►♦◄ الجبن يهوي بأطول النَّاس أعناقًا ►♦◄
الجبن وصفته أمـــــا الجبن ..فهو خلق مذموم عند جميع الخلق ، وأهله هم أهل سوء الظن بالله وقد تگون صفة الجبن هي نقطة التناقض بين التگوين الشخصي وبين الحق الشرعي ممـــــا يجعل صاحب هذه الصفة يلوي أعناق النصوص الشرعية الصريحة ، أو يتأولها حتى يتفادى المخاطر ، يدل أن يوطن نفسه على الخضوع لأمر الله تعالى
الجبن لغة:
مصدر قولهم: جبن يجبن أي صار جبانا، وهو مأخوذ من مادّة (ج ب ن) الّتي تدلّ على ضعف في القلب وذلك صفة الجبان، يقال: رجل جبان وجبّان وجبين: هيّاب للأشياء فلا يتقدّم عليها، ومن المجاز قولهم: جبان الكلب، أي في نهاية الكرم، لأنّه لكثرة تردّد الضّيفان إليه يأنس كلبه فلا يهرّ أبدا، وقال ابن منظور: جمع الجبان جبناء، وهو ضدّ الشّجاع والأنثى: جبان (أيضا) مثل حصان ورزان، والفعل جبن وجبن بالفتح والضّمّ، والمصدر الجبن والجبن والجبانة، واجبنه: وجده جبانا أو حسبه إيّاه، ومن ذلك قول عمرو بن معديكرب: للّه درّكم يا بني سليم، قاتلناكم فما أجبنّاكم. أي فما وجدناكم جبناء، وحكي أيضا قولهم: هو يجبّن أي يرمى بالجبن ويقال له، وجبّنه تجبينا نسبه إلى الجبن، يقال: جبّنت الرّجل وبخّلته وجهّلته، إذا نسبته إلى الجبن والبخل والجهل. وكانت العرب تقول: الولد مجبنة مبخلة. لأنّه يحبّ البقاء والمال لأجله وتجبّن الرّجل: غلظ [مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 305). لسان العرب (1/ 539- 540). والصحاح (5/ 2090- 2091)، وتاج العروس (18/ 102)، ومقاييس اللغة (1/ 305) ] .
الجبن اصطلاحا:
قال الجاحظ: هو الجزع عند المخاوف والإحجام عمّا تحذر عاقبته أو لا تؤمن مغبّته[تهذيب الأخلاق للجاحظ (33) ] .
وقال الفيروز آباديّ: الجبن: ضعف القلب عمّا يحقّ أن يقوى عليه [بصائر ذوي التمييز (1/ 366) ] .
وقال الجرجانيّ: هيئة حاصلة للقوّة الغضبيّة بها يحجم عن مباشرة ما ينبغي وما لا ينبغي [التعريفات (73) ] .
آيات
1- قول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً) [الأحزاب: 9- 11] .
2- قوله تعالى: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا) [الأحزاب: 19- 20] .
3- قوله تعالى: (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4] .
أحاديث
1- عن عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- أنّه قال: «إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كان يتعوّذ من خمس: من البخل، والجبن، وفتنة الصّدر ، وعذاب القبر، وسوء العمر» [رواه أحمد (1/ 22). وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (1/ 218). وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على «المسند» (1/ 290) طبع مؤسسة الرسالة: إسناده صحيح ] .
2- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال لأبي طلحة: «التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني حتّى أخرج إلى خيبر، فخرج بي أبو طلحة مردفي وأنا غلام راهقت الحلم، فكنت أخدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرا يقول:«اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدّين ، وغلبة الرّجال ... الحديث» [رواه البخاري- الفتح 6 (2893) واللفظ له. ومسلم (2706) ] .
3- عن جبير بن مطعم- رضي اللّه عنه- قال: بينا أنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومعه النّاس مقبلا من حنين علقت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الأعراب يسألونه حتّى اضطرّوه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «أعطوني ردائي فلو كان عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم ثمّ لا تجدونني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا» [رواه البخاري- الفتح 6 (3148) ] .
4- عن يعلى- رضي اللّه عنه- قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فضمّهما إليه وقال: «إنّ الولد مبخلة مجبنة» [رواه ابن ماجة (3666) واللفظ له. وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وأحمد (4/ 172) ورواه الترمذي وأحمد أيضا منقطعا من حديث خولة بنت حكيم. والحاكم (3/ 164) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، و قال الشيخ الألباني: ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1989 في صحيح الجامع ] .
5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «شرّ ما في رجل شحّ هالع وجبن خالع» [رواه أحمد (2/ 302)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح ] .
6- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ هَالَهُ اللَّيلُ أَنْ يُكَابِدَهُ ، أَوْ بَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنفِقَهُ ، أَوْ جَبُنَ عَنِ الْعَدِوِّ أَنْ يُقَاتِلَهُ ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ ، فَإِنَّهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ جَبَلِ ذَهَبٍ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» [المعجم الكبير رقم 7800 ، وقال الألباني "صحيح لغيره ] .
آثار
1- قال أبو بكر- رضي اللّه عنه- يوصي يزيد بن أبي سفيان وقد أمّره على جيش بعثه إلى الشّام:«إنّي موصيك بعشر خلال: لا تقتلوا امرأة، ولا صبيّا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعوا شجرا مثمرا، ولا تخرّبنّ عامرا، ولا تعقرنّ شاة ولا بعيرا إلّا لمأكلة، ولا تغرقنّ نخلا، ولا تحرقنّه، ولا تغلل، ولا تجبن.[ ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء (120) طبع دار صادر، وعزاه للبيهقي وغيره عن أبي عمران الجوني ] .
2- قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-:كرم المؤمن تقواه، ودينه حسبه، ومروءته خلقه، والجرأة والجبن غرائز يضعها اللّه حيث شاء، فالجبان يفرّ عن أبيه وأمّه، والجريء يقاتل عمّا لا يؤوب به إلى رحله، والقتل حتف من الحتوف ، والشّهيد من احتسب نفسه على اللّه. [الموطأ (2/ 463) ] .
3- قال أبو الزّناد- رحمه اللّه تعالى-:لمّا حضرت خالد بن الوليد الوفاة بكى، ثمّ قال: لقد حضرت كذا وكذا زحفا وما في جسدي شبر إلّا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء. [البداية والنهاية (7/ 117) ] .
أشعار
1- قال عمرو بن أمامة:
لقد حسوت الموت قبل ذوقه *** إنّ الجبان حتفه من فوقه
كلّ امرىء مقاتل عن طوقه *** والثّور يحمي أنفه بروقه
[مجمع الأمثال لأبي الفضل أحمد بن محمد النيسابوري الميداني (1/ 39) ] .
متفرقات
1- قال مورقٌ العجلي: المتمسكُ بطاعةِ اللهِ إذا جبنَ الناسُ عنها كالكارِّ بعد الفارِّ.[ المورد العذب المعين من آثار أعلام التابعين محمد خلف سلامة (1/226) ] .
2- قال الأبشيهيّ- رحمه اللّه تعالى-: الجبن خلق مذموم قد استعاذ منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ونحن نعوذ باللّه ممّا استعاذ منه سيّد الخلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويكفي في ذمّه أن يقال في وصف الجبان: إن أحسّ بعصفور طار فؤاده، وإن طنّت بعوضة طال سهاده، يفزع من صرير الباب، ويقلق من طنين الذّباب. إن نظرت إليه شزرا أغمي عليه شهرا، يحسب خفوق الرّياح قعقعة الرّماح. [ نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (9/4321) ] .
3- قال ابن تيمية- رحمه اللّه تعالى.: «إنّ الجميع يتمادحون بالشّجاعة والكرم حتّى إنّ ذلك عامّة ما يمدح به الشّعراء ممدوحيهم في شعرهم، وكذلك يتذامّون بالبخل والجبن.[باختصار من الاستقامة (2/ 263) ] .
من مضار (الجبن)
(1) الذّلّ في الدّنيا، والخزي في الآخرة.
(2) الجبان لا يسود ولا يكون إماما.
(3) من أسوأ الخلال وشرّ الخصال.
(4) لا يؤخّر أجلا ولا يقرّب نفعا.
(5) الجبان مبغض حتّى إلى أقربائه.
(6) يؤدّي إلى احتلال الأوطان، وهتك الأعراض.
(7) وجود الجبناء في المعركة يفتّ في عضد الجيش الكبير.