الجنس : العمر : 32 المدينة المنورة التسجيل : 06/09/2011عدد المساهمات : 212
موضوع: {؛« .»؛} أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ {؛«' .»؛} الإثنين 10 أكتوبر 2011, 7:29 am
تأمل دقيق في قوله تعالى: (أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ)
قال تعالى في سورة فاطر: {يَا أَيُّهَاالنَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُإِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراءإلى اللّه من جميع الوجوه:
فقراءفي إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا. فقراءفي إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعدادهإياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.
فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة،فلولافضله وإحسانه وتيسيره الأمور،لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.
فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد.فلولا دفعه عنهم،وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.
فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.
فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا،وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.
فقراء إليه،في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولاتعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه،لم يصلحوا.
فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعضأنواع الفقرأم لم يشعروا.
ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له،ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.
(وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه،ولايفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال،ونعوت وجلال.
ومن غناه تعالى: أنه أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته،وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة،وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].
إن الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى من العبادات القلبية العظيمة التي لا بد أن يستحضرها المؤمن امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى لعباده،فالعبد ينبغي أن يكون مفتقرا إلى الله تعالى، لا إلى أحد من الناس، ولا إلى شيء من الدنيا، فهو قد نفض يديه من الدنيا، فلا يطمع ولا ينافس فيها، ولا يتعلق قلبه بها، لأنه مفتقر الى الله وحده لا شريك له .
ومن الافتقار إلى الله عز وجل أيضا الافتقار إليه في إلهيته سبحانه وتعالى أي: في التوفيق إلى الأعمال الصالحة، وهو الافتقار إليه في أمر الهداية وعدم حصول العُجب، فالعبد المؤمن مفتقر إلى الله تعالى، في عبادته ويعرف أن منازله التي يحصلها والعبادات التي يوفق لها هي محض توفيقه عز وجل ومنة منه تعالى، فيفتقر إلى الله في الهداية.
ومن الافتقار إلى ربه سبحانه وتعالى إلها أن يشهد نفسه بغير قدرة على الطاعات ولا قوة إلا بالله سبحانه وتعالى، وأنه مفتقر إلى أن يكون قريبا من الله سبحانه وتعالى في كل عباداته وأعماله، فبهذا يصل إلى شهود أن الأسباب مجرد أسباب يسرها الله عز وجل بما فيها الأعمال الصالحة.
اللهم لا تعلق قلبى إلا بك .. و لا تجعل حاجتى إلا إليك