[⇭☸⇭] معنى الجدال وأنواعه [⇭☸⇭]
الجدال لغة:
مصدر قولهم: جادله يجادله جدالا ومجادلة وهو مأخوذ من مادّة (ج د ل) الّتي تدلّ على استحكام الشّيء في استرسال يكون فيه وامتداد الخصومة ومراجعة الكلام، تقول من ذلك: جادله أي ناظره وخاصمه، والاسم من ذلك: الجدل، وهو شدّة الخصومة، وجدل الحبل: إحكام فتله، وإلى هذا المعنى أرجع الرّاغب معنى الجدال (والمجادلة) فقال:
الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، وكأنّ المتجادلين يفتل كلّ واحد الآخر عن رأيه، وأصله من جدلت الحبل، ومن ذلك جدلت البناء: أحكمته، والأجدل: الصّقر المحكم البنية، وقيل: الأصل في الجدال: الصّرع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة وهي الأرض الصّلبة، والجدل: اللّدد في الخصومة والقدرة عليها، ويقال رجل جدل ومجدل ومجدال إذا كان شديد الخصومة والجدل. كما يقال: جادلت الرّجل فجدلته جدلا أي غلبته. كما يأتي منه المصدر على جدال ومجادلة، ومعناه المناظرة والمخاصمة. والرّجل مجدول إذا انقطع في الخصام. وهما يتجادلان إذا كانا يتخاصمان. والمجدل الجماعة من النّاس، وذلك لأنّ الغالب عليهم إذا اجتمعوا أن يتجادلوا، والجدال (أيضا) المخاصمة بما يشغل عن ظهور الحقّ ووضوح الصّواب، قال الفيّوميّ: هذا هو الأصل، ثمّ استعمل على لسان حملة الشّرع في مقابلة الأدلّة لظهور أرجحها. وهو محمود إذا كان للوقوف على الحقّ وإلّا فمذموم، ومن معنى الصّرع قيل: جدله جدلا، وجدّله فانجدل، وتجدّل: أي صرعه على الجدالة، وهو مجدول ومجدّل ومجندل، وأكثر ما يقال: جدّلته تجديلا، والمجدّل الملقى بالجدالة وهي الأرض، ومنه حديث عليّ- رضي اللّه عنه- حين وقف على طلحة وهو قتيل (بعد معركة الجمل) فقال: «أعزز عليّ أبا محمّد أن أراك مجدّلا تحت نجوم السّماء» أي ملقى على الأرض قتيلا [مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 433)، المفردات للراغب 87، لسان العرب (1/ 571). والصحاح (4/ 1653). والمصباح المنير (1/ 93) ] .
الجدال اصطلاحا:
الجدل: دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجّة أو شبهة، أو يقصد به تصحيح كلامه وهو الخصومة في الحقيقة، والجدال: عبارة عن مراء يتعلّق بإظهار المذاهب وتقريرها [التعريفات للجرجاني (74، 75) ] .
وقال المناويّ: هو مراء يتعلّق بإظهار المذاهب وتقريرها. وقيل: هو التّخاصم بما يشغل عن ظهور الحقّ ووضوح الصّواب [التوقيف على مهمات التعاريف (122) ] .
وقال الكفويّ: هو عبارة عن دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجّة أو شبهة وهو لا يكون إلّا بمنازعة غيره.
والمجادلة: هي المنازعة في المسألة العلميّة لإلزام الخصم سواء كان كلامه فاسدا أو لا [الكليات(353، 849) ] .
آيات
1- قول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [البقرة: 197] .
2- قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ * يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) [الأنفال: 2-6 ] .
3- قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً * ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) [ النساء: 105- 109] .
4- تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام: 121] .
5- قوله تعالى: ( حم * تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ* ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) [غافر: 1- 5] .
6- قوله تعالى: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125] .
7- قوله تعالى: (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [العنكبوت: 46] .
8- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) [الحج: 1- 4] .
أحاديث
1- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «جدال في القرآن كفر» [رواه أبو داود (4603). وأحمد (2/ 258). وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (13/ 249) واللفظ له. وذكره في المشكاة وقال الشيخ الألباني: رواه أحمد وأبو داود وإسناده حسن وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، قال: وهو صحيح باعتبار أن له شواهد صحيحة (1/ 79) ] .
2- عن أبي أمامة الباهليّ- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: « ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلّا أوتوا الجدل، ثمّ تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) [الزخرف: 58] »، [ الترمذي (3453) وقال: حسن صحيح. وابن ماجة (48)، وأحمد (5/ 252، 256) وقال محقق جامع الأصول (2/ 749): إسناده صحيح، وقال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 5633 في صحيح الجامع] .
3- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّها قالت: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ .. إلى قوله: وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [آل عمران: 8]. فقال: «يا عائشة: إذا رأيتم الّذين يجادلون فيه فهم الّذين عناهم اللّه فاحذروهم» [رواه البخاري- الفتح 8 (4547). ومسلم (2665). وابن ماجة (47) واللفظ له] .
4- عن وائل بن حجر- رضي اللّه عنه- قال: جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال الحضرميّ: يا رسول اللّه، إنّ هذا قد غلبني على أرض لي كانت لأبي، فقال الكنديّ: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حقّ. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للحضرميّ: «ألك بيّنة؟» قال: لا.قال: «فلك يمينه». قال: يا رسول اللّه، إنّ الرّجل فاجر لا يبالي عن ما حلف عليه وليس يتورّع من شيء. فقال: «ليس لك منه إلّا ذلك». فانطلق ليحلف، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم- لمّا أدبر- «أما لئن حلف على مال ليأكله ظلما ليلقينّ اللّه وهو عنه معرض» [رواه مسلم (139) ] .
5- عن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- قال: خرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: «خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا، فالتمسوها في التّاسعة والسّابعة والخامسة» [رواه البخاري- الفتح 4 (2023) ] .
6- عن أبي أمامة - رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: « أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا و بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا و بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه » [رواه أبو داود (4800)، و قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 1464 في صحيح الجامع ] .
7- عن كعب بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من طلب العلم ليجاري به العلماء، أو ليماري به السّفهاء، ويصرف به وجوه النّاس إليه أدخله اللّه النّار» [رواه الترمذي (2655) واللفظ له. وابن ماجة (253) من حديث ابن عمر، (254) من حديث جابر وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات. وذكره ابن الأثير في جامع الأصول وقال محققه: له شواهد بمعناه يتقوى بها (4/ 543) واللفظ له وكذلك ذكره في المشكاة وقال مخرجه: يشهد له حديث ابن عمر عند ابن ماجة وحديث أبي هريرة عنده وعند أبي داود- انظر المشكاة (1/ 77) ] .
آثار
1- قال عمر رضي الله عنه: إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة: جدال المنافق بالقرآن لا يخطئ واوا ولا ألفا يجادل الناس أنه أجدل منهم ليضلهم عن الهدى وزلة عالم وأئمة المصلين، ثلاث بهن يهدم الزمن.[تعريف الخلف بمنهج السلف ص213] .
2- قال سليمان بن داود- عليهما السّلام- لابنه: دع المراء، فإنّ نفعه قليل، وهو يهيّج العداوة بين الإخوان.[ الدارمي (1/ 102) ] .
3- عن زياد بن حدير قال: قال لي عمر:هل تعرف ما يهرم الإسلام؟ قال: قلت: لا. قال:يهرمه زلّة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمّة المضلّين.[رواه الدارمي (1/ 82). وقال الألباني: إسناده صحيح- مشكاة المصابيح (1/ 89) ] .
4- وقال- رضي اللّه عنه- إنّه سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسّنن؛ فإنّ أصحاب السّنن أعلم بكتاب اللّه.[رواه الدارمي (1/ 62) ] .
5- قال أبو الدّرداء- رضي اللّه عنه- لا تكون عالما حتّى تكون متعلّما، ولا تكون بالعلم عالما حتّى تكون به عاملا، وكفى بك إثما أن لا تزال مخاصما، وكفى بك إثما أن لا تزال مماريا، وكفى بك كذبا أن لا تزال محدّثا في غير ذات اللّه.[رواه الدارمي (1/ 101) ] .
6- قال الأوزاعيّ- رحمه اللّه تعالى-: إذا أراد اللّه بقوم شرّا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل.[ شرح أصول الاعتقاد (مج ط 1/ 145) ] .
أشعار
1- قال مسعر بن كدام- رحمه اللّه تعالى- يوصي ابنه كداما:
إنّي منحتك يا كدام نصيحتي *** فاسمع لقول أب عليك شفيق
أمّا المزاحة والمراء فدعهما *** خلقان لا أرضاهما لصديــــق
إنّي بلوتهما فلم أحمدهما *** لمجاور جارا ولا لرفيق
والجهل يزري بالفتى في قومه *** وعروقه في النّـاس أيّ عروق
[جامع بيان العلم وفضله (2/ 99) ].
2- وفي ذم الجدال يقول ابن الرومي:
لذوي الجدال إذا غَدَوا لجدالهم *** حُجَجٌ تضلُّ عن الهدى وتَجُورُ
وُهُنٌ كآنيةِ الزُّجاج تَصَادمتْ *** فهوَت، وكلٌّ كاسرٌ مَكْسـورُ
فالقاتِلُ المقتولُ ثَمَّ لِضَعْـفـــــه *** ولوهيِه، والآسرُ المَـأْسُـورُ
[المنتخب من الشعر والبيان لأمير بن محمد المدري ص 158]
متفرقات
1- قال مالك- رحمه اللّه تعالى-: قال اللّه تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197] الرّفث: إصابة النّساء، والفسوق:الذّبح للأنصاب، والجدال في الحجّ: أنّ قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقزح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة فكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب. فقال اللّه تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) [الحج:67]. فهذا الجدال [الموطأ (388) ] .
2- قال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )[سورة النحل الآية 125]. فذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو :فإنه إما أن يكون طالباً للحق راغباً فيه محباً له مؤثراً له على غيره إذا عرفه فهذا يدعى بالحكمة ولا يحتاج إلى موعظة ولا جدال .وإما أن يكون معرضاً مشتغلا بضد الحق ولكن لو عرفه عرفه وآثره واتبعه فهذا يحتاج مع الحكمة إلى الموعظة بالترغيب والترهيب. وإما أن يكون معانداً معارضاً فهذا يجادل بالتي هي أحسن فإن رجع إلى الحق وإلا انتقل معه من الجدال إلى الجلاد إن أمكن. [الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة 4 / 1276] .
3- قال سهل بن عبد اللّه التّستريّ- رحمه اللّه تعالى- لرجل سأله متى يعلم الرّجل أنّه من أهل السّنّة والجماعة؟ فقال: إذا عرف من نفسه عشر خصال: لا يترك الجماعة، ولا يسبّ أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا يخرج على هذه الأمّة بالسّيف، ولا يكذّب بالقدر، ولا يشكّ في الإيمان، ولا يماري في الدّين، ولا يترك الصّلاة على من يموت من أهل القبلة بالذّنب، ولا يترك المسح على الخفّين، ولا يترك الجماعة (أو قال الجمعة) خلف كلّ وال جار أو عدل. [ شرح أصول الاعتقاد (مج 1، ج 2/ 183) ] .
4- قال الثعالبي في قوله تعالى: ( لا حجة بيننا وبينكم ) أي لا جدال ولا مناظرة قد وضح الحق وأنتم تعاندون.[الجواهر الحسان للثعالبي 4 / 105] .