الجنس : العمر : 47 المدينة المنورة التسجيل : 31/01/2012عدد المساهمات : 73
موضوع: [♦❀♦] نبذ الكبائر والمحرمات [♦❀♦] الأربعاء 08 فبراير 2012, 8:49 am
۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
[♦❀♦] نبذ الكبائر والمحرمات [♦❀♦]
۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
من مَجالات الدَّعوة القُرآنية دعوتُه إلى ترْك المحرَّمات والكبائر، والنهي عن الوُقوع في الإثم والمعصية، وعن الانغِماس في شَهوات النَّفس ومَلذَّاتها، والبُعد عن كلِّ ما يُؤدِّي إلى سبيلها.
إنَّ جوهر الدِّين يتمثَّل في مَظهرَيْن : أداء الفرائض، واجتناب النواهي، بل إنَّ اتِّقاء المحارم أجلى مظهرٍ للعِبادة، وأقرَب طريقٍ إلى صِدق الإيمان ؛ كما قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: " اتَّقِ المحارم ، تكنْ أعبَدَ الناس " .
ومن هنا يُحاذِرُ المسلم أنْ يسخط ربه ، أو يتعدَّى حُدودَه ، أو ينتهك حُرماته ، فيُجانِبُ المحرَّمات ، ويجعَلُ بينه وبينها سدًّا مَنِيعًا من الخشية والتَّقوى .
وهو إنْ فعَل ذلك بإيمانه وتَقْواه واستِقامته وهُداه ، فإنَّ حَقائق الحياة تثبت صِدق نظرته ، وسَلامة اتِّجاهه .
فإنَّ المحرَّمات تُمثِّل الخطرَ الذي يُهدِّد الإنسانيَّة ويجلب عليها الدَّمار ، هكذا أثبتَتْ حَقائق العلم والحياة ؛ ولهذا حرَّمَها الله ، وتوعَّد المخالفين بالعَذاب الأليم في الدُّنيا والآخِرة.
۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
خطر يجب تدارُكه
إنَّ الإنسانيَّة تُوشك على الانزِلاق في مَهاوي الهلاك والهبوط إلى درجات الحيوانيَّة، وهي تسيرُ وراء المُفسِدين الذين يتملَّقون الغَرائز، ويسترضون الشَّهوات.
إنَّ التحرُّج من المحرَّمات شارة من شارات النُّبل والارتفاع ، ودليلُ يقظة الفِكر وكَمال العقل ، والذي لا يتحرَّج ممَّا حرَّم الله عليه ، يسهُل عليه الانفِلات من كلِّ قيدٍ ، والهروب من كلِّ تبعة ، والخِيانة من كلِّ عهد.
وهذا الانحِراف يهبطُ بالمستوى الإنساني ، ويَحُول بينه وبين التطهُّر والتَّسامي ؛ فتسقُط قيمته، ويرذل قدرُه ، وينحطُّ إلى الدَّرك الذي يعوقُه عن النُّهوض بتَبِعات الحق والخير.
وحين يصلُ المرء إلى هذا المستوى ، لا تكونُ له رسالة سامية ، ولا هدف كريم ، ولا مَثَلٌ أعلى ، وإنما تتَّجِه جميعُ قُواه إلى تحقيق ذاتيَّته ، وإشْباع غَرائزه ، وإيثار مَصالحه الخاصَّة وتنكره للمصالح العامَّة.
ويوم أنْ تخلو الدنيا من الضَّمائر والمثُل العُليَا ، تتحوَّل الحياة إلى صِراعٍ يكون أشدَّ هولاً وأبعد أَثَرًا من صِراع الحيوانات المفترسة.
إنَّ علَّة التحريم في كلِّ ما حظَرَه الإسلام جليَّةٌ واضحة ، تستهدفُ خيرَ الإنسان، وترعى نفْع الإنسانيَّة ، وليس ذلك سلبًا لحريَّة الإنسان ولا إعناتًا له ، بل إنَّ هذا سبيلٌ لتحرُّر الإنسان ذاته من عُبوديَّة الشهوات والملذَّات البغيضة ، وكلُّ مجالات الحياة فيها مُباحات وفيها محظورات يُمنَع الفرد منها ؛ رعايةً لصالح الجماعة في السياسة والاقتصاد وفي الحرب ، وفي كلِّ مجالات المعاملات والارتباط.
إنَّ الإنسانيَّة لا يمكن أنْ تتقدَّم بغير هذا السلوك ؛ فالفوضى والإباحيَّة لا تتَّفق مع حَضارة ولا تقدُّم ، ولا تصلح بها حياة ، ولا يطمئنُّ في ظلالها إنسان.
۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
دعوة القُرآن إلى نبذ المحرَّمات والكبائر
إنَّ تحريم القُرآن لكلِّ ما يهدم الإنسانيَّة ويُدمِّر الحضارات ، ودعوته إلى ترْك ذلك ونبذه ، والإعراض عن الطُّرق الموصلة إليه - لهو غَرَضٌ نبيلٌ ، وهدفٌ كريمٌ ، يسعى القُرآن في دعوته إلى الوصول إليه ، وإلى جعْله منهجَ حياةٍ واقعيًّا ، يحفَظُ به المجتمعاتِ والأفرادَ من مَهاوي الشُّرور والمعاصي والتلطُّخ بآثامها وأوزارها ؛ من الشِّرك بالله تعالى والإلحاد، والانتماء إلى المذاهب الإلحاديَّة بِجُملتها ، والكُفر بكُلِّ صُوَرِه ، وعُقوق الآباء والأمَّهات وامتِهان حُقوقهما ، والظُّلم بكلِّ صُوَرِه أيضًا ، والسِّحر الذي هو بابٌ كبيرٌ في إيذاء العباد، وكذا أنواعٌ أخرى؛ كترْك الجُمَعِ والجماعات ، والعري والتبرُّج والسفور، وتحكيم غير شرْع الله تعالى، والتولِّي من أرض الحرب يوم الزَّحف ، وغشِّ المسلمين وتَطفِيف الموازين ، وأكْل أموال الناس بالباطل وبالربا والظُّلم والسَّرقة والرِّشوة ، والحِيَل والمكر التي يُتَوصَّل بها إلى الفَواحش والمنكرات ، وشُرب الخمور وإهْدار الأموال في غيرِ طريقِها الشَّرعي... وغير ذلك كثيرٌ ومشهورٌ في كتب أهل العلم التي أبانَتْ عن خطَر الكبائر والذُّنوب على البشريَّة في كلِّ مجالات الحياة وضُروبها.
۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
الكبائر
ولعِظَم الكبائر والمحرَّمات عندَ الله تعالى؛ فقد توَعَّد الله مُرتَكِبي الكبائر والمحرَّمات المنغمِسين في محيطها بالعَذاب والعِقاب في الدُّنيا والآخِرة، ولنقف هنا مع تعريف الكبائر وبَيان أنواعها وصُوَرها :
تعريف الكبيرة : اختلفَتْ عِبارات العلماء في تعريف الكبيرة ، وتمييزها عن الصَّغيرة ، ولكنَّ كثيرًا منهم يُرجِّح أنَّ الكبيرة هي : كلُّ معصيةٍ يترتَّب عليها حَدٌّ أو تُوعِّد عليها بالنَّار أو اللعنة أو الغضب ، وهو مَروِيٌّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - والحسَن البصري - رحمه الله تعالى.
وقال أبو حامدٍ الغزالي - رحمه الله -: " إنَّ كلَّ معصية يقدمُ المرء عليها من غير استِشعار خوفٍ أو حذار وندَم كالمتهاون ، فهي كبيرةٌ ، وما يحمل على فَلتات اللسان والنَّفس ، وفترة مُراقبة التقوى ، ولا ينفكُّ عن تندم يمتزجُ به تنغيص التلذُّذ بالمعصية ، فهذا لا يمنَعُ العدالة وليس بكبيرةٍ " .
وقال الذهبي - رحمه الله -: "والذي يتَّجه ويقوم عليه الدليل أنَّ مَن ارتكب شيئًا من هذه العظائم ممَّا فيه حَدٌّ في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة ، وجاء فيه وَعِيدٌ في الآخِرة من عذابٍ أو غضبٍ أو تهديد ، أو لعن فاعله على لسان نبيِّنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّه كبيرةٌ ، زاد بعضُهم : أو ورَد فيها وعيدٌ بنفْي إيمانٍ أو لعنٍ ونحوهما.
ولا بُدَّ من تسليم أنَّ بعض الكبائر أكبرُ من بعضٍ ، ألا ترى أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - عَدَّ الشِّرك بالله من الكبائر، مع أنَّ مرتكبَه مخلَّدٌ في النار ولا يُغفَر له أبدًا " .
وقولُ الذَّهبي هذا متوافقٌ مع القول الأوَّل ، وهذا هو الصَّواب في هذه المسألة ، وقد رجَّح هذا القولَ شارحُ العقيدة الطحاويَّة الإمام ابن أبي العِزِّ الحنفي - رحمه الله - بعد أنْ ساقَ وجوهَ ترجيحِه ، فقال : وترجيح هذا القول من وجوه :
أحدها : أنَّه هو المأثور عن السَّلَفِ ؛ كابن عباس وابن عُيَنية وابن حنبل - رضي الله عنهم - وغيرهم.
الثاني : أنَّ الله تعالى قال : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } [النساء: 31].
فلا يستحقُّ هذا الوعد الكريم مَن أُوعِدَ بغضَب الله ولَعنته وناره ، وكذلك مَن استَحقَّ أنْ يُقام عليه الحدُّ لم تكن سيِّئاته مُكفَّرة عنه باجتناب الكبائر.
ذكر القُرآن للكبائر وأنواعها : لقد دعا القُرآن في كثيرٍ من آياته المُحكَمات المؤمنين إلى ترْك الكبائر، والبُعد عن أسبابها والطرق الموصلة إليها ، ونبْذها والإعراض عنها، وتنزيه النَّفس عن الوقوع فيها واقتِرافها ، وإليك بعضًا من هذه الكبائر والمحرَّمات التي جاء بها القُرآن نهيًا وزجرًا :
₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪
1- كبيرة الشرك بالله
الشرك هو أكبر الكبائر؛ كما في قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } [النساء: 116].
وأمَّا النذر، فهو كالذبح لا يصحُّ فعلُه لغير الله تعالى ؛ لأنَّه من العبادة ، وذلك في قوله تعالى : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } [الإنسان: 7].
وأمَّا الاستِعاذة ، فلا تكونُ بأحدٍ سِوَى الله تعالى ؛ كما في قوله تعالى : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [فصلت: 36].
وأمَّا الرياء - وهو الشِّرك الأصغر - ففي قوله تعالى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف: 110].
وقد أطَلْنا النَّفَسَ في الشِّرك ؛ لبَيان خُطورته وعظم شرِّه وضرره.
ويَدخُل في ذلك الإيذاءُ لهم بالقول أو بالفعل أو ما أشبَه ذلك؛ قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } [الأحزاب: 58].