الجنس : العمر : 51 طيبة الطيبة التسجيل : 30/03/2012عدد المساهمات : 21
موضوع: [〣✺〣] التطبيقات العملية للولاء والبراء [〣✺〣] السبت 14 أبريل 2012, 1:25 am
[〣✺〣] التطبيقات العملية للولاء والبراء [〣✺〣]
الولاء لغة:
مصدر والى يوالي وهو مأخوذ من مادّة (ول ى) الّتي تدلّ على القرب، يقال تباعد بعد ولي أي قرب، وجلس ممّا يليني أي يقاربني، والوليّ: المطر يجيء بعد الوسميّ، سمّي بذلك لأنّه يليه، قال ابن فارس: ومن الباب المولى: المعتق والمعتق، والصّاحب والحليف، وابن العمّ والنّاصر والجار، كلّ هؤلاء من الولي، وهو القرب، وكلّ من ولي أمر آخر فهو وليّه. وفلان أولى بكذا، أي أحرى وأجدر [مقاييس اللغة (6/ 141) ] .
وقال الرّاغب: الولاء والتّوالي أن يحصل شيئان فصاعدا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النّسبة، ومن حيث الدّين ومن حيث الصّداقة والنّصرة والاعتقاد، والولاية (بالكسر) النّصرة، والولاية (بالفتح) تولّي الأمر، وقيل هما لغتان مثل الدّلالة والدّلالة، والوليّ والمولى يستعملان معا في معنى الفاعل، أي الموالي وفي معنى المفعول، أي الموالى يقال للمؤمن: هو وليّ اللّه ولا يقال في ذلك مولى، ولكن يقال: اللّه تعالى وليّ المؤمنين ومولاهم، فمن الأوّل قوله سبحانه (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة: 257] ومن الثّاني قوله عزّ وجلّ (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج: 78] والوالي في قوله سبحانه: (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) [الرعد: 11] معناه الوليّ، وقوله تعالى: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) [مريم: 5] أي ابنا يكون من أوليائك [المفردات 524، الصحاح (6/ 2528) ] .
وقال الجوهرىّ: الولي: القرب والدنوّ، ومعنى «كل ممّا يليك» أي ممّا يقاربك، يقال من ذلك، ولي يلي بكسر اللّام فيهما، وأوليته الشّيء فوليه، وكذلك ولي الوالي البلد، وولي الرّجل البيع ولاية فيهما، وتولّى عنه: أعرض، وولّى هاربا: أدبر، وقوله سبحانه لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها أي مستقبلها بوجهه. والوليّ ضدّ العدوّ والموالاة ضدّ المعاداة، ويقال: بينهما ولاء بالفتح: أي قرابة ووالى بينهما ولاء (بالكسر) أي تابع، والولاية بالكسر: السّلطان والولاية (بالفتح والكسر) النّصرة، يقال هم على ولاية. أي مجتمعون في النّصرة، وقال سيبويه: الولاية بالفتح: المصدر والولاية بالكسر: الاسم مثل الإمارة والنّقابة؛ لأنّه اسم لما تولّيته وقمت به فإذا أرادوا المصدر فتحوا [الصحاح (6/ 2528). ] . وقال ابن منظور: والولاية على الإيمان واجبة، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض، والمولى: الحليف وهو من انضمّ إليك فعزّ بعزّك وامتنع بمنعتك. والمولى: المعتق انتسب بنسبك، ولهذا قيل للمعتقين الموالي.
وقال الفرّاء في قوله تعالى: (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) [الممتحنة: 9] أي تنصروهم، يعني أهل مكّة، جعل التّولّي هنا بمعنى النّصر من الوليّ وهو النّاصر،
قال ثعلب: كلّ من عبد شيئا من دون اللّه فقد اتّخذه وليّا. وقوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة: 257]. وليّهم في نصرهم على عدوّهم، وإظهار دينهم على دين مخالفيهم، وقيل: وليّهم أي يتولّى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم [لسان العرب (15/ 406- 409) ] .
