[«ஜ»] « الإنيادة » [«ஜ»]
الإنيادة The Aeneid ملحمة شعرية لكبير شعراء الأدب اللاتيني القديم بوبليوس فرجيليوس مارو Publius Vergilius Maro المعروف باسم فرجيل[ر] Vergil، الذي عاش بين70 و19ق.م، في ظل القيصر أغسطس Augustus. قضى فرجيل اثنتي عشرة سنة في تأليف الإنيادة ومات مريضاً قبل أن يتمها، وهي تسرد في اثني عشر كتاباً (باباً) قصة رحلات إنياس Aeneas وبطولاته وهو ابن أنخيزِس Anchises ملك داردانيا Dardania وأمه الإلهة فينوس Venus.
تمتد أحداث الملحمة منذ مغادرة إنياس طروادة بعد أن دمرها اليونان حتى تأسيسه دولة رومة، وفق التسلسل التالي للكتب:
1ـ أنقذ جوبيتر Jupiter الطرواديين من العاصفة البحرية التي سلطتها عليهم عدوتهم اللدود زوجته جونو Juno فوصلوا بسلام إلى قرطاج وهناك استقبلتهم ملكتها الفينيقية ديدو [ر] Dido واستضافتهم.
2ـ روى إنياس للملكة ما حلَّ بطروادة وهروبه مع جماعته.
3ـ تابع إنياس روايته عن رحلات التيه التي مر بها وعن مغامراته براً وبحراً.
4ـ عبّرت ديدو لإنياس عن حبها له، وحاولت منعه من السفر بلا جدوى فقد كان جوبيتر يأمره بمتابعة الرحلة، فلعنته وانتحرت.
5ـ وصل إنياس وجماعته إلى جزيرة صقلية فاحتفل به أهلها وقدموا القرابين تكريماً لوالده أنخيزس الذي مات ودفن فيها.
6ـ هبط إنياس إلى العالم السفلي ولقي ديدو التي لم تغفر له تخليه عنها ثم التقى والده الذي تنبأ له ولأحفاده الروميين بمستقبل مجيد.
7ـ وصل إنياس وجماعته بحراً إلى شواطئ لاتْيوم Latium وهناك نشبت حرب طويلة بينهم وبين السكان اللاتينيين المتحالفين مع الروتُليين Rutulians بزعامة تورْنوس Turnus. انتصر إنياس وفاز بزواجه لافينيا Lavinia ابنة الملك لاتينوس Latinus ضماناً لمستقبل الدولة الجديدة.
8ـ التمس إنياس من الملك يوانْدر Euander المقيم على هضبة بالاتين Palatin أن يدعمه بجيش يقوده ابنه بالاس Pallas فوافق، وصنع له الإله فولكان Vulkan مجموعة أسلحة بتارة ودرعاً عظيماً.
9ـ وفي أثناء غياب إنياس هاجم تورنوس معسكر السفن الطروادية.
10ـ عاد إنياس مع بالاس وقوات تيوكرية Teukrie، وفي الاشتباك يقتل تورنوس بالاس فسحبته جونو من المعركة، فانتقم إنياس بقتل ميزنتيوس Mezentius ملك التورهينيين وحليف تورنوس هو وابنه لاوسوس Lausus.
11ـ نشبت الحرب بعد هدنة قصيرة وسبى اللاتينيون العذراء السابينية كاميللا Camilla.
12ـ في المعركة الأخيرة ردع جوبيتر جونو فانتصر إنياس على تورنوس وقتله.
إن تأثير الإنيادة الكبير يعود إلى تضافر ثلاثة عوامل في إبداعها، جلال اللغة وجمالها، ورصانة البنية الملحمية، والتفسير اللاهوتي لمجريات التاريخ. ففي شعر الإنيادة ونثر شيشرون[ر] Cicero بلغت اللغة اللاتينية ذروتها. أما ما يتصل بالبنية فقد استلهم فرجيل تجربة هوميروس [ر] Homeros في ملحمتيه الإلياذة[ر] والأوديسة[ر]، متتبعاً خطاه في أدق التفاصيل، فقلده واستعار منه وأعاد تأويله وعارضه وضمَّن الإنيادة مقاطع من كتاباته. لكن إبداع فرجيل يتمثل في قلبه التسلسل الزمني لملحمتي هوميروس، فقد جعل الكتب الستة الأولى من الإنيادة تماثل رحلات تيه أوديسيوس ومغامراته، في حين تماثل الكتب الأخرى حتى نهاية الملحمة الإلياذة، وبذلك تجلى تفكير فرجيل التاريخي الواضح بما يتعلق بإيجاد أصول عرقية للشعب اللاتيني تضرب جذورها بعيداً إلى إنياس سليل الآلهة، وكذلك بتسريب نبوءات لاهوتية حول مستقبل رومة المجيد.
تنتهي الإلياذة بسقوط طروادة ومقتل هِكتور Hector ابن أخي إنياس، وتختتم الأوديسة بعودة أوديسيوس سالماً إلى إيثاكة Ithaca. في حين تبدأ الإنيادة بخروج إنياس هارباً من طروادة وتنتهي بانتصاره على أعدائه وتأسيسه الدولة الجديدة مندمجاً في شعوبها متبنياً لغتهم بمشيئة جوبيتر وبإذعان جونو، وبذلك يكون فرجيل قد أوَّل سقوط طروادة بنهوض رومة. وخلافاً للإلياذة التي ارتجل هوميروس فيها الشعر ارتجالاً عفوياً ليعبر عن الوعي والحضارة اليونانية القديمة، فإن الإنيادة قامت على خطة محكمة للكتابة أعدها فرجيل بناء على طلب القيصر أغسطس ليمجد فيها رومة ويحتفي بقيمها الأخلاقية والدينية القديمة وبالجذور الطروادية المزعومة لشعبها، وبالإنجازات العظيمة تحت حكم القيصر أغسطس العظيم. ويظهر ذلك خاصة بالإشادة بأغسطس ورومة من الكتاب الخامس حتى الكتاب الثامن، وهي النواة الأساسية للملحمة.
وقد تأثر أسلوب فرجيل في الإنيادة أيضاً بالقصيدة الملحمية اليونانية «آرغونوتيكا» Argonautica للشاعر اليوناني أبولونيوس الرودسي[ر] Apollonius الذي عاش بجزيرة رودس Rhodes، إضافة إلى تأثره «بالحوليات التاريخية» Annales التي كتبها الشاعر الروماني كوينتوس إينيوس[ر] Quintus Ennius الذي كان أول من أدخل التفعيلة السداسية Dactylic hexameter إلى الشعر الملحمي اللاتيني. ولكن فرجيل طور في الإنيادة هذه التفعيلة وكذلك القافية، ولذا أصبح شعر فرجيل في الإنيادة نموذجاً يقتدى به في الإبداع والإتقان الفني.
عُدَّت الإنيادة منذ القرن الأول بعد الميلاد أحد أهم مصادر اللغة اللاتينية عند النحويين وفي الكتب المدرسية، وألهمت الكثير من الكتاب نظم أعمال تقتدي بنموذجها أو تستوحي أجواءها، وقد امتدحها دانتي[ر] Dante في الكوميدية الإلهية، واستخدمها الشاعر الإنكليزي تشوسر[ر] في أعماله، واقتبس منها الشاعر الإنكليزي إدموند سبنسر[ر] في قصيدته «ملكة الجن» The Fairie Queene. وحافظت الإنيادة على تفردها إلى أن أعيد اكتشاف هوميروس في عصر النهضة. وقد كُتب عنها عبر العصور الكثير من الدراسات التفسيرية والمقارنة في معظم اللغات الأوربية، وأهمها «التقنية الملحمية عند فرجيل» Vergils epische Technik (1903) لرتشارد هاينتس Richard Heinz.