✧«❖» القانون الدولي الخاص «❖»✧
تعريف القانون الدولي الخاص
القانون الدولي الخاص Le droit international privé هو مجموعة القواعد القانونية الداخلية والدولية التي تنظم علاقات الأفراد المتضمنة عنصراً أجنبياً بموجب قواعد موضوعية تبين المحاكم المختصة للنظر فيها، وكذلك القانون الواجب التطبيق عليها، وتحدد جنسية الأشخاص التابعين للدولة ومركز الأجانب فيها.
مصادر القانون الدولي الخاص
يميز الفقه بين نوعين من المصادر وهما: المصادر الرسمية والمصادر غير الرسمية. وهذه المصادر في القانون الدولي الخاص السوري هي الآتية:
آ ـ المصادر الرسمية
1ـ الاتفاقات الدولية أو المعاهدات: وهي من المصادر الرسمية الأساسية للقانون الدولي، وتهدف المعاهدات إلى توحيد قواعد تنازع القوانين المتعلقة بمسألة معينة، كالتركات أو الطلاق أو الوصية، وتهدف المعاهدات أيضاً إلى توحيد القواعد الموضوعية المتعلقة بمسألة معينة، كالأهلية والحالة المدنية. ومن شأن هذا النوع من المعاهدات القضاء على ظاهرة تنازع القوانين بين الدول الأطراف فيها، وذلك لأنها تؤدي إلى توحيد التشريع فيما بينها.
2ـ القانون الداخلي: وهو أيضاً من المصادر الرسمية الأساسية، ويقصد به مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بموضوعات القانون الدولي الخاص. وقد نظم المشرع السوري قواعد القانون الدولي الخاص بدقة، وهي:
ـ قواعد تنازع القوانين: حيث نص المشرع على هذه القواعد في المواد من 11 إلى 30 من القانون المدني.
ـ قواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي: ونص عليها المشرع في المواد من 1 إلى 10 من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ـ قواعد تنفيذ الأحكام والقرارات الأجنبية وأحكام المحكمين: ونص عليها المشرع في المواد من 306 إلى 310 و528 من القانون ذاته.
ـ القواعد المتعلقة بالجنسية: ويحكمها حالياً المرسوم التشريعي رقم 276 لعام 1969 وتعديلاته.
ـ وأخيراً القواعد المتعلقة بالمركز القانوني للأجانب: وجعل المشرع لها نصوصاً تشريعية عدة، أهمها: المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 1953، والمرسوم التشريعي رقم 189 لعام 1952 وتعديلاته.
3ـ العرف : وهو مجموعة القواعد غير المكتوبة التي اعتاد الناس اتباعها في أمورهم ومعاملاتهم مدة من الزمن ويشعرون بأنها ملزمة لهم من الناحية القانونية.
والعرف كمصدر من مصادر القانون الدولي الخاص إما أن يكون دولياً وإما داخلياً. ويعد العرف الدولي مصدراً أساسياً للقانون الدولي العام، وبالمقابل فإن مصدر قليل الأهمية بالنسبة للقانون الدولي الخاص. في حين أن العرف الداخلي أو الوطني له أهمية كبيرة في كثير من الدول وخاصة الدول الأنكلوسكسونية. وتجدر الإشارة إلى أن العرف كمصدر من مصادر القانون يقل دوره كلما ازدادت حركة التقنين وتسارعت.
ويعد العرف في الجمهورية العربية السورية المصدر الثالث للقاعدة القانونية، ويأتي بعد التشريع وأحكام الشريعة الإسلامية. ولكن بعد أن وضع المشرع السوري تقنيناً شبه كامل للقانون الدولي الخاص لم يعد للعرف دور يذكر في هذا المجال.
4ـ مبادئ القانون الدولي الخاص: وتعد هذه المبادئ مصدراً خاصاً بموضوع تنازع القوانين، وفقاً لما جاء في المادة /26/ من القانون المدني السوري، ويقصد بها المبادئ العامة الأكثر شيوعاً بين دول العالم. فقد أحال المشرع القاضي ـ في المسائل التي يضع قواعد إسناد لها ـ إلى هذه المبادئ، ومثال ذلك التبني والنسب الطبيعي.
