~¤¦¦♦¦¦ الأود Ode ¦¦♦¦¦¤~
أود Ode كلمة يونانية الأصل ôidê معناها «أغنية». يعرّفها «قاموس أكسفورد للغة الإنكليزية» بأنها قصيدة غنائية طويلة ومقفاة إذ يندر أن تكون بلا قافية وهي تتخذ صيغة خطاب في أغلب الأحيان؛ وتتصف عادة بالرفعة والسمو في الموضوع والعاطفة والأسلوب، ولكنها أحياناً تكون يسيرة مألوفة، ونادراً ما تصل إلى 150 بيتاً. أما م. هـ. أبرامز M.H.Abrams فيقول في تعريفها في مسرد المصطلحات الأدبية A:Glossary of Literary Terms إنها قصيدة غنائية طويلة، جديّة في موضوعها، رفيعة في أسلوبها، محكمة في بنيتها المقطعية.
ثمة نوعان رئيسيان للأود: الأود البندارية Pindaric، والأود الهوراسية Horatian. فالأولى تنسب إلى الشاعر الإغريقي بندارس[ر] Pindaros الذي يعود إليه الفضل في ترسيخ هذا القالب الشعري في أوداته الكثيرة التي قالها تمجيداً للأبطال الفائزين في الألعاب الأولمبية. وتتكون الأود البندارية من مقاطع شعرية متتابعة مصوغة على غرار المقاطع الثلاثة الأولى التي تسمى بالترتيب:
الاستروفية strophe والأنتيستروفية antistrophe والإيبود epode. ويرجع أصل هذا النسق المؤلف من ثلاثة مقاطع إلى أداء الأود التي تنشدها الجوقة في المسرح الإغريقي؛ إذ كان أفراد الجوقة يتحركون راقصين من يمين الأوركسترا إلى يسارها منشدين الاستروفية ثم يتحركون من اليسار إلى اليمين وهم ينشدون الأنتيستروفية، ثم يقفون أمام الجمهور وينشدون الإيبود. وكانوا يكررون ذلك في غناء كل مجموعة من الاستروفية والأنتيستروفية والإيبود حتى نهاية القصيدة.
ومن الأمثلة المبكرة على الأود البندارية في الشعر الإنكليزي القصيدة التي كتبها بن جونسون[ر] Ben Jonson سنة 1629، والمؤلفة من 128 بيتاً، بعنوان «إلى الذكرى والصداقة الخالدتين لذلك الثنائي النبيل السير لوسيوس كيري والسير هنري موريسون» To the Mortal Memory and Friendship of that Noble Pair, Sir Lucius Cary and Sir Henry Morison.
و كان لهذه الأود غرضان: رثاء موريسون الذي توفي شاباً في العشرين، ومدح كيري وتمجيده. وقد اختار ف.ت. بولغريف F.T.Palgrave في مختاراته الشعرية المسماه «الذخيرة الذهبية» The Golden Treasury الاستروفية الثالثة ووضع لها عنواناً «الطبيعة النبيلة» وفيها يقول:
ليس النمو في الحجم هو الذي يجعل الإنسان أفضل
أو العيش طويلاً مثل شجرة
شجرة سنديان مدة ثلاثمئة سنة
لتسقط خشبة في النهاية...
جافة ، عارية، مصوَّحة...
إن الزنبقة التي تحيا يوماً واحداً،
هي أحلى بكثير، في أيار
مع أنها تذوي وتموت في تلك الليلة...
لقد كانت نبتة النور وزهرته،
ففي الأحجام الصغيرة يظهر الجمال التام،
وفي القياسات القصيرة قد تكون الحياة كاملة..
وتكرر الأود في كل استروفية (ويسميها جونسون دوراً The Turn ) وأنتيستروفية (ويسميها دوراً مقابلاً The Counter-Turn) نسقاً مقطعياً من عشرة أبيات في خمسة دوبيتات (الدوبيت بيتان متماثلان في القافية). ويتألف كل إيبود (وهو ما يسميه الوقفة The Stand) من اثني عشر بيتاً. ونسق القوافي في ثلاثة إيبودات (الأول والثالث والرابع) هو:ا ب ا ب ج ج د هـ هـ د و و. ويختلف الإيبود الثاني قليلاً عن هذا النموذج في أبياته الأربعة الأولى: ا ا ب ب.
ويمكن النظر إلى هذا التنويع، على ضآلته، على أنه خطوة أولى نحو التغيير الذي أدخله أبراهام كاولي[ر] Abraham Cowley في شكل الأود البندارية. فهو يقلد في أوداته التي نشرت في عام 1650 أغراض بندار وأسلوبه من دون التقيد بالتركيب الثلاثي المتكرر؛ إذ إن لكل مقطع نسقه الخاص به من حيث عدد الأبيات وطولها وتقفيتها. ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه البنية المقطعية شائعة في الأود الإنكليزية.
أما النوع الثاني من الأود فينسب إلى الشاعر الروماني هوراسيوس[ر] Horatius والأودات الهوراسية ذاتية في موضوعاتها منتظمة في مقاطعها؛ فنسق المقطع الأول يتكرر في المقاطع الأخرى. ومثالها التي نظمها أندرو مارفل[ر] Andrew Marvell عام 1650 بعنوان «أود هوراسية بمناسبة عودة كرومويل من إيرلندة» An Horatian Ode Upon Cromwell's Return from Ireland . وهي مفعمة بروحه الوطنية، وعدد أبياتها 120 بيتاً في ثلاثين مقطعاً يتألف كل منها من دوبيتين.
ومن الأودات الأخرى المشهورة في الشعر الإنكليزي «وليمة الاسكندر» (180 بيتاً) Alexander's Feast لدرايدن[ر] Dryden، و«أود إلى الحرية» (144 بيتاً) Ode to Liberty لوليم كولينز (1721- 1759) William Collins، و«تطور الشعر» (123بيتاً) The Progress of Poesy لغراي (1716- 1771) Gray، و«أود: إلماعات الخلود» Ode: Intimations of Immortality (203) أبيات لوردزورث[ر] Wordsworth، و«أود إلى الريح الغربية» (70 بيتاً) Ode to the West Wind لشلي[ر] Shelley، و«أود إلى عندليب» (80 بيتاً) Ode to a Nightingale لكيتس[ر] Keats، و«أود» (72 بيتاً) Ode لأوشونَسي (1844-1881) O'Shaughnessy، و«في ذكرى وليم بتلر ييتس» (65 بيتاً) In Memory of W.B.Yeats لأودن[ر] Auden.
وانتشار الأود في الأدب الإنكليزي منذ عصر النهضة يماثل انتشارها في الآداب الأوربية الأخرى من إيطالية وفرنسة وألمانية. فمن بين الشعراء الإيطاليين الذين استخدموا هذا القالب تاسو[ر] Tasso ومنزوني[ر] Manzoni وليوباردي[ر] Leopardi ودانونتسيو[ر] D'annunzio. وفي فرنسة كتب شعراء جماعة الثريا [ر. البلياد] بزعامة رونسار[ر] Ronsard ثلاثة أنواع من الأود: الأود البطولي البنداري والأود المتوسط الهوراسي والأود الصغير الذي حاكى فيه رونسار الشاعر الإغريقي آناكريون[ر] Anacreon. ومن أهم الشعراء الفرنسيين الآخرين الذين كتبوا الأود ماليرب[ر] Malherbe وبوالو[ر] Boileau ولامارتين[ر] Lamartine وهوغو[ر] Hugo وفيرلين[ر] Verlaine. أما في ألمانية فمن أبرز الشعراء في هذا المجال غوته[ر] Goethe وشيلر[ر] Schiller وهولدرلين[ر] Holderlin. والجدير بالذكر أن المستشرقين يستعملون كلمة ode في مقابل كل من كلمتي «قصيدة» و«معلّقة» عندما يكتبون في لغاتهم عن الشعر العربي قبل الإسلام.