وهو أعمّ من التّفليس من حيث الأثر ، إذ يشمل منع الصّبيّ والسّفيه والمجنون ومن في حكمهم من التّصرّف في المال .
حكم الإفلاس :
5 - لمّا كان الإفلاس صفةً للشّخص لا فعلاً له لم يوصف بحلٍّ ولا حرمةٍ ، ولكن للإفلاس مقدّماتٌ هي من فعل المكلّف ، كالاستدانة ، وهذه قد ترد عليها الأحكام التّكليفيّة ، ويرجع في ذلك إلى مصطلح ( استدانةٌ ) .
وقد يكون سبب الإفلاس الإعسار ، وله أحكامٌ وضعيّةٌ ( آثارٌ ) مفصّلةٌ في مصطلح ( إعسارٌ ) ، وأمّا الإفلاس من حيث إنّه أثرٌ للتّفليس ، فإنّه يناسب هنا الكلام على أحكام التّفليس .
وغني عن القول إن الإفلاس قد ينجم عن سوء الإدارة المالية وقد ينتج عن ظروف قاهرة لا قبل للإنسان بمواجهتها كالكوارث الطبيعية أو الحروب، جدير بالذكر أن هناك فرق كبير بين الافلاس والتعثر المالي ، فالافلاس هو إعلان قانوني بالعجز التام عن سداد الديون أما التعثر المالي فهو مواجهة صعوبات في سداد الديون المستحقة لا ترقى إلى مستوى العجز التام عن السداد كذلك فإن إجراءات الحجز والحجر تترتب على الإفلاس ولكنها لا تترتب على التعثر المالي!
وللإفلاس المالي ثلاثة أنواع الأول هو إفلاس الشخص الطبيعي كإفلاس التاجر ويترتب عليه الحجز على أمواله وإيقاع الحجر عليه أي منعه من التصرف فيها!
أما النوع الثاني فهو إفلاس الشركة ويترتب عليه تعيين مصفي يتولى تصفية كل أصول الشركة بغرض تسديد أكبر قدر من ديونها ثم يتم شطبها من سجل الشركات وإخراجها من سوق العمل!
أما النوع الثالث فهو إفلاس الدولة وهذا النوع من الإفلاس يعني إفلاس جميع مواطني الدولة بالتبعية ويترتب عليه قيام صندوق النقد الدولي بمنح الدولة قروضاً طويلة الأجل بفوائد مخفضة مقابل قيامها بفرض خطة تقشفية صارمة على شعبها بغرض تقليص الانفاق العام للحد الأدنى وإخراجها من دوامة الإفلاس!
إن قرار إعلان الإفلاس هو خطوة خطيرة، وفي حالات عدة، هو لا يؤمن لك فتح صفحة جديدة في وضعك الائتماني. وهو سيبقى مسجلاً على بيان ائتمانك لعدد معين من السنين اعتماداً على قوانين الإفلاس في بلدك، وقد يؤثر على إمكانيتك لشراء منزل أو حتى الحصول على تأمين لسيارتك. كما قد لا يسمح لك الإفلاس بالاحتفاظ بأي ملكية إن لم يسدد الرهن بالكامل أو إن وضع الدائن الحجز على هذه الملكية.
ما الذي قد يحصل؟
قد تختلف قوانين الإفلاس باختلاف البلدان، كما تختلف الموجبات الناتجة عن التقدم بالطلب للإعلان عن الإفلاس. استشر مصرفك أو مستشاريك الماليين أو القانونيين قبل اتخاذك أي قرار. سوف يساعدونك لتقرر إن كان إعلان الإفلاس هو الخيار الوحيد أو إن كانت لديك خيارات بديلة أفضل.
عادة، وفي حال تم إعلان إفلاسك، تعين المحكمة "مندوب رسمي" لإدارة أعمال المفلس، بما في ذلك بيع موجوداته، تسجيل دعاوى الدائنين وتسديد الحصص النسبية لهم. يكون "المندوب الرسمي" موظفاً حكومياً لدى المحكمة.