ب ـ المصادر غير الرسمية
وهي مصادر احتياطية تفسيرية للمصادر الرسمية، وهي على نوعين:
1ـ الاجتهاد القضائي: وهو عبارة عن مجموعة الأحكام القانونية التي توصلت إليها المحاكم الوطنية، وتطبقها على القضايا التي تعرض عليها. ويؤدي الاجتهاد القضائي دوراً بارزاً من خلال استنباطه لهذه الأحكام حينما يقوم بتفسير النصوص التشريعية وتطبيقها أو حين تطبيقه للعرف، وقد كان له الفضل في سد الثغرات القانونية الموجودة في التشريعات النافذة.
وتعد أحكام المحاكم الدولية الصادرة بصدد قضايا متعلقة بالقانون الدولي الخاص مصدراً غير رسمي لهذا القانون.
2ـ الفقه: ويقصد به مؤلفات وأبحاث فقهاء القانون الدولي الخاص ممن لهم باع طويل في هذا المجال. وتبدو أهمية الفقه كمصدر احتياطي للقانون من خلال شرح النصوص القانونية والأحكام القضائية ونقدها.
موضوعات القانون الدولي الخاص أو فروعه
يدخل ضمن موضوعات القانون الدولي الخاص ما يأتي:
ـ الجنسية.
ـ تنازع القوانين من حيث المكان: ويتم حل تنازع القوانين في نطاق القانون الدولي الخاص بموجب قواعد تحدِّد أفضل القوانين المتنازعة الذي يطبق على العلاقة المشتملة على عنصر أجنبي، وتسمى بقواعد الإسناد. ويختلف مضمون قواعد الإسناد باختلاف الدول حيث تتمتع كل دولة بنظامها الخاص في تنازع القوانين، والتي يمكن أن ينشأ عنها تنازع القوانين. وتقوم قواعد الإسناد على أساس تقسيم العلاقات المشتملة على عنصر أجنبي إلى مجموعات، و ربط كل مجموعة بقاعدة إِسناد معينة أو بقانون معين. وأهم هذه المجموعات: المجموعة المتعلقة بالأشخاص، والمجموعة المتعلقة بالتصرفات القانونية، والمجموعة المتعلقة بالالتزامات غير التعاقدية.
ويتم ربط كل مجموعة بقانون معين بموجب أحد عناصر العلاقة القانونية موضوع النزاع والتي أثارت مشكلة تنازع القوانين، كجنسية أحد أطراف العلاقة، أو موطنه، أو محل إبرام العقد... ويطلق على هذا العنصر ضابط الإِسناد.
ويتبين من ذلك أن قاعدة الإسناد تقوم على ثلاثة عناصر هي:
المسألة المسندة، وضابط الإِسناد والقانون الواجب التطبيق.
فمثلاً إذا كان تنازع القوانين يثار بصدد أهلية الشخص، فتكون المسألة هي الأهلية، وضابط الإسناد بموجب المادة 12/ من القانون المدني السوري هو الجنسية، والقانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي ينتمي إليها هذا الشخص بجنسيته.
وتمتاز قواعد الإسناد بأنها قواعد عامة ومجردة، وبأنها قواعد وطنية يضعها المشرع الوطني، وبأنها قواعد تنظيمية لا تؤدي إلى الحل النهائي للنزاع، وإنما تبين القانون الواجب التطبيق على النزاع الذي يمكن أن يكون القانون الوطني أو قانوناً آخر.
ـ تنازع الاختصاص القضائي: ويقصد بذلك تحديد المحكمة المختصة دولياً بالنظر في المنازعات التي تنشأ عن علاقات الأفراد المشتملة على عنصر أجنبي. ولايؤدي تحديد المحكمة المختصة دولياً بالنظر في النزاع إلى حل مشكلة تنازع القوانين؛ وذلك لأن مشكلة تنازع الاختصاص القضائي مستقلة تماماً عن مشكلة تنازع القوانين، وتعد مسألة أولية سابقة لمشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق.
وتبين التشريعات الوطنية عادة الحالات التي تكون فيها المحاكم الوطنية مختصة بالنظر في النزاعات الناجمة عن العلاقات المشتملة على عنصر أجنبي. وهذا ما فعله المشرع السوري حينما تطرق إلى مسألة تنازع القوانين سواء في القانون المدني أم في قانون أصول المحاكمات المدنية.
وتثار بصدد تنازع الاختصاص القضائي مشكلة أخرى تتعلق بتنفيذ الأحكام و الأسناد الأجنبية.
وأجاز المشرع السوري تنفيذ الأحكام و الأسناد الأجنبية في سورية إذا توافرت فيها الشروط المنصوص عليها في المواد 306 إلى 311 من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ـ المركز القانوني للأجانب.