الجنس : العمر : 41 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012عدد المساهمات : 32
موضوع: ∫∫ عمل المسلم في اليوم و الليلة ∫∫ السبت 24 مارس 2012, 8:00 am
жжжжжжжж
∫∫ عمل المسلم في اليوم و الليلة ∫∫
жжжжжжжж
إن حياة المرء المسلم مرتبطة أتم الارتباط بمنهجه وهدفه في الحياة ؛ إذ أن شعاره { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام 162-163] ، قد طوع حياته لتكون وفق الهدي النبوي ، فهو في أقواله ، وأفعاله ، وحركاته ، وسكناته ؛ مقتدٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قائمٌ بما عليه من الواجبات الشرعية ، والفرائض الدينية ، مؤدٍ لحقوق الخلق ، وما يجب عليه فيها.
إن الاهتمام بعمل اليوم والليلة ـ وهو الوظائف الشرعية من الأقوال والأعمال المطلوبة من المسلم في بيته ومسجده ومكان عمله ، من لحظة قيامه إلى ساعة نومه ـ دليل على مراقبة المسلم لربه ، ومحاسبته لنفسه ، ومحافظته على وقته ، واشتغاله بالطاعة ، قد اهتدى بقوله سبحانه : { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر -99] . وبحديث النبي عليه الصلاة والسلام : " اغتنم خمساً قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك " .
жжжжжжжж
العمل لغة :
مصدر قولهم عمل يعمل وهو مأخوذ من مادّة (ع م ل) الّتي تدلّ على «كلّ فعل يفعل» قال الخليل: عمل يعمل عملا فهو عامل، واعتمل الرّجل إذا عمل بنفسه، والعمالة أجر ما عمل، والعملة: القوم يعملون بأيديهم ضروبا من العمل حفرا أو طيّا أو نحوه، وقيل العمل: المهنة والفعل، والجمع أعمال، عمل عملا، وأعمله غيره واستعمله، واعتمل الرّجل: عمل بنفسه، واستعمل فلان غيره إذا سأله أن يعمل له، واستعمله: طلب إليه العمل. واستعمل فلان إذا ولي عملا من أعمال السّلطان، وفي حديث خيبر: (دفع إليهم أرضهم على أن يعتملوها من أموالهم)، والاعتمال: افتعال من العمل أي إنّهم يقومون بما يحتاج إليه من عمارة وزراعة وتلقيح وحراسة ونحو ذلك. وأعمل فلان ذهنه في كذا وكذا إذا دبّره بفهمه. وأعمل رأيه وآلته ولسانه. واستعمله: عمل به. ورجل عمول إذا كان كسوبا.
ورجل عمول: بمعنى: رجل عمل أي مطبوع على العمل. وتعمّل فلان لكذا، والتّعميل: تولية العمل. يقال: عمّلت فلانا على البصرة، قال ابن الأثير: قد يكون عمّلته بمعنى ولّيته وجعلته عاملا.
قال الأزهريّ: العمالة بالضّمّ، رزق العامل الّذي جعل له على ما قلّد من العمل.
والعامل في العربيّة: ما عمل عملا ما. وقيل هو الّذي يتولّى أمور الرّجل في ماله وملكه وعمله، ومنه قيل للّذي يستخرج الزّكاة: عامل [انظر: الصحاح للجوهري (5/ 1775)، والنهاية لابن الأثير (3/ 300)، ولسان العرب (11/ 474- 476)، وبصائر ذوي التمييز للفيروز ابادي (4/ 101). ومقاييس اللغة لابن فارس (4/ 140) ].
жжжжжжжж
العمل اصطلاحا :
قال المناويّ: العمل كلّ فعل من الحيوان بقصد، والعمل أخصّ من الفعل؛ لأنّ الفعل قد ينسب إلى الحيوان الّذي يقع منه فعل بلا قصد، وقد ينسب الفعل إلى الجماد، والعمل قلّما ينسب إلى ذلك.
أمّا العمل الصّالح: فهو العمل المراعى من الخلل، وأصله الإخلاص في النّيّة وبلوغ الوسع في المجادلة بحسب علم العامل وإحكامه، وقال بعضهم: العمل الصّالح ما دبّر بالعلم [التوقيف على مهمات التعاريف (247)، والكليات للكفوي (616) ] .
وقال الكفويّ: العمل: المهنة والفعل، والعمل يعمّ أفعال القلوب والجوارح، ولا يقال إلّا ما كان عن فكر ورويّة ولهذا قرن بالعلم حتّى قال بعض الأدباء: قلب لفظ العمل من لفظ العلم تنبيها على أنّه من مقتضاه [الكليات للكفوي (616) ] .
والعمل المبحوث هنا: هو العمل الصّالح من سائر الأعمال الظّاهرة والباطنة، بما في ذلك العبادات من صيام، وصلاة، وزكاة، وحجّ، ونحو ذلك، ولا يكون العمل صالحا إلّا بتوافر شرطين: الإخلاص للّه، والمتابعة لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، ويدخل في ذلك الكسب الحلال.
10- قوله تعالى : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ } [النور: 52- 55] . •••••••• 1- عن البراء- رضي اللّه عنه- قال: أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجل مقنّع بالحديد. فقال: يا رسول اللّه، أقاتل أو أسلم؟. قال: «أسلم ثمّ قاتل». فأسلم ثمّ قاتل فقتل. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «عمل قليلا وأجر كثيرا»[البخاري- الفتح 6 (2808) ] .
2- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «أربعون خصلة، أعلاهنّ منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلّا أدخله اللّه بها الجنّة» [البخاري- الفتح 5 (2631) ] . 3- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- أنّ أعرابيّا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الهجرة. فقال: «ويحك إنّ شأنها شديد، فهل لك من إبل تؤدّي صدقتها؟». قال: نعم. قال: «فاعمل من وراء البحار، فإنّ اللّه لن يترك من عملك شيئا» [البخاري- الفتح 3 (1452) واللفظ له وقد ذكر أيضا برقم (2633)، ومسلم (1865) ] .
4- عن خارجة بن زيد بن ثابت: أنّ أمّ العلاء- امرأة من الأنصار- بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخبرته أنّهم اقتسموا المهاجرين قرعة، قالت: فطار لنا عثمان بن مظعون وأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الّذي توفّي فيه، فلمّا توفّي غسّل وكفّن في أثوابه، دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قالت: فقلت: رحمة اللّه عليك أبا السّائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «وما يدريك أنّ اللّه أكرمه؟» فقلت: بأبي أنت يا رسول اللّه! فمتى يكرمه اللّه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمّا هو فو اللّه لقد جاءه اليقين، واللّه، إنّي لأرجو له الخير، وواللّه! ما أدري- وأنا رسول اللّه- ماذا يفعل بي؟». فقالت: واللّه لا أزكّى بعده أحدا أبدا. وفي رواية: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ما أدري ما يفعل به». قالت: وأحزنني فنمت، فرأيت لعثمان عينا تجري، فأخبرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «ذلك عمله»[البخاري- الفتح 12 (7003، 7004) ] .
5- عن ابن مسعود- رضي اللّه عنه- أنّ رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فذكر ذلك له، فأنزلت عليه: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) [هود: 114]. قال الرّجل: ألي هذه؟. قال: «لمن عمل بها من أمّتي» [البخاري- الفتح 8 (4687) وقد ورد هذا الحديث مطولا في باب الخوف] .
6- عن أبي أيّوب الأنصاريّ- رضي اللّه عنه- قال: إنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أخبرني بعمل يدخلني الجنّة. قال: «ماله ماله». وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أرب ماله، تعبد اللّه ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصل الرّحم» [البخاري- الفتح 3 (1396) واللفظ له، ومسلم (14) ] .
7- عن سهل بن سعد- رضي اللّه عنه-: أنّ رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنظر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا». فاتّبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدّ النّاس على المشركين حتّى جرح فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتّى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرّجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مسرعا فقال: أشهد أنّك رسول اللّه، فقال: «وما ذاك؟». قال: قلت لفلان: من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إليه، وكان أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنّه لا يموت على ذلك، فلمّا جرح استعجل الموت فقتل نفسه. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، عند ذلك: «إنّ العبد ليعمل عمل أهل النّار وإنّه من أهل الجنّة، ويعمل عمل أهل الجنّة وإنّه من أهل النّار، وإنّما الأعمال بالخواتيم»[البخاري- الفتح 11 (6607) واللفظ له، ومسلم (112) ] .
8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه-: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال لبلال عند صلاة الفجر: «يا بلال! حدّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإنّي سمعت دفّ نعليك بين يديّ في الجنّة». قال: ما عملت عملا أرجى عندي أنّي لم أتطهّر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلّا صلّيت بذلك الطّهور ما كتب لي أن أصلّي»[البخاري- الفتح 3 (1149) ] .
9- عن أبي أمامة الباهليّ- رضي اللّه عنه- أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أيّ العمل أفضل؟.قال: «عليك بالصّوم فإنّه لا عدل له»[النسائي (4/ 165) وهذا لفظه، قال محقق جامع الأصول (9/ 456): إسناده صحيح، كما أخرجه ابن خزيمة (3/ 1893) وهو في الصحيحة للألباني (1937) ] .
10- عن أبي قتادة- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قام فيهم فذكر لهم أنّ الجهاد في سبيل اللّه والإيمان باللّه أفضل الأعمال. فقام رجل فقال: يا رسول اللّه! أرأيت إن قتلت في سبيل اللّه تكفّر عنّي خطاياي؟. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعم. إن قتلت في سبيل اللّه وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر». ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كيف قلت؟».قال: أرأيت إن قتلت في سبيل اللّه أتكفّر عنّي خطاياي؟. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعم. وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، إلّا الدّين. فإنّ جبريل عليه السّلام قال لي ذلك» [مسلم (1885) ] .
11- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا أراد اللّه بعبد خيرا استعمله».فقيل: كيف يستعمله يا رسول اللّه؟ قال: يوفّقه لعمل صالح قبل الموت»[أخرجه الترمذي (2142) وقال: هذا حديث صحيح، والبغوي في شرح السنة (14/ 290) وقال محققه: إسناده صحيح ] .
12- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[مسلم (2564) ] .
13- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «بادروا بالأعمال ستّا: طلوع الشّمس من مغربها، أو الدّخان، أو الدّجّال، أو الدّابّة، أو خاصّة أحدكم، أو أمر العامّة»[مسلم (2947) ] .
14- عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- قال: قلت: يا رسول اللّه، أيّ الأعمال أفضل؟. قال: «الإيمان باللّه، والجهاد في سبيله». قال: قلت: أيّ الرّقاب أفضل؟ قال: «أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا». قال: قلت: فإن لم أفعل؟. قال: «تعين صانعا أو تصنع لاخرق » قال: قلت: يا رسول اللّه، أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: «تكفّ شرّك عن النّاس، فإنّها صدقة منك على نفسك»[البخاري- الفتح 5 (2518)، ومسلم (84) واللفظ له ] .
15- عن عثمان بن عفّان- رضي اللّه عنه- في خطبة له، إنّا واللّه قد صحبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في السّفر والحضر وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا ويغزو معنا ويواسينا بالقليل والكثير وإنّ ناسا يعلموني به عسى ألايكون أحدهم رآه قطّ. [أحمد في المسند (1/ 69، 70)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح] .
16- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: إنّا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاؤا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: «أنا نازل». ثمّ قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيّام لا نذوق ذواقا.فأخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المعول فضرب في الكدية فعاد كثيبا أهيل أو أهيم. فقلت: يا رسول اللّه، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شيئا ما كان في ذلك صبر. فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق وطحنت الشّعير حتّى جعلنا اللّحم بالبرمة. ثمّ جئت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافيّ قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيّم لي، فقم أنت يا رسول اللّه ورجل أو رجلان. قال: «كم هو؟». فذكرت له. فقال: «كثير طيّب».قال: «قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التّنّور حتّى آتي». فقال: «قوموا». فقام المهاجرون والأنصار. فلمّا دخل على امرأته قال: ويحك جاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم. قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. فقال: «ادخلوا ولا تضاغطوا» فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللّحم ويخمّر البرمة والتّنّور إذا أخذ منه ويقرّب إلى أصحابه ثمّ ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتّى شبعوا وبقي بقيّة.قال: «كلي هذا وأهدي، فإنّ النّاس أصابتهم مجاعة»[البخاري- الفتح 7 (4101) واللفظ له ومسلم (2039) ] .
17- عن المغيرة بن شعبة- رضي اللّه عنه- قال: إن كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليقوم- أو ليصلّي- حتّى ترم قدماه- أو ساقاه- فيقال له فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا؟ وفي رواية: لم تصنع هذا يا رسول اللّه وقد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: «أفلا أحبّ أن أكون عبدا شكورا»[البخاري- الفتح 3 (1130)، 8 (4837) ] .
жжжжжжжж
أولاً : أنواع عمل اليوم والليلة :
إن أنواع عمل اليوم والليلة كثيرة، منها الأقوال، ومنها الأفعال، ومنها الفرائض، ومنها السنن المستحبات؛ لكننا نشير إلى أهمها: •••••••• 1ـ الصلوات الخمس: وهي أجل الأعمال، وأفضلها؛ إذ الصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين،ومن تركها فقد هدم الدين، وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة على وقتها"(2)، وعن جابر مرفوعاً: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"(3)، فيقيمها ظاهراً وباطناً، ظاهراً؛ بإقامة أركانها وواجباتها وشروطها، وباطناً؛ بحضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله فيها. •••••••• 2ـ السنن الرواتب، والوتر: عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً من غير الفريضة؛ إلا بنى الله له بيتاً في الجنة"(4)، وهي: ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء. وأوكدها ركعتا الفجر، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها"(5). والوتر سنة مؤكدة، أقله ركعة، وأدنى الكمال ثلاث، وأفضله إحدى عشرة ركعة، ووقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضله آخر الليل، وفي الحديث: " أفضل الصلاة بعد المكتوبة: الصلاة في جوف الليل"(6). •••••••• 3 ـ القيام بحقوق أهله: وأعظمها حق الوالدين، وقد قرنه الله بحقه ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) (الإسراء-23)، فيبر بهما، ويحسن إليهما بجميع أنواع الإحسان القولي والفعلي، ويقوم بحق زوجته "وإن لزوجك عليك حقاً"(7)، فيحسن عشرتها، ويلين جانبه لها، ويحسن خلقه، ويوسع صدره لها، مع إرشادها إلى الخير، ونهيها عن المنكر، ويرعى أولاده ويربيهم التربية الإسلامية ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) (التحريم-6) فيأمرهم بالصلاة، ومحاسن الأخلاق، ويتابع تحصيلهم العلمي، ويرشدهم إلى الجلساء الصالحين، ويحذرهم من رفاق السوء. ولاينسى القيام بحقوق رحمه وأهل قرابته، فيصلهم ويزورهم، ويودهم ويرحمهم، وينصح لهم ويرشدهم، ويلقاهم بالكملة الطيبة والوجه الطلق. •••••••• 4 ـ قيامه بعمله الوظيفي: فيلتزم بمواعيده ذهاباً وانصرافاً، ويتقن عمله، ويكون حسن الخلق مع زملائه؛ بإلقاء السلام، والسماحة ولين الجانب، والمساعدة والإيثار، والعفو والصفح والتواضع، مع الدعوة إلى الخير والبر، والنهي عن المنكر، متحلياً بالصبر في كل ذلك. •••••••• 5 ـ دوام الذكر: فيذكر الله بلسانه وقلبه، قائماً وقاعداً وعلى جنبه، في الصباح والمساء، والنوم والانتباه، والدخول والخروج من المنزل والمسجد، وكذا الأدعية المشروعة قبل الأكل والشرب وبعدهما، واللباس، وغيرها من الأذكار المقيدة، وكذا الأذكار المطلقة في كل وقت: كالتسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار. •••••••• 6ـ قراءة القرآن: فيكون له ورد يومي يقرأ فيه القرآن، قبل الصلاة وبعدها، أو في صلاة الليل، فلا يمر عليه يوم إلا وقد قرأ جزءاً من القرآن الكريم. •••••••• 7ـ صون المنطق واللسان: فيحفظه من اللغو وكثرة الكلام، وعن ما حرم الله من المنطق؛ كالغيبة والنميمة والسخرية، والشتم واللعن والسب، والكذب والفجور، بل يكون منطقه الصدق والخير والبر، ولسانه رطب بذكر الله تعالى. •••••••• 8 ـ المراقبة والمحاسبة: فيراقب الله تعالى في سره وعلانيته، ويحاسب نفسه ويجاهدها على القول والعمل، والفعل والترك، فيتقي الله عز وجل حيثما كان، ويحذر أن يراه حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره. •••••••• 9ـ أعمال أخرى: مثل: طلب العلم، وصيام التطوع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس، وقضاء حوائجهم، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، وسائر عمل الخير.
жжжжжжжж
ثانياً : حال السلف مع عمل اليوم والليلة :
لقد ضرب سلف الأمة أروع الأمثلة في حفظهم لعمل اليوم الليلة، وفي قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أوضح مثال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟" قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟" قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟" قال أبو بكر: أنا. قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟" قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعن في رجل إلا ودخل الجنة"(.
1- قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: لا يغرركم من قرأ القرآن إنّما هو كلام نتكلّم به ولكن انظروا من يعمل به.[اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (71) ] .
2- قال عليّ بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- ارتحلت الدّنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكلّ واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدّنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.[البخاري- الفتح (11/ 239) ] .
3- وعنه- رضي اللّه عنه- قال: يا حملة العلم، اعملوا به، فإنّما العالم من عمل.[ اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (22) ] .
4- قال ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-: إنّي لا أعلم عملا أقرب إلى اللّه- عزّ وجلّ- من برّ الوالدة.[فضل اللّه الصمد في توضيح الأدب المفرد (1/ 36). وقال: أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» وهو في «مشكاة المصابيح» كما في «الأدب المفرد» رقم (4) ص (15) بتخريج محمد فؤاد عبد الباقي] .
5- عن أبي الدّرداء- رضي اللّه عنه- قال: «إنّما أخاف أن يكون أوّل ما يسألني عنه ربّى أن يقول: قد علمت فما عملت فيما علمت؟.[اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (41) ] .
6- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: إذا أعجبك حسن عمل امرىء فقل: اعملوا فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون، ولا يستخفّنّك أحد.[ البخاري- الفتح (13/ 512) ] .
7- قال عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- تعلّموا فمن علم فليعمل.[اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (24) ] .
8- عن ابن السّاعدىّ المالكيّ، أنّه قال: استعملني عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- على الصّدقة. فلمّا فرغت منها، وأدّيتها إليه، أمر لي بعمالة ، فقلت: إنّما عملت للّه، وأجري على اللّه. فقال: خذ ما أعطيت فإنّي عملت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فعمّلني.فقلت مثل قولك. فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدّق»[مسلم (1045) ] .
9- عن الحسن- رحمه اللّه- قال: ليس الإيمان بالتّحلّي ولا بالتّمنّي ولكن ما وقر في القلوب، وصدّقته الأعمال، من قال حسنا، وعمل غير صالح، ردّه اللّه على قوله: ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل، وذلك بأنّ اللّه تعالى يقول: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر: 10].[اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (43) ] .
10- وعنه أيضا: يتوسّد المؤمن ما قدّم من عمله في قبره إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ، فاغتنموا المبادرة رحمكم اللّه في المهلة.[ اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (97) ] .
11- قال الزّهريّ- رحمه اللّه-: لا يرضينّ النّاس قول عالم لا يعمل ولا عامل لا يعلم.[ اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (43) ] .
12- قال مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير: يا إخوتي، اجتهدوا في العمل فإن يكن الأمر كما نرجو من رحمة اللّه وعفوه كانت لنا درجات في الجنّة، وإن يكن الأمر شديدا كما نخاف ونحاذر لم نقل: ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الّذي كنّا نعمل، نقول: قد عملنا فلم ينفعنا.[اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (109) ] .
13- قال إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع: كنّا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به.[ اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (90) ] .
жжжжжжжж
ثالثاً : الأسباب المعينة على المحافظة على عمل اليوم والليلة :
1ـ معايشة الكتاب والسنة، وما فيهما من ثواب الطائعين وعقاب العاصين.. ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ * َاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتىٰ عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *َوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) (الزُمر54 ـ 59). 2ـ الاستعانة بالله عز وجل والاعتماد عليه، وسؤاله التيسير في أمور الدنيا والآخرة، وفي الحديث: "احرص على ماينفعك، واستعن بالله ولا تعجز"(9). 3ـ تدبر أمر الدنيا، وأنها عمل وغرس ومزرعة للآخرة، وأن أعظم خسارة هي ضياع الحياة دون عمل صالح.. ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) ( الزُمر-15). 4ـ مجاهدة النفس وأخذها بالحزم، فإن "أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه"(10)، مع اتهامها بالتقصير، وترك التسويف والتمني. 5ـ تذكر الذنوب السالفة، والآثام الماضية؛ فإن ذلك يحمل النفس على المواظبة على تدارك ما سلف من الأيام، طمعاً في تكفير الخطايا والسيئات. 6ـ مجالسة الرفقاء الصالحين الذين يرشدونه إلى الخير، ويعينونه عليه، ويحذرونه من الشر، ويباعدونه منه.
жжжжжжжж
1- قال يحيى بن معين:
وإذا افتقرت إلى الذّخائر لم تجد *** ذخرا يكون كصالح الأعمال [اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (99) ] .
2- قال أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد الأندلسيّ لنفسه:
إذا كنت أعلم علما يقينا *** بأنّ جميع حياتي كساعه فلم لا أكون ضنينا بها *** وأجعلها في صلاح وطاعة؟ [اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (107) ] .
3- قال محمّد بن أبي عليّ الأصبهانيّ لبعضهم:
اعمل بعلمك تغنم أيّها الرّجل *** لا ينفع العلم إن لم يحسن العمل والعلم زين وتقوى اللّه زينته *** والمتّقون لهم في علمهم شغل وحجّة اللّه ياذا العلم بالغة *** لا المكر ينفع فيها لا ولا الحيل تعلّم العلم واعمل ما استطعت به ***لا يلهينّك عنه اللّهو والجدل [اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (107) ] .
4- قال أبو الفضل الرّياشيّ:
ما من روى علما ولم يعمل به *** فيكفّ عن وتغ الهوى بأديب حتّى يكون بما تعلّم عاملا *** من صالح فيكون غير معيب ولقلّما تجدي إصابة صائب *** أعماله أعمال غير مصيب [اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (63) ] .
5- قال محمّد بن عبد اللّه بن أبان الهيثميّ:
إذا العلم لم تعمل به كان حجّة *** عليك ولم تعذر بما أنت حامل فإن كنت قد أبصرت هذا فإنّما *** يصدّق قول المرء ما هو فاعل [اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (55) ] .
6- قال إبراهيم بن العبّاس الصّوليّ:
اعمل لدار غدا رضوان خازنها *** والجار أحمد والرّحمن بانيها أرض لها ذهب والمسك طينتها *** والزّعفران حشيش نابت فيها [الطرائف الأدبية للميمني (126) ] .
1- قال الخطيب البغداديّ- رحمه اللّه-: إنّي موصيك يا طالب العلم بإخلاص النّيّة في طلبه، وإجهاد النّفس على العمل بموجبه، فإنّ العلم شجرة، والعمل ثمرة، وليس يعدّ عالما من لم يكن بعلمه عاملا» وقيل: العلم والد، والعمل مولود، والعلم مع العمل، والرّواية مع الدّراية. [اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي (99) ] .