يستولي "المندوب الرسمي" على كامل موجوداتك وهو مسؤول عن بيعها ودفع الحصص النسبية إلى دائنيك. وإذا كنت موظفاً، على "المندوب الرسمي" أن يقدر المبلغ الذي عليك اقتطاعه لتسديد ديونك، بعد أن يأخذ بعين الاعتبار المبلغ الذي تحتاجه لتأمين معيشتك ومعيشة أولادك.
إذا تم إعلان إفلاسك، قد تفرض عليك الكثير من القيود. قد لا يسمح لك مغادرة بلدك ما لم يوافق "المندوب الرسمي" على ذلك. ولن تتمكن عادة من رفع دعوى قانونية أو متابعة أي دعوى مسبقة. لن تتمتع بالأهلية لتعين أو تعمل عمل الوصي، ولا للمساهمة مباشرة أو غير مباشرة في إدارة شركة أو عمل أو أن تعين مديراً لشركة من دون قرار محكمة يقضي بذلك.
المنظور الإسلامي للإفلاس
روى الإمام أحمد في مسنده (2/303) بإسناده فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ زُهَيْرٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ . قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ .
رواه مسلم (2581) ، والترمذي (2418) .
وبوب عليه الترمذي : ما جاء في شأن الحساب والقصاص .
- تعريف المفلس :
المفلس لغة : من لا عين له ولا عرض .
شرعا : ما قصر ما بيده عما عليه من الديون .
- من هو المفلس بميزان الدنيا ؟ :
لقد قدح في ذهن الصحابة عند سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن المفلس بميزان الدنيا هو من لا درهم له ولا متاع .
فلماذا أجابوا بهذه الإجابة ؟
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
والحاصل أنهم أجابوا بما عندهم من العلم بحسب عُرف أهل الدنيا كما يدل عليه قولهم " فينا " غفلوا عن أمر الآخرة ، وكان حقهم أن يقولوا : الله ورسوله أعلم . لأن المعنى الذي ذكروه كان واضحاً عنده صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
والإفلاس الذي أشار إليه الصحابة هو أمر عارض يزول بزوال المفلس .
يقول الإمام النووي في شرح مسلم :
وأما من ليس له مال ، ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلساً ، وليس هو حقيقة المفلس ؛ لأن هذا أمر يزول ، وينقطع بموته ، وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته .ا.هـ.
- المفلس بميزان الآخرة :
النبي صلى الله عليه وسلم يعرف حقيقة المفلس بالنسبة لميزان الدنيا ، فأراد نقل الصحابة - وهو المربي والمعلم للصحابة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم - من مفهوم الإفلاس في الدنيا إلى مفهومه في الآخرة لكي يكون الصحابة والأمة من بعدهم على علم بحقيقة المفلس .
قال الإمام النووي :
وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المقطع فتؤخذ حسناته لغرمائه ، فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه .ا.هـ.
بعد هذه المقدمة انظروا إلى حال بعض الرواد - هدانا الله وإياهم - ترى أن حديث المفلس في بعض ألفاظه ينطبق عليهم تماما وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم " ويأتي قد شتم عرض هذا ، وقذف هذا " ، بل قد تجده من أهل الصلاة والصيام والزكاة ، ثم يأتي الشتم والقذف وقد جعل الصلاة والصيام والزكاة حسنات تأخذ منه وتعطى لغيره بسبب شتمه وقذفه لغيره .
فمن منا بالله عليكم يرضى لنفسه هذا المسلك الخطير ؟
- دعوى باطلة زينها الشيطان لبعضهم :
تجد بعضهم يدعي أن هذا دين يتقرب به إلى الله إذا نال من عرض فلان من الناس أو قذف فلانا ، ونسي المسكين أو تناسى حديث المفلس الذي فيه الوعيد الشديد من مثل هذه الأعمال .
فماذا لو حرصت على الحفاظ على حسناتك التي أنت أحوج الناس إليها يوم القيامة ؟
- باب التحلل من المظالم مفتوح :
ونصيحتنا لأمثال هؤلاء أن يتحللوا من المظالم التي سجلت في موازينهم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ . رواه البخاري (2296) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه " المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار " ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى : " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده .ا.هـ.