۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 [۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الأنوار

عضو نشيط  عضو نشيط
الأنوار


الجنس : ذكر
العمر : 30
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 12/03/2012
عدد المساهمات : 53

[۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]  Empty
مُساهمةموضوع: [۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]    [۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]  Icon_minitimeالسبت 17 مارس 2012, 3:12 pm



[۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]


أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالتعاون على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان حيث قال سبحانه وتعالى في سورة المائدة: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[المائدة : 2].
فجدير بكل مسلم وكل مسلمة في أنحاء الدنيا أن يحفظوا هذا العمل وأن يعنوا به كثيرا؛ لأن ذلك يترتب عليه بتوفيق الله صلاح المجتمع، وتعاونه على الخير، وابتعاده عن الشر، وإحساسه بالمسئولية، ووقوفه عند الحد الذي ينبغي أن يقف عنده، وقد جاء في هذا المعنى نصوص كثيرة منها قوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} فهذه السورة العظيمة القصيرة اشتملت على معان عظيمة من جملتها التواصي بالحق وهو التعاون على البر والتقوى - والرابحون السعداء في كل زمان وفي كل مكان هم الذين حققوا هذه الصفات الأربع التي دلت عليها هذه السورة، وهم الناجون من جميع أنواع الخسران.
فينبغي لكل مسلم أن يحققها وأن يلزمها وأن يدعو إليها وهي الإيمان بالله ورسوله إيمانا صادقا يتضمن الإخلاص لله في العبادة وتصديق أخباره سبحانه، ويتضمن الشهادة له بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وتصديق أخباره عليه الصلاة والسلام، كما يتضمن العمل الصالح، فإن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية عند أهل السنة والجماعة؛ فالإيمان الصادق يتضمن قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، وعمل القلب بمحبة الله والإخلاص له وخوفه ورجاءه والشوق إليه ومحبة الخير للمسلمين مثل دعائهم إليه، كما يتضمن العمل الصالح بالجوارح وهو قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي كما تقدم.
ثم يتضمن أمرا ثالثا وهو التواصي بالحق وهو داخل في العمل الصالح وداخل في الإيمان، ولكن نبه الله عليه فأفرده بالذكر بيانا لعظم شأنه، فإن التواصي له شأن عظيم وهو التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله وإرشاد العباد إلى ما ينفعهم ونهيهم عما يضرهم، وكذا يدخل في الإيمان أيضا الأمر الرابع وهو التواصي بالصبر. فاشتملت هذه السورة العظيمة على جميع أنواع الخير وأصوله وأسباب السعادة. فالتعاون على البر والتقوى معناه التعاون على تحقيق الإيمان قولا وعملا وعقيدة، فالبر والتقوى عند اقترانهما يدلان على أداء الفرائض وترك المحارم، فالبر هو أداء الفرائض واكتساب الخير والمسارعة إليه وتحقيقه، والتقوى ترك المحارم ونبذ الشر، وعند إفراد أحدهما عن الآخر يشمل الدين كله. فالبر عند الإطلاق هو الدين كله، والتقوى عند الإطلاق هي الدين كله كما قال عز وجل: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[البقرة :177]، وقال تعالى في آيه أخرى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}[البقرة :189] والتعاون على البر والتقوى هو تعاون على تحقيق ما أمر الله به ورسوله قولا وعملا وعقيدة، وعلى ترك ما حرم الله ورسوله قولا وعملا وعقيدة، وكل إنسان محتاج إلى هذا التعاون أيما كان ذكرا كان أو أنثى، حيث تحصل له السعادة العاجلة والآجلة بهذا التعاون والنجاة في الدنيا والآخرة والسلامة من جميع أنواع الهلاك والفساد، وعلى حسب صدق العبد في ذلك وإخلاصه يكون حظه من هذا الربح، وعلى حسب تساهله في ذلك يكون نصيبه من الخسران، فالكل بالكل والحصة بالحصة، فمن لم يقم بهذه الأمور الأربعة علما وعملا فاته الخير كله ونزل به الخسران كله، ومن فاته شيء من ذلك ناله من الخسران بقدر ما فاته من تحقيق هذه الأمور الأربعة. ولا ريب أن أهل العلم أولى الناس بتحقيق هذه الأمور وذلك بالتعاون على البر والتقوى عن إيمان وصدق وإخلاص وصبر ومصابرة؛ لأن العامة قد لا يستطيعون ذلك لعدم فقههم وعلمهم، ولا يستطيعون إلا الشيء اليسير من ذلك على حسب علمهم، ولكن أهل العلم لهم القدرة. على ذلك أكثر من غيرهم وكلما زاد العلم بالله وبرسوله وبدينه زاد الواجب وزادت المسئولية وفي هذا المعنى يقول عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة :71] الآية، فكون بعضهم أولياء بعض يقتضي التناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه والحذر من كل ما يخالف هذه الولاية ويضعفها. فالمؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله، والمؤمنة كذلك ولية أختها في الله وولية أخيها في الله، وهذا واجب على الجميع، وعلى كل منهم أن يدل أخاه على الخير وينصح له ويحذره من كل شر، وبذلك تتحقق الولاية منك لأخيك بالتعاون معه على البر والتقوى، والنصيحة له في كل شيء تعلم أنه من الخير، وتكره له كل شيء تعلم أنه من الشر وتعينه على الخير وعلى ترك الشر، وتفرح بحصوله على الخير، ويحزنك أن يقع في الشر لأنه أخوك، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه)) متفق عليه، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) متفق عليه. فهذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها أصول عظيمة في وجوب محبتك لأخيك كل خير وكراهتك له كل شر ونصيحتك له أينما كان وأنه وليك وأنت وليه كما قال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة :71]، وفي هذا المعنى أيضا ما رواه مسلم في صحيحه من حديث تميم الداري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الدين النصيحة)) قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) وفي هذا الحديث العظيم إخبار النبي عليه الصلاة والسلام أن الدين كله النصيحة، والنصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه. فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه. ومن ذلك قول العرب: ذهب ناصح يعني سليما من الغش ويقال عسل ناصح أي سليم من الغش والشمع.


الفرق بين البر والتقوى، والإثم والعدوان:

قيل البر والتقوى لفظان بمعنى واحد، وكل برّ تقوى، وكل تقوى بر.

وقيل: البر يتناول الواجب والمندوب إليه، والتقوى رعاية الواجب، وَلِذَلِكَ نَدَبَ اللَّهُ - تعالى - إلَى التَّعَاوُنِ بِهِ وَقَرَنَهُ بِالتَّقْوَى لَهُ فَقَالَ: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى لِأَنَّ فِي التَّقْوَى رِضَى اللَّهِ - تعالى -، وَفِي الْبِرِّ رِضَى النَّاسِ.

وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ رِضَى اللَّهِ - تعالى - وَرِضَى النَّاسِ فَقَدْ تَمَّتْ سَعَادَتُهُ وَعَمَّتْ نِعْمَتُهُ.

و«البرّ هو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله، وحقوق الآدميين، والتقوى في هذه الآية: اسم جامع، لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة.

وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - مفرقا بينهما: «وأما عند اقتران أحدهما بالآخر كقوله - تعالى -: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فالفرق بينهما فرق بين السبب المقصود لغيره والغاية المقصودة لنفسها، فإن البرّ مطلوب لذاته، إذ هو كمال العبد وصلاحه الذي لا صلاح له بدونه كما تقدم.

وأما التقوى فهي الطريق الموصل إلى البر والوسيلة إليه» [الرسالة التبوكية ص8].

أما الفرق بين الإثم والعدوان فقد قال شيخ المفسرين الإمام الطبري - رحمه الله - : «الإثم: ترك ما أمر الله بفعله، والعدوان: مجاوزة ما حد الله في دينكم، ومجاوزة ما فرض عليكم في أنفسكم وفي غيركم» [تفسير الطبري 9/ 490].

وقال العلامة السعدي - رحمه الله -: «وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها، ويحرج. وَالْعُدْوَانِ وهو التعدي على الخَلْق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه».

ومن القواعد المؤكّدة في التعاون: أن المعاونة على البرّ: برّ.

قال الإمام البيهق- يرحمه الله -: «باب في التعاون على البر والتقوى قال الله - عز وجل –: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ومعنى هذا الباب أن المعاونة على البر بر لأنه إذا عدمت مع وجود الحاجة إليه لم يوجد البر وإذا وجدت وجد البر فبان بأنها في نفسها بر ثم رجح هذا البر على البر الذي ينفرد به الواحد بما فيه من حصول بر كثير مع موافقة أهل الدين والتشبه بما بني عليه أكثر الطاعات من الاشتراك فيها وأدائها بالجماعة» [شعب الإيمان 6 / 110].



التعاون بين البشر من فطرة الله التي فطر الناس عليها:

قال ابن مسكويه - رحمه الله - في «تهذيب الأخلاق» «المقالة الخامسة (التعاون والاتحاد) قد سبق القول في حاجة بعض الناس إلى بعض وتبين أن كل واحد منهم يجد تمامه عند صاحبه وأن الضرورة داعية إلى استعانة بعضهم ببعض لأن الناس مطبوعون على النقصانات ومضطرون إلى تماماتها ولا سبيل فالحاجة صادقة والضرورة داعية إلى حال تجمع وتؤلف بين أشتات الأشخاص ليصيروا بالاتفاق والإئتلاف كالشخص الواحد الذي تجتمع أعضاؤه كلها على الفعل الواحد النافع له».

(وَإِنْ كَانَ النَّاسُ لُحْمَةً لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ التَّعَاوُنِ وَلَا يَسْتَقِلُّونَ عَنْ الْمُسَاعِدِ وَالْمُظَافِرِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ تَعَاوُنُ ائْتِلَافٍ يَتَكَافَئُونَ فِيهِ وَلَا يَتَفَاضَلُونَ وَرُبَّمَا كَانَ الْمُسْتَعِينُ فِيهِ مُفَضَّلًا، وَالْمُعِينُ مُسْتَفْضِلًا كَاسْتِعَانَةِ السُّلْطَانِ بِجُنْدِهِ وَالْمُزَارِعِ بِأَكَرَتِهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا بُدٌّ وَلَا لِأَحَدٍ عَنْهُ غِنًى، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَصَوَّنُ عَنْهُ الْكِرَامُ تَعَاوُنُ التَّفْضِيلِ فَيَنْقَبِضُونَ عَنْ أَنْ يَسْتَعِينُوا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ يَدٌ، وَيُسَارِعُونَ أَنْ يُعِينُوا لَأَنْ يَكُونَ لَهُمْ يَدٌ).



الأسباب الدافعة لدى المسلم للتعاون على البرّ والتقوى والمشاركة في الخير عدّة، ومنها:

1ـ تحصيل ثواب امتثال الأمر الوارد في قوله - تعالى -: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

2ـ زيادة الأجر والمضاعفة: قال ابن القيم - رحمه الله -: «فإن العبد بإيمانه وطاعته لله ورسوله قد سعى في انتفاعه بعمل إخوانه المؤمنين مع عمله كما ينتفع بعملهم في الحياة مع عمله، فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها كالصلاة في جماعة؛ فإن كل واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبعة وعشرين ضعفا لمشاركة غيره له في الصلاة، فعمل غيره كان سببا لزيادة أجره كما أن عمله سبب لزيادة أجر الآخر بل قد قيل إن الصلاة يضاعف ثوابها بعدد المصلين، وكذلك اشتراكهم في الجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» [متفق عليه].

ومعلوم أن هذا بأمور الدين أولى منه بأمور الدنيا فدخول المسلم مع جملة المسلمين في عقد الإسلام من أعظم الأسباب في وصول نفع كل من المسلمين إلى صاحبه في حياته وبعد مماته، ودعوة المسلمين تحيط من ورائهم، وقد أخبر الله - سبحانه - عن حملة العرش ومن حوله أنهم يستغفرون للمؤمنين ويدعون لهم وأخبر عن دعاء رسله واستغفارهم للمؤمنين كنوح وإبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - » [الروح لابن القيم 1 / 128]

4ـ الحاجة: فإنّ كثيرا من الأمور الدنيوية والشرعية لا يُمكن تحقيقها فرديا، ولهذا قيل: لا يعجز القوم إذا تعاونوا.

5ـ إتقان العمل وسهولة القيام به يكون أبلغ مع التعاون وذلك أن الاشتراك في العمل مع آخرين يجعله أخفّ مشقّة وأسهل لتوزّع الحمل على الجميع.

والتعاون المأمور به في الآية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : «تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى: مِنْ الْجِهَادِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِعْطَـاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ؛ فَهَــذَا مِمَّــا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ» [الفتاوى 6 / 376]

وقال - رحمه الله - : «التَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، بِحَيْثُ تَجْمَعُهُمَا طَاعَةُ اللَّهِ، وَتُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مَعْصِيَةُ اللَّهِ، كَمَا يَقُولُونَ: تَجْمَعُنَا السُّنَّةُ، وَتُفَرِّقُنَا الْبِدْعَةُ» [الفتاوى 9 / 211]

وقال الإمام القرطبي - رحمه الله - : «والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه، فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه فيعلمهم، ويعينهم الغني بماله، والشجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» [صحيح الجامع 6666] ويجب الإعراض عن المتعدي، وترك النصرة له ورده عما هو عليه».

والتعاون المنهي عنه في الآية: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «تَعَاوُنٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ كَالْإِعَانَةِ عَلَى دَمٍ مَعْصُومٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ مَعْصُومٍ أَوْ ضَرْبِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» [الفتاوى 6 / 376].

وليُعلم أن المعاونة تكون بالجاه والبدن والنفس والمال والقول والرأي.



أولاً: التعاون في الدعوة ونصرة الدين:

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: «حرضّ الله - تعالى - عباده المؤمنين على نصرة دينه وأوليائه، ونصرة نبيه ومؤازرته ومعاونته على إقامة الدين ونشر الدعوة بشتى الوسائل المشروعة، فقال - عز وجل -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ [الصف: 14]. أي يساعدني في الدعوة إلى الله» [البداية والنهاية].



ثانيا: التعاون على إقامة العبادات:

قال الإمام أحمد- رحمه الله - في رسالة «الصلاة»: «فانظروا رحمكم الله واعقلوا وأحكموا الصلاة واتقوا الله فيها وتعاونوا عليها وتناصحوا فيها بالتعليم من بعضكم لبعض والتذكير من بعضكم لبعض من الغفلة والنسيان فإن الله - عز وجل - قد أمركم أن تعاونوا على البر والتقوى والصلاة أفضل البر» [طبقات الحنابلة 1 / 354].



ثالثا: التعاون على بناء المساجد وعمارتها:

أورد الإمام البخاري في «صحيحه» بابا في (التعاون في بناء المساجد)، قال الله - تعالى -: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ [التوبة 17: 18]، وساق فيه أحاديث تبين بوضوح مدى التعاون بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - في بناء المسجد النبوي فعن أَبِي سَعِيدٍ في ذِكْر بِنَاءِ الْمَسْجِدِ قَالَ «كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ يَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ». [البخاري 428].



رابعا: التعاون في طلب العلم:

وهذا باب من التعاون يكفي في معرفته مطالعة كتب السير الغاصّة بالآثار التي بلغت من التعاون أوجه، فهذا عمر - رضي الله عنه - يقول: «كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ..الحديث» [البخاري 4792].

«وَكَانَ عُمَر - رضي الله عنه - مُؤَاخِيًا أَوْس بْن خَوْلِيّ - رضي الله عنه - لا يَسْمَع شَيْئًا إِلا حَدَّثَهُ وَلا يَسْمَع عُمَر - رضي الله عنه - شَيْئًا إِلا حَدَّثَهُ، وقَوْله (جِئْته بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَر ذَلِكَ الْيَوْم مِنْ الْوَحْي أَوْ غَيْره) أَيْ مِنْ الْحَوَادِث الْكَائِنَة عِنْد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وفِي رِوَايَة «إِذَا غَابَ وَشَهِدْت أَتَيْته بِمَا يَكُون مِنْ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - » وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيِّ «يَحْضُر رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إِذَا غِبْت وَأَحْضُرهُ إِذَا غَابَ وَيُخْبِرنِي وَأُخْبِرهُ». وَفِي رِوَايَة «لا يَسْمَع شَيْئًا إِلا حَدَّثَهُ بِهِ وَلَا يَسْمَع عُمَر - رضي الله عنه - شَيْئًا إِلا حَدَّثَهُ بِهِ» [فتح الباري 14 / 482].

وقد تعرض لطالب العلم ضائقة خلال طلبه فيهبّ إخوانه لمعاونته: قال عمر بن حفص الأشقر - رحمه الله - «كنا مع محمد بن إسماعيل - رحمه الله - (وهو الإمام البخاري) بالبصرة نكتب الحديث ففقدناه أياما فطلبناه فوجدناه في بيت وهو عريان وقد نَفِدَ ما عنده ولم يبق معه شيء، فاجتمعنا وجمعنا له الدراهم حتى اشترينا له ثوبا وكسوناه ثم اندفع معنا في كتابة الحديث» [تاريخ بغداد 1 / 197].



خامسا: التعاون في الدعوة إلى الله - تعالى -:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِالْجَمَاعَةِ والائتلاف وَنَهَيَا عَنْ التَّفْرِقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَأَمَرَا بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَنَهَيَا عَنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ). [متفق عليه].

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) َشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمْهُ وَلَا يَخْذُلْهُ) [رواه مسلم 4650].

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ؛ فَذَلِكَ نَصْرُك إيَّاهُ) [البخاري 6438].

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ؛ وَيَعُودُهُ إذَا مَرِضَ وَيُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ؛ وَيُجِيبُهُ إذَا دَعَاهُ. وَيُشَيِّعُهُ إذَا مَاتَ)[مسلم 4022].

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) [البخاري ح12].

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا فِيهَا أَمْرُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) [متفق عليه].

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا؛ وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ) [مسلم ح3236].

وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ. وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ) [جامع الترمدي 2509]. فَهَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهَا». [مجموع الفتاوى 2 / 466]



آيات


1- قَالَ الله تَعَالَى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة:177)
2- قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [النساء:36].
3- قالَ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَام) [النساء:1].
4- قالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) [الرعد:21].
5- قالَ تَعَالَى: (وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت:8].
6- قالَ تَعَالَى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23-24].
7- قالَ تَعَالَى: (وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك) [لقمان:14].


أحاديث


1- وعن أَبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى؟ قَالَ: (الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا)، قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: (بِرُّ الوَالِدَيْنِ)، قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: (الجِهَادُ في سبيلِ الله) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
2- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِداً إلاَّ أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكاً، فَيَشْتَرِيهُ فَيُعْتِقَهُ) رواه مسلم.
3- وعنه أيضاً رضي الله عنه: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
4- وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مُقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعةِ، قَالَ: نَعَمْ، أمَا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (اقْرَؤُوا إنْ شِئْتمْ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد:22-23] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية للبخاري: فَقَالَ الله تَعَالَى: (مَنْ وَصَلَكِ، وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ، قَطَعْتُهُ).
5- وعنه رضي الله عنه، قَالَ: جاء رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَنْ أحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: (أُمُّكَ) قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (أُمُّكَ)، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (أبُوكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: يَا رَسُول الله، مَنْ أَحَقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: (أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ أدْنَاكَ أدْنَاكَ).
(وَالصَّحَابَةُ) بمعنى: الصحبةِ. وقوله: (ثُمَّ أباك) هكذا هُوَ منصوب بفعلٍ محذوفٍ، أي: ثُمَّ بُرَّ أبَاكَ. وفي رواية: (ثُمَّ أبوك)، وهذا واضح.
6- وعنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (رغِم أنفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ مَنْ أدْرَكَ أبَويهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أَحَدهُما أَوْ كِليهمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ) رواه مسلم.
7- وعنه رضي الله عنه: أن رجلاً قَالَ: يَا رَسُول الله، إنّ لِي قَرابةً أصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلَمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: (لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذلِكَ) رواه مسلم.
(وَتُسِفُّهُمْ) بضم التاء وكسرِ السين المهملة وتشديد الفاءِ، (وَالمَلُّ) بفتح الميم، وتشديد اللام وَهُوَ الرَّمادُ الحَارُّ: أيْ كَأنَّمَا تُطْعِمُهُمُ الرَّمَادَ الحَارَّ، وَهُوَ تَشبِيهٌ لِمَا يَلْحَقَهُمْ من الإثم بما يلحَقُ آكِلَ الرَّمَادِ الحَارِّ مِنَ الأَلمِ، وَلاَ شَيءَ عَلَى هَذَا المُحْسِنِ إلَيهمْ، لكِنْ يَنَالُهُمْ إثمٌ عَظيمٌ بتَقْصيرِهم في حَقِّهِ، وَإدْخَالِهِمُ الأَذَى عَلَيهِ، وَاللهُ أعلم.
8- وعن أنسٍ رضي الله عنه: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (من أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، ويُنْسأَ لَهُ في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
ومعنى (ينسأ لَهُ في أثرِهِ)، أي: يؤخر لَهُ في أجلِهِ وعمرِهِ.
9- وعنه، قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أكْثَرَ الأنْصَارِ بالمَدينَةِ مَالاً مِنْ نَخل، وَكَانَ أحَبُّ أمْوَاله إِلَيْهِ بَيْرَحاء، وَكَانَتْ مسْتَقْبَلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّب، فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران:92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنَّ الله تبارك وتَعَالَى، يقول: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ تَعَالَى، أرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رَسُول الله، حَيْثُ أرَاكَ الله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (بَخ! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ! وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبينَ)، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُول الله، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ وبَنِي عَمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
10- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: أقبلَ رَجُلٌ إِلَى نَبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ وَالجِهَادِ أَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى. قَالَ: (فَهَلْ لَكَ مِنْ وَالِدَيْكَ أحَدٌ حَيٌّ ؟) قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلاهُمَا. قَالَ: (فَتَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى؟) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: (فارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ، فَأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لَفْظُ مسلِم.
وفي رواية لَهُمَا: جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأذَنَهُ في الجِهَادِ، فقَالَ: (أحَيٌّ وَالِداكَ ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَفيهِمَا فَجَاهِدْ).
11- وعنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِىء، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا) رواه البخاري.
وَ( قَطَعَتْ) بِفَتح القَاف وَالطَّاء. وَ( رَحِمُهُ) مرفُوعٌ.
12- وعن عائشة، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي، وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي، قَطَعَهُ اللهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
13- وعن أم المؤمنين ميمونة بنتِ الحارث رضي الله عنها: أنَّهَا أعْتَقَتْ وَليدَةً وَلَمْ تَستَأذِنِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أشَعَرْتَ يَا رَسُول الله، أنِّي أعتَقْتُ وَليدَتِي؟ قَالَ: (أَوَ فَعَلْتِ ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أما إنَّكِ لَوْ أعْطَيْتِهَا أخْوَالَكِ كَانَ أعْظَمَ لأجْرِكِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
14- وعن أسماءَ بنتِ أَبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشركةٌ في عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فاسْتَفْتَيْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أفَأصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: (نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وَقَولُهَا: (رَاغِبَةٌ) أيْ: طَامِعَةٌ عِنْدِي تَسْألُني شَيْئاً؛ قِيلَ: كَانَتْ أُمُّهَا مِن النَّسَبِ، وَقيل: مِن الرَّضَاعَةِ، وَالصحيحُ الأول.
15- وعن زينب الثقفيةِ امرأةِ عبدِ الله بن مسعود رضي الله عَنْهُ وعنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ )، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى عبد الله بنِ مسعود، فقلتُ لَهُ: إنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ اليَدِ، وَإنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ فَأْتِهِ، فَاسألهُ، فإنْ كَانَ ذلِكَ يْجُزِىءُ عَنِّي وَإلاَّ صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ. فَقَالَ عبدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أنتِ، فانْطَلَقتُ، فَإذا امْرأةٌ مِنَ الأنْصارِ بِبَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حَاجَتي حَاجَتُها، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيهِ المَهَابَةُ، فَخَرجَ عَلَيْنَا بِلاَلٌ، فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأخْبرْهُ أنَّ امْرَأتَيْنِ بالبَابِ تَسألانِكَ: أُتُجْزِىءُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أزْواجِهمَا وَعَلَى أيْتَامٍ في حُجُورِهِما؟، وَلاَ تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ، فَدَخلَ بِلاَلٌ عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ هُمَا ؟) قَالَ: امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ وَزَيْنَبُ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ ؟)، قَالَ: امْرَأةُ عبدِ الله، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَهُمَا أجْرَانِ: أجْرُ القَرَابَةِ وَأجْرُ الصَّدَقَةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
16- وعن أَبي سفيان صخر بنِ حرب رضي الله عنه في حديثِهِ الطويل في قِصَّةِ هِرَقْلَ: أنَّ هرقْلَ قَالَ لأبي سُفْيَانَ: فَمَاذَا يَأمُرُكُمْ بِهِ؟ يَعْنِي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قُلْتُ: يقول: (اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً، واتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأمُرُنَا بِالصَّلاةِ، وَالصّدْقِ، والعَفَافِ، والصِّلَةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
17- وعن أَبي ذرّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ). وفي رواية: (سَتَفْتَحونَ مِصْرَ وَهِيَ أرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا القِيراطُ، فَاسْتَوْصُوا بأهْلِهَا خَيْراً؛ فَإنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً) وفي رواية: (فإذا افتتحتموها، فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذمة ورحماً)، أَوْ قَالَ: (ذِمَّةً وصِهْراً) رواه مسلم.
قَالَ العلماء: (الرَّحِمُ ): الَّتي لَهُمْ كَوْنُ هَاجَرَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ، (وَالصِّهْرُ ): كَوْن مَارية أمِّ إبْراهيمَ ابن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ.
18- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: لما نزلت هذِهِ الآية: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) [الشعراء: 214] دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قُرَيْشاً، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، وَقالَ: (يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، يا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤيٍّ، أنقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بن كَعْبٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَاف، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يَا بني عبد المطلب، انقذوا أنفسكم من النار، يَا فَاطِمَةُ، أنْقِذي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ. فَإنِّي لا أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيئاً، غَيْرَ أنَّ لَكُمْ رَحِماً سَأبُلُّهَا بِبِلالِهَا) رواه مسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: (بِبِلالِهَا) هُوَ بفتح الباء الثانيةِ وكسرِها، (وَالبِلاَلُ ): الماءُ. ومعنى الحديث: سَأصِلُهَا، شَبّه قَطِيعَتَهَا بالحَرارَةِ تُطْفَأُ بِالماءِ وهذِهِ تُبَرَّدُ بالصِّلَةِ.
19- وعن أَبي عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: سمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جِهَاراً غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ: (إنَّ آل بَني فُلاَن لَيْسُوا بِأولِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنينَ، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أبُلُّهَا بِبلاَلِهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، واللفظ للبخاري.
20- وعن أَبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه: أنَّ رجلاً قَالَ: يَا رَسُول الله، أخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُني مِنَ النَّارِ. فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَعْبُدُ الله، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحمَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
21- وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا أفْطَرَ أحَدُكُمْ، فَلْيُفْطرْ عَلَى تَمْرٍ؛ فَإنَّهُ بَرَكةٌ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ تَمْراً، فالمَاءُ؛ فَإنَّهُ طَهُورٌ)، وَقالَ: (الصَّدَقَةُ عَلَى المِسكينِ صَدَقةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن).
22- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأةٌ، وَكُنْتُ أحِبُّهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا، فَقَالَ لي: طَلِّقْهَا، فَأبَيْتُ، فَأتَى عُمَرُ رضي الله عنه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: (طَلِّقْهَا) رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: (حديث حسن صحيح).
23- وعن أَبي الدرداءِ رضي الله عنه: أن رجلاً أتاه، قَالَ: إنّ لي امرأةً وإنّ أُمِّي تَأمُرُنِي بِطَلاقِهَا؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (الوَالِدُ أوْسَطُ أبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإنْ شِئْتَ، فَأضِعْ ذلِكَ البَابَ، أَو احْفَظْهُ) رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن صحيح).
24- وعن البراءِ بن عازب رضي اللهُ عنهما، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الخَالةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ) رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن صحيح).
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة؛ مِنْهَا حديث أصحاب الغار، وحديث جُرَيْجٍ وقد سبقا، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختِصَاراً، وَمِنْ أهَمِّهَا حديث عَمْرو بن عَبسَة رضي الله عنه الطَّويلُ المُشْتَمِلُ عَلَى جُمَلٍ كَثيرةٍ مِنْ قَواعِدِ الإسْلامِ وآدابِهِ، وَسَأذْكُرُهُ بتَمَامِهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى في باب الرَّجَاءِ، قَالَ فِيهِ :
دَخَلْتُ عَلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بمَكَّةَ - يَعْني: في أوَّلِ النُّبُوَّةِ - فقلتُ لَهُ: مَا أنْتَ؟ قَالَ: (نَبيٌّ)، فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: (أرْسَلنِي اللهُ تَعَالَى)، فقلت: بأيِّ شَيءٍ أرْسَلَكَ؟ قَالَ: (أرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرْحَامِ وَكَسْرِ الأَوثَانِ، وَأنْ يُوَحَّدَ اللهُ لاَ يُشْرَكَ بِهِ شَيء...) وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيث.
25- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إنّ أبَرَّ البرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ أبيهِ).
26- وعن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلاً مِنَ الأعْرَابِ لَقِيَهُ بطَريق مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ عبدُ الله بْنُ عُمَرَ، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأسِهِ، قَالَ ابنُ دِينَار: فَقُلْنَا لَهُ: أصْلَحَكَ الله، إنَّهُمُ الأعرَابُ وَهُمْ يَرْضَوْنَ باليَسير، فَقَالَ عبد الله بن عمر: إن أَبَا هَذَا كَانَ وُدّاً لِعُمَرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، وإنِّي سَمِعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنَّ أبرَّ البِرِّ صِلَةُ الرَّجُلِ أهْلَ وُدِّ أبِيهِ).
وفي رواية عن ابن دينار، عن ابن عمر: أنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيهِ إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلةِ، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأسَهُ، فَبيْنَا هُوَ يَوماً عَلَى ذلِكَ الحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أعْرابيٌّ، فَقَالَ: ألَسْتَ فُلاَنَ بْنَ فُلاَن؟ قَالَ: بَلَى. فَأعْطَاهُ الحِمَارَ، فَقَالَ: ارْكَبْ هَذَا، وَأعْطَاهُ العِمَامَةَ وَقالَ: اشْدُدْ بِهَا رَأسَكَ، فَقَالَ لَهُ بعضُ أصْحَابِهِ: غَفَرَ الله لَكَ أعْطَيْتَ هَذَا الأعْرَابيَّ حِمَاراً كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيهِ، وعِمَامةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأسَكَ؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: (إنَّ مِنْ أبَرِّ البِرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلَ وُدِّ أبيهِ بَعْدَ أنْ يُولِّيَ) وَإنَّ أبَاهُ كَانَ صَديقاً لعُمَرَ رضي الله عنه.
رَوَى هذِهِ الرواياتِ كُلَّهَا مسلم.
27- وعن أَبي أُسَيد - بضم الهمزة وفتح السين - مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذ جَاءهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، هَلْ بَقِيَ مِنْ برِّ أَبَوَيَّ شَيء أبرُّهُما بِهِ بَعْدَ مَوتِهمَا؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا، والاسْتغْفَارُ لَهُمَا، وَإنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِما، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتي لا تُوصَلُ إلاَّ بِهِمَا، وَإكرامُ صَدِيقهمَا) رواه أَبُو داود.
28- وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَة رضي الله عنها، وَمَا رَأيْتُهَا قَطُّ، وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يقَطِّعُهَا أعْضَاء، ثُمَّ يَبْعثُهَا في صَدَائِقِ خَديجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأنْ لَمْ يَكُنْ في الدُّنْيَا إلاَّ خَديجَةَ! فَيَقُولُ: (إنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لي مِنْهَا وَلَدٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: وإنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاءَ، فَيُهْدِي في خَلاَئِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ.
وفي رواية:كَانَ إِذَا ذبح الشاة، يقولُ: (أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أصْدِقَاءِ خَديجَةَ).
وفي رواية: قَالَت: اسْتَأذَنتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَعرَفَ اسْتِئذَانَ خَديجَةَ، فَارتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ هَالةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ).
قولُهَا: (فَارتَاحَ) هُوَ بالحاء، وفي الجمعِ بَيْنَ الصحيحين للحُميدِي: (فارتاع) بالعينِ ومعناه: اهتم بهِ.
29- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: خرجت مَعَ جرير بن عبد الله البَجَليّ رضي الله عنه في سَفَرٍ، فَكَانَ يَخْدُمُني، فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَفْعَل، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأيْتُ الأنْصَارَ تَصْنَعُ برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً آلَيْتُ عَلَى نَفسِي أنْ لا أصْحَبَ أحَداً مِنْهُمْ إلاَّ خَدَمْتُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.


آثار


1- عن مالك بن دينار قال: " إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور والله تعالى يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله " الزهد للإمام أحمد.
2- قال معاوية بن إسحاق عن عروة بن الزبير رحمهم الله ورضي عنهم أنه قال: " ما برَّ والده من شدَّ الطرف إليه " سير أعلام النبلاء.
3- قال الحسن البصري - رحمه الله - لرجل: " تعشَّ العشاء مع أمك تقرُّ به عينُها أحبُّ إليّ من حجة تطوُّعاً " بر الوالدين لابن الجوزي.
4- قال مكحول : " بر الوالدين كفارة للكبائر " بهجة المجالس.
5- قال العلماء: " من أبواب الجنة باب الوالد ". أي الوالدين
6- قال الإمام ابن الأثير: " صلة الرحم هي: الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار " النهاية لابن الأثير.


قصص


1- جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه فقال: إن لي أماً بلغ بها الكبر، وإنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها، وأوضئها، وأصرف وجهي عنها؛ فهل أديت حقها؟ قال: لا، قال: أليس قد حملتها على ظهري، وحبست نفسي عليها؟ فقال عمر رضي الله عنه: إنها كانت تصنع ذلك بك، وهي تتمنى بقاءك، وأنت تتمنى فراقها.
2- جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنه فقال: " حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها مناسك الحج أتراني جزيتها، قال: لا، ولا طلقة من طلقاتها ".
3- هذا ابن عمر رضي الله عنهما لقيه رجل من الأعراب بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله بن عمر، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه.
قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب، وهم يرضون باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان وُداً لعمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أبرَّ البر صلةُ الولدِ أهلَ ودِّ أبيه ".
4- عن أُسير بن عمرو ويقال ابن جابر قال: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس -رضي الله عنه-، فقال له: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال نعم، قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن؛ من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "، فاستغفِرْ لي، فاستغفَرَ له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحبَّ إليَّ، فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر، فسأله عن أويس، فقا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأنوار

عضو نشيط  عضو نشيط
الأنوار


الجنس : ذكر
العمر : 30
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 12/03/2012
عدد المساهمات : 53

[۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]  Empty
مُساهمةموضوع: رد: [۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]    [۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]  Icon_minitimeالسبت 17 مارس 2012, 3:14 pm




قصص


1- جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه فقال: إن لي أماً بلغ بها الكبر، وإنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها، وأوضئها، وأصرف وجهي عنها؛ فهل أديت حقها؟ قال: لا، قال: أليس قد حملتها على ظهري، وحبست نفسي عليها؟ فقال عمر رضي الله عنه: إنها كانت تصنع ذلك بك، وهي تتمنى بقاءك، وأنت تتمنى فراقها.
2- جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنه فقال: " حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها مناسك الحج أتراني جزيتها، قال: لا، ولا طلقة من طلقاتها ".
3- هذا ابن عمر رضي الله عنهما لقيه رجل من الأعراب بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله بن عمر، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه.
قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب، وهم يرضون باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان وُداً لعمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أبرَّ البر صلةُ الولدِ أهلَ ودِّ أبيه ".
4- عن أُسير بن عمرو ويقال ابن جابر قال: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس -رضي الله عنه-، فقال له: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال نعم، قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن؛ من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "، فاستغفِرْ لي، فاستغفَرَ له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحبَّ إليَّ، فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر، فسأله عن أويس، فقال: تركتُه رثَّ البيت قليلَ المتاع، قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن؛ من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فأتى أويساً، فقال: استغفر لي، قال: أنت أحدث عهداً بسفر صالح فاستغفر لي؟ قال لي: لقيت عمر؟ قال: نعم فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه. رواه مسلم.
5- عن أبي مُرَّة مولى أم هانئ بنت أبي طالب: " أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ " العقيق " فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته
عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أماه، تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: " يا بني! وأنت فجزاك الله خيرًا ورضي عنك كما بررتني كبيرًا ".
6- هذا أبو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو المسمى بزين العابدين، وكان من سادات التابعين كان كثير البر بأمه، حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولا نراك تؤاكل أمك، فقال: أخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه، فأكون قد عققتها ".
7- جاء عن أبي حنيفة رحمه الله في بره بأمه حيث كانت تأمره أن يذهب بها إلى حلقة عمر بن ذر حتى تسأله عما أشكل عليها مع أن ابنها فقيه زمانه، ومع ذلك قال أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة: رأيت أبا حنيفة يحمل أمه على حمار إلى مجلس عمر بن ذر؛ كراهية أن يرد على أمه أمرها.
8- جاء عن محمد بن بشر الأسلمي أنه قال: لم يكن أحد بالكوفة أبر بأمه من منصور بن المعتمر وأبي حنيفة، وكان منصور بن المعتمر يفلي رأس أمه.
9- هذا حيوة بن شريح أحد الأئمة الأعلام فقد كان يقعد في حلقته يعلم الناس، فتقول له أمه: قم يا حيوة فألق الشعير للدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
10- ورد أن الحارث العلكي بكى في جنازة أمه، فقيل له: تبكي؟ قال: ولم لا أبكي وقد أغلق عني باب من أبواب الجنة.
11- عن أبي عبد الرحمن الحنفي قال: رأى كهمس بنُ الحسن عقرباً في البيت فأراد أن يقتلها، أو يأخذها، فسبقته، فدخلت في جحر، فأدخل يده في الجحر ليأخذها، فجعلت تضر به، فقيل له ما أردت إلى هذا؟
قال: خفت أن تخرج من الجحر، فتجيء إلى أمي، فتلدغَها.
12- قال هشام بن حسان: " حدثتني حفصة بنت سيرين، قالت: كانت والدة محمد بن سيرين حجازية، وكان يعجبها الصِّبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوباً اشترى ألين ما يجد، فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً، وما رأيته رافعاً صوته عليها، كان إذا كلمها كالمصغي ".
13- عن بعض آل سيرين قال: " ما رأيت محمد بن سيرين يكلِّم أمَّه قط إلا وهو يتضرع ".
14- عن ابن عون أن محمداً كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل ظن أن به مرضاً من خفض كلامه عندها.
15- عن ابن عـون قـال: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه فقال: ما شأن محمد؟ أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا؛ ولكن هكذا يكون عنـد أمه ".
16- روى جعفر بن سليمان عن محمد بن المنكدر: أنه كان يضع خدَّه على الأرض، ثم يقول لأمَّه: قومي ضعي قدمك على خدي ".
وعن ابن عون المزني: " أن أمه نادته، فأجابها، فعلا صوتُه صوتَها فأعتق رقبتين ".
17- قال محمد بن المنكدر: بات أخي عمر يصلي وبت أغمز رجل أمي، وما أحب أن ليلتي بليلته.
18- كان حجر بن الأدبر يلمس فراش أمه بيده ويتقلب بظهره عليه ليتأكد من لينه وراحته ثم يضجعها عليه.
19- هذا الإمام ابن عساكر محدث الشام فقد سئل عن سبب تأخر حضوره إلى بلاد أصبهان فقال: لم تأذن لي أمي.
20- قيل لعمر بن ذر: " كيف كان برُّ ابنك بك؟ قال: ما مشيت نهاراً قط إلا مشى خلفي، ولا ليلاً إلا مشـى أمـامي، ولا رقـى سطحاً وأنا تحته ".
21- حضر صالح العباسي مجلس المنصور، وكان يحدثه، ويكثر من قوله: " أبي رحمه الله " فقال له الربيع: لا تكثر الترحم على أبيك بحضرة أمير المؤمنين. فقال له: لا ألومك؛ فإنك لم تذق حلاوة الآباء.
فتبسم المنصور، وقال: هذا جزاء من تعرض لبني هاشم.
22- قال عبد الله بن جعفر بن خاقان المروزي: " سمعت بنداراً يقول: أردت الخروج ـ يعني الرحلة لطلب العلم ـ فمنعتني أمي، فأطعتها، فبورك لي فيه.
23- من البارين بوالديهم بُندار المحدث، قال عنه الذهبي: " جمع حديث البصرة، ولم يرحل، براً بأمه ".
24- قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت أطلب أعق الناس وأبر الناس، فكنت أطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبلٌ يستقي بدلو لا تطيقه الإبل، في الهاجرة والحر الشديد، وخلفه شابٌ في يده رشاءٌ ـ حبل ـ من قدٍّ ملويٍّ يَضْرِبُه بِهِ، وقد شقَّ ظهره بذلك الحبل. فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من مد هذا الحبل حتى تضربه؟
قال: إنه مع هذا أبي، قلت: فلا جزاك الله خيراً.
قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وكذا كان أبوه يصنع بجده، فقلت: هذا أعق الناس.
ثم جُلْتُ حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زبيل فيه شيخ كأنه فرخ، فكان يضعه بين يديه في كل ساعة فيزقه كما يُزَقُّ الفرخ، فقلت: ما هذا؟ قال: أبي وقد خرف، وأنا أكفله، قلت: هذا أبر العرب.
25- كان طلق بن حبيب من العباد والعلماء، وكان يقبل رأس أمه، وكان لا يمشي فوق ظهر بيت وهي تحته؛ إجلالاً لها.
26- قال عامر بن عبد الله بن الزبير: " مات أبي فما سألت الله حولاً كاملاً إلا العفو عنه ".
27- كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- بارًّا بأمه، فلما أسلم قالت له أمه: يا سعد، ما هذا الذي أراك؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتُعَير بي، فيقال: يا قاتل أمه. قال سعد: يا أمه، لا تفعلي، فإني لا أدع ديني هذا لشيء. ومكثت أم سعد يومًا وليلة لا تأكل ولا تشرب حتى اشتد بها الجوع، فقال لها سعد: تعلمين -والله- لو كان لك مائة نَفْس فخرجت نَفْسًا نَفْسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء، فإن شئتِ فكُلِي، وإن شئتِ فلا تأكلي.
فلما رأت إصراره على التمسك بالإسلام أكلت. ونزل يؤيده قول الله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا} [لقمان: 15].
28- أخرج البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه أتا رجل فقال: " إنى خطبت امرأة فأبت أن تنكحني وخطبها غيري فاحبت أن تنكحه فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة؟ قال: " أمك حية؟ " قال: لا، قال: " تب إلى الله وتقرب إليه ما استطعت "، فذهبت فسألت ابن عباس رضي الله عنهما لم سألت عن حياة أمه؟ فقال: " إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من بر الوالدة ".
29- عن أبي عبد الرحمن الحنفي قال: رأى كهمس بنُ الحسن عقرباً في البيت فأراد أن يقتلها، أو يأخذها، فسبقته، فدخلت في جحر، فأدخل يده في الجحر؛ ليأخذها، فجعلت تضربه، فقيل له: ما أردت إلى هذا؟
قال: خفت أن تخرج من الجحر، فتجيء إلى أمي، فتلدغها.
29- هذا أبو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو المسمى بزين العابدين، وكان من سادات التابعين – كان كثير البر بأمه، حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولا نراك تؤاكل أمك، فقال: أخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه؛ فأكون قد عققتها.
30- قال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين، قالت: كانت والدة محمد بن سيرين حجازية، وكان يعجبها الصِّبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوباً اشترى ألين ما يجد، فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً، وما رأيته رافعاً صوته عليها، كان إذا كلمهاكالمصغي.
وعن بعض آل سيرين قال: ما رأيت محمد بن سيرين يكلم أمه قط إلا وهو يتعرض.
31- عن ابن عون قال: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه فقال: ما شأن محمد؟ أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا؛ ولكن هكذا يكون عند أمه.
32- روى جعفر بن سليمان عن محمد بن المنكدر: أنه كان يضع خدّه على الأرض، ثم يقول لأمه: قومي ضعي قدمك على خدي.
33- حضر صالح العباسي مجلس المنصور، وكان يحدثه، ويكثر من قوله: أبي رحمه الله. فقال له الربيع: لا تكثر الترحم على أبيك بحضرة أمير المؤمنين، فقال له: لا ألومك؛ فإنك لمتذق حلاوة الآباء.
فتبسم المنصور، وقال: هذا جزاء من تعرض لبني هاشم.
34- قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت أطلب أعق الناس وأبر الناس، فكنتأطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجرة والحر الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء -حبل- من قدّ -سوط- ملويٍّ يضربه به، وقد شقّ ظهره بذلك الحبل، فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من مدّ هذا الحبل حتى تضربه؟
قال: إنه مع هذا أبي، قلت: فلا جزاك الله خيراً.
قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وكذا كان أبوه يصنع بجده، فقلت: هذا أعق الناس.
ثم جُلْتُ حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زبيل فيه شيخ؛ كأنه فرخ، فكان يضعه بين يديه في كل ساعة، فيزقُّه كما يُزَقُّ الفرخ، فقلت: ما هذا؟ قال: أبي وقد خرف، وأنا أكفله، قلت: هذا أبر العرب.
35- هذه قصة رجل يقص حادثة صارت له يقول: كنت موظفاً في إحدى?الشركات، فقدمت استقالتي فأعطوني حقوقي 3200دينار، يقول: استلمت المبلغ ولا أملك?غيره طوال حياتي.
فلما رجعت إلى البيت كان الوقت قبل حج عام 1424هـ?لما دخلت البيت أخبرت والدي بهذه المكافأة من العمل.
فقال لي?والدي ووالدتي: نريد أن تدفع هذا المبلغ لأجل أن نحج.
يقول: دفعت المبلغ?ووالله ما أملك غير هذا المبلغ.
فذهبت إلى مكاتب السفر?التي تهتم بأمر الحجاج في الأردن ودفعت المبلغ وودعت والدي ووالدتي.
وبعد?أسبوعين ولما رجعوا دخلت في عمل آخر، والعجيب أنه اتصل عليَّ مدير الشركة?السابقة.
وقال لي: لك مكافأة ولابد?أن تأتي تستلمها.
لاحظ الآن لا يملك شيئاً، وكل?المبلغ صرفه لوالديه في الحج.
يقول: ذهبت إليهم توقعته?مبلغاً يسيراً؛ لأني لم أتوقع أن لي مكافأة، ثم دخلت على?المدير وأعطاني الشيك وإذا فيه 3200 دينار.
36- هنالك طالب يدرس في ثالث ثانوي هذا الطالب بار بوالديه غاية البر وفي اخر السنة الدراسية أتت الاختبارات وفي أول يوم اختبار
الرياضيات والكل يعرف الرياضيات أنها أصعب مادة عند أكثر
الطلاب بالنسبة لهذا الطالب لم يذاكر المادة دخل الاختبار ولم
يكن يعرف أي شي فماذا فعل؟
قام بتعبئة الدفتر المخصص للمادة بالحل؛ ولكن ماهو الحل؟
هل كتب حلاً للمسائل؟ الجواب: لا، لم يكتب ولا حرف يخص المادة فماذا كتب؟ هذا الطالب كتب قصة أحد الصحابة مع أن الاختبار
رياضيات، وليس له علاقة بالصحابة وقصصهم.
عند تصحيح الأوراق كان المدرسين الذين يصححون الأوراق يجلسون على طاولة كبيرة فلما تناول المعلم دفتر الإجابة وهو لا يعلم من هو؛ لأن اسم الطالب مشمع عليه، وليس من صلاحية المدرس فتح الشمع فلما تناول الدفتر ليصححه قام بتناول كوب من الماء، فسقط الكوب على الدفتر، وأخفى كل ما هو مكتوب لم يرو غير الحبر الأزرق الذي يوحي بأن هذا الطالب قد بذل جهده وحل الأجوبة.
تكونت لجنة لفحص الأوراق وقام مدير اللجنة بإعطاء هذا الطالب الدرجة الكاملة! وهذا لبره بوالديه وفقه الله.
37- شخص يسير بسيارته سيراً عادياً, وتعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة، ترجّل من سيارته لإصـلاح العطل في أحد العجلات، وعندما وقف خلف السيارة لكي ينزل العجلة السليمة، جاءت سيارة مسرعة وارتطمت به من الخلف، سقط مصاباً إصابات بالغة.
يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق: حضرت أنا وزميلي وحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصال بالمستشفى لاستقباله شاب في مقتبل العمر، متديّن يبدو ذلك من مظهره، عندما حملناه سمعناه يهمهم، ولعجلتنا لم نميز ما يقول , ولكن عندما وضعناه في السيارة، وسرنا سمعنا صوتاً مميزاً إنه يقرأ القرآن وبصوتٍ ندي؛ سبحان الله لا تقول هذا مصاب، الدم قد غطى ثيابه، وتكسرت عظامه، بل هو على ما يبدو على مشارف الموت.
استمرّ يقرأ القرآن بصوتٍ جميل يرتل القرآن، لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة، أحسست أن رعشة سرت في جسدي وبين أضلعي. فجأة سكت ذلك الصوت، التفت إلى الخلف فإذا به رافعاً إصبع السبابة يتشهد، ثم انحنى رأسه. قفزت إلى الخلف، ولمست يده وقلبه، فإذا به فارق الحياة.
نظرت إليه طويلاً، وسقطت دمعة من عيني، فأخفيتها عن زميلي، التفت إليه وأخبرته أن الرجل قد مات، انطلق زميلي في بكاء، أما أنا فقد شهقت شهقة، وأصبحت دموعي لا تقف، أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثر.
وصلنا إلى المستشفى، فأخبرنا كل من قابلنا عن قصة الرجل، الكثيرون تأثروا من حادثة موته، وذرفت دموعهم، الجميع أصروا على عدم الذهاب حتى يعرفوا متى يُصلى عليه؛ ليتمكنوا من الصلاة عليه، اتصل أحد الموظفين في المستشفى بمنزل المتوفى، كان المتحدث أخوه، قال عنه: إنه يذهب كل اثنين لزيارة جدته الوحيدة قي القرية، وكان يتفقد الأرامل والأيتام والمساكين، وكانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتب والأشرطة الدينية، وكان يذهب وسيارته مملوءة بالأرز والسكر؛ لتوزيعها على المحتاجين، حتى حلوى الأطفال لا ينساها؛ ليفرحهم بها، وكان يرد على من يثنيه عن السفر، ويُذكَر له طول الطريق، فيقول: إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته وسماع الأشرطة والمحاضرات الدينية، وإنني أحتسب عند الله كل خطوة أخطوها.
من الغد غص المسجد بالمصلين.!


أشعار


واللهُ أَنْجَـحُ مَا طَـلَـبْـتَ بِـهِ *** وَالْبِـرُّ خَـيْـرُ حَقِيبـةِ الـرَّحْـلِ
[امرؤ القيس]

وَمَا الْبِـرُّ إِلا مُضْمَـرَاتٌ مِنَ التُّقَى *** وَمَا الْمَـالُ إِلا مُعْـمَـرَاتٌ وَدَائِـعُ
[لبيد بن ربيعة]

إِنَّ التُّقَى خَيْـرُ زَادٍ أَنْـتَ حَـامِلُهُ *** وَالْبِـرُّ أَفْضَـلْ شَـيءٍ نَالَـهُ بَشَـرُ
[سابق البربري]

وَالإِثْـمُ مِـنْ شَـرِّ مَا يُصَالُ بِهِ *** وَوالْبِـرُّ كَـالْـغَيْـثِ نَبْتُـهُ أَمِـرُ
[........]

تَقْـوَى الإِلَـهِ ذَخِيـرَةٌ لِلْمُـوئِلِ *** وَالْبِـرُّ خَيْـرُ مَطِـيّـَةِ الْمُتَحَـمِّـلِ
[يحي بن نصر السعدي]

واسْتَشْعِـرِ الْبِـرَّ وَالتَّقْوَى تُعَدُّ بِهَا *** حَتَّى تَنَـالَ بِهِـنَّ الْفَـوزَ وَالرِّفَعَـا
[..........]

لو كان يدري الابن أية غصة *** يتجرع الأبوان عند فراقه
أم تهيج بوجده حيرانة *** وأب يسح الدمع من آماقه
يتجرعان لبينه غصص الردى *** ويبوح ما كتماه من أشواقه
لرثى لأم سل من أحشائها *** وبكى لشيخ هام في آفاقه
ولبدل الخلق الأبي بعطفه *** وجزاهما بالعذب من أخلاقه
[..........]

أنت الذي أحسنت تربيتي وكنت لي الدليل
ورعيتني ومضيت ترشدني إلى أهدى سبيل
ولذا فلا شَبَهٌ لحبك في الفؤاد ولا مثيل
من بعد حب الله –جل الله- أو حب الرسول
فالله –يا أبتاه-أسأل بالرضا لك والقبول
وإليك أهدي هذه الكلمات رداً للجميل
[محمد صيام]

تحمّلْ عن أبيكَ الثّقلَ يوماً *** فإنّ الشّيخَ قد ضَعُفتْ قواهُ
أتَى بكَ عن قَضاءٍ لم تُرِدْهُ *** وآثَرَ أن تَفوزَ بما حَواه
[أبو العلاء المعري]

قضى الله أن لا تعبدوا غيره حتما *** فيا ويح شخص غير خالقه أمّا
وأوصاكمُ بالوالدين فبالغوا *** ببرهما فالأجر في ذلك والرحما
فكم بذلا من رأفةٍ ولطافةٍ *** وكم منحا وقت احتياجك من نعما
وأمك كم باتت بثقلك تشتكي *** تواصل مما شقها البؤس والغما
وفي الوضع كم قاست وعند ودادها *** مُشقاً يذيب الجلد واللحم والعظما
وكم سهرت وجداً عليك جفونها *** وأكبادها لهفاً بجمر الأسى تحما
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها *** حنواً وإشفاقاً وأكثرت الضما
فضيعتها لما أسنت جهالةً *** وضقت بها ذرعاً وذوقتها سما
وبت قرير العين ريان ناعماً *** مكباً على اللذات لا تسمع اللوما
وأمك في جوعٍ شديدٍ وغربةٍ *** تلين لها مما بها الصخرة الصماء
أهذا جزاها بعد طول عنائها *** لأنت لذو جهل وأنت إذاً أعمى
[........]

لأمك حق لو علمت كبير *** كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلةٍ باتت بثقلك تشتكي *** لها من جواها أنةٌ وزفير
وفي الوضع لو تدري عليك مشقةٌ *** فكم غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها *** ومن ثدييها شربٌ لديك نمير
وكم مرةٍ جاعت وأعطتك قوتها *** حنواً وإشفاقاً وأنت صغير
فضيعتها لما أسنت جهالةً *** وطال عليك الأمر وهو قصير
فآهٍ لذي عقل ويتبع الهوى *** وواهاً لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها *** فأنت لما تدعو إليه فقير
[........]

فلا تطع زوجةً في قطع والدة *** عليك يا ابن أخي قد أفنت العمرا
فكيف تنكر أماً ثقلك احتملت *** وقد تمرغت في أحشائها شهرا
وعالجت بك أوجاع النفاس وكم *** سرت لما رأت مولودها ذكرا
وأرضعتك إلى حولين كاملةً *** في حجرها تستقي من ثديها الدررا
ومنك ينجسها ما أنت راضعه *** منها ولا تشتكي نتناً ولا قذراً
وعاملتك بإحسانٍ وتربيةٍ *** حتى استويت وحتى صرت كيف ترى
فلا تفضل عليها زوجةً أبداً *** ولا تدع قلبها بالقهر منكسرا
والوالد الأصل لا تنكر لتربيةٍ *** واحفظه لا سيما إن أدرك الكبرا
[.........]

زر والديك وقف على قبريهما *** فكأنني بك قد نُقلت إليهما
ما كان ذنبهما إليك فطالما *** منحاك محض الود من نفسيهما
كانا إذا ما أبصرا بك علةً *** جزعا لما تشكوه شق عليهما
كانا إذا سمعا أنينك أسبلا *** دمعيهما أسفاً على خديهما
وتمنيا لو صادفا لك راحةً *** بجميع ما يحويه ملك يديهما
أنسيت حقهما عشية أسكنا *** دار البلا وسكنت في داريهما
فلتلحقن بهما غداً أو بعده *** حتماً كما لحقاهما أبويهما
[........]


حكم


1- (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانِ).
2- قال حكيم: إن تعبت في البر فإن التعب يزول والبر يبقى، وإن تلذذت بالإثم فإن اللذة تزول ويبقى الإثم.
3- قال أحد الحكماء: " من عقَّ والديه عقه ولده ".
4- قال أحدهم: " إن خير الأبناء من لم يدْعُه البرُّ إلى الإفراط، ولم يدْعُه العقوق إلى التقصير ".
5- من برَّ آباءه برَّه أبناؤه.
6- من أشبه أباه فما ظلم.
7- الأم تصنع الأمة.
8- يظل الرجل طفلاً حتى تموت أمه، فإذا ماتت شاخ فجأة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
[۞]||◄ التعاون على البر والتقوى ►||[۞]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» �◄ البر يولد البر ►�
» ♦◊♦ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ‏♦◊♦
» دليل فضل التعاون مع الآخرين
» ~*¤ô§ô¤*~ رمضان شهر البر ~*¤ô§ô¤*~
» أدلة العمل المفضي إلى البر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: