●●|[☆]◄ التحذير من إشاعة الفتنة والفواحش بين المسلمين ►[☆]|●●
كاتب الموضوع
رسالة
الجارح
عضو جديد
الجنس : العمر : 31 الفلاة الواسعة التسجيل : 12/03/2012عدد المساهمات : 25
موضوع: ●●|[☆]◄ التحذير من إشاعة الفتنة والفواحش بين المسلمين ►[☆]|●● الجمعة 16 مارس 2012, 7:16 pm
●●|[☆]◄ التحذير من إشاعة الفتنة والفواحش بين المسلمين ►[☆]|●●
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعـد:
فالفتنة تطلق ويراد بها معان كثيرة ، وهي تنقسم إلى فتن الشبهات وفتن الشهوات ، وأسوأ فتن الشبهات فتنة الشرك بالله ، وفتنة العدول عن محكم الآيات وصريح السنة وصحيحها، ومن أسباب مشروعية الجهاد إزالة الفتنة من طريق الناس ليؤمنوا بالدين ويقيموا شعائره وشرائعه بحرية ، كما في قوله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ } [البقرة:193] ، وقد بين الله سبحانه في كتابه أن الفتنة تحول دون أن يكون الدين كله لله سبحانه، ولهذا قال: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه } [الأنفال:39] ، فالفتنة تناقض الدين، ومن ساهم في هذه الفتن التي تناقض الدين وحاول فتنة المسلمين بها فهو ممن حاد الله ورسوله ، وقد قال سبحانه: { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ المجادلة:5] ، ومروجو هذه الفتن مصيرهم بينه سبحانه بقوله : { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ } [المجادلة:20] ، قال الشيخ ابن السعدي : هذا وعيد لمن حاد الله ورسوله بالكفر والمعاصي ، أنه مخذول مذلول ، لا عاقبة له حميدة ، ولا راية له منصورة.
يقول ابن منظور في لسان العرب : فـتن من الفتنة ، وهي : الابتلاء والامتحان والاختبار، وأصلها مأخوذ من قولك : فَتَنْتُ الذهب والفضة إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد ، ويقال : دينار مفتون ، أي : مميزٌ.
والله جل وعلا قد ذكر الفتنة في مقامات مختلفة ، ومواضع عدة من كتابه ، فمنها قول الله جل وعلا : { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ }[الذاريات:13] أي : يحرقون. وترد الفتنة بمعنى الاختبار، وترد بمعنى المحنة، وترد بمعنى المال، وترد بمعنى الأولاد: { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ }[التغابن:15] وترد الفتنة بمعنى الكفر: { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ } [البقرة:191] وترد الفتنة بمعنى الناس، وترد الفتنة بمعنى المغالاة في الطلب، كقولهم: فلان رجلٌ مفتون بالدنيا، أي: مغال في طلبها، وترد الفتنة بمعنى الإعجاب ، كما جاء في قوله تعالى: { رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [يونس:85] أي: لا تجعل لهم نصراً علينا فيعجبون بهذه الفتنة وهي نصرهم علينا، وترد الفتنة بمعنى الوله والمحبة، إذا فتن الرجل بالمرأة وشغف بها حباً. فالفتنة يراد بها معان عدة من حيث اللغة، وإذا أردنا بحثها في مجال الاصطلاح والشريعة، فإنها تكاد تنحصر حصراً اجتهادياً في أمرين:
فالأمر الأول : فتنة الرجل في ماله وأهله وولده، وما يعرض له في هذه الدنيا. والأمر الثاني : الفتنة بمعناها الأعظم وهي: ضياع الناس وهرجهم ومرجهم، وتخبطهم في بعضهم، وسفك دماء بعضهم لبعض، وغياب الإمامة العظمى، أو ضياع الخلافة أو الرئاسة والملك، فإذا وجد قوم بلا خليفة أو رئيس أو ملك، ثم تخبط بعضهم في بعض يقال: هؤلاء في فتنة، أي: أنهم ضاع أمرهم، وفتن بعضهم ببعض ولا حول ولا قوة إلا بالله، والفتنة واردة لهذه المعاني المجتمعه. ......
وأسوأ فتن الشهوات.. إشاعة الفواحش في المجتمع وقد توعد الله من فعل هذا بقوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النور:19] ، وهذا الوعيد لمن أحب فقط، فكيف بمن سعى ونشر ودعا وزين هذه الفتن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فكل عمل يتضمن محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا داخل في هذا، بل يكون عذابه أشد، فإن الله قد توعد بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ، وهذه المحبة قد لا يقترن بها قول ولا فعل ، فكيف إذا اقترن بها قول أو فعل ؟ بل على الإنسان أن يبغض ما أبغضه الله من فعل الفاحشة والقذف بها وإشاعتها في الذين آمنوا ، ومن رضى عمل قوم حشر معهم ، كما حشرت امرأة لوط معهم ولم تكن تعمل فاحشة اللواط ، فإن ذلك لا يقع من المرأة لكنها لما رضيت فعلهم عمها العذاب معهم.
فمن هذا الباب قيل : من أعان على الفاحشة وإشاعتها ، مثل القواد الذي يقود النساء والصبيان إلى الفاحشة ، لأجل ما يحصل له من رياسة أو سحت يأكله ، وكذلك أهل الصناعات التي تنفق بذلك .. مثل المغنين ، وشربة الخمر وضمان الجهات السلطانية وغيرها فإنهم يحبون أن تشيع الفاحشة ليتمكنوا من دفع من ينكرها من المؤمنين ، خلاف ما إذا كانت قليلة خفيفة خفية ، ولا خلاف بين المسلمين أن ما يدعو إلى معصية الله وينهي عن طاعته منهي عنه محرم ، بخلاف عكسه فإنه واجب.
ألا فليتق الله من اتخذ هذا النهج سبيلاً، أو من مكن له ممن في يده إزالة الفتنة، ولكنه يتركها أو يساهم فيها، وليعلم هؤلاء جميعاً أن عاقبة ذلك الندم، وزوال النعم، قال الله تعالى: { وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }[النحل:112] ، ونسأل الله أن يرد كيد الكائدين للمسلمين في نحورهم، وأن يجنب المسلمين شرورهم.
قوله تعالى : { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } [النور:19] فهذا المقطع من الآية الكريمة دل على أن من أحب انتشار الفاحشة في المؤمنين أن الله عز وجل يعاقبه في الدنيا والآخرة ، أن الله عز وجل يعذبهم في الآخرة بعذابين عظيمين : أما العذاب الأول : فهو أن يفضحهم كما فضحوا أولياءه ، ويشهِّر بهم على رءوس الأشهاد أمام الأولين والآخرين ، فيقيمهم في عرصات يوم الدين ، { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ }[الشعراء:88] فتشهد عليهم الألسنة بأنهم كذبوا على عباد الله، واتهموا أولياء الله ، وأنهم أشاعوا الفاحشة بين عباد الله ، وتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما سعوا به في ذلك. فلذلك أخبر الله عز وجل عن هذا العذاب الأول ، ثم أخبر عن العذاب الثاني وهو: عذاب النار وبئس القرار، نسأل الله عز وجل أن يعيذنا من ذلك ، وأن يرزقنا عفة اللسان عن عباده وخلقه ، والأدب في نقل الحديث عنهم وترويج الأخبار عنهم ، لأن الجزاء من جنس العمل، فمن فضح عباد الله وتتبع عورات المسلمين وشهَّر بهم بالزور والبهتان ، كان حقاً على الله عز وجل أن يعامله بما فعل ، فكما شهر بالمؤمن في الدنيا يشهر الله به في الآخرة ، وكما فضح المؤمنين يفضحه الله على رءوس الأولين والآخرين ، وشتان ما بين الفضيحتين ! وشتان ما بين العذابين ! - فيكون المعنى : كل مَن روَّج الشائعات التي تفضي بحصول الفحشاء ، وانتشارها بين أهل الإيمان ، أو كان داعية إلى الفجور كدعاة الزنا ودعاة الخمور ونحو ذلك ممن ينشرون ما حرم الله ، ويدعون إليه ، ويسهلون السبيل لبلوغه والوصول إليه ، هؤلاء لهم عذاب أليم في الدنيا، ولهم عذاب أليم في الآخرة ، فشهد الله عز وجل أنه سيعذبهم بعذابين ، ولذلك تجد دعاة الباطل والهوى وأصحاب الفسوق والردى في عذابٍ وقلق نفسي لا يعلمه إلا الله عز وجل ، فيعذبهم الله في أنفسهم، فإذا فتشت عن قلب أحدهم وجدته أشد ما يكون احتراقاً والعياذ بالله من داخله، يتلذذ بالشهوات في جسده ، يصيب الزنا والخمور واللواط والعياذ بالله وغيرها من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وفي داخله يحترق جحيماً والعياذ بالله ، في قلق واضطراب لا يعلمه إلا الله عز وجل { جَزَاءً وِفَاقاً }[النبأ:26]، { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [النحل:33] ولذلك تجدهم مهما تلذذوا بالشهوات يسلبهم الله عز وجل لذتها ، فيشربون الخمر ليجدوا لذة الساعة ، وبعدها يجدون عذاب الدهر والعياذ بالله ، فهذا هو عذاب الدنيا، ولربما يعذبهم الله عز وجل في الدنيا بصرف القلوب عنهم ، والأنظار، ولذلك تجد أهل الفحش والعياذ بالله في سُخْط من الناس ، مهما عجبت الناس من أفعالهم وأقوالهم لكنهم لهم كارهون، ولسبيلهم مجانبون ، فالمقصود أن الله يعذبهم بذلك في الدنيا، وأما عذاب الآخرة : فعند لقاء الله عز وجل فيعذبهم الله تبارك وتعالى بما شاء من فتن القبور وأهوالها، وفتن النشور وشدائدها، وكذلك فتن جهنم وعذابها، نسأل الله السلامة والعافية من جميع ذلك.
فالمقصود: أن الآية إذا حُملت على العموم فإن المراد بها: أن الله يعذب كل مَن آذاه بإشاعة الفاحشة بين عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة. ولذلك قال بعض العلماء رحمهم الله: إن الغالب في الإنسان إذا دعا إلى الشهوات والفواحش ألاَّ يسلم له عقله، ولذلك قال الله عز وجل حينما نهى عن الفواحش : { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ } والغالب أن صاحب الفاحشة مع دعوته إليها أن تجد فيه خفةً وطيشاً في العقل والعياذ بالله ؛ لأن العقل يَعْقِلُ صاحبَه عن الأمور الرذيلة ، فإذا اجترأ على حدودَ الله عز وجل سلبه الله نورَ العقل ، ولذلك كم رأينا وسمعنا من عواقب كُتَّاب وشعراء وغيرهم ممن دعوا إلى الفواحش ، كانت أوبأ العواقب وأسوأها والعياذ بالله ، حتى ولو كان ذلك بمجرد كلمة يشيعها ويذيعها نسأل الله السلامة والعافية من جميع ذلك.
والله أعلم.
●●|[☆]◄ التحذير من إشاعة الفتنة والفواحش بين المسلمين ►[☆]|●●