((الترتيل))
الترتيل يعني الترسل والتمهل ، ومن ذلك مراعاة المقاطع والمبادئ وتمام المعنى ، بحيث يكون القارئ متفكرا فيما يقرأ ، قال الله تعالى : { ورتل القرآن ترتيلا } [4 المزمل ]
قال ابن كثير : أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره ، وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه
قالت عائشة رضي الله عنها : " كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها
وعن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كانت مدا يمد بسم الله ، ويمد الرحمن ، ويمد الرحيم
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كان يقطع قراءته آية آية { بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين }.
................................
قال الحسن البصري ’ : يا ابن آدم كيف يرق قلبك وإنما همتك آخر السورة
وقد أنكر ابن مسعود رضي الله عنه على نهيك بن سنان ’ سرعته في القراءة حين قال : قرأت المفصل البارحة فقال عبد لله رضي الله عنه : "هذّاً كهذِّ الشعر ! إنا قد سمعنا القراءة وإني لأحفظ القُرَناء التي يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال ابن مسعود رضي الله عنه لعلقمة ’ -وقد عَجِل في القراءة -: " فداك أبي وأمي رتل فإنه زَيْنُ القرآن
قال ابن مفلح ’: "أقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة وأكمله أن يرتل القراءة ويتوقف فيها
وصفة قراءة القرآن التي نقلت إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته تدل على أهمية الترسل وتزيين الصوت بالقراءة ، فمن ينظر إلى أي كتاب في التجويد يدرك هذه الحقيقة بجلاء ووضوح ، ولم ينقل ذلك إلا للقرآن ، فالأحاديث ولخطب والمواعظ لم ينقل فيها شئ من ذلك ، وإنه لفرق كبير في التمهل والتأني بين من يطبق أحكام التجويد ومن لا يطبقها بل يهذ القراءة هذّاً .
عن حذيفة رضي الله عنه قال : " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ، ثم النساء فقرأها ، ثم آل عمران فقرأها ، يقرأ مترسلا ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ
...........................
وإذا تعارض مقدار القراءة مع صفتها قدمت الصفة
، سئل زيد بن ثابت رضي الله عنه : كيف ترى في قراءة القرآن في سبع ؟
قال : حسن ، ولأن أقرأه في نصف شهر أو عشر أحب إلي
وسلني لم ذلك ؟
قال: فإني أسألك ، قال : لكي أتدبره وأقف عليه
قال ابن حجر ’ : "إن من رتل وتأمل كمن تصدق بجوهرة واحدة ثمينة ، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة ، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات وقد يكون العكس، والصحيح: أن من أسرع فقد اقتصر على مقصد واحد من مقاصد قراءة القرآن وهو : ثواب القراءة ، ومن رتل وتأمل فقد حقق المقاصد كلها وكمل انتفاعه بالقرآن ، واتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرامرضي الله عنهم أجمعين.