«✉» الدعوة إلى الله هي الميراث الحقيقي للأنبياء والمرسلين «✉»
الدعوة لغة:
تكون مصدرا لقولهم: دعا فلان إلى كذا دعوة، وهو مأخوذ من مادّة (د ع و) الّتي تدلّ كما يقول ابن فارس على: إمالة الشّيء إليك بصوت وكلام يكون منك، وجاء في الصّحاح يقال: دعوت فلانا، أي صحت به واستدعيته، ودعوت اللّه له وعليه دعاء، وتكون الدّعوة (أيضا) المرّة الواحدة من الدّعاء، وتكون أيضا الاسم من قولهم: دعا الرّجل دعوا ودعاء: قال ابن منظور والاسم الدّعوة.
والدّعاة: قوم يدعون إلى بيعة هدى أو ضلالة، واحدهم داع، ورجل داعية إذا كان يدعو النّاس إلى بدعة أو دين، والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم داعي اللّه تعالى، وكذلك المؤذّن. وفي التّهذيب: المؤذّن داعي اللّه، والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم داعي الأمّة إلى توحيد اللّه وطاعته [لسان العرب لابن منظور (14/ 258- 259) ] .
قال العلّامة ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-: إذا كانت الدّعوة إلى اللّه أشرف مقامات العبد وأجلّها وأفضلها فهي لا تحصّل إلّا بالعلم الّذي يدعو به وإليه، بل لا بدّ في كمال الدّعوة من البلوغ في العلم،
إلى حدّ أقصى يصل إليه السّعي، ويكفي هذا في شرف العلم أنّ صاحبه يحوز به هذا المقام، واللّه يؤتي فضله من يشاء [التفسير القيم (319) ] .
قال ابن كثير- رحمه اللّه- في قوله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ: أي دعا عباد اللّه إليه وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ]فصّلت: 33]: أي وهو في نفسه مهتد بما يقول فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعدّ وليس هو من الّذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه وينهون عن المنكر، ويأتونه، بل يأتمر بالخير ويترك الشرّ ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى، وهذه عامّة في كلّ من دعا إلى خير وهو في نفسه مهتد، ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أولى النّاس بذلك [تفسير ابن كثير (4/ 100) ] .
الدعوة إلى اللّه اصطلاحا:
هي دعوة النّاس إلى الإسلام بالقول والعمل [تفسير الطبري (11/ 53) ] .
آيات
1- قول الله تعالى: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108] .
2- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) [الرعد: 36] .
3- قوله تعالى: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125] .
4- قوله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) [الحج: 67] .
5- قوله تعال: ( وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [القصص: 87] .
6- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) [ الأحزاب: 45- 46] .
7- قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [ فصلت: 33] .
8- قوله تعالى: (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [الشورى: 15] .
9- قوله تعالى: (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) [غافر: 41- 42] .
10- قوله تعالى: (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً * وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) [نوح: 5- 7] .
أحاديث
1- عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّ أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه، قال: انطلقت في المدّة الّتي كانت بيني وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فبينا أنا بالشّام إذ جيء بكتاب من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى هرقل يعني عظيم الرّوم، قال: وكان دحية الكلبيّ جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى ، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل ... الحديث وفيه: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، من محمّد رسول اللّه إلى هرقل عظيم الرّوم، سلام على من اتّبع الهدى، أمّا بعد، فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك اللّه أجرك مرّتين، وإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيّين» (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 64] [رواه البخاري- الفتح 1 (7)، ومسلم (1773) واللفظ له] .
2- عن معاذ بن جبل- رضي اللّه عنه- قال: بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «إنّك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأنّي رسول اللّه، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أنّ اللّه افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم، فإن أطاعوا لذلك فإيّاك وكرائم أموالهم واتّق دعوة المظلوم فإنّه ليس بينها وبين اللّه حجاب» [رواه البخاري- الفتح 3 (1458)، ومسلم (19) واللفظ له] .
3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: بينما نحن في المسجد خرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «انطلقوا إلى يهود» فخرجنا حتّى جئنا بيت المدارس، فقال:«أسلموا تسلموا، واعلموا أنّ الأرض للّه ورسوله وإنّي أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بماله شيئا فليبعه، وإلّا فاعلموا أنّ الأرض للّه ورسوله»[رواه البخاري- الفتح 6 (3167) واللفظ له، ومسلم (1765) ] .
4- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: جاءت ملائكة إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو نائم، فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضهم: إنّ العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إنّ لصاحبكم هذا مثلا، قال: فاضربوا له مثلا، فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضهم: إنّ العين نائمة والقلب يقظان. فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارا، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعيا، فمن أجاب الدّاعي دخل الدّار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الدّاعي لم يدخل الدّار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أوّلوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضهم: إنّ العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدّار الجنّة، والدّاعي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، فمن أطاع محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم فقد أطاع اللّه، ومن عصى محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم فقد عصى اللّه، ومحمّد فرّق بين النّاس.[رواه البخاري- الفتح 13 (7281) ] .
5- عن بريدة- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة ، أوصاه في خاصّته بتقوى اللّه ومن معه من المسلمين خيرا، ثمّ قال: «اغزوا باسم اللّه، في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه. اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال)، فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة اللّه وذمّة نبيّه، فلا تجعل لهم ذمّة اللّه ولا ذمّة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك ... الحديث»[رواه مسلم (1731) ] .
6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال:كنت أدعو أمّي إلى الإسلام، وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما أكره، فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأنا أبكي قلت: يا رسول اللّه إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى عليّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع اللّه أن يهدي أمّ أبي هريرة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ اهد أمّ أبي هريرة»، فخرجت مستبشرا بدعوة نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف ، فسمعت أمّي خشف قدميّ ، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء ، قال: فاغتسلت، ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثمّ قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأتيته، وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول اللّه أبشر قد استجاب اللّه دعوتك، وهدى أمّ أبي هريرة، فحمد اللّه وأثنى عليه، وقال خيرا، قال:قلت: يا رسول اللّه ادع اللّه أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين، ويحبّبهم إلينا، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ حبّب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة- وأمّه إلى عبادك المؤمنين، وحبّب إليهم المؤمنين»، فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني إلّا أحبّني.[رواه مسلم (2491) ] .
7- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «بلّغوا عنّي ولو آية، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار» [رواه البخاري- الفتح 6 (3461)] .
8- عن أبي مسعود الأنصاريّ- رضي اللّه عنه- قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّي أبدع بي ، فاحملني، فقال: «ما عندي»، فقال رجل:يا رسول اللّه، أنا أدلّه على من يحمله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم (1893) ] .
9- عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبد اللّه بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة، والنّاس مجتمعون عليه، فأتيتهم، فجلست إليه، فقال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سفر، فنزلنا منزلا، فمنّا من يصلح خباءه، ومنّا من ينتضل، ومنّا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: الصّلاة جامعة ، فاجتمعنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم» ... الحديث [رواه مسلم (1844) ] .
10- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: صعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الصّفا ذات يوم فقال: «يا صباحاه»، فاجتمعت إليه قريش، قالوا: مالك؟، قال: «أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ يصبّحكم أو يمسّيكم أما كنتم تصدّقونني؟». قالوا: بلى، قال:«فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، فقال أبو لهب: تبّالك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل اللّه تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ.[رواه البخاري- الفتح 8 (4801) ] .
11- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعمّه: «قل لا إله إلّا اللّه، أشهد لك بها يوم القيامة»، قال: لولا أن تعيّرني قريش، يقولون: إنّما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل اللّه: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ)،[رواه البخاري- الفتح 8 (4772)، ومسلم (25) واللفظ له] .
12- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» [رواه مسلم (2674) ] .
13- عن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب م
آثار
1- عن الحسن البصريّ- رحمه اللّه- أنّه تلا هذه الآية: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، فقال: هذا حبيب اللّه، هذا وليّ اللّه، هذا صفوة اللّه، هذا خيرة اللّه، هذا أحبّ أهل الأرض إلى اللّه، أجاب اللّه في دعوته، ودعا النّاس إلى ما أجاب اللّه فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال إنّني من المسلمين، هذا خليفة اللّه.[تفسير ابن كثير (4/ 101) ] .
2- عن قتادة- رحمه اللّه- في قوله تعالى:وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قال: هذا عبد صدق قوله، وعمله، ومولجه، ومخرجه، وسرّه، وعلانيته، ومشهده، ومغيبه.[ الدر المنثور للسيوطي (7/ 325) ] .
أشعار
قال بعض السلف:
النصح أرخص ما باع الرجال فلا *** تردد على ناصح نصحا ولا تلـم
إن النصائح لا تخفى مناهلــها *** على الرجال ذوي الألباب والفهم
وقال آخر:-
إذا نصحت لذي عجب لترشــده *** فلم يطعك فلا تنصح له أبـدا
فإن ذا العجب لا يعطيك طاعـته *** ولا يجيب الى إرشاده أحــــدا
وما عليك وإن غاو غوى حقبــا *** إن لم يكن لك قربى أو يكن ولدا
[ المنتخب من الشعر والبيان لأمير بن محمد المدري]
متفرقات
1- قال ابن القيّم- رحمه اللّه- في سياق قوله تعالى: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) [يوسف: 108]: إنّ اللّه سبحانه أمر رسوله أن يخبر أنّ سبيله الدّعوة إلى اللّه، فمن دعا إلى اللّه تعالى فهو على سبيل رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه، فالدّعوة إلى اللّه تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرّسل في أممهم، والنّاس تبع لهم، واللّه سبحانه قد أمر رسوله أن يبلّغ ما أنزل إليه من ربّه، وضمن له حفظه وعصمته من النّاس، وهؤلاء المبلّغون عنه من أمّته لهم من حفظ اللّه وعصمته إيّاهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم له، وقد أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالتّبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلّغ عنه ولو حديثا، وتبليغ سنّته إلى الأمّة أفضل من تبليغ السّهام إلى نحور العدوّ؛ لأنّ تبليغ السّهام يفعله كثير من النّاس، وأمّا تبليغ السّنن فلا يقوم به إلّا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم، جعلنا اللّه منهم بمنّه وكرمه.[ التفسير القيم لابن القيم (431) ] .
2- قال الشّيخ عبد العزيز بن باز- حفظه اللّه-: الواجب على جميع القادرين من العلماء وحكّام المسلمين والدّعاة الدّعوة إلى اللّه- عزّ وجلّ- حتّى يصل البلاغ إلى العالم كافّة في جميع أنحاء المعمورة، وهذا هو البلاغ الّذي أمر اللّه به، قال اللّه تعالى لنبيّه (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [المائدة: 67 ]فالرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم عليه البلاغ، وهكذا الرّسل جميعا عليهم البلاغ صلوات اللّه وسلامه عليهم، وعلى أتباع الرّسل أن يبلّغوا، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «بلّغوا عنّي ولو آية»، وكان إذا خطب النّاس يقول: «فليبلّغ الشّاهد الغائب، فربّ مبلّغ أوعى من سامع». فعلى جميع الأمّة حكّاما وعلماء وتجّارا وغيرهم أن يبلّغوا عن اللّه وعن رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم هذا الدّين وأن يشرحوه للنّاس بشتّى اللّغات الحيّة المستعملة.[ مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز (1/ 333) ] .
3- وقال أيضا- حفظه اللّه-:ليس الخافي على كلّ من له أدنى علم أو بصيرة أنّ العالم الإسلاميّ اليوم، بل العالم كلّه في أشدّ الحاجة إلى الدّعوة الإسلاميّة الواضحة الجليّة الّتي تشرح للنّاس حقيقة الإسلام، وتوضّح لهم أحكامه ومحاسنه، وبذلك يتّضح لكلّ مسلم طالب علم أنّ الدّعوة إلى اللّه من أهمّ المهمّات، وأنّ الأمّة في كلّ زمان ومكان في أشدّ الحاجة إليها بل في أشدّ الضّرورة إلى ذلك، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلّغوا دعوة اللّه، وأن يصبروا على ذلك، وأن تكون دعوتهم نابعة من كتاب اللّه وسنّة رسوله الصّحيحة، عليه الصّلاة والسّلام، وعلى طريق الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، ومنهج السّلف الصّالح رضي اللّه عنهم.[مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز (1/ 248) ] .