الموالاة اصطلاحا:
هي التّقرّب وإظهار الودّ بالأقوال والأفعال والنّوايا، لمن يتّخذه الإنسان وليّا، فإن كان هذا التّقرّب والودّ مقصودا به اللّه ورسوله والمؤمنون، فهي الموالاة الشّرعيّة الواجبة على كلّ مسلم، وإن كان المقصود هم الكفّار والمنافقين، على اختلاف أجناسهم، فهي موالاة كفر وردّة عن الإسلام [الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية لمحماس بن عبد اللّه الجلعود (28)، وانظر أيضا كتاب الإيمان للدكتور محمد نعيم ياسين] .
أمّا الوليّ: فله معان اصطلاحيّة عديدة منها: الوليّ: هو الّذي يتولّاه اللّه بالطّاعة ويتولّاه اللّه بالكرامة. ذكر ذلك أبو حيّان [البحر المحيط (5/ 175) ] .
وقال الجرجانيّ: هو من توالت طاعاته من غير أن يتخلّلها عصيان [التعريفات للجرجانى (205) ] .
وقال ابن حجر: والمراد بوليّ اللّه العالم باللّه تعالى المواظب على طاعته المخلص في عبادته [فتح الباري (13/ 293) ] .
وقيل إنّ لفظ الموالاة مشتقّ من الولاء، وهو الدّنوّ والتّقرّب، والولاية ضدّ العداوة، والوليّ عكس العدوّ، والمؤمنون أولياء الرّحمن، والكافرون أولياء الطّاغوت والشّيطان، لقرب الفريق الأوّل من اللّه بطاعته وعبادته. وقرب الفريق الثّاني من الشّيطان بطاعة أمره وبعدهم عن اللّه بعصيانه ومخالفته [كتاب الايمان لنعيم ياسين (190) ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: الولاية: ضدّ العداوة. وأصل الولاية: المحبّة والتّقرّب، وأصل العداوة: البغض والبعد. فإذا كان وليّ اللّه هو الموافق المتابع له فيما يحبّه ويرضاه، ويبغضه ويسخطه ويأمر به وينهى عنه، كان المعادي لوليّه معاديا له. كما قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) [الممتحنة: 1]. فمن عادى أولياء اللّه فقد عاداه، ومن عاداه فقد حاربه [المقصد الأسنى (129) ] .
ومسمّى الموالاة لأعداء اللّه: يقع على شعب متفاوته، منها ما يوجب الرّدّة وذهاب الإسلام بالكلّيّة ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرّمات [الفرقان لابن تيمية (7) ] .
البراء لغة:
مصدر قولهم: برئت منك، وهو مأخوذ من مادّة (ب ر أ) الّتي تدلّ على التّباعد من الشّيء ومزايلته، ومن ذلك: البرء وهو السّلامة من السّقم، والوصف من ذلك: براء على لغة أهل الحجاز وأنا بريء منك على لغة غيرهم وقد جاءت اللّغتان في القرآن الكريم: قال تعالى: (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) [الزخرف: 26]، وقال تعالى: (إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكَ) [الحشر: 16] ومن قال إنّي براء لم يثنّ ولم يؤنّث، ومن قال: بريء قال (في المؤنّث بريئة) وفي المثنّى بريئان وفي الجمع: بريئون وبرآء وبراء، والبراءة تكون من العيب والمكروه ونحوهما، فقول: برئت منك ومن الدّيون والعيوب براءة وبرئت من المرض برءا، وأهل الحجاز يفتحون الرّاء في الفعل والباء في المصدر فيقولون برأت برءا، وبارأت شريكي إذا فارقته.
وقال الرّاغب: أصل البرء والبراء والتّبرّؤ التّفصّي (التّباعد) ممّا يكره مجاورته، ولذلك قيل: برأت من المرض، ومن فلان وتبرّأت وأبرأته من كذا، وبرأته.
ويقال: برىء إذا تخلّص، وبرىء إذا تنزّه وتباعد، وبرأ: إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: (بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة: 1] أي إعذار وإنذار، والبراء والبريء سواء.
وليلة البراء: ليلة يتبرّأ القمر من الشّمس وهي أوّل ليلة من الشّهر[لسان العرب (13/ 32، 33) ] .
البراءة اصطلاحا:
البراءة هي انقطاع العصمة، يقول أبو حيّان في تفسير قوله تعالى: (بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) [التوبة: 1] يقال: برئت من فلان إذا انقطعت بيننا العصمة [تفسير البحر المحيظ (5/ 6) ] .
وقال الآلوسيّ في تفسير الآية الكريمة السّابقة:
هي عبارة عن إنهاء حكم الأمان ورفع الخطر المترتّب على العهد السّابق [روح المعاني للألوسي (10/ 43) ] .
وقيل: البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار.
قال الشّيخ عبد الرّحمن بن سعديّ: وحيث إنّ الولاء والبراء تابعان للحبّ والبغض فإنّ أصل الإيمان أن تحبّ في اللّه أنبياءه وأتباعهم، وتبغض في اللّه أعداءه وأعداء رسله [الفتاوى السعدية (1/ 98) ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: على المؤمن أن يعادي في اللّه، ويوالي في اللّه، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه- وإن ظلمه- فإنّ الظّلم لا يقطع الموالاة الإيمانيّة. وإذا اجتمع في الرّجل الواحد: خير وشرّ وفجور وطاعة، ومعصية وسنّة، وبدعة استحقّ من الموالاة والثّواب بقدر ما فيه من الخير. واستحقّ من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشّرّ [مجموع الفتاوى (28/ 208- 209) ] .
1- عن نوفل (أبي فروة)- رضي اللّه عنه-: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال لنوفل: «اقرأ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ثمّ نم على خاتمتها، فإنّها براءة من الشّرك» [أبو داود (4/ 313) (ح: 5055) واللفظ له، الترمذي (5/ 474، ح 3403)، أحمد 5/ 4560، وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير (1/ 140): حديث حسن] .
2- عن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنه- قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- جهارا غير سرّ- يقول: «إنّ آل أبي - ليسوا بأوليائي، إنّما وليّي اللّه وصالح المؤمنين».زاد عنبسة بن عبد الواحد عن بيان عن قيس عن عمرو ابن العاص قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «ولكن لهم رحم أبلّها ببلالها، يعني أصلها بصلتها» [البخاري- الفتح 10 (5990) واللفظ له، ومسلم 1 (215) ] .
3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب. وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته» [البخاري- الفتح 11 (6502) ] .
4- عن أبي أمامة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أولى النّاس باللّه من بدأهم بالسّلام» [رواه أبو داود (5197)، والترمذي وحسنه، ولفظه: قيل يا رسول اللّه: الرجلان يلتقيان أيهما يبدا بالسلام؟ قال: «أولاهما باللّه تعالى»، وصححه الألباني صحيح أبي داود (3/ 976) وصحيح الكلم الطيب (198) ] .
5- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهما-: أنّ زنباعا أبا روح وجد غلاما مع جارية له، فجدع أنفه وجبّه، فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «من فعل هذا بك؟» قال: زنباع، فدعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «ما حملك على هذا؟» فقال: كان من أمره كذا وكذا، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم للعبد: «اذهب فأنت حرّ؟» فقال: يا رسول اللّه، فمولى من أنا؟ قال: «مولى اللّه ورسوله. فأوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المسلمين، قال: فلمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جاء إلى أبي بكر، فقال: وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: نعم، نجري عليك النّفقة وعلى عيالك، فأجراها عليه، حتّى قبض أبو بكر، فلمّا استخلف عمر جاءه، فقال: وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: نعم أين تريد؟ قال: مصر فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه أرضا يأكلها» [مسلم (2752)، وأحمد 2/ 182 وقال الشيخ أحمد شاكر (10/ 179): إسناده صحيح] .
6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ للّه مائة رحمة قسّم رحمة بين أهل الدّنيا وسعتهم إلى آجالهم وأخّر تسعا وتسعين رحمة لأوليائه وإنّ اللّه تعالى قابض تلك الرّحمة الّتي قسمها بين أهل الدّنيا إلى التّسع والتّسعين فيكملها مائة رحمة لأوليائه يوم القيامة» [أحمد (2/ 514)، والحاكم في المستدرك (4/ 248) واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي] .
7- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أوثق عرى الإيمان، الموالاة في اللّه والمعاداة في اللّه، والحبّ في اللّه، والبغض في اللّه» [الطبراني في الكبير، السيوطي في الجامع الصغير (1/ 69)، وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير (2/ 343): حسن، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1728) ] .
8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه-، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه قد أذهب عنكم عبّيّة الجاهليّة، وفخرها بالآباء، مؤمن تقيّ وفاجر شقيّ، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعنّ رجال فخرهم بأقوام، إنّما هم فحم من فحم جهنّم، أو ليكوننّ أهون على اللّه من الجعلان الّتي تدفع بأنفها النّتن» [أبو داود (5116) واللفظ له، الترمذي حديث (3955) وقال: حديث حسن وقال الألباني حسن ) انظر حديث رقم : 1787 في صحيح الجامع] .
9- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتّى يحبّ المرء لا يحبّه إلّا للّه، وحتّى أن يقذف في النّار أحبّ إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه اللّه، وحتّى يكون اللّه ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما» [البخاري- الفتح 10 (6041) واللفظ له، مسلم (43) ] .
10- عن عائشة رضي اللّه عنها- زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- أنّها قالت: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل بدر. فلمّا كان بحرّة الوبرة أدركه رجل. قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين رأوه. فلمّا أدركه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: جئت لأتّبعك وأصيب معك. قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «تؤمن باللّه ورسوله؟» قال: لا. قال فارجع. فلن أستعين بمشرك. قالت: ثمّ مضى. حتّى إذا كنّا بالشّجرة أدركه الرّجل. فقال له كما قال أوّل مرّة. فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كما قال أوّل مرّة. قال «فارجع فلن أستعين بمشرك». قال: ثمّ رجع فأدركه بالبيداء. فقال له كما قال أوّل مرّة: «تؤمن باللّه ورسوله؟». قال: نعم. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «فانطلق»[ مسلم (1817) ] .
11- عن جرير بن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سريّة إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسّجود فأسرع فيهم القتل، قال فبلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأمر لهم بنصف العقل، وقال: «أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين أظهر المشركين» قالوا يا رسول اللّه لم؟ قال: «لا تراءى ناراهما» [أبو داود حديث (2645) واللفظ له، الترمذي (1604). وابن الأثير في جامع الأصول (4/ 445)، وقال محققه: ورجال إسناده ثقات. وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير (2/ 17): هو حديث حسن] .
1- عن عبد اللّه بن الزّبير- رضي اللّه عنهما- قال: لمّا وقف الزّبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بنيّ لا يقتل اليوم إلّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلّا سأقتل اليوم مظلوما، وإنّ من أكبر همّي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بنيّ، بع مالنا، فاقض ديني. وأوصى بالثّلث، وثلثه لبنيه- يعني بني عبد اللّه بن الزّبير، يقول: ثلث الثّلث- فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدّين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد اللّه قد وازى بعض بني الزّبير- خبيب وعبّاد- وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد اللّه فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ! إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فو اللّه ما دريت ما أراد حتّى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: اللّه. قال: فو اللّه ما وقعت في كربة من دينه إلّا قلت: يا مولى الزّبير اقض عنه دينه، فيقضيه. فقتل الزّبير- رضي اللّه عنه- ...[البخاري- الفتح 6 (3129) ] .
2- الصّحابيّ الجليل عبد اللّه بن حذافة السّهميّ، لمّا أسرته الرّوم جاءوا به إلى ملكهم فقال له: تنصّر. وأنا أشركك في ملكي وأزوّجك ابنتي، فقال له: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب على أن أرجع عن دين محمّد طرفة عين ما فعلت. فقال: إذا أقتلك، قال: أنت وذاك، فأمر به فصلب، وأمر الرّماة فرموه قريبا من يديه ورجليه وهو يعرض عليه دين النّصرانيّة فيأبى، ثمّ أمر به فأنزل، ثمّ أمر بقدر. وفي رواية ببكرة من نحاس فأحميت وجاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر، فإذا هو عظام تلوح وعرض عليه فأبى، فأمر به أن يلقى فيها، فرفع في البكرة ليلقى فيها، فبكى فطمع فيه ودعاه، فقال له: إنّي إنّما بكيت؛ لأنّ نفسي إنّما هي نفس واحدة تلقى في هذه القدر السّاعة في اللّه، فأحببت أن يكون لي بعدد كلّ شعرة من جسدي نفس تعذّب هذا العذاب في اللّه.[سير أعلام النبلاء (2/ 14) بتصرف ] .
3- عن عبد الرّحمن بن يزيد قال أتينا حذيفة فقلنا دلّنا على أقرب النّاس برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هديا وسمتا وولاء نأخذ عنه ونسمع منه فقال: كان أقرب النّاس برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هديا وسمتا ودلّا ابن أمّ عبد، حتّى يتوارى عنّي في بيته، ولقد علم المحظوظون من أصحاب محمّد عليه الصّلاة والسّلام أنّ ابن أمّ عبد من أقربهم إلى اللّه زلفة.[ أحمد (5/ 389) ] .
4- عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: من بنى بأرض المشركين فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.[ اقتضاء الصراط المستقيم (200)، وقال ابن تيمية: إسناده صحيح] .
5- عن أبي موسى- رضي اللّه عنه- قال: قلت لعمر- رضي اللّه عنه- إنّ لي كاتبا نصرانيّا قال: مالك؟ قاتلك اللّه؟ أما سمعت اللّه يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [المائدة: 51] ألا اتّخذت حنيفا ... قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذ أهانهم اللّه ولا أعزّهم إذ أذلّهم اللّه ولا أدنيهم إذ أقصاهم اللّه.[ اقتضاء الصراط المستقيم (50) وأورده البيهقي في الكبرى (10/ 127) ] .
6- قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه- في الولاء والبراء: أن تعمل بطاعة اللّه على نور من اللّه، ترجو ثواب اللّه، وأن تترك معصية اللّه، على نور من اللّه، تخاف عقاب اللّه.[الولاء والبراء للقحطاني (25) ] .
7- عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أحبّ في اللّه وأبغض في اللّه، ووال في اللّه وعاد في اللّه فإنّك لا تنال ولاية اللّه إلّا بذلك، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتّى يكون كذلك» [حلية الأولياء (1/ 312) ] .
8- عن أنس- رضي اللّه عنه-، قال: غاب عمّي أنس بن النّضر عن قتال بدر فقال: يا رسول اللّه غبت عن أوّل قتال قاتلت المشركين، لئن اللّه أشهدني قتال المشركين ليرينّ اللّه ما أصنع، فلمّا كان يوم أحد وانكشف المسلمون، قال: اللّهمّ إنّي أعتذر إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني أصحابه وأبرأ إليك ممّا صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثمّ تقدّم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنّة وربّ النّضر، إنّي أجد ريحها من دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول اللّه ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسّيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل، وقد مثّل به المشركون، فما عرفه أحد إلّا أخته ببنانه. قال أنس: كنّا نرى أو نظنّ أنّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) الى آخر الآية.[ البخاري- الفتح 6 (2805) ] .
9- عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبيّ؛ لمّا بلغه ما كان من أبيه، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه إنّه بلغني أنّك تريد قتل عبد اللّه بن أبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فو اللّه لقد علمت الخزرج، ما كان لها من رجل أبرّ بوالديه منّي، إنّي أخشى أن تأمر غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد اللّه بن أبي يمشي في النّاس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النّار. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بل نترفّق به ونحسن صحبته ما بقي معنا. ووقف عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبيّ على باب المدينة واستلّ سيفه، فلمّا جاء أبوه قال له: وراءك، فقال: مالك ويلك؟ قال: واللّه لا تجوز حتّى يأذن لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكان إنّما يسير ساقة فشكا إليه عبد اللّه ابنه. فقال الابن: واللّه يا رسول اللّه لا يدخلها حتّى تأذن له، فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فأجازه.[ تفسير ابن كثير (4/ 373) بتصرف] .
10- قال عبد اللّه بن عتبة: ليتّق أحدكم أن يكون يهوديّا أو نصرانيّا وهو لا يشعر، قال: فظننّاه يريد هذه الآية: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) الآية.[ تفسير ابن كثير (2/ 69) ] .
1- قال البغويّ، في تفسير قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ...) [الآية: 8 العنكبوت] وقوله تعالى: (وَإِنْ جاهَداكَ ...) [الآية: 50 سورة لقمان] نزلت في سعد ابن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه- وأمّه حمنة بنت أبي سفيان فقد كان سعد من السّابقين الأوّلين للإسلام، وكان بارّا بأمّه. قالت له أمّه: ما هذا الدّين الّذي أحدثت؟ واللّه لا آكل ولا أشرب حتّى ترجع إلى ما كنت عليه، أو أموت فتعيّر بذلك أبد الدّهر، يقال: يا قاتل أمّه. ثمّ إنّها مكثت يوما وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظلّ، فجاء سعد إليها وقال: يا أمّاه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني، فكلي وإن شئت فلا تأكلي فلمّا أيست منه أكلت وشربت. فأنزل اللّه: (وَإِنْ جاهَداكَ ...) إلى آخر الآيات.[تفسير البغوي (5/ 188) ] .
2- يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة- رحمه اللّه-: ليس للقلوب سرور ولا لذّة إلّا في محبّة اللّه والتّقرّب إليه بما يحبّه، ولا تمكن محبّته إلّا بالإعراض عن كلّ محبوب سواه، وهذا حقيقة لا إله إلّا اللّه وهي ملّة إبراهيم الخليل عليه السّلام، وسائر الأنبياء والمرسلين صلاة اللّه وسلامه عليهم أجمعين، أمّا شقّها الثّاني محمّد رسول اللّه: فمعناه تجريد متابعته صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أمر والانتهاء عمّا نهى عنه وزجر. ومن هنا كانت «لا إله إلّا اللّه» ولاء وبراء نفيا وإثباتا ...[فتاوى ابن تيمية (28/ 32) ] .
3- قال البغويّ: والعمل على هذا عند عامّة أهل العلم من الصّحابة فمن بعدهم على: أنّ الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر لقطع الولاية بينهما.[ شرح السنة (8/ 364) ] .
4- يقول الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب: واعلم أنّ الإنسان ما يصير مؤمنا باللّه إلّا بالكفر بالطّاغوت، والدّليل هذه الآية- (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ...) [سورة البقرة: 256] .[الدرر السنية (1/ 95) ] .
5- قال الشّوكانيّ رحمه اللّه: وأولياء اللّه سبحانه متفاوتون في الولاية بقوّة ما رزقهم اللّه سبحانه من الإيمان، فمن كان أقوى إيمانا كان في باب الولاية أعظم شأنا وأكبر قدرا وأعظم قربا من اللّه وكرامة لديه.[ ولاية اللّه والطريق إليها (242) ] .
6- قال الشّيخ عبد الرّحمن بن حسن آل الشّيخ: فتبيّن أنّ معنى «لا إله إلّا اللّه» توحيد اللّه بإخلاص العبادة له، والبراءة من كلّ ما سواه. وذكر اللّه سبحانه أنّ هذه البراءة، وهذه الموالاة هي شهادة أن لا إله إلّا اللّه.[ فتح المجيد (79) ] .