۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة *¤ô§ô¤*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البرق

عضو مبدع  عضو مبدع
البرق


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 14/09/2011
عدد المساهمات : 286

 *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة  *¤ô§ô¤* Empty
مُساهمةموضوع: *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة *¤ô§ô¤*    *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة  *¤ô§ô¤* Icon_minitimeالأحد 09 أكتوبر 2011, 5:19 am

[b]

تشير الروايات التاريخية إلى أن الكعبة المشرفة بنيت 12 مرة عبر التاريخ منذ عهد ادم عليه السلام وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين ، وقد روى عبد الله بت عمر رضى الله عنه قال : لما أهبط الله ادم من الجنة قال :إني مهبط معك بيتا أو منزلا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي ؛ ويصلى عنده كما يصلى حول عرشي ؛ فلما كان زمن الطوفان رفع ؛وكان الأنبياء يحجونه ولا يعرفون مكانه فبوأه لإبراهيم فبناه من خمسة أجبل :حراء وثبيرولبنان وجبل الطور وجبل الخير ؛ فتمتعوا فيه ما استطعتم .
وفيما يلى أسماء البناة:

1ـ الملائكة
أما بناء الملائكة ، فعن علي بن الحسين أنه قال : لما قال الله تعالى للملائكة : (إني جاعل في الأرض خليفة) "البقرة : 30" قالت : أي رب! أخليفة من غيرنا ممن يُفسد فيها ويسفك الدماء؟ فغضب عليهم ، فلاذوا بالعرض، ورفعوا رؤوسهم ، وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقاً لغضبه، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، - وفي رواية : سبعة أطواف – يسترضون ربهم ، فرضي عنهم ، وقال : ابنوا لي في الأرض بيتاً يعوذ به كل من سخطت عليه من خلقي ، فيطوف حوله كما فعلتم بعرشي ، فأغفر له كما غفرت لكم ، فبنوا البيت الحرام .
وفي رواية : أن الله تعالى بعث ملائكة فقال لهم : ابنوا لي بيتاً على مثال البيت المعمور وقدره ، ففعلوا ، وأمر الله تعالى أن يُطاف به كما يطاف بالبيت المعمور ، وأن هذا كان قبل خلق آدم وقبل خلق الأرض بألفي عام ، وأن الأرض دحيت من تحته .

2ـ ادم عليه السلام
وأما بناء آدم ، فقال القطب المكي في الإعلام : الثاني : بناء آدم عليه السلام ، وقد ذكره الإمام أبو الوليد الأزرقي فقال : حدثني جدي عن سعيد ابن سالم عن طلحة بن عمرو الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : لما أهبط الله آدم [إلى الأرض من الجنة قال : يا رب! ما لي لا أسمع] أصوات الملائكة؟ قال : بخطيئتك يا آدم ، ولكن اذهب فابن لي بيتاً فطف به واذكرني حوله كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي . قال : فأقبل آدم يتخطى الأرض فطويت له ، ولم يقع قدمه على شيء من الأرض إلا صار عمراناً وبركة ، حتى انتهى إلى مكة وبنى البيت الحرام ، وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحيه الأرض فكشف عن أُس ثابت في الأرض السابعة ، فقذفت فيه الملائكة من الصخر مالا يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلاً ، وأنه بناه من خمسة أجبل : من لبنان ، وطور سيناء ، وطور زيتا ، والجودي ، وحراء ، حتى استوى على وجه الأرض .
وهذا يدل على أن آدم عليه السلام إنما بنى أساس الكعبة حتى ساوى وجه الأرض ، ولعل ذلك بعد دثور ما بنته الملائكة بأمر الله تعالى أولاً ، ثم أنزل الله تعالى البيت المعمور لآدم عليه السلام ليستأنس به ، فوضعه على أساس الكعبة .
ويدل على ذلك : ما رواه أبو الوليد الأزرقي في تاريخه قال : [حدثني جدي] قال : حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال : بلغني أن عمر ابن الخطاب قال لكعب : يا كعب! أخبرني عن البيت؟ قال كعب : [أنزله] الله من السماء ياقوته [مجوفة] مع آدم ، فقال له : يا آدم! إن هذا بيتي أنزلته معك يُطاف حوله كما يُطاف حول عرشي ، ويُصلى حوله كما يُصلى حول عرشي ، ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ، ثم وضع البيت عليه . فكان آدم يطوف حوله كما يُطاف حول العرش ، ويُصلي عنده كما يُصلى عند العرش . فلما أغرق الله قوم نوح رفعه إلى السماء وبقيت قواعده . أخرجه الأزرقي (1/40) .
وقال الأزرقي أيضاً : [حدثني جدي] قال : حدثني محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن عمران عن عمر بن أبي معروف عن عبد الله بن أبي زياد قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : يا آدم ابن لي بيتاً بحذاء بيتي الذي في السماء ، تتعبد فيه أنت وولدك ، كما تتعبد ملائكتي حول عرشي . فهبطت عليه الملائكة ، فحفر حتى بلغ الأرض السابعة ، فقذفت فيه الملائكة الصخر حتى أرف على وجه الأرض ، وهبط آدم بياقوته حمراء مجوفة لها أربعة أركان بيض ، فوضعها على الأساس ، فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله . أخرجة الأزرقي (1/42) . انتهى ما في الإعلام .
وفي شفاء الغرام نقلاً عن دلائل النبوة للبيهقي : عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بعث الله جبريل إلى آدم وحواء ، فقال لهما : ابنيا لي بيتاً ، فخط لهما جبريل ، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل التراب حتى أجابهما الماء فنودي من تحته : حسبك يا آدم ، فلما [بنياه] أوحى الله إليه ، أن يطوف به ، وقيل له : أنت أول الناس ، وهذا أول بيت ، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح ، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه" .
قال البيهقي : تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعاً .
وذكر الأزرقي في بناء آدم الكعبة ، واستدل له بخبرين رواهما عن ابن عباس – رضي الله عنه – في أحدهما : انه بناه من خمسة أجبل : لبنان ، وطور زستا ، وطور سيناء ، والجودي ، وحراء ، حتى استوى على الأرض . أخرجة الأزرقي (1/37) .
وفي الآخر : وكان آدم – عليه السلام – أول من أسس البيت وصلى فيه .
وفي مصنف عبد الرزاق : أن آدم بنى الكعبة من هذه الخمسة الجبال ، وأن [ربضه] كان من حراء .
قال المحب الطبري : [والربض] هنا : هو الأساس المستدير بالبيت .
وذكر الأزرقي بسنده إلى ابن إسحاق ما يدل لبناء آدم للكعبة ، في اثناء خبر بناء الخليل عليه السلام للكعبة .

3ـ شيت ابن ادم عليه السلام
وأما بناء أولاد آدم عليه السلام ، فقال في الإعلام : روى الأزرقي بسنده إلى وهب بن منبه قال : لما رُفعت الخيمة التي [عزى] الله بها آدم من حلية الجنة حين وضعت له بمكة في موضع البيت ، ومات آدم ، فبنى بنو آدم من بعده مكانها بيتاً بالطين والحجارة ، فلم يزل معموراً يعمرونه هم ومن بعدهم ، حتى كان زمن نوح فنسفه الغرق وغير مكانه حتى بوأه الله لإبراهيم . انتهى .
قال الحافظ أبو القاسم السهيلي في الفصل الذي عقده لبناء الكعبة : وكان بناؤها الأول حين بنى شيث بن آدم . انتهى .
ولعل مراد السهيلي بالأولية بالنسبة إلى بناء البشر لا الملائكة ، وأن بناء آدم إنما هو الأساس إلى أن ساوى وجه الأرض ، وأنزل الله عليه من الجنة البيت المعمور فوضعه على ذلك الأساس .
والمراد بالخيمة المشار إليها في خبر وهب بن منبه : هو البيت المعمور ، أو لعلها خيمة غير البيت المرفوع ، ولعلها رُفعت بعد وفاة آدم وأُبقي البيت المعمور إلى أن رُفع زمن الطوفان ، وفي ذلك من ارتكاب المجاز ما تصحح به هذه الروايات المتباينة ظواهرها . والله تعالى أعلم بالصواب .

4ـ إبراهيم وإسماعيل عليه السلام
 *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة  *¤ô§ô¤* Attachment
وأما بناء إبراهيم الخليل عليه السلام ، فقال في إخبار الكرام : عن مجاهد ، إن موضع البيت كان قد خفي ودرس من الغرق أيام الطوفان ، فصار موضعه اكمة حمراء [مدرة لا تعلوها السيول] ، غير أن الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك ولا يثبتونه ، وكان المظلوم يأتيه من أقطار الأرض [ويدعو] عنده ، فقل أنه من دعا هنالك إلا استجيب له .
وعن ابن عمر : أن الأنبياء كانوا يحجون ، ولا يعلمون مكانه ، حتى بواه الله تعالى الخليل إبراهيم وأعلمه مكان البيت . انتهى .
وفي تفسير معالم التنزيل للعلامة [أبي] محمد الحسين بن محمد البغوي رحمه الله : قال الرواة : إن الله تعالى أمر إبراهيم بعدما ولد [له] إسماعيل وإسحاق ببناء بيت يُذكر فيه ، فسأل الله عز وجل أن [يبين] له موضعه ، فبعث الله السكينة لتدله على موضع البيت ، وهي ريح [خجوج] لها رأسان شبه الحية ، فأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة ، فتبعها إبراهيم حتى أتيا مكة ، فتطوقت السكينة على موضع البيت كتطوق الحجفة . هذا قول علي والحسن .
وقال ابن عباس : بعث الله سبحانة على قدر الكعبة ، فجعلت تسير وإبراهيم يمشي في ظلها إلى أن وافق مكة ، ووقفت على موضع البيت ، فنودي منها إبراهيم : أن ابن على ظلها لا تزد ولا تنقص .
وقيل : أرسل الله جبريل ليدله على موضع البيت ، فلذلك قوله تعالى : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت) – الحج : 26 - ، فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت ، فكان إبراهيم يبنيه وإسماعيل يناوله الحجر ، فذلك قوله تعالى : (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسمعيل) – البقرة : 127 – يعني : أسسه ، واحدتها قاعدة ، وقال الكسائي : جدر البيت .
قال ابن عباس : إنما بني البيت من خمسة أجبل : طور سيناء ، وطور زيتا ، ولبنان وهو جبل بالشام ، والجودي وهو جبل بالجزيرة ، وبنيا قواعده من حراء وهو جبل بمكة . فلما انتهى إبراهيم إلى موضوع الحجر الأسود قال لإسماعيل : ائتني بحجر حسن يكون للناس علماً ، فأتاه بحجر ، فقال : ائتني بأحسن من هذا فمضى إسماعيل يطلبه ، فصاح أبو قبيس : يا إبراهيم! إن لك عندي وديعة فخذها ، فأخذ الحجر الأسود فوضعه مكانه . انتهى .
وفي الإعلام : قال الأزرقي : [حدثني جدي] عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد أنه قال : كان موضع الكعبة قد خفي ودرس زمن الطوفان فيما بين نوح وإبراهيم ، وكان موضعه أكمة حمراء لا تعلوها السيول ، غير أن الناس كانوا يعلمون أن [موضع] البيت فيما هنالك من غير تعيين محله ، وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من اقطار الأرض ، ويدعو عنده المكروب ، وما دعا عنده أحد إلا استجيب له ، وكان الناس يحجون إلى موضع البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم لما أراد عمارة بيته وإظهار دينه وشرائعه ، فلم يزل منذ أهبط الله آدم إلى الأرض معظماً محترماً عند الأمم والملل . أخرجه الأزرقي (1/52) .
وروى الأزرقي أيضاً عن ابن إسحاق : أن الخليل عليه السلام لما بنى البيت جعل طوله في السماء تسعة أذرع ، وجعل طوله في الأرض من قبل وجه البيت الشريف من الحجر الأسود إلى الركن الشامي : اثنين وثلاثين ذراعاً ، وجعل عرضه في الأرض من قبل الميزاب من الركن الشامي إلى الركن الغربي الذي يسمى الآن الركن العراقي : اثنين وعشرين ذراعاً ، وجعل طوله في الأرض من جانب ظهر البيت الشريف من الركن الغربي إلى الركن اليماني : إحدى وثلاثين ذراعاً ، وجعل عرضه في الأرض من الركن اليماني إلى الحجر الأسود : عشرين ذراعاً ، وجعل الباب لاصقاً بالأرض غير مرتفع عنها ولا مبوب ، حتى جعل لها تبع الحميري باباً وغلقاً بعد ذلك ، وحفر إبراهيم في بطن البيت على يمين من داخل حفرة لتكون خزانة للبيت ، يوضع فيها ما يهدى إلى البيت ، وكان إبراهيم يبني وإسماعيل ينقل له الأحجار على عاتقه ، فلما ارتفع البنيان قرب له المقام فكان يقوم عليه ويبني ، ويحوله له إسماعيل في نواحي البيت ، حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود فقال إبراهيم لإسماعيل : ائتني بحجر أضعه هنا يكون علماً للناس يبتدؤون منه الطواف ، فذهب إسماعيل في طلبه ، فجاء جبريل إلى إبراهيم بالحجر الأسود ، وكان الله عز وجل استودعه جبل أبي قبيس حين طوفان نوح ، فوضعه جبريل عليه السلام في مكانه ، وبنى عليه إبراهيم عليه السلام ، وهو حينئذ يتلألأ نوراً ، فأضاء بنوره شرقاً وغرباً وشاماً ويمناً إلى منتهى أنصاب الحرم من كل ناحية ، وإنما سودته أنجاس الجاهلية وأرجاسها .
قال : ولم يكن إبراهيم سقف البيت ، ولا [بناها بمدر وإنما رضمها رضماً] . انتهى .
قال السيد الإمام تقي الدين الفاسي : روينا عن قتادة قال : ذكر لنا أن الخليل عليه السلام بنى البيت من خمسة أجبل : من طور سيناء ، وطور زيتا ، ولبنان ، والجودي ، وحراء . قال : وذكر لنا أن قواعده من حراء .
قال : ويروى أن الخليل أسس البيت من ستة أجبل : من أبي قبيس ، ومن الطور ، ومن القدس ، ومن ورقان ، ومن رضوى ، ومن أحد . انتهى ما في الإعلام .
وروى الأزرقي عن ابن عباس قال : لبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم جاء الثالثة فوجد إسماعيل قاعداً تحت الدوحة التي بناحية البئر يبري نبلاً أو نبالاً ، فسلم عليه ونزل إليه فقعد معه . فقال إبراهيم : يا إسماعيل إن الله تعالى قد أمرني بأمر . فقال له إسماعيل : فأطع ربك فيما أمرك . فقال إبراهيم : يا إسماعيل أمرني ربي أن أبني له بيتاً . قال له إسماعيل : وأين؟ يقول ابن عباس : فأشار له إلى أكمة مرتفعة على ماحولها ، عليها رضراض من حصباء ، يأتيها السيل من نواحيها ولا يركبها .
يقول أبن عباس : فقاما يحفران عن القواعد ويقولان : ربنا تقبل منا إنك سميع الدعاء ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، ويحمل له إسماعيل الحجارة على رقبته ويبني إبراهيم ، فلما ارتفع البناء وشق على إبراهيم تناوله قرب له إسماعيل هذا الحجر – يعني المقام – فكان يقوم عليه ويبني ، ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى إلى وجه البيت .
يقول ابن عباس : فلذلك سمي مقام إبراهيم ، لقيامه عليه . انتهى .
وفي تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام : وذكر ابن خلدون في مقدمة تاريخة ولفظه : وقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة في الجب الذي كان بالكعبة سبعين ألف أوقية من الذهب ، مما كانت الملوك تهدي إلى البيت فيها ألف [ألف] دينار – مكررة مرتين – بمائتي قنطار وزناً . وقال له علي بن أبي طالب : يا رسول الله! لو استعنت بهذا المال على حربك؟ فلم يفعل ، ثم ذكر لأبي بكر فلم يحركه . هكذا قال الأزرقي .
وأقام ذلك المال إلى أن كانت فتنة الأفطس ، وهو الحسين بن الحسن ابن علي الأصغر بن علي زين العابدين سنة تسع وتسعين ومائة ، حين غلب على مكة عمد إلى الكعبة فأخذ ما في خزانتها وقال : ما تصنع الكعبة بهذا المال؟ وبطلت الذخيرة من الكعبة من يومئذ .

5ـ العمالقة
6ـ جرهم
وأما بناء العمالقة وجرهم ، فقال في الإعلام : ذكر الأزرقي بسنده إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال في خبر بناء إبراهيم الكعبة : ثم انهدم فبنته العمالقة ، ثم انهدم فبنته قبيلة من جرهم .
وذكر الفاكهي بسنده إلى علي بن أبي طالب أنه قال : أول من بنى البيت إبراهيم ، ثم انهدم فبنته جرهم ، ثم انهدم فبنته العمالقة .
قال السيد التقي : قلت : هذا يقتضي أن جرهماً بنت البيت الشريف قبل العمالقة ، واخبر الأول يقتضي أن العمالقة بنته قبل جرهم ، وبه جزم المحب الطبري في القرى .
وذكر المسعودي في مروج الذهب : أن الذي بنى الكعبة من جرهم هو الحارث بن مضاض الأصغر ، وأنه زاد في بناء البيت ورفعه كما كان عليه بناء إبراهيم عليه السلام . والله أعلم بحقيقة ذلك .
وقد تقدم من رواية الأزرقي خبر العمالقة يقتضي سبقهم على جرهم .

7ـ قصي بن كلاب
وأما بناء قصي ، فقال في الإعلام : ذكر الزبير بن بكار – قاضي مكة – في كتاب النسب : أن قصي بن كلاب لما ولي أمر البيت جمع نفقة ثم هدم الكعبة ، فبناها بنياناً لم يبنه أحد ممن بناها قبله مثله .
وذكر أبو عبد الله محمد بن عائذ الدمشقي في مغازيه : أن قصي بن كلاب بنى البيت الشريف ، وجزم به الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية ، فإنه قال فيها : أول من جدد بناء الكعبة من قريش بعد إبراهيم قصي بن كلاب ، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل .

8ـ قريش
وأما بناء قريش ، فقال في الإعلام : قال خاتمة الحافظ والمحدثين الشيخ محمد الصالحي في كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ، وهو أحسن كتاب للمتأخرين وأبسطه في السيرة النبوية : أن امرأة جمرت الكعبة بالبخور ، فطارت شرارة من مجمرتها في ثياب الكعبة ، فاحترق أكثر أخشابها ، ودخلها سيل عظيم فصدع جدرانها بعد توهينها ، فأرادوا أن يشدوا بنيانها ويرفعوا بابها حتى لا يدخلها إلا من شاؤوا ، وكان البحر قد رمى بسفينة إلى ساحل جدة لتاجر رومي اسمه : باقوم ، وكان بناء نجاراً ، فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إلى جدة ، فابتاعوا خشب السفينة ، وكلموا باقوم الروم أن يقدم معهم إلى مكة ، فقدم إليها ، وأخذوا أخشاب السفينة فأعدوه لتسقيف الكعبة الشريفة .
قال الأموي : كانت هذه السفينة لقيصر – ملك الروم – يحمل فيها الرخام والخشب والحديد مع باقوم إلى الكنيسة التي أحرقها الفرس بالحبشة ، فلما بلغت قريب مرسى جدة بعث الله عليها ريحاً فحطمتها . انتهى .
قال ابن إسحاق : وكان بمكة قبطي يعرف نجر الخشب وتسويته ، فوافقهم أن يعمل لهم سقف الكعبة ويساعده باقوم . انتهى ما في الإعلام .
وفي الجامع اللطيف : روي أن امرأة ذهبت تجمر الكعبة فطارت شرارة من مجمرتها فاحترقت كسوتها ، وكانت ركاماً بعضها فوق بعض ، فحصل في الأحجار تصدع ووهن ، ثم تواترت السيول بعد ذلك ، فجاء سيل عظيم فدخل البيت فازداد تصدع الجدران ، ففزعت قريش لذلك فزعاً شديداً ، وهابوا هدمها ، وخافوا إن مسوها أن ينزل عليهم العذاب ، فبينما هم على تلك الحال يتشاورون إذ أقبلت سفينة من الروم ، حتى إذا كانت بمحل يقال له : الشعيبة – بضم الشين المعجمة – وهي يومئذ ساحل مكة قبل جدة ، انكسرت ، فلما انكسرت السفينة بالشعيبة وبلغ ذلك قريشاً فقصدوها ، واشتروا أخشابها ، وأذنوا لأهلها أن يدخلوا مكة فيبيعوا ما معهم من المتاع على أن لا يعشروهم ، قال : وكانوا قبل ذلك يعشرون من دخلها من تجار الروم ، وكانت الروم تعشر قريشاً إذا دخلوا بلادهم .
ويروى : أن قريشاً لما هابوا هدمها ، قال الوليد : إن الله لا يهلك من يريد الإصلاح ، فارتقى على ظهرها ومعه الفأس ثم هدم ، فلما رأوه سالماً تابعوه .
وفي بعض الروايات : أن قريشاً كلما أرادوا هدم البيت بدت لهم حية فاتحة فاها ، فبعث الله طيراً أعظم من النسر فغرز مخالبه فيها وألقاها نحو أجياد ، فهدمتها قريش وبنوها بحجارة الوادي . انتهى .
وفي الإعلام : وكانت حية عظيمة تخرج من بئر الكعبة التي يطرح فيها ما يهدى إلى الكعبة ، تشرف على جدار الكعبة لا يدنوا منها أحد إلا كشت وفتحت فاها ، وكانوا يهابونها ويزعمون أنها تحفظ الكعبة وهداياها ، وأن رأسها كرأس الجدي وظهرها وبطنها أسود ، وأنها أقامت فيها خمسمائة سنة .
قال ابن عيينة : فبعث الله طائراً فاختطفها وذهب بها . فقالت قريش : نرجو الله تعالى أن يكون رضي لنا بما أردنا فعله ، فاجمع رأيهم على هدمها وبنائها .
قال ابن هشام : فتقدم عائذ بن عمران بن مخزوم وهو خال [أبي] النبي صلى الله عليه وسلم فتناول حجراً من الكعبة ، فوثب من يده حتى رجع إلى مكانه ، فقال : يا معشر قريش! لا تدخلوا في بنيانها من مالكم إلى حلالاً طيباً ، ليس فيه مهر بغي ولا رباً ولا مظلمة .
ثم إن قريشاً اقتسمت جوانب البيت ، فكان شق [الباب] لبني زهرة وبني عبد مناف ، وما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم ومن انضم إليهم من قريش ، وكان ظهر الكعبة لبني جمح وبني سهم ، وكان شق الحجارة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم حتى إذا انتهى الهدم إلى الأساس فأفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة فضربوا عليها بالمعول ، فخرج برق يكاد أن يخطف البصر ، فانتهوا عند ذلك الأساس . انتهى .
وفي تحصيل المرام : حتى انتهى بهم الهدم إلى أساس إبراهيم – عليه السلام – فأفضوا إلى حجارة كالأسنمة – أي : أسنمة الإبل – فأدخل رجل ممن كان يهدم عتلته بين حجرين ليقلع بها بعضها ، فلما تحرك الحجر انتفضت مكة – أي : تحركت بأسرها - ، وأبصر القوم برقة خرجت من تحت الحجر كادت تخطف بصر الرجل ، فانتهوا عن ذلك الأساس .
ووجدت قريش كتاباً بالسريانية فلم يدروا ما هو ، حتى قرأه لهم رجل من اليهود ، فإذا فيه : أنا الله ذو بكة ، خلقتها يوم خلقت السموات والأرض ، وصورت الشمس والقمر ، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء ، لا تزول حتى تزول أخشباها ، مبارك لأهلها في الماء واللبن .
ووجد في المقام – أي : محله – كتاباً آخر مكتوب فيه : مكة بيت الله يأتيها رزقها من ثلاث سبل .
ذكر الحلبي : وفي كلام بعضهم : وجد حجر مكتوب فيه ثلاثة أسطر ، السطر الأول : أنا الله ذو بكة ، صنعتها يوم صنعت الشمس والقمر .
وفي الثاني : أنا الله ذو بكة خلقت الرحم وشققت له أسماً من أسمائي ، فمن وصله وصلته ، ومن قطعه بتته .
والثالث : أنا الله ذو بكة ، خلقت الخير والشر ، فطوبى لمن كان الخير على يديه ، وويل لمن كان الشر على يديه . انتهى .
وفي تاريخ الأزرقي : وجد في حجر في الحجر كتاب من خلقة الحجر : أن الله ذو بكة الحرام ، وضعتها يوم صنعت الشمس والقمر ، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء ، لا تزول حتى تزول أخشباها ، مبارك لأهلها في اللحم والماء .
وعن مجاهد قال : وجد في بعض الزبور : أنا الله ذو بكة ، جعلتها بين هذين الجبلين ، وصنعتها يوم صنعت الشمس والقمر ، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء ، وجعلت رزق أهلها من ثلاثة سبل ، فليس يؤتى أهل مكة إلا من ثلاثة طرق : أعلى الوادي ، وأسفله ، وكداء ، وباركت لأهلها في اللحم والماء . انتهى .
وفي تحصيل المرام : وفي الإصابة : اسم الرجل الذي بنى الكعبة لقريش باقوم ، وكان رومياً ، وكان في سفينة حبسها الريح ، فخرجت إليها قريش فأخذوا خشبها وقالوا له : ابنها على بنيان الكنائس . وإن باقوم الرومي أسلم ، ثم لما [بنوها جعلوها] مدماكاً (مقياس قديم لأهل مكة) من خشب الساج ومدماكاً من الحجارة من أسفلها إلى أعلاه .
وفي تاريخ الخميس : كانت الحجارة ستة عشر مدماكاً والخشب خمسة عشر مدماكاً . انتهى .
وفي الإعلام : ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن – الحجر - ، فاختصم فيه القبائل كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه ، وكادوا أن يقتتلوا على ذلك ، فقال لهم أبو أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم – وكان شريفاً مطاعاً - : اجعلوا الحكم بينكم فيها اختلفتم فيه أول من يدخل من باب الصفا ، فقبلوا ذلك منه ، فكان أول داخل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأوه قالوا : هذا محمد الأمين ، وكان يسمى قبل أن يوحى إليه : [أمينا] ، لأمانته وصدقه . فقالوا جميعاً : رضينا بحكمه ، ثم قصوا عليه قصتهم . فقال صلى الله عليه وسلم هلم إلى ثوباً ، فأتي به ، فأخذ الركن فوضعه بيده فيه ، ثم قال : ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من هذا الثوب ، [فحملوه جميعاً وأتوا به ورفعوه إلى ما يحاذي موضعه ، فتناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثوب] ووضعه بيده الشريفة في محله . انتهى .
وفي تحصيل المرام : ولما بلغ البنيان محل الحجر الأسود اختصم القبائل ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى أعدوا للقتال ، فقدمت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً ثم تعاقدوا هم وبنو عدي – أي تحالفوا على الموت - ، وأدخلوا أيدهم في تلك الجفنة فسموا : لعقة الدم ، ومكث النزاع بينهم أربع أو خمس ليال ، ثم اجتمعوا بالمسجد الحرام ، وكان أبو أمية ابن المغيرة واسمه حذيفة وهو أسن قريش يومئذ ، وهو والد أم سلمة رضي الله عنها ، وهو أحد أجواد قريش المشهورين بالكرم ، فقال : يا معشر قريش! اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل باب هذا المسجد يقضي بينكم ، فكان أول من دخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه صلى الله عليه وسلم قالوا : هذا الأمين رضينا ، هذا محمد صلى الله عليه وسلم أي : لأنهم كانوا يتحاكمون إليه صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، لأنه كان لا يداري ولا يماري . فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم : هلم إلى ثوباً ، فأتي به . وفي رواية : فوضع إزاره وبسطه في الأرض ، ويقال : إن ذلك الثوب كان للوليد بن المغيرة . فأخذ صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود فوضعه فيه بيده الشريفة ، ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب أي : بزاوية من زواياه ، ثم ارفعوا جميعاً فرفعوا ، فكان في الربع الأول من بني عبد مناف : عتبة بن ربيعة ، وكان في الربع الثاني أبو زمعة بن الأسود ، وكان في الربع الثالث أبو حذيفة بن المغيرة ، وكان في الربع الرابع قيس بن عدي ، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة . انتهى .
وفي تاريخ الأزرقي : ولما وضع النبي صلى الله عليه وسلم الركن بيده ذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وسلم حجراً ليشد به الركن ، فقال العباس بن عبد المطلب : لا ، فناول العباس النبي صلى الله عليه وسلم حجراً فشد به الركن ، فغضب النجدي حيث نحي . فقال النجدي : واعجباه لقوم أهل شرف وعقول وسن وأموال ، عمدوا إلى أصغرهم سناً وأقلهم مالاً فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحوزهم كأنهم خدم له!! أما والله ليفتنهم سبقاً ، وليقسمن عليهم حظوظاً وجدوداً ، ويقال : إنه إبليس . انتهى .
وفي الإعلام : ولما بنت قريش الكعبة جعلت ارتفاعها من خارجها ثمانية عشر ذراعاً ، منها تسعة أذرع زائده على ما عمره الخليل عليه السلام ، ونقصوامن عرضها أذرعاً من جهة الحجر ، لقصر النفقة الحلال التي أعدوها لعمارة الكعبة ، ورفعوا بابها عن الأرض ليدخلوا من [شاؤوا] ويمنعوا من شاؤوا ، وجعلوا في داخلها ست دعائم في صفين ، ثلاث في كل صف من شق الحجر إلى الشق اليماني ، وجعلوا في ركنها الشامي من داخلها درجة يصعد منها إلى سطح الكعبة المشرفة .

9ـ عبد الله بن الزبير
 *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة  *¤ô§ô¤* Attachment
وأما بناء عبد الله بن الزبير ، فقال في الجامع اللطيف : إن الحصين بن نمير لما قدم مكة ومعه الجيش من قبل يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير ، جمع ابن الزبير أصحابه فتحصن بهم في المسجد الحرام حول الكعبة ، ونصب خياماً فيه يستظلون فيها من الشمس . وكان الحصين قد نصب المنجنيق على أخشبي مكة ، وهما أبو قبيس والأحمر الذي يقابله ، وصار يرمي به على ابن الزبير وأصحابه فيصيب أحجار الكعبة فوهنت لذلك وتخرقت كسوتها عليها وصارت كأنها جيوب النساء .
ثم إن رجلاً من أصحاب ابن الزبير أوقد ناراً في بعض تلك الخيام مما يلي الصفا بين الركن الأسود واليماني ، والمسجد يومئذ صغير ، وكانت في ذلك اليوم رياح شديدة والكعبة إذ ذاك مبنية بناء قريش مدماك من ساج ومدماك من حجارة ، فطارت الريح بشرارة من تلك النار فتعلقت بكسوة البيت فاحترقت واحترق الساج الذي بين البناء ، فازداد تصدع البيت وضعفت جدرانه ، وتصدع الحجر الأسود أيضاً حتى ربطه ابن الزبير بعد ذلك بالفضة ، ففزع لذلك أهل مكة وأهل الشام ، أعني الحصين وجماعته .
وعن الفاكهي : أن سبب حريق البيت إنما كان من بعض أهل الشام أحرق على باب بني جمح وفي المسجد يومئذ خيام ، فمشى الحريق حتى أخذ في البيت فظن الفريقان بالهلاك .
وقال الجد رحمه الله : قلت : وهذا يخالف ما ذكر من أن السبب في ذلك إنما هو من بعض أصحاب ابن الزبير ، ولعل ما ذكره الفاكهي أصوب ، على أنه يمكن الجمع بوقوع كل من ذلك ، فيكون السبب مركباً والله أعلم . انتهى بمعناه .
ثم جاء نعي يزيد بعد ذلك بتسعة وعشرين يوماً والحصين مستمر على حصار ابن الزبير ، فأرسل ابن الزبير إلى الحصين جماعة من قريش فكلموه وعظموا عليه ما أصاب الكعبة ، وقالوا له : إن هذا من رميكم لها فأنكر ذلك ، ثم ولى راجعاً إلى الشام ، فدعا ابن الزبير حينئذ وجوه الناس واستشارهم في هدم الكعبة فاشار عليه القليل من الناس بذلك وأبى الكثير ، وكان أشدهم إباء عبد الله بن عباس وقال : دعها على ما أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإني أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها ، فلا تزال تُهدم وتبنى فيتهاون الناس بحرمتها ، ولكن ارقعها . فقال ابن الزبير : والله ما يرضى أحدكم أن يرقع بيت أبيه وأمه فكيف أرقع بيت الله؟ واستقر رأيه على هدمها رجاء أن يكون هو الذي يردها على قواعد الخليل إبراهيم عليه السلام ، لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : لولا قومك حديثوا عهد بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين .
ثم إن ابن الزبير أمر بهدم الكعبة ، وكان ذلك في يوم السبت النصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين من الهجرة . أخرجة الأزرقي (1/206) .
وقيل : سنة خمس وستين ، فلم يجترى على ذلك أحد ، وخرج أهل مكة إلى منى وأقاموا بها ثلاثاً خوفاً أن ينزل عليهم عذاب بسبب ذلك ، وخرج عبد الله بن عباس إلى الطائف ، فلما رأى ذلك ابن الزبير علاها بنفسه وأخذ المعول وجعل يهدمها ، فلما رأوه أهل مكة لم يصبه شيء صعدوا معه وهدموا ، وأرقى ابن الزبير عبيداً من الحبش يهدمونها رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : يهدم الكعبة ذو السويقتين من الحبشة .
ولما انتهى ابن الزبير من هدم البيت حفر عن الأساس من نحو الحجر – بكسر الحاء – ليقف على قواعد إبراهيم فلم يصب شيئاً فشق عليه ذلك ، فبالغ في الحفر ونزل بنفسه فكشفوا له عن قواعد إبراهيم فإذا هي صخر أمثال الخلف من الإبل .
وعن عطاء أنه قال : كنت في الأمناء الذين جمعوا على حفره فحفروا قامة ونصفاً فهجموا على حجارة ، لها عروق تتصل بزرد عروق المروة ، فحركوها بالعتل فتحركت قواعد البيت وارتجب مكة بأسرها ، ورأوه بنياناً مربوطاً بعضه ببعض ، فحمد الله ابن الزبير وكبر ، ثم أحضر الناس وأمرهم بالإشراف ، فنزلوا وشاهدوا ذلك . انتهى .
وفي تحصيل المرام نقلاً عن الحلبي قال : وفي رواية كشف له عن أساس إبراهيم ، فوجده داخلاً في الحجر ستة أذراع وشيئاً ، وأحجار ذلك الأساس كأنها أعناق الأبل ، حجارة حمراء ، آخذ بعضها في بعض ، مشتبكة كتشبك الأصابع ، وأصاب فيه قبر أم إسماعيل ، فدعى عبد الله بن الزبير خمسين رجلاً من وجوه الناس وأشرفهم ، وأشهدهم على ذلك الأساس ، وأدخل عبد الله ابن الطيع العدوي عتلة كانت بيده في ركن من أركان البيت فتزعزعت الاركان كلها ، فارتج جانب البيت ورجفت مكة بأسرها رجفة شديدة ، وطار منه برقة ، فلم يبق دار من دور مكة إلى دخلت فيه ففزعوا . انتهى .
قال في الجامع اللطيف : فشرع حينئذ في أمر البناء ، وأراد أن يبنيها بالورس فقيل له : إن الورس يذهب ، ولكن ابنها بالقصة ، وأخبر أن قصة صنعاء أجود ، فأرسل بأربعمائة دينار ليشتري بها ذلك .
وفي الزهر الباسم : أنه بناها بالرصاص المذاب بالورس ، ثم إنه سأل رجالاً من أهل العلم بمكة من أين أخذت قريش حجارتها؟ فأخبروه بمقلعها ، فنقل ما احتاج إليه وعزل من حجارتها التي ما يصلح أن يعاد فيه ، ثم بنى على تلك القواعد بعد أن جعل له عمداً من خشب ، وستر عليها الستور ليطوف الناس من ورائها ويصلون إليها حتى ارتفع البناء .
وروى الأزرقي عن ابن جريج قال : لما أراد ابن الزبير هدم الكعبة سأل رجالاً من أهل العلم من أهل مكة ، من أين كانت قريش أخذت حجارة الكعبة حين بنتها؟ فأخبر أنهم بنوها من حراء وثبير ومن المقطع ، وهو الجبل المشرف على مسجد القاسم بن عبيد بن خلف بن الأسود الخزاعي ، على يمين من أراد المشاش من مكة مشرفاً على الطريق ، وإنما سمي المقطع ، لأنه جبل صلب الحجارة فكان يوقد بالنار ثم يقطع ، ومن قافية الخندمة ، ومن جبل عند الثنية البيضاء التي في طريق جدة ، وهو الجبل المشرف على ذي طوى ويقال له : [حلحلة] ، ومن جبل بأسفل مكة يقال له : [مقلع] الكعبة ، ومن مزدلفة من حجر بها يقال له : المفجري . فهذه الجبال السبعة التي يعرفها أهل العلم من أهل مكة أنها مقلع الكعبة . انتهى .
وذكر الأزرقي في أخبار مكة : أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير وقال له : لا تدع الناس بغير قبلة ، أنصب لهم حول الكعبة الخشب ، واجعل عليها الستور ، حتى يطوف الناس من ورائها ويصلون إليها ، ففعل ذلك ابن الزبير . انتهى .
وأخرج الأزرقي : أن البناء لما صار ثمانية عشر ذراعاً في السماء ، وكان هذا طولها يوم هدمها قصرت حينئذ لأجل الزيادة التي زادها من الحجر ، فلم يعجب ابن الزبير ذلك ، إذ صارت عريضة لا طول لها ، فقال : قد كانت قبل قريش تسعة أذرع وزادت قريش تسعة أذرع وأنا أزيد تسعة أخرى ، فبناها سبعة وعشرين ذراعاً وعرض الجدار ذراعان ، وجعل فيها ثلاث دعائم في صف واحد ، وكانت قريش قد جعلت فيها ست دعائم في صفين ، وأرسل إلى صنعاء فأتى برخام منها يقال له : البلق ، فجعله في الروازن الذي في السقف للضوء . انتهى .
قال في الرحلة الحجازية : هي من العود القاقلي ، وقيمتها أكبر من أن يقدر لها ثمن ، والأعمدة الموجودة الآن هي ذاك . انتهى .
وفي تذكار الحجاز للشيخ عبد العزيز صبري بك : أن في داخل الكعبة ثلاثة أعمدة من العود الماوردي ، قطر الواحد منها (25) سنتيمتراً ، وهي منصوبة صفاً واحداً في وسط البيت ، من الشمال إلى الجنوب . انتهى .
وقال الفاسي في شفاء الغرام : وجعل لها بابين لاصقين في الأرض ، أحدهما الموجود اليوم ، والآخر المقابل له المسدود ، واعتمد في ذلك وفي إدخاله في الكعبة ما أخرجته قريش منها في الحجر حين أخبرته به خالته عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : "لولا أن قومك حديثوا عهد بالجاهلية لهدمت الكعبة وألزقتها بالأرض ، وجعلت لها باباً شرقياً وباباً غربياً ، ولزدت ستة أذرع من الحجر في البيت ، فإن قريشاً استقصرت ذلك لما بنت البيت" أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/180 ط المكتب الإسلامي .
وجعل فيها ثلاث دعائم في صف واحد ، وجعل لها درجة في ركنها الشامي يصعد منها إلى سطحها ، وجعل فيها ميزاباً يصب في الحجر ، وجعل فيها روازن للضوء .
وقد اختلفت الأخبار فيمن وضع الحجر الأسود بيده في موضعه من الكعبة حين بناها ابن الزبير ، فقيل : وضعه عبد الله بن الزبير بنفسه ، وقيل : وضعه عباد بن عبد الله بن الزبير وأعانه عليه جبير بن شيبة ، وقيل : وضعه حمزة بن عبد الله بن الزبير بأمر أبيه .
قال : ورأيت في تاريخ الأزرقي وكتاب الفاكهي ما يقتضي : أن الحجبة وضعوه في موضعه ومعهم حمزة بن عبد الله بن الزبير . والله أعلم بالصواب . انتهى .
وفي تاريخ الأزرقي في قصة بناء ابن الزبير : وكان البناء يبنون من وراء الستر ، والناس يطوفون من خارج . فلما ارتفع البنيان إلى موضع الركن ، وكان ابن الزبير حين هدم البيت جعل الركن في ديباجة وأدخله في تابوت وأقفل عليه ، ووضعه عنده في دار الندوة ، وعمد إلى ما كان في الكعبة من حلية فوضعها في خزانة الكعبة ، في دار شيبة بن عثمان ، فلما بلغ البناء موضع الركن : أمر ابن الزبير بموضعه فنقر في حجرين : حجر من المدماك الذي تحته ، وحجر من المدماك الذي فوقه بقدر الركن وطوبق بينهما ، فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير ابنه عباد بن عبد الله بن الزبير وجبير بن شيبة بن عثمان أن يجعلوا الركن في ثوب ، وقال لهم ابن الزبير : إذا دخلت في صلاة الظهر فاحملوه واجعلوه في موضعه ، فأنا أطول الصلاة ، فإذا فرغتم فكبروا حتى أخفف صلاتي ، وكان ذلك في حر شديد .
فلما أقيمت الصلاة كبر ابن الزبير وصلى بهم ركعة ، خرج عباد بالركن من دار الندوة وهو يحمله ، ومعه جبير بن شيبة بن عثمان ، ودار الندوة يومئذ قريبة من الكعبة – فخرقا به الصفوف حتى أدخلاه في الستر الذي دون البناء ، وكان الذي وضعه في موضعه هذا عباد بن عبد الله بن الزبير وأعانه عليه جبير بن شيبة ، فلما أقروه في موضعه وطوبق عليه الحجران كبروا ، فخفف عبد الله بن الزبير صلاته ، وتسامع الناس بذلك ، وغضبت فيه رجال من قريش حين لم يحضرهم ابن الزبير .
وفي الجماع اللطيف : وكان الحجر قد تصدع من الحريق وانفرق ثلاث فرق ، وانشظت منه شظية كانت عند بعض آل شيبة بعد الحريق بدهر طويل ، فشده ابن الزبير بالفضة إلا تلك الشظية ، وموضعها بين في أعلى الركن ، ثم تزلزلت تلك الفضة بعد ذلك وتقلقلت حتى خيف على الحجر ، فلما اعتمر هارون الرشيد في سنة تسع وثمانين ومائة أمر بنقب الأحجار التي فوق الحجر والتي تحته ، فنقبت بالماس من فوقها ومن تحتها ، ثم أفرغ فيها الفضة .
ولما فرغ ابن الزبير من بناء الكعبة وذلك في سابع وعشرين من رجب من سنة خمس وستين خلق جوفها بالعنبر والمسك ، ولطخ جدارنها من خارج بذلك من أعلاها إلى أسفلها وسترها بالديباج ، وقيل بالقباطي ، وما فضل من الحجارة فرشها حول البيت . وقال : من كانت لي عليه طاعة فليعتمر من التنعيم شكراً لله عز وجل ، ومن قدر أن ينحر بدنة فليفعل ، ومن لم يقدر على بدنة فليذبح شاة ، ومن لم يقدر فليصدق بقدر طوله ، ثم خرج ماشياً حافياً وخرج معه رجال من قريش مشاة حفاة ، منهم عبد الله ابن صفوان وعبيد بن عمير ، فأحرم من أكمة أمام مسجد عائشة ، بمقدار غلوة يقارب المسجد المنسوب لعلي ، وجعل طريقه على ثنية الحجون ، ودخل من أعلى مكة ، وطاف بالبيت ، واستلم الأركان الأربعة ، وقال : إنما كان ترك استلام الركنين يعني الشامي والغربي – لأن البيت لم يكن تاما – يعني على قواعد إبراهيم – وصارت هذه العمرة سنة عند أهل مكة في هذا اليوم يعتمرونها في كل سنة إلى يوما هذا ، وأهدى ابن الزبير في تلك العمرة مائة بدنة نحرها في جهة التنعيم ، وبعض طرق الحل ، ولم يبق من أشراف مكة وذوي الاستطاعة بها إلى من أهدى ، وأقاموا أياماً يتطاعمون ويتهادون شكراً لله تعالى على الإعانة والتيسير على بناء بيته الحرام بالصفة التي كان عليها مدة الخليل عليه السلام . والله أعلم .

10ـ الحجاج بن يوسف
 *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة  *¤ô§ô¤* Attachment
وأما بناء الحجاج وتغيير بعض ما صنعه ابن الزبير ، فقال الأسدي في إخبار الكرام : لما قُتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بأن ابن الزبير زاد في الكعبة ما ليس منها وأحدث فيها باباً آخر ، واستأذنه في رد ذلك على ما كانت عليه من بناء قريش . فكتب إليه عبد الملك : لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء . أما ما زاده في طوله فأقره ، وأما ما زاده فيه من الحجر – بكسر الحاء – فرده إلى بنائه ، وسد بابه الذي فتحه – يعني الغربي – فبادر الحجاج عند ذلك ونقض الشق الذي يلي الحجر وبناه ورفع بابها وسد الباب الغربي .
وقد روي عن غير واحد : أن عبد الملك ندم على إذنه للحجاج في ذلك ، ولعن الحجاج لما أخبر بحديث عائشة السابق الذي اعتمده ابن الزبير . انتهى .
وفي الإعلام : هدم الحجاج من جانبها الشامي قدر ستة أذرع وشبراً ، وبنى ذلك الجدار على أساس قريش ، وكبس أرضها بالحجارة التي فضلت ، ورفع الباب الشرقي ، وسد الباب الغربي ، وترك سائرها لم يغير منها شيئاً . فلما فرغ الحجاج من ذلك وفد عبد الملك بن مروان وحج في ذلك العام ومعه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي – وهو من ثقات الرواة - ، فتحادثا في أمر الكعبة ، فقال عبد الملك : ما أظن أن ابن الزبير سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها في أمر الكعبة ، فقال الحارث : أنا سمعت ذلك من عائشة ، تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قومك استقصروا في بناء البيت ، ولولا حدثان عهد قومك بالكفر أعدت فيه ما تركوا منه ، وأعدته على ما كان عليه زمن إبراهيم ، فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه ، فأراها قريباً من سبعة أذرع . وقال صلى الله عليه وسلم : وجعلت لها بابين موضوعين على الأرض باباً شرقياً يدخل الناس منه ، وباباً غربياً يخرج الناس منه ، فقال عبد الملك : أنت سمعتها تقول ذلك؟ قال : نعم . أنا سمعت هذا منها . قال : فجعل ينكت بقضيب في يده منكساً ساعة طويلة ، ثم قال : وددت والله أني تركت ابن الزبيروما تحمل من ذلك . ذكره النجم ابن فهد رحمه الله .

11ـ السلطان مراد العثماني
وهو البناء الأخير والحالي للكعبة ، وقد تم في عهد السلطان العثماني مراد الرابع في سنة 1040هـ/1630م، وذلك بعد الأمطار الغزيرة التي شهدتها مكة المكرمة يوم الأربعاء الموافق 19 شعبان سنة 1039هـ/ أبريل 1630م، وتحول هذا المطر إلى سيل عظيم ، دخل المسجد الحرام والكعبة المشرفة ، وبلغ منتصفها من الداخل وحمل جميع ما في المسجد من خزائن الكتب والقناديل والبسط وغيرها ، وخرب الدور واستخرج الأثاث منها ، ومات بسببه خلق كثير.

وسقط جدارها الشامي وجزء من الجدارين الشرقي والغربي ، وسقطت درجة السطح ، لذلك أمر السلطان مراد بسرعة عمارتها.
بدأ العمل في عمارتها يوم الأحد 23 جمادى الآخرة سنة 1040هـ/1630م ، وتم الانتهاء من البناء في غرة شهر رمضان من السنة نفسها. وهو البناء الحالي الماثل أمامنا وكل ما حدث بعد ذلك كان عبارة عن ترميمات وإصلاح فقط .


 *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة  *¤ô§ô¤* Qurysh

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
*¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة المشرفة *¤ô§ô¤*
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  *¤ô§ô¤* تاريخ بناء الكعبة عبر العصور‏ *¤ô§ô¤*
»  [❂‏]◄ معاليق الكعبة المشرفة ►[❂‏]
»  ¦[|☆|]¦ حلية الكعبة المشرفة ¦[|☆|]¦
» ●●|[☆]◄ ما كتب ونقش على باب الكعبة المشرفة ►[☆]|●●
»  ║Җ║ ~ الإعجاز الموجود فى الكعبة المشرفة ~║‎ ║Җ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ مكة المكرمة ۩-
انتقل الى: