الجنس : العمر : 35 المدينة المنورة التسجيل : 06/09/2011عدد المساهمات : 213
موضوع: [•☼•] الشهامة .. فضيلة إسلامية [•☼•] الجمعة 23 مارس 2012, 6:38 am
[•☼•] الشهامة .. فضيلة إسلامية [•☼•]
إن الناس معادن، وإن اختلاف الطباع آية من آيات الله في خلقه، فترى من الناس مَن حَسُنَ خلقه وكرمت عليه نفسه، فهو ذكي متوقد يتحمل الصعاب، يقوم بما كلف به، بل يتطوع بأداء الأمور الجسام، ومع هذا لا تراه إلا حمولاً صبورا طيب النفس بما حُمِّل ذا عقل راجح وفكر ثاقب ورأي نافذ ، وهذا هو الشهم.
إن وجود هذه الصفة في المرء ينبئ عن علو همته وإباء نفسه وشرفها، وإذا شرفت النفس كانت للآداب طالبة، وفي الفضائل راغبة، وأما علو الهمة فإنه باعث على التقدم، أنفةً من خمول الضعة، واستنكارًا لمهانة النقص.
ولا يكون شهمًا ذا نجدة وسؤدد إلا من سهلت عليه المشاق، وهانت عليه الصعاب رغبة في الحمد، وهانت عليه الملاذُّ حذرًا من الذم؛ ولذلك قيل: سيد القوم أشقاهم.
وقال أبو تمام الطائي: والحمد شهد لا يُرى مُشْتَارُهُ .. ... .. يجنيه إلا من نقيع الحنظلِ غُلُّ لحامله ويحسبــه الذي .. ... .. لم يُوهِ عاتِقَه خفيف المحملِ
وللمتنبي في هذا: لولا المشقة ساد الناس كلهم .. ... .. الجود يُفقر والإقدام قِتَّال
الشهامة لغة :
مصدر: شهم شهامة وهو مأخوذ من مادّة (ش هـ م) الّتي تدلّ على الذّكاء، يقول ابن فارس: الشّين والهاء والميم أصل يدلّ على ذكاء، يقال من ذلك رجل شهم، وربّما قالوا للمذعور مشهوم، وهذا صحيح؛ لأنّه إذا تفزّع بدا ذكاء قلبه، ويقولون: إنّ الشّهام: السّعلاة فإن صحّ هذا فهو أيضا من الذّكاء. الشّهم: الذّكيّ الفؤاد المتوقّد، الجلد، والجمع شهام، وقد شهم الرّجل، بالضّمّ، شهامة وشهومة إذا كان ذكيّا، فهو شهم أي جلد. والشّهم: السّيّد النّجد النّافذ في الأمور، والجمع شهوم. وفرس شهم: سريع نشيط قويّ. وشهم الفرس يشهمه شهما: زجره. وقال الفرّاء: الشّهم في كلام العرب الحمول الجيّد القيام بما حمّل، الّذي لا تلقاه إلّا حمولا طيّب النّفس بما حمّل وفي الحديث: كان شهما أي نافذا في الأمور ماضيا [مقاييس اللغة لابن فارس (3/ 223)، ولسان العرب (12/ 328)، والنهاية لابن الأثير (2/ 516) ] .
واصطلاحا:
الحرص على ما يوجب الذّكر الجميل في العظائم، وقال بعضهم: هي الحرص على الأمور العظام توقّعا للذّكر الجميل [التوقيف على مهمات التعاريف (208) ].
أحاديث
1- عن البراء- رضي اللّه عنه- قال: أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجل مقنّع بالحديد فقال: يا رسول اللّه؟ أقاتل أو أسلم؟ قال «أسلم ثمّ قاتل». فأسلم ثمّ قاتل فقتل. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «عمل قليلا، وأجر كثيرا» [البخاري- الفتح 6 (2808) واللفظ له. ومسلم (1900) ] .
2- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشّهداء أشهدهم. فقال كفى باللّه شهيدا. قال:
فائتني بالكفيل. قال: كفى باللّه كفيلا. قال: صدقت، فدفعها إليه على أجل مسمّى. فخرج في البحر فقضى حاجته، ثمّ التمس مركبا يركبه يقدم عليه للأجل الّذي أجّله فلم يجد مركبا. فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه. ثمّ زجّج موضعها ، ثمّ أتى بها إلى البحر. فقال: اللّهمّ إنّك تعلم أنّي كنت تسلّفت فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا، فقلت: كفى باللّه كفيلا، فرضي بك. وسألني شهيدا فقلت: كفى باللّه شهيدا فرضي بذلك، وإنّي جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الّذي له فلم أقدر، وإنّي أستودعكها. فرمى بها في البحر حتّى ولجت فيه، ثمّ انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرّجل الّذي كان أسلفه ينظر لعلّ مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة الّتي فيها المال. فأخذها لأهله حطبا، فلمّا نشرها وجد المال والصّحيفة، ثمّ قدم الّذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار، فقال: واللّه ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه. قال: هل كنت بعثت إليّ بشيء؟ قال: أخبرك أنّي لم أجد مركبا قبل الّذي جئت فيه، قال: فإنّ اللّه قد أدّى عنك الّذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدّينار راشدا» [البخاري- الفتح 4 (2291) ] .
3- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه) قال: فحدثّه الحديث قال: فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتكلّم فقال: «إنّ لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا» فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال: «لا إلّا من كان ظهره حاضرا»، فانطلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه. حتّى سبقوا المشركين إلى بدر. وجاء المشركون. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «لا يقدّمنّ أحد منكم إلى شيء حتّى أكون أنا دونه» فدنا المشركون. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قوموا إلى جنّة عرضها السموات والأرض» قال: يقول عمير ابن الحمام الأنصاريّ: يا رسول اللّه! جنّة عرضها السّموات والأرض؟ قال «نعم» قال: بخ بخ. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما يحملك على قولك بخ بخ» قال: لا. واللّه يا رسول اللّه! إلّا رجاءة أن أكون من أهلها. قال «فإنّك من أهلها» فأخرج تمرات من قرنه. فجعل يأكل منهنّ. ثمّ قال: لئن أنا حييت حتّى آكل تمراتي هذه. إنّها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التّمر. ثمّ قاتلهم حتّى قتل . [مسلم (1901) ] .
4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟ » فقال: عندي خير. يا محمّد! إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فترك حتّى كان الغد ثمّ قال له: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر. فتركه حتّى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي ما قلت لك. فقال: «أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثمّ دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه. يا محمّد! واللّه ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه إليّ. واللّه ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحبّ الدّين إليّ، واللّه ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحبّ البلاد إليّ، وإنّ خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشّره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأمره أن يعتمر. فلمّا قدم مكّة قال له قائل: صبوت. قال: لا واللّه، ولكن أسلمت مع محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولا واللّه لا يأتيكم من اليمامة حبّة حنطة حتّي يأذن فيها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. [البخاري- الفتح 7 (4372) واللفظ له. ومسلم (1764) ] .
5- عن سعد بن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه- قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقّاص قبل أن يعرضنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: إنّي أخاف أن يراني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيستصغرني فيردّني، وأنا أحبّ الخروج لعلّ اللّه أن يرزقني الشّهادة. قال: فعرض على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فردّه، فبكى فأجازه. فكان سعد- رضي اللّه عنه- يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره، فقتل وهو ابن ستّ عشرة سنة. [الإصابة (5/ 36) واللفظ له، وقال أخرجه البزار، ورجاله ثقات، كما في المجمع (6/ 69) ] .
6- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: لمّا كان يوم أحد انهزم النّاس عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأبو طلحة بين يدي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مجوّب به عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد القدّ يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرّجل يمرّ معه الجعبة من النّبل، فيقول: انثرها لأبي طلحة، فأشرف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يا نبي اللّه، بأبي أنت وأمّي، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأمّ سليم وإنّهما لمشمّرتان أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثمّ ترجعان فتملآنها، ثمّ تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم. ولقد وقع السّيف من يد أبي طلحة إمّا مرّتين وإمّا ثلاثا . [البخاري- الفتح 7 (3811) ] .
7- سأل رجل البراء- رضي اللّه عنه- فقال: يا أبا عمارة! أولّيتم يوم حنين؟ قال البراء وأنا أسمع: أمّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يولّ يومئذ، كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته، فلمّا غشيه المشركون نزل فجعل يقول: أنا النّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطّلب. قال: فما رئي من النّاس يومئذ أشدّ منه. [البخاري- الفتح 6 (3042) واللفظ له. ومسلم (1776) ] .
8- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أحسن النّاس وأجود النّاس وأشجع النّاس. ولقد فزع أهل المدينة، ذات ليلة فانطلق النّاس قبل الصّوت فاستقبلهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد سبق النّاس إلى الصّوت وهو يقول: «لم تراعوا، لم تراعوا» وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: لقد وجدته بحرا ، أو إنّه لبحر . [البخاري- الفتح 10 (6033) واللفظ له. ومسلم (2307) ] .
3- علو الهمة وشرف النفس. قال الشيخ بكر أبو زيد: (كبر الهمة في العلم، من سجايا الإسلام التحلي بكبر الهمة، مركز السالب والموجب في شخصك، الرقيب على جوارحك، كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيراً غير مجذوذ، لترقى إلى درجات الكمال، فيجري في عروقك دم الشهامة والركض في ميدان العلم والعمل، فلا يراك الناس واقفاً إلا على أبواب الفضائل، ولا باسطاً يديك إلا لمهمات الأمور) .
4- العدل والإنصاف .
5- مصاحبة ذوي الشهامة والنجدة.
6- الإيمان بالقضاء والقدر. قال الشيخ صالح الفوزان: (ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر: أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة؛ فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ولا يهاب الموت لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر؛ لا يمنع منه حصون ولا جنود، أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَة [النساء: 78] قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران: 154]، وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر؛ يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين) .
عن حذيفة العدويّ، قال: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمّ لي، ومعي شيء من ماء وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته، ومسحت به وجهه، فإذا أنا به فقلت: أسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم، فإذا رجل يقول: آه ... فأشار ابن عمّي إليّ أن انطلق به إليه فجئته، فإذا هو هشام بن العاص. فقلت: أسقيك؟ فسمع به آخر فقال: آه .. فأشار هشام انطلق به إليه، فجئته، فإذا هو قد مات فرجعت إلى هشام، فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمّي، فإذا هو قد مات، رحمة اللّه عليهم أجمعين. [إحياء علوم الدين للغزالي (1/ 258)، وتفسير ابن كثير (4/ 338) ] .
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- إلى السّوق، فلحقت عمر امرأة شابّة فقالت: يا أمير المؤمنين هلك زوجي، وترك صبية صغارا واللّه ما ينضجون كراعا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضّبع ، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاريّ، وقد شهد أبي الحديبية مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فوقف معها عمر ولم يمض. ثمّ قال: مرحبا بنسب قريب ثمّ انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدّار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا، ثمّ ناولها بخطامه ثمّ قال: اقتاديه، فلن يفنى حتّى يأتيكم اللّه بخير. فقال رجل: يا أمير المؤمنين أكثرت لها، قال عمر: ثكلتك أمّك، واللّه إنّي لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثمّ أصبحنا نستفيء سهماننا فيه. [البخاري- الفتح 7 (4160) ] .
عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال يوم أحد لأخيه: خذ درعي يا أخي. قال: أريد من الشّهادة مثل الّذي تريد، فتركاها جميعا. [الهيثمي (5/ 298). وقال: رجاله رجال الصحيح، وأبو نعيم في الحلية (1/ 367) ] .
عن سليمان بن بلال- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا خرج إلى بدر أراد سعد بن خيثمة وأبوه جميعا الخروج معه، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمر أن يخرج أحدهما. فاستهما، فقال خيثمة بن الحارث لابنه سعد- رضي اللّه عنهما-: إنّه لا بدّ لأحدنا من أن يقيم، فأقم مع نسائك، فقال سعد: لو كان غير الجنّة لآثرتك به، إنّي أرجو الشّهادة في وجهي هذا، فاستهما، فخرج سهم سعد؛ فخرج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى بدر، فقتله عمرو بن عبد ودّ. [أسد الغابة: (2/ 275) بتصرف ] .
عن معقل بن يسار أنّ عمر بن الخطّاب شاور الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان فقال: يا أمير المؤمنين أصبهان: الرّأس وفارس وأذربيجان الجناحان فإذا قطعت إحدى الجناحين فالرّأس بالجناح، وإن قطعت الرّأس وقع الجناحان، فابدأ بأصبهان فدخل عمر بن الخطّاب المسجد فإذا هو بالنّعمان بن مقرّن يصلّي فانتظره حتّى قضى صلاته فقال له: إنّي مستعملك فقال: أمّا جابيا فلا وأمّا غازيا فنعم. قال: فإنّك غاز فسرّحه، وبعث إلى أهل الكوفة أن يمدّوه ويلحقوا به، وفيهم حذيفة بن اليمان والمغيرة ابن شعبة ... الحديث وفيه فقال المغيرة للنّعمان: إنّ القوم قد أسرعوا فينا فاحمل. فقال: إنّك ذو مناقب وقد شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولكنّي أنا شهدت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا لم يقاتل أوّل النّهار أخّر القتال حتّى تزول الشّمس وتهبّ الرّياح، فقال النعمان: أيّها النّاس! أهتزّ ثلاث هزّات، فأمّا الهزّة الأولى فليقض الرّجل حاجته، وأمّا الثّانية فلينظر الرّجل في سلاحه وسيفه، وأمّا الثّالثة فإنّي حامل فاحملوا، فإن قتل أحد فلا يلوي أحد على أحد، وإن قتلت فلا تلووا عليّ إنّي داع اللّه بدعوة فعزمت على كلّ امرئ منكم لما أمّن عليها. فقال: اللّهمّ ارزق اليوم النّعمان شهادة تنصر المسلمين وافتح عليهم فأمّن القوم، وهزّ لواءه ثلاث مرّات ثمّ حمل فكان أوّل صريع، فذكرت وصيّته فلم ألو عليه وأعلمت مكانه فكنّآ إذا قتلنا رجلا منهم شغل عنّا أصحابه يجرّونه، ووقع ذو الحاجبين من بغلته الشّهباء فانشقّ بطنه وفتح اللّه على المسلمين فأتيت النّعمان وبه رمق فأتيته بماء فجعلت أصبّه على وجهه أغسل التّراب عن وجهه، فقال: من هذا؟ فقلت: معقل بن يسار فقال: ما فعل النّاس؟ فقلت: فتح اللّه عليهم فقال: الحمد للّه اكتبوا بذلك إلى عمر، وفاضت نفسه . [الحاكم (3/ 293) واللفظ له، والهيثمي في المجمع (6/ 215) ] .
كان سبب فتح المعتصم عمّوريّة أنّ امرأة من الثّغر سبيت فنادت: وا محمّداه، وا معتصماه، فبلغه الخبر فركب لوقته، وتبعه الجيش فلمّا فتحها قال: لبّيك أيّتها المنادية. [المستطرف في كل فن مستظرف (1/ 135) ] .
فوائد الشهامة
1- الشهامة من مكارم الأخلاق الفاضلة. 2- إنها من صفات الرجال العظماء. 3- تشيع المحبة في النفوس. 4- تزيل العداوة بين الناس. 5- فيها حفظ الأعراض ونشر الأمن في المجتمع. 6- إنها علامة على علو الهمة وشرف النفس.
قال محمد عبد السلام الباشا قصيدة بعنوان (يا قلبي الدامي)
نبراتُ صوتي عاكستْ أسراري *** وتواصلتْ فبدتْ بها أخباري ونوازعُ الشرِّ المريبةِ هاجمتْ *** كلَّ المواقع هدَّمَتْ أسواري الغربُ يا وطني يُسابقُ أنجماً *** والكونُ ملعبُهُ وفيه يُباري الغربُ يا وطني غزا أسواقَنا *** بصناعةٍ وبباهظِ الأسعارِ بتْنا نُقَلِّدُهُ بتافهِ أمرِهِ *** في الجدِّ نبني خالصَ الأعذارِ يا ويلتي من سلَّةٍ عادتْ بلا *** عنبٍ ولم أحمِلْ بها أزهاري يا قلبيَ الدامي لكلِّ تخلُّفٍ *** أينَ البناةُ بِمُعظمِ الأقطارِ ؟ أنا لا أُريدُ لأمتي تبعيَّةً *** هُمْ بائعونَ ونحنُ فيها الشاري فكّر بِحلٍّ .. نستعيدُ مكانةً *** قد نستعيد نضارة الأزهارِ إنْ بالغَ الإنسانُ في طفراتِهِ *** عادتْ وبالاً ، أنكرتْ إيثارِي إنْ لم نكنْ أهلَ الحضارِة .. مَنْ لَها ؟ *** من ذا سيرعى خُضرةَ الأشجارِ ؟ من ذا سيعطي في الشهامةِ قدوةً ؟ *** إن لم أكنْ عَوناً لحاجةِ جاري ؟ من ذا سيحمي موطني مِنْ غادرٍ *** من ذا سيوقفُ هجمةَ استعمارِ ؟ من ذا سيُعطي للصِغارِ معارفا *** من ذا يحققُ مُجْمَلَ الأوطارِ ؟ من ذا سيبني مَصنعاً في موطني ... من ذا سيُمْسِكُ دفةَ الإبحارِ ؟ إنْ كنتَ حراً فاستمعْ لمقالتي ... وطنيتي تبني بنا إصراري قومي هُم الأوْلى بكل حضارةٍ ... كونوا لها أهلاً بكل مدار [مجلة البيان 167/140] .