►εїз◄ ارفع يديك إلى الله طالباً ►εїз◄
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنْ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعد:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، أخي المسلم وأنت تعلم حقاً كمال جواد الله، وكمال فضله وإحسانه، وكمال كرمه وحلمه وحسانه، إذاً فرفع يديك إلى الله طالباً وراجياً فإنك تسأل غنياً كريما قادرا، تسأل من يحب من عباده يسألوه، تسأل من يغضب من ترك سؤاله، فكلما سألته، وكلما اضطررت إليه، وكلما افتقرت إليه ازددت به قربا وازداد لك حبا وفضلا، وكلما أعرضت عنه، وكلما ابتعدت عن دعائه سخط عليك وغضب عليك (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، كلما احتجت إلى البشر وكلما عظم التعلق بالبشر ازداد بغضاً لك واستثقلوك وكرهوك وسئموا منك وملوا منك وقالوا هذا ثقيل وهذا ملحن وهذا، وربك الكريم كلما دعوته وكلما تعلق قلبك به حباً وطمعاً ورجاءاً في فضله كلما ازددت منه قرباً وازداد لك حبا وأعطاك من فضله وكرمه فسأله فإنه قريب مجيب.
عباد الله، الدنيا طبعت على كدر، ولا يقضي الإنسان من خطر، ومن أمراض ومصائب وأحداث وأحزان وهموم وغموم وظلم وفتن وبغي وعدوان، ولكن الله من رحمته ولطفه جعل للناس وفتح للناس باب الرحمة يتنفسون فيه ألا وهو الدعاء.
أيُّها المسلم، وقد تكفل الله لمن طرق باب الدعاء أن يجيب سؤاله، ويحقق طلبه قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال جل جلاله: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وفي الحديث القدس الذي يروه نبينا عن رب العالمين قال: "يا عبادي كلكم ضال فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم عار فاستكسوني أكسكم، يا عبادي كلكم جائع فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني استغفر لكم"، وقد دعا جل وعلا عباده الذين انغمسوا في المعاصي وبرزوا ما يبغضه دعائهم إلى الاستغفار والتوبة إليه: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً)، والدعاء له أهمية عظيمة في حياة المسلم، ولا يستغني المسلم عن الدعاء، فكم فرج به كرب، وكم نجا فيه بلاء وكشف به ضرر، وستوجبه في الرحمة والعفو من الله، والنعم الظاهرة والباطنة.
أيُّها المسلم، وأهمية الدعاء إذا تأملها المسلم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم رأى للدعاء أهميةً عظيمة فمن ذلك أن الدعاء يرد القدر تقول عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر" وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغني حذر عن قدر، والدعاء ينفع مما وقع ومما لم يقع، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيتعالجان إلى يوم القيامة"، والدعاء مخ العبادة وخلصها يقول صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" وفي رواية: "الدعاء مخ العبادة"، والدعاء طريق الأنبياء والمرسلين والتابعين لهم قال تعالى عن أنبيائه: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، وقال عن صلحا عباده: (كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
أيُّها المسلم، والدعاء خير كله في العاجل والآجل يقول بأبي هو صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد يدعو بدعوة ليس بها أثمٌ ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بأحد خصال ثلاث إما أن يعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن يدخره له بالآخرة، وإما أن يصرف عن السوء مثلها"، قال: إذا نكثر يا رسول الله، قال: "الله أكثر"، والدعاء يا عباد الله طريق النجاة والخلوص من المضايق يقول الله جلَّ علا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)، فيبتلي الله عباده ببعض ما يبتليهم به لينيبوا إليه ويرجعوا إليه، وقد أخبر جل وعلا عن الكفار أنهم في شدائدهم يخلصون لله دعائهم قال جل وعلا: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ* فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)، وقال جلَّ وعلا: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
أيُّها المسلم، والدعاء يا عباد الله ربحٌ بلا ثمن، وغنيمة بلا عناء، وتجارة يملكها الغني والفقير، فمن دعاء الله جل وعلا، فالدعاء ممكن من كل أب غني أو فقير يدعوا الله ويرجوه، ويتضرع إليه.
أيها المسلم، إن للدعاء آدابا عظيمة فمن آداب الدعاء أولاً: أن تخلصه لله قال جل وعلا: (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فالعبد يخلص دعاءه لربه لا يدعو غير الله لأن غير الله ليس مؤهل لذلك، إنما يدعو السميع القريب المجيب قال جل وعلا: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)، وقال: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)، وقد ذم الله من دعا غيره وأخبر أن دعاء غيره لا ينفع: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)، وقال: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ).
أيها المسلم، فأخلص لله دعائك، أخلص لله دعائك فإن إخلاصك لله بالدعاء سبب لإجابته بتوفيق من الله.
أيُّها المسلم، من آداب الدعاء أن تقدم بين دعائك حمد الله وتمجيده والثناء عليه والصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، قال صلى الله عليه وسلم: "لقد سأل الله بسمه الأعظم الذي من دعاء به أجابه، ومن سأله أعطاه"، وختم دعاءك بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذا من أسباب قبول الدعاء، وجعل دعائك بأسماء الله الحسنى، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، أحس الظن بربك فإن الله عند حسن ظن عبده به يقول الله جل وعلا في الحديث القدسي: "أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني"، أعزم المسألة ودعوا الله أنت واثق بالإجابة يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يقول أحدكم اللهم أغفر لي إن شئت، اللهم أرحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإن الله لا مكر له، وإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه".
أيُّها المسلم، ادعوا الله وأنت موقن بالإجابة يقول صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقونون بالإجابة فإن الله لا يستجيب الدعاء من قلب غافل الله"، ألح بالدعاء وأكثر من الدعاء، وجعل دعاءك فيما بينك وبين ربك، (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)، فكلما أكثرت من الدعاء وأكثرت من الإلحاح على ربك فذلك من أسباب قبول دعاءك بتوفيق الله جل وعلا لك.
أيُّها المسلم، تحرى بأوقات الإجابة فإن هناك أوقات يكون الدعاء مستجاب بتوفيق الله فيها، فمن ذلك آخر جوف الليل، سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر كل صلاة"، وقال في يوم الجمعة: "فيها ساعة لا يوافق فيها عبد مسلم يصلي يدعوا الله إلا أعطاه"، وأيضا أيها المسلم في دبر صلوات قبل السلام فدعوا الله بما أحببت من خيري الدنيا والآخرة فإنه صلى الله علي وسلم قال: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه"، ودعوا الله في سجودك فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ادعوا ربك تذللا، ادعوا ربك وأنت في مسكنة وذلة وافتقار وإظهار الحاجة لله قال جل وعلا: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ).
أيها المسلم، إن هناك موانع قد تمنع من إجابة الدعاء فتخلص منها إن أردت دعائك أن يستجاب بتوفيق الله فأولا: أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن أكل الحرام ولبس الحرام والتطلب للمكاسب الخبيثة أنه من أسباب منع الدعاء يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"، وأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: "الرجل المسافر أشعث أغبر يرفع يديه إلى السماء يا رب يا رب، قال: "ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك"، فحذر المكاسب الخبيثة مهما زينة لك، ومهما عظمت في نفسك احذرها وابتعد عنها لكي يكون دعائك بتوفيق الله مستجاب، ومن أسباب منع ادعاء أيضاً الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يستجاب لأحدكم ما يدعوا بإثم أو قطيعة رحم"، فإياك أن تدعوا بإثم بكلام سيء ودعاء بغير واقع، ودعاء بالعدوان وقطيعة رحم وظلم، ومن موانع الدعاء الاستعجال في الطلب، ادعوا الله ووكل الإجابة إلى ربك، فالله أعلم بحالك وحال ما يصلحك فهو أوفى أرحم بك من رحمة أمك بك، فإذا دعوة الله فانتظر الإجابة، وعلم أن الدعاء بحد ذاته عبادة، فإن وفقت في دعاء الله فحمد لله على هذه النعمة، قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء فإذا وفقت للدعاء توفقت بالإجابة إن شاء الله.
فيا أيها المسلم لا تستعجل، دعوة يوماً أو شهرا أو سنة انتظر الإجابة ثم أنت في دعاءك لربك أنت في عبادة وطاعة لله يقول صلى الله عليه وسلم: "دعوة فلم أراء يستجب لي فيتحسر ويدعى الدعاء"، يا أخي اترك هذا، وادعوا الله دائماً وأبدأ، واعلم أن الدعاء عبادة، وإن فتح عليك باب الدعاء والتضرع بين يدي الله والإلحاح على الله فأنت في خير، وأنت في نعمة، المهم أن تكثر من الدعاء، ومن أسباب قبول الدعاء اعترافك بذنبك وخطأك يقول صلى الله عليه وسلم: "أذنب عبدٌ فقال: اللهم إني ظلمت نفسي واعترفت بذبي فغفر لي، قال الله: علما عبدي أن له رباً يغفر ويعاقب".
فيا أخي المسلم، اعترف بذنبك وإساءة تقصيرك وسأل الله التوفيق والسداد، ادعوا الله أن يصلح ذريتك، وادعوا الله أن يختم لك بخاتمة خير، وادعوا الله أن يكفى شر الأشرار وكيد الفجار، وسأل ربك ما أحببت من خيري الدنيا والآخرة، فالله أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، وجعل همَّ دعائك أن تسأله الثبات على دينه، وأن تسأله أن يختم لك بخير، وأن تسأله الجنة وما فرب إليها من قول وعمل، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنَّة"، فالجنة أغلى السلع فسأل الله بقولك: اللهم إني أسألك بوجهك الكريم الجنة، أسأل الله الجنة وما قرب إليها من الأقوال والأعمال، واستعذ به من النار وما قرب إليها من الأقوال والأعمال، وأكثر من الدعاء فإن الله جل وعلا يسمع دعائك ويرى مكانك ويعلم سرك وعلانيتك، يقول الله في القدسي: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرت غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقرب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقربها مغفرة"، فنسأل الله العون والتوفيق والتأيد والثبات على الحق، والاستقامة عليه، أقولٌ قولي هذا واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفور الرحيم .
أخي المسلم، يا من ابتليت بأنواع المعاصي والإجرام ادعوا الله أن يخلصك من هذا البلاء، ورفع إليه يديك أن يمنَّ عليك بالتوبة النصوح ويخلصك من آثار الذنوب والمعاصي، أسألك ربك ورفع يديك إليه راجيا أن يحول بينك وبين هذه المعاصي والجرائم، وذكر قول يوسف (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ* فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
أيها المسلم، ادعوا الله أن ينقذك من هذه القاذورات، وأن يخلصك منها ويمنَّ عليك بالاستقامة على الطاعة كلما وجدت من نفسك قلة اهتمام بالصلاة وعدم القيام بها بخير قيام فأسأل الله أن يوفقك ويجعك من المحافظين عليها والملازمين لأدائها.
أيُّها المسلم، كلما ضاقت بك الحيل، وحلَّة بك المصائب والكروبات فلا ملجأ من الله إلا إليه، فدعوه وتضرع بين يديه وتذكر قوله عن نبيه ذا النون: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ) الآية.
أيُّها المسلم، كلما ضاقت بك الحيل، وغلبتك الديون وحقوق الناس وعجزت عنها فلجأ إلى الله أن يُفرج همك، ويقضي دينك، وأكثر: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل والبخل والجبن وغبة الدين، وقهر الرجال، كلما ضاقت بك الحيل، وفشلت في تجارتك وأحوالك فسأل الله التوفيق والسداد، وسأل العون على كل أحوالك فالله قريب مجيب، وأنت فقير في ذاتك وهو الغني عنك بذاته (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
أيها الأب الكريم، كلما حصل من أولادك من مخالف لك وقصوتهم في التعامل معك، وكلما دعوتهم ونصحتهم فلم يستجيبوا لك فإياك أن تدعوا عليهم فإن دعائك مستجاب، اجعل عوض الدعاء عليهم دعاء الله لهم بالصلاح والهداية وذكر قول الرجل الصالح (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ)، ودعاء المؤمنين (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)، وتذكر دعاء الخليل (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ* رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ).
أيها الشاب المسلم، وأنت في زمن الفتن والمغريات والمصائب العظيمة وأعداء الإسلام قد أجذبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد دينك وتغير أخلاقك وقيمك وإفساد معتقدك وتشيكك في الثوابت والمسلمات من دينك من وسائل الإعلام المختلفة، ومواقع مختلفة، فسأل الله الثبات على الإسلام وأكثر من قول دعاء المؤمنين (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)، وأكثر من قولك: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك.
أيها الزوجان الكريمان، كلما شعرتم بنزاع بينكما أو تدخل أيدي خفية لإفساد العلاقة الزوجية أو شعوذة المشعوذين، وحقد الحاقدين والمفسدين، فرجعوا ولجوا إلى الله ودعوا الله ليلا ونهارا أن يفرج عنكما ما انتم فيه، وان يزيل عنكم تلك الغشاوة، وأن يؤلف بين قلوبكما، فالله قريب مجيب وقد أخبرنا عن الصادق بقوله: (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ)، فأكثروا من دعاء الله، والالتجاء والاضطرار إليه يفرج الله همكما ويكشف ضركما ويؤلف بين قلوبكما.