۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ::{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }::

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الجارح

عضو جديد  عضو جديد
الجارح


الجنس : ذكر
العمر : 31
الموقع الفلاة الواسعة
التسجيل : 12/03/2012
عدد المساهمات : 25

::{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }:: Empty
مُساهمةموضوع: ::{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }::   ::{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }:: Icon_minitimeالجمعة 16 مارس 2012, 8:28 pm



::{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }::


زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ
وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ(ال عمران 14)



قال ابن كثير
يخبر تعالى عما زُيِّن للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد، كما ثبت في الصحيح أنه، عليه السلام، قال (1) مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء". فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منه، "وإنَّ خَيْرَ هَذه الأمَّةِ كَانَ أكْثرهَا نسَاءً" (2) وقوله، عليه السلام (3) الدُّنْيَا مَتَاع، وخَيْرُ مَتَاعِهَا المرْأةُ الصَّالحةُ، إنْ نَظَرَ إلَيْها سَرَّتْهُ، وإنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْه، وإنْ غَابَ عَنْها حَفِظْتُه في نَفْسهَا وَمَالِهِ" (4) وقوله في الحديث الآخر: "حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ والطِّيبُ (5) وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ" (6) وقالت عائشة، رضي الله عنها: لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء إلا الخيل، وفي رواية: من الخيل إلا النساء (7) .

وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة فهو داخل في هذا، وتارة يكون لتكثير النسل، وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن يعبد الله وحده لا شريك له، فهذا محمود ممدوح، كما ثبت في الحديث: "تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ" 8


وحب المال -كذلك-تارة يكون للفخر والخيلاء والتكبر على الضعفاء، والتجبر على الفقراء، فهذا مذموم، وتارة يكون للنفقة في القربات وصلة الأرحام والقرابات ووجوه البر والطاعات، فهذا ممدوح محمود (9) عليه شرعًا.


وقد اختلف المفسرون في مقدار القنطار على أقوال، وحاصلها: أنه المال الجزيل، كما قاله الضحاك وغيره، وقيل: ألف دينار. وقيل: ألف ومائتا دينار. وقيل: اثنا عشر ألفا. وقيل: أربعون ألفا. وقيل: ستون ألفا وقيل: سبعون ألفا. وقيل: ثمانون ألفا. وقيل غير ذلك.


وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا (10) حماد، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ ألْف أوقيَّةٍ، كُلُّ أوقِيَّةٍ خَيْر مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ".

وقد رواه ابن ماجة، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد ابن سلمة، به. وقد رواه ابن جرير عن بُنْدار، عن ابن مهدي، عن حماد بن زيد، عن عاصم -هو ابن بَهْدَلة-عن أبي صالح، عن أبي هريرة (11) موقوفا، وهذا أصح. وهكذا رواه ابن جرير عن معاذ بن جبل وابن عمر. وحكاه ابن أبي حاتم، عن أبي هريرة وأبي الدرداء، أنهم قالوا: القنطار ألف ومائتا أوقية.

ثم قال ابن جرير: حدثني زكريا بن يحيى الضرير، حدثنا شبابة، حدثنا مَخْلَد بن عبد الواحد، عن علي بن زيد، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن زِرّ بن حُبَيْش عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القِنْطَارُ ألْفُ أوقِيَّةٍ ومائَتَا أوقِيَّةٍ" (12) .
وهذا حديث منكر أيضًا، والأقربُ أن يكون موقوفا على أبي بن كعب، كغيره من الصحابة. وقد روى ابن مَرْدُويَه، من طريق موسى بن عُبَيْدة الرَبَذِي (13) عن محمد بن إبراهيم عن يحنَّش (14) أبي موسى، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ مائة آيةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، ومَنْ قَرَأ مِائَةَ آيةٍ إِلَى ألْف أصْبَح لَهُ قِنْطار مِنْ أجْرٍ عندَ الله، القِنْطارُ مِنْهُ مِثلُ الجبَلِ العَظِيمِ". ورواه وَكِيع، عن موسى بن عُبَيدة، بمعناه (15) وقال الحاكم في مستدركه: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد اللخمي بتنِّيس (16) حدثنا عَمْرو (17) بن أبي سلمة، حدثنا زهير بن محمد، حدثنا حُمَيد الطويل، ورجل آخر، عن أنس بن مالك قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله، عز وجل: { وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ } قال: القِنْطَارُ ألفا أُوقِيَّةٍ". صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، هكذا رواه الحاكم 18 .
وقد رواه ابن أبي حاتم بلفظ آخر فقال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الرَّقِّي، حدثنا عمرو ابن أبي سلمة، حدثنا زهير -يعني ابن محمد-حدثنا حميد الطويل ورجل آخر قد سماه-يعني يزيد الرَّقَاشي-عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: قنطار، يعني: ألف دينار". وهكذا [رواه] (19) ابن مَرْدُويه، ورواه (20) الطبراني، عن عبد الله بن محمد بن أبي مريم، عن عَمْرو بن أبي سلمة، فذكر بإسناده مثله سواء (21) .
وروى ابن جرير عن الحسن البصري مرسلا عنه وموقوفا عليه: القنطار ألف ومائتا دينار. وكذا (22) رواه العَوْفي عن ابن عباس.
وقال الضحاك: من العرب من يقول: القنطار ألف دينار. ومنهم من يقول: اثنا عشر ألفا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عارِم، عن حَمّاد، عن سعيد الجُرَيرِي (23) عن أبي نضْرة، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: [القنطار] (24) ملء مَسْك الثور ذهبا.
قال أبو محمد: ورواه محمد بن موسى الحرشي، عن حماد بن زيد، مرفوعا. والموقوف أصح (25) .
وحب الخيل على ثلاثة أقسام، تارة يكون ربطَها أصحابُها معدَّة لسبيل الله تعالى، متى احتاجوا إليها غزَوا عليها، فهؤلاء يثابون. وتارة تربط فخرا ونواء لأهل الإسلام، فهذه على صاحبها وزْر. وتارة للتعفف واقتناء نسلها. ولم يَنْسَ حق الله في رقابها، فهذه لصاحبها ستْر، كما سيأتي الحديث بذلك [إن شاء الله تعالى] (26) عند قوله تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ] (27) } [ الأنفال : 60 ].
وأما { الْمُسَوَّمَةِ } فعن ابن عباس، رضي الله عنهما: المسومة الراعية، والمُطَهَّمة الحسَان، وكذا روي عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن عبد الله 28 بن أبْزَى، والسُّدِّي، والربيع بن أنس، وأبي سِنَان وغيرهم.
وقال مكحول: المسومة: الغُرَّة والتحجيل. وقيل غير ذلك.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد بن جعفر، عن (29) يزيد بن أبي حبيب، عن سُوَيْد بن قيس، عن معاوية بن حُدَيج، عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ مِنْ فَرَسٍ عَرَبِي إلا يُؤذَنُ لَهُ مَعَ كُلِّ فَجْر يَدْعُو بِدَعْوَتَيْنِ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّكَ خَوَّلْتَنِي مِنْ خَوَّلْتَني من(30) بَنِي آدَم، فاجْعَلنِي مِنْ أحَبِّ مَالِهِ وأهْلِهِ إليه، أوْ أحَب أهْلِه ومالِهِ إليهِ" (31) .وقوله: { وَالأنْعَامِ } يعني: الإبل والبقر والغنم { وَالْحَرْث } يعني: الأرض (32) المتخذة للغِرَاس والزراعة (33) .
قال الإمام أحمد: حدثنا رَوْح بن عبادة، حدثنا أبو نعامة العدوي، عن مسلم بن بُدَيل (34) عن إياسِ بن زهير، عن سُويد بن هُبَيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ مَالِ امرئ لَهُ مُهْرة مَأمُورة، أو سِكَّة مَأبُورة" (35) المأمورة الكثيرة النسل، والسّكَّة: النخل المصطف، والمأبورة: الملقحة.
ثم قال تعالى: { ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: إنما هذا زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية الزائلة { وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } أي: حسن المرجع والثواب.
وقد قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن عطاء، عن أبي بكر بن حفص بن عُمَر بن سعد قال: قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: لما أنزلت: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } قلت: الآن يا رب حين زينتها لنا فنزلت: { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا [عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ] (36) (37) } .
ولهذا قال تعالى: { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ } أي: قل يا محمد للناس: أخبركم بخير مما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من زهرتها ونعيمها، الذي هو زائل لا محالة. ثم أخبر عن ذلك، فقال: { لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ } أي: تنخرق بين جوانبها وأرجائها الأنهار، من أنواع الأشربة؛ من العسل واللبن والخمر والماء وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
{ خَالِدِينَ فِيهَا } أي: ماكثين فيها أبد الآباد 38 لا يبغون (39) عنها حِوَلا.
{ وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } أي: من الدَّنَس، والخَبَث، والأذى، والحيض، والنفاس، وغير ذلك مما يعتري نساء الدنيا.
{ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ } أي: يحل عليهم رضوانه، فلا يَسْخَط عليهم بعده أبدا؛ ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى التي في براءة: { وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [ التوبة : 72 ] أي: أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم.


و قال الشوكاني في فتح القدير


قوله : { زُيّنَ لِلنَّاسِ } الخ : كلام مستأنف لبيان حقارة ما تستلذه الأنفس في هذه الدار ، والمزين قيل : هو الله سبحانه ، وبه قال عمر ، كما حكاه عنه البخاري ، وغيره ، ويؤيد قوله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ } [ الكهف : 7 ] . وقيل : المزين هو الشيطان ، وبه قال الحسن ، حكاه عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه . وقرأ الضحاك : «زين» على البناء للفاعل . وقرأه الجمهور على البناء للمفعول . والمراد بالناس : الجنس . والشهوات جمع شهوة ، وهي نزوع النفس إلى ما تريده . والمراد هنا : المشتهيات عبر عنها بالشهوات ، مبالغة في كونها مرغوباً فيها ، أو تحقيراً لها؛ لكونها مسترذلة عند العقلاء من صفات الطبائع البهيمية ، ووجه تزيين الله سبحانه لها : ابتلاء عباده ، كما صرح به في الآية الأخرى . وقوله : { مِنَ النساء والبنين } في محل الحال : أي : زين للناس حب الشهوات حال كونها من النساء ، والبنين الخ . وبدأ بالنساء لكثرة تشوّق النفوس إليهنّ؛ لأنهن حبائل الشيطان ، وخص البنين دون البنات؛ لعدم الاطراد في محبتهن . والقناطير جمع قنطار ، وهو اسم للكثير من المال . قال الزجاج : القنطار مأخوذ من عقد الشيء وإحكامه : تقول العرب قنطرت الشيء : إذا أحكمته ، ومنه سميت القنطرة لإحكامها . وقد اختلف في تقديره على أقوال للسلف ستأتي إن شاء الله . واختلفوا في معنى { المقنطرة } ، فقال ابن جرير الطبري : معناها المضعفة ، وقال القناطير : ثلاثة ، والمقنطرة تسعة . وقال الفراء : القناطير جمع القنطار ، والمقنطرة جمع الجمع ، فتكون تسع قناطير ، وقيل : المقنطرة : المضروبة ، وقيل : المكلمة كما يقال : بدرة مبدرة ، وألوف مؤلفة ، وبه قال مكي ، وحكاه الهروي . وقال ابن كيسان : لا تكون المقنطرة أقلّ من سبع قناطير . وقوله : { مِنَ الذهب والفضة } بيان للقناطير ، أو حال { والخيل المسومة } قيل : هي المرعية في المروج ، والمسارح ، يقال سامت الدابة ، والشاة : إذا سرحت ، وقيل : هي المعدّة للجهاد . وقيل : هي الحسان ، وقيل : المعلمة من السومة ، وهي العلامة ، أي : التي يجعل عليها علامة لتتميز عن غيرها . وقال ابن فارس في المجمل : المسومة : المرسلة ، وعليها ركبانها . وقال ابن كيسان : البلق . والأنعام هي : الإبل ، والبقر ، والغنم ، فإذا قلت : نعم : فهي الإبل خاصة قاله الفراء ، وابن كيسان ، ومنه قول حسان :
وَكَانَتْ لا يَزَالُ بِها أنِيس ... خِلاَلَ مُروجَهَا نَعمٌ وشَاءُ
والحرث : اسم لكل ما يحرث ، وهو مصدر سمي به المحروث ، يقول حرث الرجل حرثاً : إذا أثار الأرض ، فيقع على الأرض ، والزرع . قال ابن الأعرابي الحرث : التفتيش . قوله : { ذلك متاع الحياة الدنيا } أي : ذلك المذكور ما يتمتع به ، ثم يذهب ، ولا يبقى ، وفيه تزهيد في الدنيا ، وترغيب في الآخرة . و { المآب } : المرجع آب يئوب إياباً : إذا رجع ،


