۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 {؛«♔»؛}{ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }{؛«♔»؛}

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الكاسر

عضو مبدع  عضو مبدع
الكاسر


الجنس : ذكر
العمر : 32
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 212

{؛«♔»؛}{ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }{؛«♔»؛}  Empty
مُساهمةموضوع: {؛«♔»؛}{ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }{؛«♔»؛}    {؛«♔»؛}{ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }{؛«♔»؛}  Icon_minitimeالسبت 11 فبراير 2012, 6:01 am



{؛«♔»؛}{ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }{؛«♔»؛}


إن العبد المؤمن إذا توجه إلى ربه بالدعاء، وكان مخلصًا صادقًا في دعائه، وقد أتى بشروط استجابة الدعاء، وكان هذا الدعاء خاليًا من الموانع، فإن الله جل وتعالى لا يرد هذا الدعاء، قال الله تعالى: ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وقد تحقق هذا الوعد الإلهي منذ آدم عليه السلام إلى يوم الناس هذا، فما من عبد ولا أَمة دعا الله عز وجل بصدق وبإخلاص وكان هذا الدعاء سالمًا من الموانع إلا أجابه الله تعالى.

فهذان موسى وهارون يدعوان على فرعون وقومه: رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلاَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلألِيمَ [يونس:88]، قال الله عز وجل: قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا [يونس:89].

وهذا موسى مرة أخرى يسأل الله جل وعلا أن يجعل له وزيرًا من أهله، فقال: وَٱجْعَل لّى وَزِيرًا مّنْ أَهْلِى هَـٰرُونَ أَخِى ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِى وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى كَىْ نُسَبّحَكَ كَثِيرًا [طه:29-33]، قال الله تعالى في آخر هذه الدعوات المباركات: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ [طه:36].

وهذا يونس عليه السلام يخرج من البلد الذي أُرسل إليهم غاضبًا حيث لم يستجيبوا دعوته، فيشاء الله جل وتعالى أن تقع عليه القُرعة عندما ركب في السفينة، وصارت تميل بهم يمنة ويسرة، فألقوه في البحر، فيلتقطه الحوت، يقول الله عز وجل: فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبّحِينَ لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:143، 144]، فَنَادَىٰ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـٰنَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْغَمّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـى ٱلْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:87، 88].

ثم هذا رسول الله عندما دعا على أعدائه الذين آذَوه وحاربوا هذه الشريعة وصاروا أعداءً لهذه الملة، كان ذات يوم ساجدًا عند الكعبة، وكان بقربه جماعة من كفار قريش، فيقول بعضهم لبعض: أيكم يقوم إلى سلى جَزور بني فلان فيلقيه على ظهر محمد؟ فيقوم عُقْبة بن أبي مُعَيط ويأخذ السَّلى ويلقيه على ظهر النبي ، فيبقى النبي ساجدًا، حتى تأتي ابنته وتأخذ السَّلى من على ظهره وهي تبكي، ثم تُقبل على المشركين تَسبُّهم رضي الله عنها وأرضاها، فيقوم النبي قرب الكعبة ويرفع يديه ويقول: ((اللهم عليك بالملأ من قريش: أبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة و عقبة بن أبي مُعَيط))، ويعد سبعة من صناديد المشركين، كما عند مسلم. يقول ابن مسعود رضي الله عنه: فوالله، لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى قَلِيب بدر فألقوا فيها بعدما انتفخت جثثهم، وأتبع أصحاب القليب لعنة. ويدعو رسول الله على غيرهم ويستجيب الله دعاءه صلوات ربي وسلامه عليه.

أيها الأحبة في الله، إن العبد المؤمن إذا توجه إلى الله بالدعاء، وكان مخلصًا صادقًا، فإن الله جل وعلا لا يرد هذا العبد، فكيف لو كان هذا العبد مظلومًا؟! فإن الإجابة حينئذٍ لهذا العبد تكون أقرب، ودعوة المظلوم كما تعلمون أنها مستجابة، ليس بينها وبين الله حجاب.

أيها الأحبة، ما مناسبة هذا الكلام؟ مناسبته أنه جاءني رجل قبل فترة، وكان من خارج هذه البلاد، فكان يشكو إليّ حاله وموضوعه، أنه يعمل عاملاً بسيطًا لدى أحد التجار في البلد في مؤسسة صغيرة، وقضايا ومشاكل العمال لا تخفى عليكم، والظلم الذي يوقَع عليهم من قبل أصحاب الأعمال من هضم حقوقهم وتخفيض مرتباتهم الذي سبق أن اتفق معهم عليها في بلده، والحالة السَّكَنية السيئة التي يعيشون فيها، وتأخير رواتبهم لعدة أشهر، و قد لا يعطيهم، ويكون قد وعده بمميزات وأشياء هناك، فإذا جاء إلى هنا صارت كل تلك الوعود هباءً منثورا.

والأقبح من هذا، أولئك الذين يلزمون العامل أن يدفع هو لهم قدرًا معينًا من المال، ويتركونهم يسيحون في الشوارع، يبحثون هم لأنفسهم عن أعمال، وهو ملزم بدفع مبلغ شهري للكفيل. وهو بذلك يأكلها ظلمًا، يأكل عرق هذا المسكين، وسيُجَرجرهُ في بطنه نارًا يوم القيامة، إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].

ومنهم من يجعل العَشرة في غرفة واحدة، ودورة مياه واحدة، وكأنهم بهائم، ومنهم من يمنعهم من السفر وتمتعهم بالإجازة الرسمية لهم، ويؤخرونهم إلى عدة سنوات، ويكون هذا المسكين متزوجًا وله أولاد، ويُهدَّد إذا طلب إجازة بالفصل والطرد من العمل، إلى غير هذه القضايا التي بعضكم يعرف تفاصيلها أكثر مني.

وفي المقابل، يكون هذا العامل المسكين قد دفع مبالغ طائلة ليأتي إلى هنا، بل ربما تَسَلَّف أموالاً كثيرة، ودفعها إلى جهات معينة في بلده ليتمكن من المجيء، ثم يفاجأ بالوضع السيئ عند صاحب العمل هنا وبالظلم وبإخلاف الوعود، فيرجع بعضهم إلى بلده وقد تحمل ديونًا، ربما بقية عمره كله لا يكفي لسدادها.

أعود إلى صاحبنا، فقصته لا تخرج عن شيء مما ذكرت لكم، فقد جاء من بلده بعد الاستدانة، ووُعد بأشياء هنا ولم يجدها، ثم أصبح راتبه يَقِلُّ شيئًا فشيئًا، إلى أن وصل إلى نصف العقد المبرم معه، وأخيرًا فُصل المسكين من عمله. وقد وقفت على حقيقة أمره بنفسي، وذهبت معه، وحاولنا مع بعض الطيبين في هذا المسجد تدارك شيء، لكن لا جدوى. فما كان منه إلا أن رجع إلى بلده، بعد أن كتب خطابًا قويًا لصاحب العمل، وقرأت خطابه بنفسي قبل إرساله لكفيله، ذكَّره بالله سبحانه وتعالى، وأن هذا الظلم سوف يجده عند الله يوم القيامة.

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، يا من تحت ولايتكم ضعفاء ومحتاجون، إن ظلم هؤلاء عظيم عند الله. كيف بكم لو توجه هؤلاء إلى ربهم وخالقهم، ودعَوا عليكم؟! ما الذي يمنع من استجابة دعوة هؤلاء عليكم؟!

إيـاك من ظلم الكريـم فإنه مرّ مذاقته كطعم العلقـم

إن الكريـم إذا رآك ظلمتـه ذكر الظلامةَ بعد نوم النوَّم

فجفا الفراش وبات يطلب ثأره أنِفًَا وإن أغضى ولم يتكلّم

أيها المسلمون، سأذكر لكم ثلاث قصص ظلم فيها أصحابها ثم توجه المظلومون إلى ربهم، فاستجاب الله دعوتهم، لعل في ذكر هذه القصص رادعًا لكل ظالم، لكل من يتعرض للناس في أرزاقهم، تكون رادعًا لكل من يفصل إنسانًا من عمله بدون ذنب، ويؤذيه في مصدر رزقه ورزق أولاده. ولْيكن له عبرة في هؤلاء الذين رفعوا أيديَهم إلى الله، فاستجاب الله دعاء هؤلاء المظلومين، ورأى الناس قدرة الله سبحانه وتعالى تتحقق في هؤلاء. ولا يزال الله يستجيب للمظلومين.

القصة الأولى: قصة ذلك الرجل الذي ظلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فدعا سعد عليه فأجاب الله دعاء سعد، وقد كان مستجاب الدعوة، وتفصيل القصة أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان أميرًا على أهل الكوفة فشكّوه إلى عمر وقالوا: إن هذا الأمير فيه كذا وكذا وكذا، حتى قالوا: إن هذا الأمير لا يحسن الصلاة، فدعاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأمير العادل المنصف، فقال له: يا سعد، إن أهل الكوفة شكوك في كل شيء حتى قالوا: إنك لا تحسن أن تصلي، فقال سعد: أما إني أصلي بهم كما رأيتُ النبي يصلي، أطيل في الأُولَيَينِ وأُخِفُّ في الأُخريين، فقال له عمر: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق.

ثم أرسل عمر رضي الله عنه لجنة إلى الكوفة للتأكد من الأمر وتقصِّي الحقائق، فذهبت هذه اللجنة إلى الكوفة وصارت تقف في أسواق الناس وفي مساجدهم وتسألهم: ماذا تقولون في أميركم؟ فيقولون: لا نعلم إلا خيرًا، حتى دخلوا على مسجد لبني عبس فسألوهم: ما تقولون في سعد بن أبي وقاص أميركم؟ قالوا: لا نعلم إلا خيرًا، فقام رجل مراءٍ، فقال: أما أن سألتنا عن أميرنا فإن سعدًا لا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسَّرية، ولا يعدل بالقضية، بمعنى أنه رجل فيه ظلم وجبن وخوف ولا يساهم في المعارك. فقام سعد بن أبي وقاص وقال: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبًا قام رياءً وسُمعة فأطلْ عمره، وأطلْ فقره، وعرضْه للفتن، والقصة في صحيح البخاري.

فاستجاب الله دعوة سعد، وقد كان مظلومًا من قِبَلِ ذلك الرجل، فطال عمره حتى سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وطال فقره حتى إنه كان يمدّ يده يتكفف الناس، وتعرّض للفتن حتى إنه كان على رغم فقره وشيخوخته وكبر سنه، كان يقف بالأسواق يتعرض للجواري يغمزهن، فإذا قيل له في ذلك قال: شيخ كبير مفتون أصابته دعوة سعد.

القصة الثانية: قصة سعيد بن زيد رضي الله تبارك وتعالى عنه، كانت هناك امرأة يقال لها أروى بنت أويس، شكته إلى مروان بن عبد الحكم أمير المدينة وقالت: إنه أخذ شيئًا من أرضها، فقال سعيد بن زيد: ما أنا آخذ شيئًا من أرضها بعدما سمعت رسول الله يقول في ذلك، فقال له الأمير مروان: وماذا سمعت من رسول الله ؟ قال سمعته يقول: ((من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا طُوِّقَه إلى سبع أرضين))، فقال مروان بن الحكم: لا أسألك بعد هذا بينة، يكفيني قولك هذا.

ثم قام سعيد بن زيد يدعو على هذه المرأة التي شوّهت سمعة أصحاب النبي ونسبت إليهم ما هم منه أبرياء من الظلم والحَيْف والطمع في الدنيا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأَعْمِ بصرها، واجعل ميتتها في هذه الأرض. قال راوي الحديث عروة بن الزبير والحديث في الصحيحين، قال: فوالله، لقد عمي بَصَرُها حتى رأيتها امرأة مسنّةً تلتمسُ الجدران بيديها، وكانت في هذه الأرض بئر، وكانت تمشي في أحد الأيام فسقطت في البئر، وكان ذلك البئر قبرها، وأجاب الله دعاء سعيد بن زيد وكان مظلومًا رضي الله عنه.

ولا يزال الله عز وجل يتقبل دعوات الداعين ويستجيب استغاثة المظلومين.

اللهم إنا نسألك رحمتك في السر والعلن، ونسألك اللهم بِرَّكَ وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

القصة الثالثة: هذه القصة فيها عجب وعبرة، ذكرها بعض المؤرخين، وقد حصلت في بلاد الأندلس، ذكروا بأن حاكمًا من حكام الأندلس يقال له الوليد بن جهور وكان أميرًا على قرطبة أحد كبار المدن الأندلسية، حاول بعض جيرانه أن يعتدي عليه وهو يحيى بن ذي النون، حاول أن يعتدي عليه ويأخذ ملكه، فاستنجد الوليد بن جهور بأحد حكام الأندلس يقال له المُعْتَمِد بن عَبَّاد، وكان ملكًا قويًا شاعرًا أديبًا مشهورًا، فجاء المعتمد بن عباد وساعده وأنجده وقضى على عدوه، ولكن المعتمد بن عباد لما رأى قرطبة وما فيها من المياه وما فيها من البساتين والخضرة والأموال والترف طمع فيها وبدأ يخطط للسيطرة عليها، فأدرك ذلك أمير قرطبة ابن جهور، فَذَكَّّرَ المعتمد بن عَبَّاد بالعهود والمواثيق التي بينهم وذكره بالله، لكن المعتمِد بن عباد كان مُصِرًّا على احتلال قرطبة، وفعلاً تحقق للمعتمد بن عباد الاستيلاء على قرطبة بعد طول كيد وتدبير وتخطيط، فاستولى عليها، وأخذ أمراءها وطردهم منها، وصادر أموالهم وقتل منهم من قتل، وسجن منهم من سجن، وخرج أمراء بني جهور من قرطبة بلا مال ولا جاه ولا سلطان، أذلاء خائفين مذعورين.

وبعدما خرجوا منها التفت الأمير إلى قرطبة، هذه المدينة التي طالما تمتع بحكمها، وعرف أنه ما أُخرج منها إلا بسبب دعوات المظلومين، وبسبب الدماء التي سالت ظلمًا وعدوانًا، وبسبب الأموال التي أُخذت بغير حق، وبسبب ظلمه للناس وحَيفه ومعاملته لهم، عرف ابن جهور هذا فالتفت إلى قرطبة، ورفع يديه إلى السماء، وقال: يا رب، اللهم كما أجبْتَ الدعاءَ علينا فأجِبْ الدعاءَ لنا، فإننا اليوم مسلمون مظلومون، فدعا الله عز وجل على المعتمد بن عباد.

وخرج بنو جهور، وظل المعتمد بن عباد يحكم قرطبة ردحًا من الزمن، يتمتع بما فيها من الترف، وبلغ الترف بالمعتمد بن عباد أنه كان عنده جارية جميلة، وفي يوم من الأيام أطلت هذه الجارية من أحد نوافذ القصر، فشاهدت بعض النساء البدويات يحملن على ظهورهن القِرب وفيها السمن وغيره، يذهبن لِيَبِعْنَهُ في الأسواق، وقد هطل المطر من السماء، وأصبحت الأرض فيها من الوحل والطين، فكانت هؤلاء النسوة البدويات يطأن في الوحل والطين وعلى ظهورهن القِرب، فأعجب هذا المنظر هذه الجارية فقالت الجارية اعتماد للمعتمد بن عباد: أريد أن أفعل مع الجواري والبنات مثل ما يفعل هؤلاء النساء، فقال الأمير: الأمر هين، فأمر بالكافور والمسك وماء الورد فخلط بعضه ببعض، حتى صار في أرض القصر طينًا، ليس من الماء والوحل والتراب، لكن طين من المسك والكافور وماء الورد.

إلى هذا الحد بلغ الترف بالمعتمد بن عباد، ثم جاء بقِرَب وحزمها بالإِبْريسَم، وهو نوع من الحرير، ثم حملتها هذه الجارية ومن معها، وبدأن يطأن في هذا الطين، أو بالأصح في هذا الورد والكافور والمسك، وتم لهن ما أردن، إلى هذا بلغ الحد في ترف المعتمد بن عباد.

لكن تلك الدعوات التي خرجت من المظلوم ابن جهور ما تزال محفوظة، فما هي إلاّ فترة من الزمن وإذا بملك النصارى يهدد المعتمد بن عباد، وطلب منه مع دفع الجزية التخلي عن بعض القصور والدور فرفض، ووجد نفسه مضطرًا أن يستعين بأحد حكام المرابطين، وهو يوسُف بن تاشْفِين، فأرسل إليه يستنجد به، فجاء يوسف بن تاشفين ودخل قرطبة، وخاض معركة ضد النصارى، وانتصر على النصارى في موقعة الزّلاقَة وطردهم.

وبعدما انتصر على النصارى وجد يوسف بن تاشفين نفسه مضطرًا إلى السيطرة على قرطبة، وقبض على المعتمد بن عباد وأولاده، فقتل بعضهم على مرأى من أبيهم، وأودع المعتمد بن عباد السجن في مدينة في المغرب تسمى (أغْمات)، حتى جلس فيها عشرَ سنوات مسجونًا.

ثم انتهت هذه السنوات العشر بموته، وكان فترة سجنه مجردًا من كل شيء، والقيود في يديه ورجليه، ويرى بناتِه اللاتي كُنَّ بالأمس يطأن في المسك والكافور يطأن في الطين والوحل اليوم، وهن يغزلن للناس من أجل كسب العيش، ولا يملكْنَ شيئًا، فبكى بكاءً مرًا، ثم قال يخاطب نفسه في إحدى المناسبات وقد فرح الناس واستبشروا بالعيد:

فيـما مضى كنت بالأعياد مسرورًا فساءك العيد في أغماتَ مأسورا

تـرى بناتِـك في الأطمـار جائعةً يغزلْنَ للناس، ما يملكْنَ قِطميرا

بـرزْنَ نحوك للتسليـم خـاشعَةً أبصارُهن حسيراتٍ مكـاسيرا

يطأْنَ في الطينِ والأوحالِ حافية أقدا مهنّ كأنها لم تطأ مسكًا وكافورا

من بـات بعدك في مُلكٍ يُسَرُّ بـه فإنما بـات بالأحلام معـرورا

اللهم إنا نسألُك رحمة تهدي بها قلوبنا، وتلمُّ بها شعثَنَا، وتَردُّ بها الفتن عنَّا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
{؛«♔»؛}{ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }{؛«♔»؛}
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ كنوز الدعاء والذكر والرقية الشرعية ۩-
انتقل الى: