قال الله تعالى:
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (سورة الحج 28)
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان
وَقَوْلُهُ : مَنَافِعَ جَمْعُ مَنْفَعَةٍ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذِهِ الْمَنَافِعَ مَا هِيَ . وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ بَعْضِهَا فِي بَعْضِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ ، وَأَنَّ مِنْهَا مَا هُوَ دُنْيَوِيٌّ ، وَمَا هُوَ أُخْرَوِيٌّ ، أَمَّا الدُّنْيَوِيٌّ فَكَأَرْبَاحِ التِّجَارَةِ ، إِذَا خَرَجَ الْحَاجُّ بِمَالِ تِجَارَةٍ مَعَهُ ، فَإِنَّهُ يُحْصُلُ لَهُ الرِّبْحُ غَالِبًا ، وَذَلِكَ نَفْعٌ دُنْيَوِيٌّ .
وَقَدْ أَطْبَقَ عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [2 \ 198] أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْحَاجِّ إِثْمٌ وَلَا حَرَجٌ ، إِذَا ابْتَغَى رِبْحًا بِتِجَارَةٍ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ شَيْءٍ ، مِنْ أَدَاءِ مَنَاسِكِهِ ، كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِيهِ بَيَانٌ لِبَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ «الْحَجِّ» هَذِهِ وَهَذَا نَفْعٌ دُنْيَوِيٌّ .
وَمِنَ الْمَنَافِعِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَا يُصِيبُونَهُ مِنَ الْبُدْنِ وَالذَّبَائِحِ
وقال السعدي :
{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } أي: لينالوا ببيت الله منافع دينية، من العبادات الفاضلة، والعبادات التي لا تكون إلا فيه، ومنافع دنيوية، من التكسب، وحصول الأرباح الدنيوية، وكل هذا أمر مشاهد كل يعرفه
وقال شيخ المفسرين الطبري:
وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك: ليشهدوا منافع لهم من العمل الذي يرضي الله والتجارة، وذلك أن الله عمّ لهم منافع جميع ما يَشْهَد له الموسم، ويأتي له مكة أيام الموسم من منافع الدنيا والآخرة، ولم يخصص من ذلك شيئا من منافعهم بخبر ولا عقل، فذلك على العموم في المنافع التي وصفت.