¦".×."¦ الحمق .. شرّ كلّه يجب اجتنابه ¦".×."¦
الحمق لغة:
مصدر قولهم: حمق فلان، وهو مأخوذ من مادّة (ح م ق) الّتي تدلّ على كساد الشيء والضعف والنقصان. ومن ذلك الحمق: نقصان العقل، وقال الجوهريّ: الحمق، والحمق: قلّة العقل، يقال: حمق الرجل حمقا وحمقا وحماقة فهو أحمق، وحمق بالكسر يحمق حمقا فهو حمق، وامرأة حمقاء، وقوم ونسوة حمق وحمقى، وحماقى، وحمقت السوق: كسدت. وأحمقت المرأة: جاءت بولد أحمق فهي محمق ومحمقة، وأحمقت الرجل: وجدته أحمق، وحمّقته تحميقا نسبته إلى الحمق، وحامقته ساعدته على الحمق. وتحامق: تكلّف الحمق، واستحمقته: عددته أحمق. وقال ابن الأثير: استحمق الرجل إذا فعل فعل الحمقى، والحموقة: فعولة من الحمق. وقال ابن منظور: الحمق ضدّ العقل، وقولهم: أتاه فأحمقه: وجده أحمق، وأحمق به: ذكره بحمق، وأمّا قول الشاعر:
إنّ للحمق نعمة في رقاب النّاس *** تخفى على ذوي الألباب
فمعناه: أنّ للحمق نعمة في رقاب العقلاء تغيب وتخفى على غيرهم من سائر الناس لأنّهم أفطن وأذكى من غيرهم، ويقال: سرنا في ليال محمقات، إذا استتر القمر فيها بغيم أبيض فيسير الراكب ويظنّ أنّه قد أصبح، حتّى يملّ، ومنه أخذ اسم الأحمق لأنّه يغرّك في أوّل مجلسه بتعاقله، فإذا انتهى إلى آخر كلامه تبيّن حمقه، وقال ابن الأعرابيّ: الحمق أصله الكساد، ويقال: الأحمق: الكاسد العقل، قال: والحمق أيضا الغرور، وقال الأزهريّ: الأحمق مأخوذ من انحماق السوق إذا كسدت، فكأنّه فسد عقله حتّى كسد [مقاييس اللغة (2/ 106)، الصحاح (4/ 1465)، والنهاية (1/ 442)، وتهذيب اللغة (4/ 85)، واللسان (2/ 1000) (ط دار المعارف) ] .
واصطلاحا:
قال ابن حجر- رحمه اللّه-: الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه فتح الباري: 1/ 557. وكذا في لسان العرب (10/ 68) ] .
وقال النوويّ- رحمه اللّه-: حقيقة الأحمق: من يعمل ما يضرّه مع علمه بقبحه [صحيح مسلم بشرح النووي (18/ 136) ] .
وقال ابن الأثير: حقيقة الحمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه [النهاية لابن الأثير (1/ 442) ] .
وقال المناويّ: الحمق فساد في العقل [التوقيف على مهمات التعاريف (147) ] .
آيات
1- قوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ * وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ * يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [البقرة: 8- 20] .
2- قوله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ) [الأعراف: 179] .
3- قوله تعالى: ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) [الفرقان: 43- 44] .
أحاديث
1- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: أخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بيد عبد الرّحمن بن عوف؛ فانطلق به إلى ابنه إبراهيم؛ فوجده يجود بنفسه؛ فأخذه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فوضعه في حجره فبكى فقال له عبد الرّحمن: أتبكي؟ أو لم تكن نهيت عن البكاء؟. قال «لا؛ ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة، خمش وجوه وشقّ جيوب ورنّة شيطان» [رواه الترمذي (1005) واللفظ له وقال: هذا حديث حسن. وفي بعض النسخ حسن صحيح. وقال محقق جامع الأصول (11/ 106) أصل الحديث وأوله في الصحيحين من حديث أنس وقال الألباني حسن انظر صحيح وضعيف سنن الترمذي] .
2- عن الأسود بن سريع- رضي اللّه عنه- أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أربعة يوم القيامة: رجل أصمّ لا يسمع شيئا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة. فأمّا الأصمّ فيقول: لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأمّا الأحمق فيقول: يا ربّ لقد جاء الإسلام والصّبيان يحذفوني بالبعر، وأمّا الهرم فيقول: يا ربّ لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأمّا الّذي مات في فترة فيقول: ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنّه فيرسل إليهم أن ادخلوا النّار فو الّذي نفسي بيده لو دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما» [أخرجه أحمد (4/ 24) والطبراني (841) والبيهقي في الاعتقاد (169) والبزار (2174) وابن حبان في صحيحه (7357) وذكره الهيثمي في «المجمع» (7/ 216) وقال: رجال أحمد في طريق الأسود بن سريع وأبي هريرة رجال صحيح ] .
آثار
1- تلا عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- هذه الآية (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؟) قال: الحمق يا ربّ. [أخبار الحمقى (25) ] .
2- قال عليّ- رضي اللّه عنه-: ليس من أحد إلّا وفيه حمقة فبها يعيش. [أخبار الحمقى (25) ].
3- عن مجاهد، قال: كنت عند ابن عبّاس، فجاء رجل فقال: إنّه طلّق امرأته ثلاثا. قال: فسكت حتّى ظننت أنّه رادّها إليه. ثمّ قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثمّ يقول: يا ابن عبّاس،، يا ابن عبّاس، وإنّ اللّه قال (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) وإنّك لم تتّق اللّه فلم أجد لك مخرجا، عصيت ربّك وبانت منك امرأتك، وإنّ اللّه قال (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ) في قبل عدّتهنّ. [أبو داود (2197). وقال الألباني (2/ 414): صحيح ] .
4- عن عكرمة قال: صلّيت خلف شيخ بمكّة، فكبّر ثنتين وعشرين تكبيرة، فقلت لابن عبّاس: إنّه أحمق، فقال: ثكلتك أمّك، سنّة أبي القاسم صلّى اللّه عليه وسلّم. [البخاري- الفتح 2 (788) ] .
5- عن أنس بن سيرين، قال: سمعت ابن عمر قال: طلّق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «ليراجعها» قلت: تحتسب؟ قال: فمه؟ وعن قتادة عن يونس بن جبير عن ابن عمر قال: مره فليراجعها قلت: تحتسب؟ قال: أرأيته إن عجز واستحمق. [البخاري- الفتح 9 (5252) واللفظ له ومسلم (1471). ورد هذا الأثر في سياقه حديث والمقصود الاستشهاد بالأثر] .
6- عن محمّد بن المنكدر؛ قال: صلّى جابر في إزار قد عقده من قبل قفاه وثيابه موضوعة؟ على المشجب. قال له قائل: تصلّي في إزار واحد؟ فقال: إنّما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك. وأيّنا كان له ثوبان على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؟. [البخاري- الفتح 1 (352) ] .
7- قال عمر بن عبد العزيز: ما عدمت من الأحمق فلن تعدم خلّتين: سرعة الجواب، وكثرة الالتفات. [أخبار الحمقى (34) ] .
8- قال الأصمعيّ: إذا أردت أن تعرف عقل الرّجل في مجلس واحد فحدّثه بحديث لا أصل له، فإن رأيته أصغى إليه وقبله فاعلم أنّه أحمق، وإن أنكره فهو عاقل . [أخبار الحمقى (34) ] .
9- قال جعفر الصّادق: الأدب عند الأحمق كالماء في أصول الحنظل، كلّما ازداد ريّا زاد مرارة. [أخبار الحمقى (23) ] .
10- قال ابن أبي زياد: قال لي أبي: يا بنيّ الزم أهل العقل، وجالسهم، واجتنب الحمقى، فإنّي ما جالست أحمق فقمت إلّا وجدت النّقص في عقلي. [أخبار الحمقى (36) ] .
11- عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير قال: لو حلفت لرجوت أن أبرّ أنّه ليس أحد من النّاس إلّا وهو أحمق فيما بينه وبين اللّه- عزّ وجلّ-: غير أنّ بعض الحمق أهون من بعض. [أخبار الحمقى (26) ] .
أشعار
1- قال أعشى همدان :
لا تأسين على شيء فكل *** فتى إلى منيته سيّار في عَنَقِ
وكلُّ من ظنِّ أنَّ الموت يخطئه *** معللٌ بأعاليلٍ من الحَمَقِ
بأيَّما بلدةٍ تُقْدر منيتهُ *** إن لا يُسيّرُ إليها طائعاً يُسقِ
[الوقت وأهميته في حياة المسلم لعلي بن نايف الشحود 2/248]
متفرقات
1- قال أبو حاتم بن حيّان الحافظ: «علامة الحمق سرعة الجواب، وترك التّثبّت، والإفراط في الضّحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار، والأحمق إن أعرضت عنه أعتم. وإن أقبلت عليه اغترّ، وإن حلمت عنه جهل عليك، وإن أحسنت إليه أساء إليك. ويظلمك إن أنصفته.[أخبار الحمقى (35) ] .