لماذا النفس الربانية؟
النَّفس الربانيَّة هي التي تكون مع الله صادقة.
النفْس الربانية هي التي تكون مع صاحبها صادقة.
النفس الربانية هي التي تكون مع الناس صادقة.
أيتها النفس، لحظة من فضلك!
قفي وتخيَّلي
أنَّ قيامة صاحبك قد حانت الآن، وأنَّه يقف بين يدَيْ خالقه.
قفي وتأمَّلي
أنكِ لو أقمت الإسلام في سلوك صاحبك، وفي أخلاقه، وفي وظيفتِه، ومع جيرانه، ومع مجتمعه، فحتمًا سيقوم الإسلام في مجتمعه.
قفي وَوبّخي
صاحبك وحاسبيه، واجعليه يُعظِّم ربَّه، ويراقبه، وحبِّبِي إليه حُبَّ رسول الله، واتِّباع هديِه وسنته وهُداه.
قفي
فأنت نفس مسلمة، وصاحبك مسلم، وذلك لكما شرف، فكوني وصاحبك على قدرِ هذا الشرف، وله أهلاً.
قفي واجعلي
مِن صاحبك لمجتمعه مصدرَ أمن وأمان، وحذِّريه من الفوضى والزَّعزعة والفِتَن، والضلال والتضليل.
قفي وابعدي
صاحبك عن الشدة وانحراف الفكر، واجعليه وسطيًّا مُعتدلاً هيِّنًا لينًا في غير إفراطٍ ولا تفريط.
قفي واجعلي
من صاحبك شامةً وعلامة يُشار إليه بالبنان في كلِّ خير وجميل.
قفي وانصبي
لصاحبك حسابًا لأرباحه وخسائره، دائمًا وباستمرار، وهل ربحَتْ تجارته مع الله؟!
قفي وضَعي
له في كفَّةِ أرباحه ما قدَّم من حسنات، وما تقدَّم به من خطوات مع الله ومعكِ ومع الناس.
قفي وضَعي
له في كفة خسائرِه ذنوبَه وما قدَّم من تدهورٍ في علاقاته مع الله ومعكِ ومع الناس.
قفي وانصبي
لصاحبك ميزانًا للمراجعة، راجعي أمورَه وسائر أحواله.
قفي وانظُري
إلى صاحبك في صلاته للفرائض؛ كيف حاله مع المواقيت والخشوع والإقامة.
قفي وانظري
إلى صاحبك كيف حاله مع صلاة النوافل؛ هل يأتي بعدد 12 ركعة كل يوم أو لا؟
قفي وانظري
إلى صاحبك كيف حاله مع سنَّة صلاة الضحى، أيُصلِّيها ركعتين، أم أربعًا، أم ستًّا، أم ثمانيًا، أوْ يا ترى منسيَّة، ولا مجال لها عنده؟
قفي وانظري
إلى صاحبك كيف حاله مع صلاة الوتر، واسأليه: هل يعلم أن نبيَّه ما تخَلَّف عنها وقد أوصى بها؟
قفي وانظري
إلى صاحبك كيف حاله مع قيام الليل؛ هل جرَّبَها، حتى بعد العشاء مباشرة، وهل قرأ عن فضلها؟
قفي وانظري
كيف حال صاحبك مع القرآن؛ أيقرأ جزءًا كلَّ يوم أم صفحة أم لا يقرأ بالكليَّة، واسأليه: هل قرأ عن فضل قراءته؟
قفي وانظُري
حال صاحبك مع التسبيح والحمد والتَّهليل والتكبير؛ هل يحافظ على وِردٍ يومي منها، وهل يعلم أن كلَّ كلمة منها تَعني غرسًا له في الجنة.
قفي وانظري
إلى حال صاحبِك مع كتاب الله؛ هل يتشرَّف بِحَمله معه أينما ذهَب، كحرصه على دفتر هويَّته الخاص به؟
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع الصَّدقات؛ هل يحافظ عليها، ولو بالقليل، وعلى قدر استطاعته؟ وهل علم ما لها من فضل عظيم؟
قفي وانظُري
كيف حال صاحبك مع المجتمع مِن حوله؛ هل هو مِعطاء، مُنتِج، بنَّاء، فعَّال، إيجابي، مؤثِّر؟
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع الزوجة والأولاد؛ هل هناك محبَّة ومودَّة، أوْ مشاجرات وتفكيك، وصراخٌ وعَويل.
قفي وانظري
إلى حال صاحبك معكِ أنتِ؛ أينهرك إذا أذنبَ بالاستغفار والإنابة والانطراح بين يدَي الخالق.
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع وِرْد الصَّلاة على الحبيب محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - هل يجعل لذلك وردًا كل يوم، أوْ أنه غافل عن الصَّلاة عن الحبيب، وهو الشفيع له ولأمَّتِه، وهل يعلم أن نبيَّه يردُّ السلام على من يُلقي عليه السَّلام، بأبي هو وأمِّي وولدي وزوجي، سيدي رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم.
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع أذكار الصباح والمساء؛ هل يُحافظ عليها أم يغفل عنها، وهل يعلم أنَّها حِصْنُه الحصين.
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع إخوانه المستضعَفين في مشارق الأرض ومَغاربِها؛ أيدعو باستمرارٍ لَهم، وهل تصور مرَّة واحدة أنه في موقفهم، وحاله هو حالهم؟
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع خُلق الذَّوق في التعامل مع الناس؛ هل هو صاحب ذوقٍ يسأل عن المريض ولو بالهاتف؟ ويساعد المُحتاج حال مقدرته، ويكفُّ أذاه عن الخلق؟ أم أنه من أصحاب الكلمات الطنانة الرنَّانة التي لا تُسْمِن ولا تغني من جوع والتي إذا سمعها الناس ظنُّوا أن محدِّثهم عالمٌ من علماء الأمة، ثم هو على أرض الواقع في بعدٍ عمَّا يقول، وهل علم أنَّ الإسلام دين ذوق وأخلاق، قبل أن يكون شعارات تُرفع وطنطنات من الفلسفات والكلمات غير الواقعيَّة؟
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع عيونه؛ أيُبكيها من خشية الله أو أن عيونه من النوع القاسي المتحجِّر، لا تذرف منها دمعة واحدة تدلِّل بها على خشيته من الله.
قفي وانظري
إلى حال صاحبك؛ هل هو ممن يقول ولا يفعل، ويأمر بما عنه يبتعِد، وينهى عن ما هو يأتيه؟! وهل علم أنَّه بذلك يكون ممن قال الله عنهم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2 - 3].
قفي وانظري
إلى حال صاحبك؛ أغَارقٌ هو في الكِبْر والعُجْب، والحديث عن ذاته وصفاته، أو أنه يخفض الجناح، ويتعامل بمنطق الأخفياء الأتقياء.
قفي وانظري
إلى حال صاحبك مع التَّقوى التي أمر بها ربُّنا، والتي أشار إليها عليٌّ - رضي الله عنه وأرضاه - هل وجَدْتِه يخاف الجليل، ويعمل بالتَّنْزيل، ويرضى بالقليل، ويستعد ليوم رحيله عن الدنيا.
اعلمي يا نفس
• أنَّ إخلاصك في مساعدة صاحبك سيكون بدايةً له مع كلِّ خير ولكلِّ جميل.
• أن إيقاظك الدَّائم له سيجعله مصدرَ إشعاعٍ لِمن حوله، مُنتجًا بنَّاء مِعْطاء.
• أنك إذا كنتِ هكذا دائمًا مُعينة لصاحبك، آخِذة بيديه للنُّور، مُبْعدة له عن الضَّلال، فسيعمُّ الأمن والأمان على صاحبك وعلى الناس من حوله، وعلى الدُّنيا كلها.
• أنَّك من الممكن أن تكوني بالسُّوء أمَّارة، فاحذري ذلك؛ حتَّى لا تهلكي صاحبك.
خاتـمة:
اللهم إنِّي أسألك لنا وللمسلمين زيادةً في العلم والدِّين، وأن تمنحَنا أنفُسًا ترقى بأصحابها دومًا نحو كلِّ خير مكين، وامنَحْنا برَكةً في العمر والرِّزق، تجعلنا بهما منشرحين، وتوبةً قبل الموت، وراحةً عند الموت، ومغفرة ورحمة بعد الموت، وجوازًا على الصِّراط، وخلاصًا من الحساب، ونصيبًا وافرًا من الجنَّة والرحمة والمغفرة، والشفاعة والرِّضوان، في الدِّين والدنيا والآخرة.
اللهم أعطنا من واسع رزقِك الحلال ما تصون به وجوهَنا من ذلِّ السؤال لغيرك، إنَّك أنت المعطي الوهَّاب، الرزَّاق بغير حساب.
اللهم إنا دعَوْناك ثقةً بكرمك، وطمعًا في رحمتك، وسعيًا وراء مرضاتك.
اللهم إنَّك قلت وقولك الحقُّ: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، اللهم امنَحْنا نفوسًا توَّاقة لرضاك، حبيبةً إليك، للخير تدعو، وللسلام تنشد، وللأمن تسعى، اللهم هذا الدُّعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التّكلان، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليِّ العظيم.