ᆻ|[ الفحش في القول والفعل ]|ᆻ
الفحش لغة:
الفحش والفحشاء والفاحشة، القبح وفحش الشّيء فحشا مثل قبح وزنا ومعنى وفي لغة من باب قتل، وهو فاحش، وكلّ شيء جاوز الحدّ فهو فاحش [المصباح المنير (176) ] .
يقول ابن فارس: الفاء: والحاء والشّين كلمة تدلّ على قبح في شيء وشناعة، من ذلك الفحش والفحشاء والفاحشة ... وأفحش الرّجل .. قال الفحش، وفحش، وهو فحّاش، ويقولون الفاحش: البخيل، هذا على الاتّساع، والبخل: أقبح خصال المرء [المقاييس (4/ 478) ] .
وفحش فلان صار فاحشا. والمتفحّش، الّذي يأتي بالفحش [المفردات (373، 374) ] .
وقال الجوهريّ: الفحشاء: الفاحشة ... وقد فحش الأمر بالضّمّ فحشا، وتفاحش، وأفحش عليه في المنطق، أي قال الفحش، فهو فحّاش، وتفحّش في كلامه [الصحاح (3/ 1014) ] .
والفاحش: البخيل جدّا، ورجل فاحش، ذو فحش وخنا من قول أو فعل. وفحّاش كشدّاد: كثير الفحش.
وفحش الأمر ككرم فحشا بالضّمّ وتفاحش، وقد يكون الفحش بمعنى عدوان الجواب، أي التّعدّي فيه، وفي القول ومنه الحديث «لا تكوني فاحشة».
والمتفحّش الّذي يتكلّف سبّ النّاس ويتعمّده والّذي يأتي بالفاحشة المنهيّ عنها، وتفحّش في كلامه، وتفحّش عليهم بلسانه، إذا بذا، وتفحّش بالشّيء تفحّشا: شنّع، والفاحش السّيّء الخلق: وفحشت المرأة: قبحت وكبرت. والفحش كلّ ما يشتدّ قبحه من الذّنوب والمعاصي وقيل كلّ ما نهى اللّه- عزّ وجلّ- عنه، وقيل كلّ خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال، وقيل: كلّ أمر لا يكون موافقا للحقّ والقدر [التاج (9/ 157، 158) ] .
وقال ابن منظور: الفحش والفحشاء والفاحشة: والفحش الاسم. ورجل فاحش: ذو فحش. وفي الحديث: «إنّ اللّه يبغض الفاحش المتفحّش»، فالفاحش ذو الفحش والخنا من قول، أو فعل، والمتفحّش الّذي يتكلّف سبّ النّاس ويتعمّده، وقد تكرّر الفحش والفاحشة والفاحش في الحديث. وهو كلّ ما يشتدّ قبحه من الذّنوب والمعاصي، قال ابن الأثير: وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزّنا، ويسمّى الزّنا فاحشة. قال اللّه تعالى: (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [النساء: 19].
قيل: الفاحشة المبيّنة أن تزني فتخرج للحدّ، وقيل: الفاحشة خروجها من بيتها بغير إذن زوجها، وقال الشّافعيّ: أن تبذو على أحمائها بذرابة لسانها فتؤذيهم وتلوك ذلك، وكلّ خصلة قبيحة، فهي فاحشة من الأقوال والأفعال، وكلّ شيء جاوز قدره وحدّه فهو فاحش حتّى وإن لم تكن هذه المجاوزة فيما هو شرّ [لسان العرب (6/ 325- 326) ] .
واصطلاحا:
ما ينفر عنه الطّبع السّليم ويستنقصه العقل المستقيم [التعريفات للجرجانى (171) ] .
وقال الحراليّ: ما يكرهه الطّبع من رذائل الأعمال الظّاهرة، كما ينكره العقل ويستخبثه الشّرع فيتّفق في حكمه: آيات اللّه الثّلاث من الشّرع والعقل والطّبع [التوقيف (257) ] .
وقال الرّاغب: الفحش والفحشاء: ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال [المفردات (373) ] .
وقال الكفويّ: الفاحش كلّ شيء تجاوز قدره فهو فاحش، وكلّ أمر لا يكون موافقا للحقّ فهو فاحش [الكليات (675) ] . وقال أيضا الفحش: هو عدوان الجواب وعليه قوله لعائشة: «لا تكوني فاحشة»[الكليات (697) ]. وقال: كلّ فحشاء ذكرت في القرآن فالمراد الزّنا إلّا في قوله تعالى: (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) [البقرة: 268] فإنّ المراد البخل في أداء الزّكاة [الكليات (674) ]..القبيح من القول والفعل، وجمعهما الفواحش، وأفحش عليه في المنطق، أي قال الفحش، والفحشاء اسم الفاحشة، وقد فحش وفحش، وأفحش وفحش علينا وأفحش إفحاشا وفحشا، والصّحيح أنّ الإفحاش.
1- قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الأنعام: 151 ] .
2- قوله تعالى: (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) [الأعراف: 28- 33 ] .
3- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37 ] .
4- قوله تعالى: (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) [النجم: 31- 32 ] .
1- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: «استأذن رجل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة»، فلمّا دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول اللّه، قلت الّذي قلت ثمّ ألنت له الكلام. قال: «أي عائشة، إنّ شرّ النّاس من تركه النّاس- أو ودعه النّاس- اتّقاء فحشه» [البخاري- الفتح 10 (6054) واللفظ له، مسلم (2591) ] .
2- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ يهود أتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: السّام عليكم، فقالت عائشة: عليكم، ولعنكم اللّه، وغضب اللّه عليكم. قال: «مهلا يا عائشة، عليك بالرّفق، وإيّاك والعنف والفحش» قالت: أو لم تسمع ما قالوا. قال: «أو لم تسمعي ما قلت، رددت عليهم فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم فيّ» [البخاري- الفتح 10 (6030) واللفظ له، مسلم (2593) ] .
3- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما أنّ أباه توفّي وعليه دين، فأتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: إنّ أبي ترك عليه دينا وليس عندي إلّا ما يخرج نخله ولا يبلغ ما يخرج سنين ما عليه. فانطلق معي لكي لا يفحش عليّ الغرماء. فمشى حول بيدر من بيادر التّمر، فدعا ثمّ آخر ثمّ جلس عليه فقال: «انزعوه»، فأوفاهم الّذي لهم، وبقي مثل ما أعطاهم. [البخاري- الفتح 6 (3580) ] .
4- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهما- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: الظّلم ظلمات يوم القيامة، وإيّاكم والفحش، فإنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش، وإيّاكم والشّحّ، فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا ... الحديث.[أبو داود (1698)، وأحمد (2/ 159، 160) واللفظ له، وقال الشيخ أحمد شاكر (9/ 251) برقم (6487): إسناده صحيح. ورواه بنحوه باختصار مسلم رقم (2578) من حديث جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- ] .
5- عن عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- قال: قسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قسما، فقلت: واللّه يا رسول اللّه لغير هؤلاء كان أحقّ به منهم، قال: «إنّهم خيّروني أن يسألوني بالفحش أو يبخّلوني، فلست بباخل» [مسلم (1056) ] .
6- عن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس أحد أحبّ إليه المدح من اللّه- عزّ وجلّ-، من أجل ذلك مدح نفسه، وليس أحد أغير من اللّه، من أجل ذلك حرّم الفواحش ... الحديث» [البخاري- الفتح 9 (5220)، مسلم (2760) واللفظ له ] .
7- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليس المؤمن بالطّعّان، ولا اللّعّان، ولا الفاحش، ولا البذيء » [أحمد في المسند (1/ 405)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح 5/ 322 برقم (3839)، والترمذي (1977) واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب ] .
8- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما كان الفحش في شيء إلّا شانه، وما كان الحياء في شيء إلّا زانه» [الترمذى (1974) واللفظ له وقال حديث حسن، وابن ماجة (4185) وقال محقق جامع الأصول إسناده حسن وصححه الألباني] .
9- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النّار» [الترمذي (2009) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصحح إسناده الشيخ الألباني، صحيح الجامع (3194) ] .
10- عن أمّ سلمة- رضي اللّه عنها- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا خرج من منزله قال: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أضلّ أو أزلّ، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ» [ابن ماجه (3884) واللفظ له، والنسائي (8/ 268)، وصححه الألباني، صحيح سنن النسائي (5061) ] .
1- قال الشّاعر:
أحبّ مكارم الأخلاق جهدي *** وأكره أن أعيب وأن أعابا
وأصفح عن سباب النّاس حلما *** وشرّ النّاس من يهوى السّبابا
[الترغيب والترهيب ص (469) ] .