ومنه قول امريء القيس :
لَقَد طَوّفْتُ فِي الآفَاقِ حَتَّى... رَضِيتُ منَ الغَنِيمةِ بالإيَابِ

و قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية:


يخبر تعالى أنه زين للناس حب الشهوات الدنيوية، وخص هذه الأمور المذكورة لأنها أعظم شهوات الدنيا وغيرها تبع لها، قال تعالى { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } فلما زينت لهم هذه المذكورات بما فيها من الدواعي المثيرات، تعلقت بها نفوسهم ومالت إليها قلوبهم، وانقسموا بحسب الواقع إلى قسمين:
قسم: جعلوها هي المقصود، فصارت أفكارهم وخواطرهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة لها، فشغلتهم عما خلقوا لأجله، وصحبوها صحبة البهائم السائمة، يتمتعون بلذاتها ويتناولون شهواتها، ولا يبالون على أي: وجه حصلوها، ولا فيما أنفقوها وصرفوها، فهؤلاء كانت زادا لهم إلى دار الشقاء والعناء والعذاب،
والقسم الثاني: عرفوا المقصود منها وأن الله جعلها ابتلاء وامتحانا لعباده، ليعلم من يقدم طاعته ومرضاته على لذاته وشهواته، فجعلوها وسيلة لهم وطريقا يتزودون منها لآخرتهم ويتمتعون بما يتمتعون به على وجه الاستعانة به على مرضاته، قد صحبوها بأبدانهم وفارقوها بقلوبهم، وعلموا أنها كما قال الله فيها { ذلك متاع الحياة الدنيا } فجعلوها معبرا إلى الدار الآخرة ومتجرا يرجون بها الفوائد الفاخرة، فهؤلاء صارت لهم زادا إلى ربهم. وفي هذه الآية تسلية للفقراء الذين لا قدرة لهم على هذه الشهوات التي يقدر عليها الأغنياء، وتحذير للمغترين بها وتزهيد لأهل العقول النيرة بها، وتمام ذلك أن الله تعالى أخبر بعدها عن دار القرار ومصير المتقين الأبرار، وأخبر أنها خير من ذلكم المذكور، ألا وهي الجنات العاليات ذات المنازل الأنيقة والغرف العالية، والأشجار المتنوعة المثمرة بأنواع الثمار، والأنهار الجارية على حسب مرادهم والأزواج المطهرة من كل قذر ودنس وعيب ظاهر وباطن، مع الخلود الدائم الذي به تمام النعيم، مع الرضوان من الله الذي هو أكبر نعيم، فقس هذه الدار الجليلة بتلك الدار الحقيرة، ثم اختر لنفسك أحسنهما واعرض على قلبك المفاضلة بينهما.

ان النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من أن يتنافسوا في هذه الدنيا كما تنافس من كان قبلهم فتهلكهم كما اهلكت من كان قبلهم
لما فيها من شهوات تغري واغرت من طلبها وزينة يتسابقون اليها ويتنافسون فيها كما جاء من حديث ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك الامم ان تداعى عليكم كما تداعى الاكلة الى قصعتها فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل انتم يومئذ كثير لكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن , فقال قائل : يارسول الله ما الوهن ؟ قال :حب الدنيا وكراهية الموت ) صحيح رواه ابو داؤد والامام احمد
هنا ( الوهن ) الذي بينه رسول الله صلى الله بقوله حب الدنيا وكراهية الموت

قيل سمي الذهب ذهبا لأنه يذهب ولا يبقى والفضة لأنها تنفض أي تتفرق وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ الخيل جمع لا واحد له من لفظه كالقوم والرهط سميت الأفراس خيلا لاختيالها في مشيتها.
وقيل: لأن الخيل لا يركبها أحد إلّا وجد في نفسه مخيلة عجبا واختلفوا في معنى المسومة على ثلاثة أقوال القول الأول: إنها الراعية يقال أممت الدابة وسومتها إذا أرسلتها المرعى والمقصود أنها إذا رعت زاد حسنها و القول
الثاني أنها من السمة وهي العلامة ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في تلك العلامة فقيل: الثالث هي الغرة والتحجيل التي تكون في الخيل وقيل: هي الخيل البلق وقيل: هي المعلمة بالكي. والقول الثالث: إنها المضمرة الحسان وتسويمها حسنها(الخازن).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
::{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ }::
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: